أعلنت منصة بينترست عن إطلاق إعدادات جديدة، لمواجهة طوفان الصور المُولدة بالذكاء الاصطناعي، تمنح المستخدمين مزيدًا من التحكم في نوعية المحتوى الذي يظهر في توصياتهم اليومية، خاصة في الفئات الأكثر عرضة لانتشار المحتوى الاصطناعي مثل الفن والموضة والجمال والديكور.

تأتي هذه الخطوة بعد تزايد شكاوى المستخدمين خلال العام الماضي من صعوبة العثور على الصور الأصلية التي أنشأها البشر، وسط كمٍّ هائل من المحتوى الذي تولده خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

 

فالطبيعة البصرية المميزة لبينترست جعلتها أرضًا خصبة لانتشار الصور المُزيفة والمُعدلة رقميًا، الأمر الذي أثر على تجربة المستخدم وموثوقية المنصة كمصدر للإلهام البشري الحقيقي.

ووفقًا لما أعلنته الشركة في بيانها الأخير، أضافت بينترست إعدادًا جديدًا تحت اسم "تحسين توصياتك" (Tune Your Recommendations)، يسمح للمستخدمين بالتحكم في مدى ظهور المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي في خلاصاتهم. من خلال هذا الخيار، يمكن تقليل ظهور الصور المُولدة بالذكاء الاصطناعي في مجالات محددة، تشمل الفن والعمارة والموضة والترفيه والصحة والرياضة وديكور المنزل. 

وأكدت الشركة أن القائمة ستتوسع مستقبلًا لتشمل فئات إضافية بناءً على سلوك المستخدمين ومستوى انتشار المحتوى الاصطناعي فيها.

لكن بينترست لم تعد بتصفية هذا النوع من المحتوى بالكامل. فقد أوضحت في بيانها أن الإعدادات الجديدة تهدف إلى تقليل ظهور الصور المُولدة بالذكاء الاصطناعي وليس حظرها نهائيًا، مشيرةً إلى أن بعض المواد المُولدة آليًا تتميز بجودة فنية عالية وتلقى تفاعلًا إيجابيًا من المستخدمين.

 وصرّح متحدث باسم الشركة بأن الهدف ليس القضاء على الذكاء الاصطناعي، بل ضمان التوازن بين الإبداع البشري والمحتوى الرقمي الآلي.

ويُطبق الإعداد الجديد على دبابيس الصور فقط، دون أن يشمل مقاطع الفيديو في الوقت الحالي، ما يعني أن المستخدمين سيستمرون في رؤية بعض المقاطع المُولدة بالذكاء الاصطناعي مثل تلك المصنوعة باستخدام أدوات متقدمة مثل Sora وغيرها، وتقول الشركة إنها تعمل على تطوير حلول مماثلة لمقاطع الفيديو مستقبلًا، بعد أن لاحظت ارتفاعًا كبيرًا في عدد المنشورات المرئية التي تُنتجها أدوات الذكاء الاصطناعي.

وفي إطار جهودها لتعزيز الشفافية، بدأت بينترست منذ مايو الماضي في تجربة وسوم تُحدد بوضوح المحتوى الذي تم إنشاؤه أو تعديله بواسطة الذكاء الاصطناعي. واليوم، تؤكد المنصة أنها عززت هذه الأدوات لتكون أكثر دقة وشمولًا، بحيث يستطيع المستخدم معرفة ما إذا كانت الصورة أصلية أم مصنوعة رقميًا قبل التفاعل معها أو حفظها.

تتوفر الإعدادات الجديدة حاليًا على إصدار سطح المكتب وتطبيق أندرويد، بينما من المقرر أن تصل إلى أجهزة iOS خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

هذه الخطوة من بينترست تُعد جزءًا من توجه أوسع في صناعة التكنولوجيا نحو ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، بعد أن أصبحت الكثير من المنصات تواجه تحديات في الفصل بين الإبداع الحقيقي والمحتوى الصناعي، فبينما يُسهم الذكاء الاصطناعي في فتح آفاق جديدة للفنانين والمصممين، إلا أنه في الوقت نفسه يُهدد بتشويه مفهوم الأصالة والابتكار البشري.

ويرى خبراء الإعلام الرقمي أن سياسة بينترست الجديدة قد تُعيد التوازن إلى المنصة التي لطالما كانت مرجعًا للمبدعين والمصممين حول العالم، فبدلًا من إغراق المستخدم بكمٍّ هائل من الصور المصنوعة آليًا، تمنحه الشركة الآن حرية اختيار ما يريد رؤيته، في تجربة أقرب إلى تنظيم معرض رقمي خاص يعتمد على الذوق الفردي لا على خوارزميات لا تعرف الحدود.

بهذا التحديث، يبدو أن بينترست لا تسعى فقط لحماية منصتها من المحتوى الاصطناعي المفرط، بل أيضًا لاستعادة ثقة المستخدمين الذين وجدوا أنفسهم وسط طوفان من الصور المزيفة، وبينما تتنافس الشركات الكبرى مثل ميتا وجوجل في استعراض قدرات الذكاء الاصطناعي، تختار بينترست طريقًا مختلفًا: تمكين الإنسان من السيطرة على تجربته الرقمية بدلًا من أن تتحكم به الخوارزميات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المحتوى الاصطناعي الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي التوليدي الذکاء الاصطناعی الاصطناعی فی الصور الم

إقرأ أيضاً:

المرأة في عصر الذكاء الاصطناعي

تمثِّل التطورات الهائلة في الذكاء الاصطناعي وبرامجه المتعددة، طفرة تقنية هائلة ذات أبعاد مؤثِّرة ليس فقط على المستويات الوطنية التنموية بل حتى على مستوى الأفراد، ونسبة تمثيلهم في تلك البرامج والتطبيقات، ففي عالم مؤتمت أصبحت الحاجة ملحَّة إلى تطوير أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع متطلبات المجتمعات من ناحية، ودعم آفاق المساواة بين أفراده من ناحية أخرى.

فالذكاء الاصطناعي يساعد في الأساس على تخطي العديد من التحديات الاقتصادية، بما يتيحه من إمكانات التطوير والتحسين والابتكار، ويمكِّن الاقتصادات التي تقوم على صناعة المواهب، كما أنه يُسهم في فتح فرص عمل جديدة ويُعزِّز الإنتاجية، وزيادة نمو الناتج المحلي، ولذلك فإن الاستفادة من تلك المعطيات التي يوفِّرها الذكاء الاصطناعي، يؤِّمن مستقبلًا أفضل للأجيال في مجال التعليم والصناعات المختلفة، إلاَّ أن العالم اليوم ينظر إلى تلك المتغيرات التي يُحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال دراسات الفجوة بين الجنسين باعتبارها أحد سيناريوهات الابتكار وتحولات القوى العاملة.

ولهذا فإن السؤال المطروح هنا يكمن في أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي على وضع المرأة في المجتمعات، ومدى استفادتها من تلك التطبيقات ومساهمتها الفاعلة فيها، إضافة إلى وجود سياسات تحميها ضمن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وقدرته على تحديد تلك الخصوصية، ولهذا فإن الاهتمام المتزايد الذي تطلقه المؤسسات المعنية بالمساواة بين الجنسين أو تلك التي ترصد الفجوة بينهما، تقدِّم إشكالات متعلِّقة بقدرة المرأة عالميا في اللحاق بركب تلك التطورات التقنية وإلى أي مدى هي حاضرة ضمنها.

إن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل إنتاج الصناعات والوظائف والمسارات المهنية، فعلى الرغم من أن إمكاناته متاحة للجميع، إلاَّ أن تقرير (المساواة بين الجنسين في العصر الذكي) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع لينكد إن، يشير إلى أن النساء أكثر عرضة للتسريح من العمل أو فقدان الوظائف وأقل عرضة لشغل وظائف جديدة منبثقة من الذكاء الاصطناعي، لربما يعود ذلك إلى خصوصية العديد من الوظائف التي تقوم بها المرأة خاصة في مجالات ريادة الأعمال، إلاَّ أن التقرير نفسه يؤكد أن المرأة لها مشاركات فاعلة في عالم التكنولوجيا والتطوير التقني، وبالتالي فإن التحولات التقنية أسهمت من جهة أخرى في تمكين المرأة في هذا المجال، الأمر الذي انعكس على تركيزها في تطوير مساهمتها وتفعيل قدراتها الإبداعية.

يخبرنا التقرير أن المواهب النسائية في عالم الذكاء الاصطناعي نمت بشكل متزايد ما بين (2018-2025)، الأمر الذي أسهم في تضييق الفجوة بين الجنسين في مجال الاقتصادات القائمة على المواهب التقنية بمقدار (74 من 75) اقتصادا، الأمر الذي يعكس القدرات النسائية والإقبال المتزايد منهن على التعليم والتدريب في هذا المجال، إضافة إلى استراتيجيات التطوير والتنمية التقنية التي تعتني بها الدول، وتمكين الشباب عموما والنساء بشكل خاص في مجالات الإبداع والابتكار القائم على برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وعليه فإن هذا التوسُّع المعرفي والتقني أسهم في زيادة حضور المرأة على مستوى العالم في تطوير المواهب النسائية وقدرتها على النمو الوظيفي وبالتالي أظهر تأثيرا حتى على مستوى معالجة ما يسمى بـ (التحيزات الجنسانية)، مما انعكس على مستويات العدالة والمساواة والتكافؤ بين الجنسين؛ حيث أسهمت سياسات الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته في إطلاق المواهب والمبدعين في مجالات الابتكار وتهيئة فرص أوسع للتنافس، الأمر الذي عزَّز التنمية العادلة وأتاح المساحات المتساوية للعمل والإبداع وبالتالي تعزيز مشاركة القوى العاملة جميعا دون تحيُّز.

إن مساهمات المرأة في مجالات الذكاء الاصطناعي أصبحت واسعة في ظل ما تقدمه من برامج وتطبيقات وما تتيحه من أدوات من ناحية، وما تحظى به المرأة من تمكين ودعم ورعاية من قبل المجتمعات، فما تقدمه الدول من تعليم وتدريب وتأهيل وتوعية مجتمعية عزَّزت مشاركة القوى العاملة النسائية على المستوى التقني الواعي، إضافة إلى توسيع مجالات الاستفادة من تلك البرامج في تعزيز مرونة السياسات الاقتصادية، ودعم الأدوار الحيوية للرفاهية المجتمعية وتعزيز النمو والتطوير الذاتي، أسهم جميعه في دعم الأدوار الفاعلة التي تقوم بها المرأة في المجتمع على المستوى التقني والحضور الفاعل في الاستفادة من تلك البرامج.

فالتقنيات التي توفِّرها تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أسهمت في تخطي الكثير من الصعوبات والتحديات خاصة تلك المرتبطة بتحسين بيئة الأعمال وجودة الإنتاجية، إضافة إلى ما قدمته من فرص في إيجاد وظائف إبداعية جديدة يمكن للنساء والفتيات الاستفادة منها؛ فتلك الوظائف قدَّمت مساحة إبداعية وفضاء واسع للمواهب والابتكارات، وبالتالي فإنها انعكست اليوم على ما نراه من إبداعات صناعية ونماذج ابتكارية تقنية وفَّرت العديد من المنتجات والمواد لصاحبات الأعمال، وفتحت فرصا لتحسين تصميم المنتجات وتعزيز عملية صنع القرار واستدامة الأداء المالي.

ولعل التقدم التقني الذي تشهده عُمان، والتطوُّر المتسارع في الجاهزية التقنية، وما تعمل عليه البرامج المختلفة لتعزيز البيئة التقنية، والمضي قدما في صناعة الذكاء الاصطناعي وتوطينه، يُسهم في مشاركة المرأة في المجالات التقنية وقدرتها على الاستفادة من تلك التطبيقات والبرامج، إضافة إلى ما تقدمه هي نفسها من برامج تقنية استطاعت خلالها تخطي الكثير من التحديات في المجالات المختلفة، خاصة على مستوى الابتكار والبحث العلمي في القطاعات التنموية، والابتكارات في الصناعات الثقافية المختلفة.

فلقد قدَّمت المرأة العمانية إسهامات عدة في القطاع التقني سواء على مستوى المجالات التخصصية مثل صيانة الطائرات أو إنترنت الأشياء، أو حوكمة البيانات الوطنية، أو تطوير القطاع العمراني من خلال مشروعات (البنيان التصنيعي) الذي يعتمد طرق تصنيع حديثة قائمة على التقنيات، إضافة إلى مساهمتها في قطاع ريادة الأعمال التقنية، إذ تقود الكثير من النساء العمانيات مشروعات ريادية في تطوير القطاع التقني، وتحسين الاستفادة من هذا القطاع في الصناعات والأعمال المختلفة، أو في الصناعات الإبداعية عموما، والابتكارات التي أسهمت في تطوير العديد من المشروعات.

ولأن المرأة العمانية رائدة في كافة المجالات وتطوِّر من مهاراتها وإمكاناتها خاصة خلال السنوات الأخيرة، فقد برزت في القطاع التقني بوصفه قطاعا محفزِّا للإبداع والابتكار، وقادرًا على تحسين الكثير من الصناعات، ولهذا فإن الخطة الوطنية للمرأة العمانية التي تعكف عليها المؤسسات المعنية، عليها أن تنطلق من الاحتياجات الحديثة والمعاصرة للمرأة والتي تؤثر على مستقبلها ومستقبل التنمية في عُمان؛ ذلك لأن الدور المنوط بالمرأة العمانية اليوم لا ينحصر عند الأمومة والرعاية ـ على أهميته باعتباره جوهرًا أساسيًا - لكنه يتعدى ذلك إلى تمكينها لا لتكون شريكة في التنمية وحسب، بل تقود الفعل التنموي وتنطلق به إلى أبنائها، فكلما كانت الأم مبدعة ومؤثرة كلما كان الأبناء كذلك.

إن الخطة الوطنية للمرأة العمانية تجسِّد الحاجة إلى زيادة تمكين المرأة خاصة في المجالات التقنية لأنها تنعكس على كافة المجالات، بدءا من فعل التربية نفسه وليس انتهاء بقدرتها على فتح فرص جديدة في سوق الوظائف الإبداعية وإنتاج المواد القائمة على الإبداع والابتكار.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • جوجل تطلق Veo 3.1 لتوليد الفيديو وتحويل الصور إلى مقاطع واقعية
  • من الطائرة إلى تايمز سكوير.. ترامب يُشعل أمريكا بفيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي
  • المرأة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • 50 عاماً من مسيرة يسرا.. إبداع معزَّز بالذكاء الاصطناعي
  • يعمل بالذكاء الاصطناعي.. OPPO تطلق ColorOS 16 قبل الكشف عن Find X9 Pro
  • كيف يتحول الذكاء الاصطناعي إلى خطر يهدد المستخدمين؟.. متخصص يجيب
  • باورمايند (PowerMind) تطلق نيورابوتس.إيه آي (NeuraBots.ai) لتعيد تعريف مستقبل الأتمتة المؤسسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • مسيرات وأسلحة معززة بالذكاء الاصطناعي بأكبر معرض أسلحة في كوريا الجنوبية
  • دون برمجة .. أفضل أدوات بناء المواقع بالذكاء الاصطناعي