صبحي فحماوي.. الروائي الذي أعاد قراءة الواقع برؤية إنسانية وجمالية عميقة
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
من بين الأصوات السردية العربية التي استطاعت أن تؤسس عالما روائيا متكاملا، تتقاطع فيه الجمالية بالوعي، والتاريخ بالأسطورة، يبرز الفلسطيني الأردني صبحي فحماوي كواحد من كتاب الرواية العربية المعاصرة.
وفحماوي كاتب حمل هم الإنسان العربي في تحولاته الكبرى، واستطاع عبر أكثر من 55 كتابا بين الرواية والقصة والمسرح والنقد أن ينسج مشروعا أدبيا متفردا يعيد قراءة الواقع برؤية إنسانية وجمالية عميقة.
وقد نال جوائز عربية ودولية مرموقة، منها جائزة الطيب صالح العالمية وجائزة أفضل رواية مقدسية لعام 2023، وعقدت حول تجربته مؤتمرات نقدية وأكاديمية، أبرزها المؤتمر الدولي الثالث للرواية العربية (دورة صبحي فحماوي) في جامعة شعيب الدكالي بالمغرب عام 2019.
وتدرس رواياته وقصصه في الجامعات العربية، وخصه عدد كبير من النقاد والأكاديميين بدراسات وكتب نقدية متخصصة تناولت تجربته من جوانبها الفنية والفكرية المتعددة.
وفي هذا الحوار، نحاور هذا الكاتب لنقترب من عوالمه السردية، ونكتشف رؤيته للحياة والفن والإنسان، ونتوقف عند محطات مهمة في مسيرته التي امتدت لعقود من الإبداع والبحث والتجريب. فإلى الحوار:
ما تزال رواية عذبة هي الأحب والأقرب لكياني الذي اصطنعته النكبة الفلسطينية والتي دمرت إنسانيتي التي يفترض أن تبدأ بجمالية وبهاء الطفولة ودلال الأب والأم والمجتمع.. وهذه الجماليات حرمت منها جميعا، إذ أفقت من بطن أمي على براكين وزلازل ومذابح احتلالية من عدو صهيوني متفرغ للجرائم، ولهدم البيوت وتهجير وإبعاد ودمار لم أفهم سببه، ولا أول له ولا آخر.
إعلانفكانت رواية "عذبة" ما هي سوى بصمات لهذه المسيرة التي ما تزال أرتالها تزحف وتجر أذيالها صعودا وهبوطا بين فياف وقفار.. ولهذا نجد أن شخص الرواية عماد المنذر لم يصل في النهاية لاحتضان حبيبته التي نذر عمره مترقبا العودة إليها، بل بقي يرقبها متلهفا من بعيد.
وأما الهواتف الذكية وكتب الجيب.. فأعتقد أنني لم تكن لكتاباتي وأفكاري أن تنتشر كما هي الآن، إلا بفضل الهواتف الذكية، ووسائل الاتصال المتعددة القنوات التي كسرت حواجز الدولة القُطرية، والوطن العربي وتعدته إلى ما هو أبعد، وإلى قراء ونقاد هم أكثر كثيرا مما لو بقيت أقعد يتيما على صفحات كتاب الجيب.
يفضل بعض الروائيين أن يعرف العمل بنفسه وبصاحبه.. وعلى النقيض يسعى آخرون لا سيما الشباب إلى تسويق إنتاجهم عبر وسائل التواصل. أيهما أقرب إليك؟ ولماذا؟رغم أنني أعتبر من جيل المخضرمين -إذا صح التعبير- إلا أنني منذ البداية لم أكتب إلا على الآلة الكاتبة التي تطورت فصارت صندوق كمبيوتر، فترقرق فصار جهاز حاسوب كالدفتر، يوصلني بوسائل التواصل العالمية، ويوصل رسائلي إلى عالم المعرفة.. وأجدني أفضل قراءة كتب الأدب بالحاسوب أفضل من قراءتي لكتاب ورقي، وأسرع تأثرا وتأثيرا.
من وجهة نظرك ما تأثير منصات التواصل في الرواية؟ وهل لذلك انعكاسات على الجوائز الأدبية؟لا شك أن لمنصات التواصل كفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب ومنصة إكس، أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، تأثيرا كبيرا في توصيل الرسالة الثقافية سواء كان خبرا لإشهار صدور رواية أو كان قصة أو مقالا أو كتابا، أو ندوة نقدية لمناقشة رواية أو مسرحية، أو أية ثقافة غيرها.
فأنا منذ يوم إرسال المادة الأدبية، أجدها منشورة في الساحة الأدبية المسماة "ماس ميديا" وقد كانت موادي المرسلة تنتظر أسابيع وأشهر لأراها منشورة بإحدى الصحف، وقد أجد المحرر أو الناشر الموظف يقول لي "لا لا.. إنها غير مناسبة".
وأما بوسائل التواصل العالمية، فأجدني أرسلها وأنا ألبس منامتي، فتصدر من دون جواز سفر إلى الدول التي لا تستقبلنا إلا بتأشيرة دخول شديدة الشروط. وأجدني أرسل موادي الثقافية لأصدقائي أو الناشرين في أقصى الشرق أو أقصى الغرب. فتصدر بسهولة، وبدون رقيب يقول لي "لا لا لا.. ليست مقبولة".
وأما الجوائز الأدبية، فتلك قصة أخرى، إذ أن مانحي الجائزة، (قد) لا يمنحونها إلى الكاتب الأفضل، والأكثر وصولا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما للكاتب الذي يسمع الكلام، والذي تتماهى كتاباته مع أهدافهم. وقد تصل إلى أحد المقربين فكريا أو جهويا للمتنفذين من المحكمين. وهنا لا أعمم، فكثيرا ما يحصل على الجائزة من يستحقها. ولقد كان للجوائز الشهيرة فضل في إشهار كثير من الكتاب، ولا شك.
روايتي "الحب في زمن العولمة" أوضحت أنواع الحب، فمنه "الحب الفطري البريء" والذي يبتدئ بمجرد أحاسيس بين ذكر وأنثى، كالحب النقي المبني على التفاهم والمعرفة، الذي كان في الرواية بين الآنسة ثريا ابنة الشواوي، وبين الأستاذ مهران، إلى أن يكون بين زوج وزوجة، كالحب الشرعي الذي كان بين الشواوي وزوجته أسمهان.
إعلانوأما النوع الثالث من الحب فيكون بين من يدفع ثمن سلعة الحب ومن تقبض، أي "الحب الجنسي" أو "مواقع الدعارة" كالحب الذي نقله السارد عن نزار قباني في هذه الرواية صفحة 219 "بدراهمي، لا بالحديث الناعم.. حطمت عزتك المنيعة كلها بدراهمي.." وهذا منتشر في مختلف دول العالم، ولو بالنزر النادر.
وأما "الحب في زمن العولمة" فهو "حب الدولار" الذي أرسى قواعده الخبير الأميركي (في هذه الرواية) رالف وود الساعي لتسريع بناء دكتاتورية رأس المال (الرأسمالية النفاثة) صفحة 173 من الرواية.
و"حيث يقف الدولار بين المحب والمحبوب، الدولار الذي يقف حاجبا بين عين المحبوب والمحب، فالبائع يحب المشتري، فيجدان أن حبهما مشترك بالدولار، الذي يحجب رؤيا عين البائع عن عين المشتري، يقول لك البائع (وير إز ذا دولار؟ جف مي ذا دولار) والبائع يلاطف المشتري، و"المشتري دائما على حق" حتى لو شتم البائع، فيجب على البائع أن ينحني احتراما وحبا، ولا يتطاول على من يغلظ له القول، والحب هنا للدولار الذي يحجب الرؤية بينهما، بينما هو يجمعهما على محبة الدولار، وليست محبة إنسانية أو جمالية، وإنما محبة دولارية، هذا هو "الحب في زمن العولمة" فالمحب والمحبوب لا يحب أحدهما الآخر، بل يحب كل منهما الدولار، وذلك ما جعل الشواوي يتألق محترقا في عالم "الحب في زمن العولمة".
"مدينة العولمة".. لماذا تعمدت تجهيل فضاء "الحب في زمن العولمة" وتحييده مكتفيا بخلع اسم تخييلي؟ وما مسوغات وقوعها في مساحة مستباحة؟!قصدت تجهيل فضاء "مدينة العولمة" لأنها مدينة عولمية، صرنا نجدها في أية مدينة في العالم، سواء في الشرق أو في الغرب، الشمال أو في الجنوب، ولا تخص مدينة واحدة مثل عمّان أو نيودلهي أو دار السلام، أو جوهانسبرغ.
وهي مساحة مستباحة إذ أنها مفتوحة على الغرباء القادمين من أي بلد، ولا تمنع أحدا من دخولها، وكأنها ترحب بهم، ولكنها لا تعرف أحدا، ولا تستضيفهم كما يستضيف البدو أو الفلاحون ضيوفهم في بيوتهم، مع الترحيب وتقديم الطعام والشراب ومكان النوم.
فالمدينة لا تعرف الغرباء ولا تقدم لهم شيئا من الضيافة، وذلك ما ذكرته في روايتي "قاع البلد" صفحة 42 "رحت أسير في الشوارع.. أتجول في قاع هذه المدينة المضيافة الحنونة، والتي لا تعرف أحدا، وكأنها بقلب قد من حجر".
أنت تسخر ممن لا يعجبك، أو ممن يتصرف بغير ما تحب، فعندما تسخر من شخص، أو شيء، فإنما تتطاول عليه، وتقصد تقزيمه، وكأنك تعريه أمام الناس، وقد تشعرك السخرية من الآخر بالحرية أو بالفرح بالتفوق عليه.
والسخرية نوع من أنواع المقاومة، فأنت مثلا تسخر من المتكبر، أو من الدكتاتور، أو من المحتل، من الظالم، ولكنك تستهزئ من الشخص الدون، أو الجاهل، من الشخص القذر الوضيع، النذل، ومن الذي يفعل الفحشاء والمنكر.
وكما كتبت الدكتورة عايدة نصر الله، من أم الفحم، فلسطين، في كتابها "تجليات السخرية في روايات صبحي فحماوي":
"إن الروائي فحماوي يتمتع بقدرة عالية على السخرية، بشكل استنفد فيه جميع وسائل السخرية، سواء في وصفه الأشخاص وألقابهم، وأوصافهم الغرائبية، أو على مستوى الروائح، حتى في وصف حيوات الناس سواء كانوا في المدينة أو القرية، أو البادية، أو المخيمات، وهو لا يتورع -للمفارقة- أن يصف مشاهد الحب، ممزوجة بألوان السخرية، ويصور المشهد الساخر كما لو كان رساما كاريكاتيريا بارعا بحيث يطيل الوصف، ويلقب الأشخاص بألقاب تثير الضحك بشكل لا تستطيع معه إلا ال (شقلبة)".
ففي رواية "سروال بلقيس" يصف أبو رزق عيني زوجته بلقيس السوداوين الصغيرتين بأنهما تشبهان بعر الماعز، بينما تصف زوجته أن حبه في قلبها يشبه "دبيك البغال".
وفي رواية "عذبة" يصف السارد (أبو سمير) صاحب بقالة النجوم، ذا الكرش المنتفخ، والرقبة الغليظة، التي يقبع تحتها كرش صغير، تخرج منه حشرجات تنفسه بصوت عال، يتحدث وهو يرفع فمه إلى أعلى، وكأنه يقاوم الغرق، ويصف جاره (أبو البطيخ) بأن عينيه تشبهان حبتي تين مفعصتين، وغائرتين إلى أعماق كرته اللحمية، وأنه يضع نظارة طبية سميكة، عليها دوائر مغبشة "كعب كباية".
إعلانكما يصف أخاه "أبو الخناجر" بأنه بقامته القصيرة، لا يبتسم وجهه، حتى للرغيف السخن، ويصف جعفر صاحب الأطمبيل في الثلاثينات من عمره، وهو يقود سيارة أشبه بصحارة، وشارباه أسودان كثيفان، غليظان، يبصق على إصبعيه، ويفتل طرفيهما إلى أعلى، ليصبحا كقرني استشعار عقرب متحفز، ويقول إن وجهه مستدير، ورأسه كروي كبير يشبه طنجرة الضغط.
وفي وصف شخصية رواية "عذبة" الرئيسي عماد المنذر، يقول السارد: وهكذا أخذت نفسية الإنسان الفلسطيني الذي لم يمت بالحرب أو بالتهجير، تتحول تدريجيا من شكل عادي إلى شكل مطعوج، أو مطبق أو سريالي، متماوج، متداخل، متخارج، متواطئ متنازل، متصاعد، تخاذلي، استشهادي، اندفاعي، انبطاحي، تهجمي، انفعالي، قيادي، ذكي، في منتهى الغباء، تقدمي، انهزامي، منطلق، متكاسل، أو متشائل على ذمة إميل حبيبي، وذلك بفعل التعذيب الجسدي أو النفسي في كل مكان يوجد فيه، أو يتم ترحيله إليه.
وفي رواية "حرمتان ومحرم" يقول: وهكذا الفلسطيني الواقع تحت التعذيب المستمر قرونا، تجده "مكر مفر مقبل مدبر معا.. كجلمود صخر حطه السيل من عل".
التعامل بمنطق نحن لا نختلق الأزمات لكننا نحسن استغلالها ديدن كثيرين.. منهم سائد الشواوي!صحيح أنه تبرع بشاحنتين نصرة للمستضعفين من أهل فلسطين، ولكنه كان يقصد إشهار سمعته كمتبرع كريم، إذ كان يضع مواد التبرعات الصغيرة في صناديق كرتونية كبيرة، بهدف تقليل كمية المواد المرسلة وبالتالي تكلفتها، في الشاحنتين الكبيرتين.
وهكذا كان يستغل التبرع ليشعر الناس أنه كريم ويستحق التفوق المجتمعي وبالنتيجة السيطرة المالية، فكان يحسن استغلال الأزمات من أجل السيطرة على الآخرين، ديدن كثيرين.
تعد أحداث روايتي "حرمتان ومحرم" بسيطة الآلام، مقارنة بأحداث اليوم في غزة، لكنها تمنح انطباعا عن حيوات أولئك الفلسطينيين المهجرين ظلما وعدوانا إلى قطاع غزة "المحتل للمرة التاسعة والتسعين" حسب الرواية، والملاحقين بالظلم تلو الظلم، إذ تجري موجة من القهر وراء أخرى، على نحو يجعلهم يعيشون حيوات تعتصر فيها نفسياتهم ويذلون من غير ذنب اقترفوه.
وهكذا كان حظهم في الحياة: أن يواجهوا المستحيل، الموت في الطرقات، والحياة مع الجوع والعطش والحرمان من السفر والتنقل. وحتى إن سافروا، فإنهم يسامون سوء العذاب في المكان الذي يصلون إليه، ويعاملون بإهانة مقارنة بأهل البلد. إذ يقال لهم هناك "يا غريب كن أديبا".. طيب، أليس على غير الغريب أيضا أن يكون أديبا في تعامله مع الغريب؟
اللافت أنك بعد 14 عاما من "الحب في زمن العولمة" عدت إليه في "إخناتون ونفرتيتي الكنعانية".هذه الرواية ترسم أروع قصة حب وغرام في التاريخ، إذ تفوقت على قصة حب "قيس وليلى" العربية، وعلى "روميو وجوليت" الشكسبيرية. وهي واحدة من 4 روايات تتناول دور الكنعانيين وأثرهم، وهي: قصة عشق كنعانية (عام 2009)، وإخناتون ونيفرتيتي الكنعانية (عام 2020)، وهاني بعل الكنعاني (عام 2022)، وكليوباترا الكنعانية.
فلقد شعرت أن الكنعانيين ظلموا في تأريخ حيواتهم، وتم تغييبهم عن الحقبات التاريخية العالمية، بينما كان البحر الأبيض المتوسط في عصرهم مجرد بحيرة محاطة بالكنعانيين من جميع الجهات. ولهذا جاء إهدائي رواية هاني بعل الكنعاني إلى البحيرة الكنعانية التي حوصرت ولوثت، فصارت تسمى "البحر الأبيض المتوسط".
فالكنعانيون كانوا منتشرين من أعالي الأناضول شمالا، إلى قاع الجزيرة العربية جنوبا، حيث كان أهل مكة يعبدون الإله "هبل"، وهو (هبة الله) الكنعانية لهم. واستمر امتدادهم في كل شمال إفريقيا، ووصلوا إلى منابع نهر النيجر، واتجهوا بالتعاون مع المصريين من الصويرة وآسفي المغربيتين في بحر الظلمات، فاكتشفوا ما تسمى اليوم أميركا.
وكانوا تجارا كرماء محبين للغرباء، وليسوا غزاة متوحشين كالرجل الأبيض الذي جاءها قائلا "أية أرض تدوسها أقدامنا فهي لنا" تماما كما يحصل اليوم من قتل وتشريد لأهل فلسطين وغيرها من البلاد العربية.
وحتى عندما تمدد الكنعانيون فسيطروا على مصر لمدة 500 عام، سماهم المؤرخون "الهكسوس" حتى إن كتب الدين لم تذكرهم بكلمة. ولهذا قررت أن أستعيد حيوات هؤلاء المغيبين برواياتي الأربع حتى الآن، وفي هذه الروايات حب كبير، وعلوم كثيرة، وجماليات كجماليات الفراعنة المصريين لا حصر لها.
في رواية "الإسكندرية 2050" التي صدرت عن روايات الهلال المصرية، وعن دار الفارابي اللبنانية، وترجمت إلى اللغة الإنجليزية في كاليفورنيا، نجد أن الراوي فيها لاجئ فلسطيني خبر حياة المخيمات وقاسى الحرمان، وأرسل ولده برهان للدراسة في ألمانيا، حيث تزوج هناك وأنجب ولدا وبنتا لونهما أخضر.
فعمم الإنسان الأخضر الذي لا يأكل، وإنما يتغذى من الشمس كالأشجار، فصارت البيئة نقية خالية من التلوث. وهذا اللاجئ، عندما أتيحت له الفرصة، أبدع باختراع الإنسان والحيوان الأخضر، فغير الحياة على سطح الأرض، وأنهى الصراعات والقتل والاستغلال على سطح الكرة الأرضية، مع استخدام العلوم المتطورة في وسائل الاتصال، كالإنسان الآلي، والسيارات الدرونية الطائرة، والطب العالمي المركزي، وغيرها.
إنها رواية ممزوجة بين الواقع الناصري والمستقبل الطموح، تجمع بعض التقاطعات الواقعية مع شخص الروائي صبحي فحماوي وسيرته الذاتية، رغم أن الخيال يأخذ مساحة واسعة في هذه الرواية فكرا وأملا.
كيف بدأت رحلتك مع القراءة؟ ومن أبرز الأدباء العرب والغربيين الذين تأثرت بهم؟ ولماذا؟لم تكن لي صديقات في طفولتي أو بداية يفاعتي، فكانت مجلة العربي الكويتية، والآداب والأديب اللبنانيتان هن صديقاتي. وكانت أول رواية قرأتها هي "الأجنحة المتكسرة" لجبران خليل جبران، فكانت سلمى كرامة التي يحبها جبران هي حبيبتي.
وقد أعدت قراءتها 3 مرات للاستمتاع بالحبيبة، حتى حفظتها، وإلى اليوم أقرأ مع جبران "عندما كنت في السابعة عشرة من عمري وكانت سلمى كرامة تجلس بجانبي…".
وكان المسرح في مصر يأسرني بمشاهدة يوسف وهبي، وأمينة رزق، ونجيب الريحاني، وماري منيب، وعبد الله غيث، وسميحة أيوب، وحمدي غيث، ونعمان عاشور، ومحمود دياب، وتوفيق الحكيم، وغيرهم، كما شدني مسرح القباني في سوريا، ومحمد الماغوط، وسعد الله ونوس، إلى أن حصلت على الجائزة الأولى في التأليف المسرحي على طلاب جامعة الإسكندرية، بمسرحية "ثورة فلاحين".
وعندما عملت، سافرت إلى روسيا، وزرت بيت دوستويفسكي، وبيت تولستوي القريب من وزارة الدفاع الروسية، وحديقة مكسيم غوركي، ومتحف الشاعر العظيم بوشكين مؤسس الأدب الروسي الحديث، ومتحف جوجول، ومتحف شولوخوف حيث نهر الدون الهادئ، وكثيرين غيرهم.
وفي باريس دخلت بيت فيكتور هوغو، صاحب روايتي "البؤساء" و"أحدب نوتردام" وغيرها. وفي البحر الكاريبي جنوب ميامي الأميركية، زرت بيت إرنست همنغواي في جزيرة كي ويست، وكانت رسوم دخول بيت همنغواي 12 دولارا، بينما رسوم دخول بيت جاره الرئيس ترومان، والمسمى "البيت الأبيض الصغير" 6 دولارات، فلاحظت أن شهرة وعظمة الروائي المتفوق تفوق كثيرا عظمة أشهر رئيس.
قرأت وقرأت وقرأت كتبا وروايات من كل دول العالم، ولم أنس رواية "كثبان النمل في السافانا" للروائي والشاعر والناقد النيجيري الشهير تشينوا أتشيبي. ومن الكتاب العرب قرأت مئات الروايات، وفي المسرح قرأت معظم مسرحيات شكسبير وموليير وبريخت وآرثر ميلر، ومن مسرح العبث أو اللامعقول قرأت كثيرا من مسرحيات يوجين يونسكو ويوجين أونيل وصموئيل بيكيت وغيرهم كثير.
وحضرت عدة مسرحيات في برودواي، كانت منها مسرحية شهيرة عام 2000 بعنوان "الدليل" (Proof) كتبها ديفيد أوبرن، واعتبرت أفضل مسرحية، وحازت على جائزة بوليتزر وجائزة توني، وحققت نجاحا كبيرا، وهي تعادل جوائز الأوسكار في السينما.
أنصح الكتاب الجدد بالقراءة، ثم القراءة، ثم السفر، ثم التأمل والتفكير، وقضاء وقت الانتظار بالتأمل والابتكار، وعدم الغرور بكونهم كتبوا سطرين فصار يشار إليهم بالبنان. وأنصحهم بفتح صفحات جديدة في عالم القصة والرواية والمسرح، الذي قتلته التكنولوجيا، وبقبول النقد سواء كان إيجابيا أو سلبيا والتعلم منه، والسعي نحو التغيير للأفضل.
كما أنصحهم ألا يتجمدوا تحت ظلال نجيب محفوظ، وغسان كنفاني، ومحمود درويش، وحنا مينا، ومحمد الماغوط، ومحمد عز الدين التازي، وفؤاد التكرلي، وإميل حبيبي، والطيب صالح، بل أن يقدموا لنا شيئا جديدا ومدروسا كما قدم سابقوهم. وأن يبتعدوا عن التجريب إلا بعد الكتاب الـ15 من مؤلفاتهم، فالتجريب لا يأتي إلا بعد الرسوخ في العلم والأدب. وأن يكونوا مبتكرين، نقادا لوضعنا الحالي، بهدف التطوير، وليس بحثا عن مقعد لمن عاش واقفا "في انتظار جودو الذي يأتي ولا يأتي". وأجدني أقول مع يوسف القعيد "الكتابة لا تكون إلا اعتراضية".
ما السؤال الذي كنت تود أن يطرح عليك الآن؟ ولماذا؟السؤال: ما هو الجديد الذي قدمته، ولم يسألك عنه النقاد أو الصحفيون؟ وللإجابة عليه نحتاج إلى لقاء آخر. محبتي للجزيرة نت وللقائمين عليها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات فی هذه الروایة وسائل التواصل فی روایة
إقرأ أيضاً:
اللجنة الملكية لشؤون القدس.. مؤسسة للتوعية بقضية القدس ومواجهة رواية الاحتلال
اللجنة الملكية لشؤون القدس (رسمية) تأسست عام 1971 بهدف التعبئة والتوعية بقضية القدس، ومواجهة رواية الاحتلال الإسرائيلي، ونشر الرواية الفلسطينية، والتأكيد على عروبة القدس وحق أهلها بأرضهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية.
وقد أمر بتشكيل اللجنة ملك الأردن آنذاك الحسين بن طلال الذي أولى أهمية لقضية القدس في إطار السعي الدائم لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الموقع والتأسيستتخذ اللجنة الملكية لشؤون القدس من العاصمة الأردنية مقرا. وقد تأسست في القدس عام 1971 برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد طوقان وعضوية عدد من الشخصيات، وقد تولى رئاستها بعده قاسم الريماوي ثم أكرم زعيتر.
وأعيد تشكيل اللجنة عام 1994 برئاسة الأمير الحسن بن طلال وعضوية 23 شخصية أردنية وفلسطينية وعربية وإسلامية، وتولى أمانتها العامة عبد الله توفيق كنعان.
الرسالة والرؤيةتعمل اللجنة الملكية لشؤون القدس على نشر الوعي بأهمية قضية القدس، وتقوية ارتباطها ببعدها العربي والإسلامي، وفضح ما تتعرض له من تهويد وانتهاكات إسرائيلية يومية، وزيادة الجهود العاملة على تثبيت المقدسيين ودعم صمودهم.
ومن رؤية اللجنة "أن تكون القدس مقصد كل المهتمين بالقضية المقدسية، والساعين إلى تثبيت الحق العربي والإسلامي وإعادة السلام لمدينة السلام".
ومن أبرز الأهداف التي تسعى اللجنة الملكية إلى تحقيقها، والتي تضمنها القرار الملكي بتأسيسها، وكذا عند إعادة تشكيلها:
تجميع الوثائق والمخطوطات والكتب والمراجع عن تاريخ القدس. رصد وتوثيق المعلومات عن تهويد القدس. إعداد دراسات سياسية وتاريخية وجغرافية تؤكد عروبة القدس. العمل على الرد على الدعاية الإسرائيلية حول القدس. الاشتراك في اقتراح وضع الخطط فيما يتعلق بمستقبل القدس. النشاط الإعلامي للجنةتصدر الأمانة العامة للجنة الملكية لشؤون القدس النشرات الآتية:
نشرة القدس التوثيقية: وهي تقرير شهري يصدر باللغة العربية، ومادة توثيقية أرشيفية تنشر في الصحف الأردنية والعربية عن القدس. التقرير الصحفي اليومي حول القدس: ويتضمن الأخبار المتعلقة بالقدس في الصحافة الأردنية والفلسطينية وبعض الصحف العربية والإسرائيلية (وخاصة الصادرة منها بالإنجليزية). كتيب بعنوان اللجنة الملكية لشؤون القدس: نشأتها وتطورها ووسائلها وهيكلها (باللغتين العربية والانجليزية). إعلانكما تساهم اللجنة -من خلال وسائل الإعلام المحلية والعربية- في التوعية بقضية القدس عبر اللقاءات الصحفية، وإصدار البيانات للرد على الإجراءات والسياسات الإسرائيلية في المدينة المقدسة، وتزويد وكالات الأنباء ووسائل الإعلام بالمعلومات الكافية بهذا الشأن.
وتشارك اللجنة أيضا في المعارض المتخصصة والندوات واللقاءات مع المعنيين لإحياء قضية القدس.
إصدارات اللجنةمنها:
القدس في قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947. القدس في أقوال الحسين والحسن. شهداء القدس (1918-2002) الطبعة الثانية. محاضرات حول القدس. القدس: طروحات التسوية السياسية. القدس في الصراع الإسرائيلي العربي. الهيكل المزعوم إعلان للحرب الدينية. الجهد الأردني لدعم قضية فلسطين والقدس الشريف.تأسست المكتبة بالتوازي مع إنشاء اللجنة الملكية لشؤون القدس عام 1971، ثم تطورت لتساهم في تقديم المعلومات عن مدينة القدس في موضوعاتها المختلفة، من خلال انتقاء المعلومات وجمعها حسب نوعها وتنظيمها وتقديمها بشكل سلس لبثها وإتاحتها للباحثين والمستفيدين عند الطلب.
كما تم إنشاء مكتبة متخصصة في المعلومات والتوثيق، وهي نظام فرعي متكامل مع نظام المعلومات الخاص باللجنة.
وتضم المكتبة أكثر من 5500 كتاب، وتزود الباحثين بالمراجع اللازمة عن مدينة القدس، وفيها أيضا مخطوطات وخرائط وصور نادرة للمدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك.