في لحظة فارقة من تاريخ الثقافة المصرية، تتوجه أنظار العالم غدًا السبت نحو افتتاح المتحف المصري الكبير، كأضخم صرح حضاري يجمع بين عبقرية الماضي وروح المستقبل. وبينما تحتفي مصر بتراثها الممتد عبر آلاف السنين، تتقاطع هذه اللحظة الرمزية مع تحوّل عالمي عميق تصنعه تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس فقط فيما يتصل بالعلم والاقتصاد، بل في مفهوم الهوية والانتماء ذاته.


فاليوم يمكننا القول بأن الذكاء الاصطناعي غيّر الطريقة التي نرى بها أنفسنا والعالم من حولنا، إذ لم تعد الهوية حكرًا على الجغرافيا أو اللغة أو التاريخ المشترك، بل أصبحت تتشكل من خلال التفاعلات الرقمية، والرموز الثقافية المتداولة عبر المنصات الاجتماعية، والصور التي تولدها الخوارزميات. ففي زمن "الذكاء المصوّر"، يمكن لصورة واحدة تُنشأ بالذكاء الاصطناعي أن تختصر سردية وطن بأكمله أو تعيد تخيّل تاريخه برؤية جديدة.
وها هي التقنيات نفسها تُستخدم اليوم في إنتاج صور مذهلة تُحاكي افتتاح المتحف المصري الكبير، استعان فيها المواطنين بالذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء مشاهد فرعونية بروح عصرية، أو انتاج صور لهم في زي فرعوني، والتي تقدم للعالم رؤية رقمية للهوية المصرية، تجمع بين الأصالة والابتكار. لقد أصبحت الصورة أداة انتماء حديثة، تحمل في طياتها سردًا جديدًا للعراقة المصرية بأسلوب يواكب لغة العصر.
لكن هذا التحوّل يحمل تساؤلات لا تقل عمقًا عن روعته: هل ما نصنعه عبر الخوارزميات يمثلنا فعلاً؟ أم أننا نعيد إنتاج هوية "مصمَّمة" وفق معايير التقنية لا الإنسان؟ إن الذكاء الاصطناعي يمنحنا فرصة غير مسبوقة لإعادة تعريف الانتماء، لكنه في الوقت نفسه يختبر قدرتنا على الحفاظ على جذورنا وسط طوفان الرقمنة.
وربما كان أعظم ما كشفت عنه المواد المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية هو ذلك الوعي المتنامي لدى المصريين – على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم التعليمية – بكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى. إنها ثورة فكرية صامتة تُبرز عظمة العقل المصري وقدرته الفائقة على التعلم السريع ومواكبة مستجدات العصر الرقمي.
ولعل مصر، وهي تفتح أبواب المتحف المصري الكبير للعالم، تقدم الدرس الأبلغ: أن الحداثة لا تلغي الأصالة، وأن التكنولوجيا يمكن أن تكون جسرًا بين الماضي والمستقبل، حين تُستخدم بعقلٍ مستنير، وقلبٍ نابضٍ بحب الوطن، وروحٍ مؤمنة بأن مصر ستظل دائمًا حاضرة في كل عصر، بعبقرية إنسانها قبل حجارة معابدها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هالة الألفي افتتاح المتحف المصري الكبير المتحف المصري الكبير الذكاء الاصطناعي جسر ا بين الماضي والمستقبل الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

لا تكن مهذبا مع الذكاء الاصطناعي: دراسة تكشف سر الإجابات الأدق

وأوضحت حلقة (2025/10/29) من برنامج "حياة ذكية" أن دراسة علمية حديثة تشير إلى أن استخدام لهجة حادة وجافة مع الذكاء الاصطناعي قد يكون المفتاح للحصول على إجابات أكثر دقة وذكاء.

واختبر باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا تأثير أساليب الحوار المختلفة على جودة إجابات نماذج الذكاء الاصطناعي، وخاصة "شات جي بي تي".

وفاجأت النتائج المنشورة على موقع "ديجيتال تريندز" التوقعات السائدة حول كيفية التعامل الأمثل مع هذه الأنظمة الذكية.

حيث أظهرت النتائج تباينا ملحوظا في دقة الإجابات بحسب أسلوب الحوار المستخدم.

فعند اعتماد ردود شديدة التهذيب والمجاملة، وصلت دقة الإجابات إلى 80%، لكن هذه النسبة ارتفعت تدريجيا مع ازدياد حدة اللهجة في الحديث.

بينما رفع الأسلوب المحايد في الحوار -الذي لا يتضمن مجاملات مفرطة أو حدة واضحة- رفع دقة الإجابات إلى 82.2%.

لكن المفاجأة الحقيقية جاءت عند استخدام لهجة أكثر حدة و"وقاحة"، حيث قفزت النسبة إلى 84.4%، بل وصلت أحيانا إلى 86%.

وهذا يعني أن الفارق بين الأسلوب المهذب جدا والأسلوب الوقح قد يصل إلى 6% في دقة الإجابات.

أسئلة متعددة

وتزيد طبيعة الاختبارات التي أجريت من أهمية هذه النتائج، حيث كانت جميع الأسئلة المطروحة على النموذج أسئلة اختبارات متعددة الخيارات، وليست مجرد أسئلة روتينية معتادة، ما يعني أن الدراسة اختبرت قدرة النموذج على التعامل مع مهام تتطلب دقة ومعرفة متخصصة.

وقدم الباحثون تفسيرا يستند إلى طبيعة برمجة هذه النماذج، وأوضحوا أن الذكاء الاصطناعي لا يفهم المشاعر فعليا، لكنه تمت برمجته ليستجيب بفاعلية أكبر عندما يستشعر أن المستخدم مستاء أو غير راض.

ويشبه هذا السلوك تماما طريقة تعامل موظفي خدمة العملاء الذين يتفاعلون بسرعة أكبر وبتركيز أعلى مع الشكاوى الحادة مقارنة بالاستفسارات العادية.

إعلان

ورغم هذه النتائج، أشارت الدراسة إلى أن الفارق بين جودة الردود في كلتا الحالتين لا يتجاوز 4% في بعض الحالات، ما دفع البعض للتشكيك في الأهمية العملية لهذا الاكتشاف.

كما أثارت الدراسة ردود فعل متباينة حول قدرة النموذج الفعلية على فهم الأحاديث واستيعاب الفروق الدقيقة في أسلوب الحوار.

وتطرح هذه النتائج تساؤلات أعمق حول طبيعة استجابة نماذج الذكاء الاصطناعي وكيفية تدريبها.

هل تم تعليم هذه النماذج أن الاستفسارات الحادة تستحق إجابات أكثر دقة؟ أم أن هناك آليات داخلية في البرمجة تجعلها تخصص موارد حوسبية أكبر عند استشعار عدم رضا المستخدم؟

Published On 29/10/202529/10/2025|آخر تحديث: 20:10 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:10 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي محور «كتارا تك» 26
  • دويتش فيلة: المتحف المصري الكبير رسالة إحياء للهوية الوطنية
  • خطط وتكتيكات.. هكذا اخترق الذكاء الاصطناعي عالم كرة القدم
  • هل بدأ الذكاء الاصطناعي فعلا في القضاء على الوظائف؟
  • مدارس الشرقية تحتفل بافتتاح المتحف الكبير بتنظيم فقرات إذاعية للتعريف بالحضارة المصرية
  • الانتحار يتصدر محادثات الذكاء الاصطناعي
  • على رأسهم عادل إمام.. الذكاء الاصطناعي يرسم النجوم في المتحف المصري الكبير (صور)
  • لا تكن مهذبا مع الذكاء الاصطناعي: دراسة تكشف سر الإجابات الأدق
  • بيل غيتس يتحدث عن 3 مخاوف من الذكاء الاصطناعي