إغناتيوس: قمة ترامب وشي استعراض للقوة فمن ربح الجولة؟
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
في مقاله بصحيفة واشنطن بوست، قدّم الكاتب ديفيد إغناتيوس تحليلا للقمة الأخيرة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ التي عُقدت أمس الخميس في كوريا الجنوبية.
ووصف القمة بأنها هدنة مؤقتة ناجحة في خضم التصعيد المتزايد للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. فبعد أشهر من التهديدات المتبادلة بفرض رسوم جمركية وإجراءات تقييدية على الصادرات، بدا أن كلا الزعيمين أدركا أخطار الانفصال الاقتصادي الكامل بين البلدين.
ونقل عن الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمتخصص في الشأن الصيني، كريستوفر جونسون، القول إن "كل طرف نظر إلى حافة الهاوية وقرّر أن يتراجع"، مؤكدا أن ما حدث بمنزلة "حل مؤقت" يمنح الحكومتين فسحة من الوقت لالتقاط الأنفاس.
ووافق ترامب على خفض الرسوم الجمركية المقررة بنسبة 100%، معترفا بأنها غير قابلة للاستمرار، في حين علّقت حكومة شي حظرها على صادرات المعادن النادرة التي تكاد الصين تحتكر إنتاجها عالميا، حسب المقال.
ويرى منتقدون أن هذه الخطوة تمثل تراجعا جديدا من ترامب، غير أن إغناتيوس يعتبرها تسوية براغماتية ومكسبا للطرفين، مشيرا إلى أن الزعيمين أظهرا صلابة كافية لزعزعة الأسواق وجدية، قبل أن يتوصلا إلى حل وسط قد يفتح الباب أمام عام من الدبلوماسية.
تشابه وتباينولفت إغناتيوس إلى أن ترامب وشي يشتركان في ميلهما إلى أسلوب الحكم الفردي، وإن اختلفا في طريقة تجسيده. فكلاهما -برأيه- مشغول بإرثه الشخصي وبالترويج لذاته: ترامب من خلال شعاره "لنجعل أميركا عظيمة مجددا"، والرئيس الصيني عبر "فكر شي جين بينغ".
غير أن أسلوب ترامب "المتهور" المبني على الصفقات السريعة والمكاسب الفورية يتناقض تماما مع إستراتيجية شي المنضبطة البعيدة المدى، حسبما يرى الكاتب، زاعما أن الرئيس الأميركي يستمد قوته من إثارة الاضطرابات وإبرام الاتفاقات السريعة، في حين يبني نظيره الصيني نفوذه عبر التخطيط المحكم والسيطرة المنهجية.
إعلانوتناول المقال كذلك حملة شي الواسعة لمكافحة الفساد، التي طالت منذ عام 2012 أكثر من 6 ملايين مسؤول.
وأوضح أن الزعيم الصيني أقدم على تطهير صفوف الجيش من كبار ضباطه، بمن فيهم عدد من القادة البارزين في جيش التحرير الشعبي، في إطار مسعاه لاستئصال الفساد وضمان الولاء الكامل.
ووفق إغناتيوس، فإن هذا التشدد يعكس قناعة شي بأن الجيش الفاسد لا يمكنه القتال.
ويرى كريستوفر جونسون -كبير محللي الشؤون الصينية السابق في وكالة المخابرات المركزية والذي يدير الآن مجموعة إستراتيجيات الصين الاستشارية- أن ترامب يسعى حاليا إلى إقامة علاقة مع شي على غرار ما كان يربط الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بنظيره السوفياتي آنذاك ميخائيل غورباتشوف، التي كانت تقوم على التهدئة والمنفعة المتبادلة.
ومع ذلك، فإن إغناتيوس يحذر من أن ترامب قد يُسيء تقدير صرامة شي وانضباطه اللذين جعلاه خصما لا يُستهان به خلال المواجهة التجارية.
وفي ختام مقاله، يؤكد إغناتيوس أن عالما يقوده زعيمان "مستبدّان" أمرٌ مثير للقلق، "لكنه يظل أفضل من عالم يتصادمان فيه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
غارديان: على خطى المجر.. هكذا سقط الإعلام الأميركي في أيدي حلفاء ترامب
حذرت صحيفة غارديان مما وصفته بـ"أورباننة الولايات المتحدة" في إشارة إلى انتقال نموذج فيكتور أوربان السلطوي في المجر إلى السياسة الأميركية، بالسيطرة على الإعلام وتقييد المعارضة، بما يهدد النظام الديمقراطي في غضون سنوات قليلة.
وبيّن الكتاب، في الصحيفة البريطانية أوين جونز، كيف يلعب رجال أعمال مقربون من الرئيس دونالد ترامب -أبرزهم لاري إليسون وابنه ديفيد- دورا محوريا في الاستحواذ على مؤسسات إعلامية كبرى مثل سي بي إس، مع الضغط تجاه صفقات استحواذ أخرى تشمل سي إن إن وتيك توك.
أنصار زعيم المعارضة المجرية بيتر ماجيار يتظاهرون في بودابست ضد حكومة رئيس الوزراء فيكتور أوربان متهمين إياها بالاستبداد والفساد pic.twitter.com/tRObSeaABF
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 24, 2025
على خطى المجر الاستبداديةوأشار جونز إلى أنه حذّر قبل عودة ترامب إلى الرئاسة من التحوّل إلى سيناريو الزعيم المجري الاستبدادي أوربان، حيث لم يقض على الديمقراطية بوساطة فرق الإعدام أو السجن الجماعي للمعارضين، بل عن طريق الاستنزاف البطيء، فشُوّه النظام الانتخابي واستُهدف المجتمع المدني، واستولى أقطاب الأعمال المؤيدون لأوربان على وسائل الإعلام بهدوء.
إليسون يسيطر على كبرى المؤسسات الإعلاميةوأوضح كيف يسعى الملياردير الأميركي لاري إليسون المؤسس المشارك لشركة أوراكل، وابنه المخرج السينمائي ديفيد، اللذان تباهى ترامب بصداقتهما وتأييدهما إلى السيطرة التدريجية على أهم المنابر الإعلامية، لافتا إلى أن رجل الأعمال الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد إيلون ماسك كأغنى رجل في العالم، ضخ عشرات الملايين في خزائن الحزب الجمهوري.
ففي أغسطس/آب الماضي، استحوذت شركة سكاي دانس ميديا التابعة لديفيد إليسون على باراماونت غلوبال بدعم مالي من والده، ليتمكن من السيطرة على سي بي إس نيوز، إحدى الشبكات الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة.
إعلانوخلال الانتخابات الأخيرة، طالب ترامب بسحب تراخيص سي بي إس بزعم أنها متحيزة، كما رفع دعوى قضائية على الشبكة بسبب مقابلة أجرتها مع منافسته كامالا هاريس، وادعى أنه قد حررها لتبدو أكثر إقناعا للجمهور، ورغم أن العديد من المراقبين اعتبروا الدعوى تافهة وقابلة للرفض، إلا أن باراماونت، الشركة الأم للشبكة، اختارت تسوية الدعوى مقابل دفع 16 مليون دولار.
ووظفت الشبكة مسؤولا سابقا في إدارة ترامب كـ"أمين مظالم Ombudsman" لمراقبة التحيز في تغطيتها، في حين عيّنت باري فايس، وهي ديمقراطية سابقة ومؤيدة قوية لإسرائيل في منصب رئيس التحرير.
ويعلن مسؤولو ترامب تأييدهم أيضا شراء باراماونت سكاي دانس لشركة وارنر بروس ديسكفري (WBD)، الشركة الأم لـ"إتش بي أو" وسي إن إن.
ويقود لاري إليسون مجموعة من المستثمرين للاستحواذ على تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، مع شركاء آخرين منهم قطب الإعلام روبرت مردوخ وشركة الاستثمار "إم جي إكس" المملوكة للحكومة في أبو ظبي.
ويشير جونز إلى أن شخصيات بارزة في حركة "ماغا" المناصرة لترامب، مثل جوش هاولي وماركو روبيو، كانوا قد دعوا إلى حظر التطبيق بزعم تحيزه ضد إسرائيل وتسببه في تحويل تعاطف الشباب الأميركي نحو الفلسطينيين.
وتطرق الكاتب إلى محطات من تاريخ إليسون المعروف بتأييده لإسرائيل، حيث تبرع في السابق بملايين الدولارات للجيش الإسرائيلي عبر منظمة "أصدقاء قوات الدفاع الإسرائيلية" غير الربحية، وقال إن الإسرائيليين سيكونون سعداء بوجوده في منصب المسؤول.
واستحضر موقف سافرا كاتز، الرئيسة التنفيذية الإسرائيلية الأميركية لشركة أوراكل، والرئيسة التنفيذية السابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، حين كتبت في رسالة بريد إلكتروني عام 2015: "نعتقد أن علينا أن نغرس الحب والاحترام لإسرائيل في الثقافة الأميركية"، منوها إلى أن أوراكل ستشرف على خوارزمية تيك توك.
ميتا وواشنطن بوست وغيرهماوهدّد ترامب مالك ميتا مارك زوكربيرغ بأنه "سيقضي بقية حياته في السجن" إذا تجاوزه، وتخلى قطب وسائل التواصل الاجتماعي زوكربيرغ عن التحقق من صحة المعلومات من أطراف ثالثة في الولايات المتحدة، وألغى القيود المفروضة على موضوعات مثل الهجرة والجنس، وعيّن أنصار ترامب في مجلس الإدارة.
وفي صحيفة واشنطن بوست المملوكة لجيف بيزوس، تقول الكاتبة كارين عطية إنها طُردت من عملها بسبب "تصريحاتها ضد العنف السياسي والمعايير المزدوجة العنصرية ولا مبالاة أميركا تجاه الأسلحة" بعد اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك.
وعُلق برنامج الإعلامي الساخر جيمي كيميل على قناة إيه بي سي بعد أن طالب رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية المؤيد لترامب باتخاذ إجراءات ضده، وأُغلقت هيئة البث العامة -التي طالما اعتبرها ترامب معادية- بعد أن أوقف الرئيس تمويلها.
وبيّن الكاتب كيف سيطرت إدارة ترامب على وسائل الإعلام التي يحق لها الوصول إلى البيت الأبيض، وطردت وكالة أسوشيتد برس العريقة، في حين أعلنت وزارة الحرب الأميركية عن "جيل جديد" من الصحفيين في البنتاغون يضم 60 صحفيا من وسائل إعلام يمينية متطرفة، وذلك بعد رفض معظم مراسلي المؤسسات الإعلامية التوقيع على لائحة قيود جديدة فرضتها الوزارة الشهر الماضي.
إعلانوتحظر اللائحة على الصحفيين نشر أي معلومات -حتى لو كانت غير سرية- ما لم يوافق البنتاغون على نشرها، وتُقيّد وصولهم إلى أماكن معينة داخل المجمع العسكري دون مرافقة مسؤول رسمي.
وأدت الدعاوى القضائية التي رفعها ترامب ضد مؤسسات إعلامية إلى إخضاعها بشكل أكبر، وكانت آخر تلك الدعاوى ضد صحيفة نيويورك تايمز بقيمة 15 مليار دولار، حيث اتهمها الرئيس بالتشهير به وتشويه سمعته.
ونبه جونز إلى أن الأمر يتجاوز بكثير السيطرة على وسائل الإعلام، لافتا إلى نشر ترامب الحرس الوطني في معاقل الديمقراطيين وسعيه إلى إحكام السيطرة على الانتخابات، حيث أطلق الجمهوريون هجمات جديدة لتزوير الدوائر الانتخابية، بينما طالبوا بسحب الجنسية وترحيل المرشح الاشتراكي لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني، إذ هدد ترامب بقطع التمويل عن المدينة إذا فاز.
ويزعم المستشار الإستراتيجي السابق لترامب ستيف بانون، أن ثمة خطة للتحايل على الدستور للسماح لرئيسه السابق بتولي ولاية ثالثة.
وخلص الكاتب إلى أنه وفي غضون تسعة أشهر فقط، انجرفت الولايات المتحدة نحو هاوية الاستبداد، محذرا: "لم يتبق لترامب سوى 39 شهرا في منصبه".