سوريا تطالب لبنان بتسليم ضباط نظام «الأسد».. تركيا تبدأ تدريب وحدات الجيش بأراضيها
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
كشفت مصادر سورية، عن تواصل السلطات الجديدة مع لبنان من أجل تسليم بعض العسكريين الذين فروا إليه بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأوضحت المصادر أن جهات حكومية سورية أبلغت الجانب اللبناني بضرورة التعاون في ملف تسليم عدد من ضباط وعناصر الجيش السوري المتهمين بجرائم حرب في زمن النظام السابق، والذين فروا إلى لبنان بعد سقوطه في ديسمبر الماضي.
وأشارت المصادر لقناة سكاي نيوز، إلى أن السلطات اللبنانية لم تصدر بعد موقفاً رسمياً بهذا الشأن، وأن الأمر يخضع للبحث القانوني والأمني حول طبيعة الاتهامات والجهات القضائية المعنية، خاصة أن بعض المطلوبين يحملون وثائق إقامة قانونية داخل لبنان.
وقالت المصادر إن مئات العسكريين السوريين فرّوا إلى لبنان بعد سقوط نظام الأسد، وأوضحت أن لجاناً ثنائية مشتركة تعقد في دمشق وبيروت اجتماعات شبه يومية لوضع آليات معالجة الملفات العالقة، أبرزها إطلاق سراح السجناء والموقوفين لدى الجانبين، وضبط الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والسلاح، إضافة إلى ملف الفارين إلى لبنان.
وأضافت المصادر أن وزير العدل السوري مظهر الويس وصل إلى بيروت في وقت سابق من أكتوبر على رأس وفد قضائي لمناقشة عدد من الملفات بين البلدين، وأبرزها أزمة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، وتحديداً في سجن رومية، وأشارت إلى أن الاجتماع جاء بعد أيام من زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت برفقة وفد رفيع المستوى ضم الويس، مع السعي للوصول إلى تفاهمات واتفاقات مع الجانب اللبناني لإطلاق سراح مئات الموقوفين السوريين أو تسليمهم قضائياً إلى سوريا لاستكمال محاكمتهم في دمشق.
تركيا تبدأ تدريب وحدات من الجيش السوري في أراضيها.. خطوة نحو اندماج عسكري وتوازن جديد في سوريا
دخل التعاون العسكري بين أنقرة ودمشق مرحلة جديدة، بعد إعلان وزارة الدفاع التركية السماح لجنود سوريين باستخدام الثكنات العسكرية التركية للتدريب، في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرات القتالية للجيش السوري.
وأكدت الوزارة أن جهود تطوير القدرات العسكرية السورية تتواصل ضمن اتفاق التعاون الموقع بين الجانبين، وتشمل التدريب وتبادل الزيارات والدعم الفني، مشيرة إلى أن وحدات محددة من الجيش السوري بدأت التدريب داخل تركيا، بينما التحق 49 طالبًا سوريًا بالأكاديميات العسكرية التركية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: إسقاط نظام بشار الأسد سوريا حرة سوريا ولبنان
إقرأ أيضاً:
حواري مع رئيس سوريا الجديد
في مدينة نيويورك قبل عدة أسابيع، جلست في مقابل أحمد الشرع، وهو الرجل الذي اعتقلته قواتنا في العراق سنة 2006 بسبب أفعاله مع القاعدة، وبات الآن رئيسًا لسوريا. وليست رحلة أحمد الشرع من كونه شابًا متطرفًا في العراق إلى كونه رأس دولة، بالرحلة بعيدة الاحتمال وحسب، ولكنها أيضا رحلة غير مسبوقة.
قبل أن أتحاور مع الشرع على مسرح قمة كونكورديا، قضيت بعض الوقت في استعراض مساره، المسار الذي ذكرني ببعض أحلك فصول حقبة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وآمال الربيع العربي الأشد هشاشة. لقد اعتقلت القوات الأمريكية في العراق أحمد الشرع عام 2006 حينما كان يزرع عبوة متفجرة بالقرب من الموصل. وقد كان زعيم خلية تابعة للقاعدة في العراق، والقاعدة هي الجماعة المسؤولة عن بعض أقسى الهجمات في تلك الفترة. قضى الشرع خمس سنوات في منشآت الاعتقال التابعة لنا وكان معتقلا في عامي 2007 و2008 حينما رجعت إلى العراق قائدًا للقوات الإضافية وحينما تمكنت قواتنا من هزيمة القاعدة في العراق.
وفي حين أنني لم أعرفه قط ولم أسمع باسمه في تلك الفترة، فقد كنت أعرف نوعيته: الملتزم أيديولوجيا، الخطر تكتيكيا، والتهديد الخطير لقواتنا. والحق أنني فيما كنت أتهيأ لمحاورته، فكرت في الأسر التي لقي أبناؤها أو بناتها أو أزواجها أو زوجاتها مصرعهم على يده هو ورفاقه الجهاديين، وفي ما قد يدور في أذهانهم حينما يرون القائد الذي ائتمنوه سابقًا على أحبائهم جالسًا قبالة زعيم سابق من زعماء القاعدة في العراق.
لقد كان ما جرى بعد إطلاق سراح الشرع في عام 2011 أمرًا يستعصي على التوقع. إذ رجع إلى سوريا وسرعان ما ظهر فيها قائدًا لجبهة النصرة، وهي الجماعة التابعة للقاعدة والعنصر الذي ظهر ضمن العناصر المناهضة لنظام بشار الأسد الدموي. (وخلافًا لبعض السرديات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن الشرع واحدًا من «أصولنا» حينما عملت مديرا لوكالة المخابرات الأمريكية في ما بين 2011 و2012، بل وخلافا لتوصياتي في تلك الفترة، لم تقدم حكومة الولايات المتحدة في تلك الفترة غير أقل المساعدة للقوات التي كانت تقاتل عناصر النظام السوري).
بحلول عام 2016 قطع الشرع علاقاته مع القاعدة وأعاد تقديم حركته باسم هيئة تحرير الشام. وأصبحت هذه الهيئة في نهاية المطاف هي العنصر المهيمن في محافظة إدلب بشمال سوريا وقوة عسكرية ذات شأن كبير. بل إن هيئة تحرير الشام، في ظل قيادته، أقامت هياكل حكم أولية ـ من محاكم وأنظمة تجارية ومنشآت تعليمية ـ وإن تكن ذات طبيعة استبدادية وإسلامية.
ثم حانت اللحظة الحاسمة في أواخر عام 2024 التي غيرت مسار سوريا، إذ أطاحت قوات الشرع بنظام بشار الأسد الدموي. وسعت عناصر هيئة تحرير الشام إلى تحرير حلب في الشمال من قوات النظام، فلما سقط النظام بسهولة ما كان لأحد أن يتوقعها، واصلت عناصر الهيئة التقدم جنوبا لتحرير حماة وحمص من سيطرة النظام. ومع انهيار عناصر نظام الأسد أمامهم، بات الطريق إلى دمشق مفتوحًا، فاندفعت قوات الشرع دافعة بشار الأسد وزوجته إلى الفرار إلى روسيا.
بحلول يناير من عام 2025، أدى الشرع القسم رئيسا لسوريا. وبعد سنين من فرض العقوبات على نظام بشار الأسد واعتبار هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، رفعت الولايات المتحدة كثيرا من العقوبات ورفعت مكافأة الملايين العشرة من الدولارات المرصودة لرأس الشرع (برغم أن عقوبات الكونجرس تبقى مفروضة، ويجب رفعها الآن، مع ربط مساعدات مستقبلية أيضا بأفعال على الأرض تقوم بها الحكومة الجديدة). ولقد التقى الرئيس ترامب بالشرع في الرياض في مايو خلال تجمع نسقته قيادة المملكة العربية السعودية، ونشر الرئيس الأمريكي بعد ذلك منشورًا بملاحظة إيجابية على الشرع في موقع تروث سوشيال.
حينما التقيت بالشرع في كواليس قمة كونكورديا، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أذهلني سلوكه، فهو هادئ الكلام، عميق، متزن. ولديه رؤية مثيرة للإعجاب ومعرفة كبيرة بمكونات اقتصاد سوريا والبنية الأساسية فيها. لم يتكلم بنبرة الثائر، وإنما بنبرة الرجل المثقل بتاريخ هو عازم على إعادة صياغته. فقد قال في حوارنا على المنصة: «إنه ليس بوسعنا أن نحاكم الماضي بناء على قواعد اليوم وليس بوسعنا أن نحاكم اليوم بناء على قواعد الماضي».
وكان لقوله ذلك صدى ـ لا لدى الجمهور وحده، وإنما لديّ أنا الآخر ـ حتى حينما تذكرت أن هذا هو الرجل الذي قاد هجمات القاعدة ضد قواتنا في العراق. أما الجمهور، الذي كان يضم الكثيرين من الأمريكيين السوريين المتحمسين الذين طالما تمنوا الإطاحة ببشار الأسد، فقد سرهم كلامه ذلك واستبشروا به خيرا. وأنا مثلهم. والحق أننا جميعا «معجبون» بما أقر أنه يحاول تحقيقه.
يسعى الشرع الآن إلى توحيد سوريا، البلد الذي يجري فيه كثير من خطوط الصدع الإثنية والطائفية والقبلية في الشرق الأوسط. وهو يحاول إقامة حكم يكون ممثلا لكل كيانات سوريا الكثيرة وضامنا لحقوق الأقليات بالتوازي مع حكم الأغلبية. وهو يسعى إلى إشراك كثير من عناصر سوريا المتعددة تحت سلطة الدولة، وأن يعيد بناء اقتصاد سوريا الذي مزقه الحرب وبنيتها الأساسية التي تخربت. وقد أقام قنوات اتصال غير رسمية مع إسرائيل ودعا إلى إلغاء عقوبات قانون سيزر التي أقرها الكونجرس الأمريكي وفرضها على النظام السابق. وخطابه وطني لا جهادي. وموقفه برجماتي لا أيديولوجي.
فهل هذا تحول حقيقي؟ هذا ما سيجيب عليه الزمن. لقد وقعت بالفعل أفعال ووقائع يجب أن تحملنا على التريث، منها إعدامات للدروز في جنوب سوريا وللعلويين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي إعدامات مرتبطة بقواته.
لكن بوصفي شخصا قضى عمره في دراسة التمرد، ومكافحة التمرد، وحكم ما بعد الصراع، فإنني أعلم أن التعافي في الجغرافية السياسية أمر نادر، وهش. ومن مصلحة الشعب السوري الآن، وكذلك جيران سوريا، والولايات المتحدة، أن ينجح الشرع وتنجح معه سوريا.
لم تكن محاورة الشرع، وهو الذي كان في الجانب الآخر طول سنواتنا الأولى في العراق، محض لحظة تأمل شخصي (لا يخلو من قدر من الغرابة). وإنما كانت أيضا تذكرة بأن التاريخ ليس خطيًا، وأن أبعد الناس احتمالًا يمكن في بعض الأحيان أن يكونوا الأكثر تأثيرا. فلنرجُ أن يكون هذا هو الحال في حالة أحمد الشرع. وسواء ثبت الرجل على ما تحول إليه أم تراجع، فإن الرهانات بالنسبة لسوريا ـ وبالنسبة لنا ـ كبيرة بدرجة هائلة.