هل يهدد ارتفاع حرارة الكوكب بزيادة الأعاصير العاتية؟
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
يقدر الخبراء أن تغير المناخ زاد من شدة إعصار ميليسا بنحو 10%.
ضرب الإعصار ميليسا جامايكا الأسبوع الماضي، مسجلاً أحد أقوى العواصف الأطلسية التي تصل إلى اليابسة، حيث بلغت سرعة الرياح 295 كيلومترًا في الساعة وسقط أكثر من متر من الأمطار على أجزاء واسعة من البلاد.
وتسبب الإعصار في أضرار جسيمة وتدمير البنى التحتية، تاركًا آثارًا واسعة النطاق في منطقة البحر الكاريبي.
                
      
				
وأظهر تحليل سريع أجرته كلية إمبريال كوليدج في لندن أن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري ربما ساهم في زيادة احتمال حدوث العاصفة وشدتها.
هل جعل التغير المناخي ميليسا أقوى؟باستخدام نموذج عالي الدقة لمحاكاة العواصف، قارن العلماء في معهد غرانثام التابع لكلية إمبريال كوليدج لندن بين آلاف الأعاصير المحتملة من نوع "ميليسا" في ظل الظروف المناخية قبل الثورة الصناعية والظروف المناخية الحالية والمستقبلية.
وأظهر تحليلهم أن عاصفة بقوة إعصار ميليسا التي ضربت جامايكا كانت ستكون نادرة للغاية في عالم ما قبل الثورة الصناعية الأكثر برودة، حيث كانت تحدث مرة واحدة كل 8,100 عام تقريباً.
أما في المناخ الأكثر دفئاً اليوم، فيرتفع هذا الاحتمال إلى مرة واحدة كل 1700 عام، مما يجعل مثل هذا الحدث أكثر احتمالاً بحوالي أربعة أضعاف.
ويقدر الباحثون أيضًا أن التغير المناخي الحالي قد زاد على الأرجح من سرعة الرياح القصوى في ميليسا بحوالي 19 كيلومترًا في الساعة. وفي عالم أكثر حرارة بمقدار درجتين مئويتين مئويتين - وهو الحد الأعلى الذي وضعته اتفاقية باريس - يمكن أن تكون العواصف من هذا النوع أقوى بحوالي 26 كيلومترًا في الساعة مما كانت عليه في عالم ما قبل الثورة الصناعية.
وقال رالف تومي، مدير معهد غرانثام في كلية إمبريال كوليدج، إن "درجة حرارة سطح البحر في منطقة البحر الكاريبي أعلى من المعتاد، ونعلم أن تغير المناخ ساهم في ذلك".
وأضاف : "كما نعلم أن المحيطات الأكثر دفئاً تؤدي إلى دعم عواصف أقوى، مما يبرز العلاقة المباشرة بين شدة العواصف والتغير المناخي".
كيف تغذي المحيطات الأكثر حرارة العواصف الأقوى؟تستمد العواصف الاستوائية طاقتها من المحيطات الدافئة. ووفقًا لمؤسسة Climate Central غير الربحية المعنية بالبيئة، فإن النشاط البشري جعل المحيطات أكثر دفئًا مما ينبغي أن تكون عليه.
وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع حرارة البحار يؤدي إلى رياح أقوى، وأمطار أغزر، وعواصف أكثر عنفًا.
ووفقًا للمجموعة البحثية، فقد اشتدت العاصفة ميليسا بسرعة فوق مياه بلغت درجة حرارتها أعلى من متوسط أكتوبر بما يتراوح بين 1.2 و1.4 درجة مئوية، وهي ظروف أصبح حدوثها أكثر احتمالًا بمعدل يتراوح بين 500 و800 مرة نتيجة التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري.
ويزيد ارتفاع منسوب مياه البحر من خطر الفيضانات الساحلية، في حين تؤدي الحرارة المرتفعة للمحيطات والهواء إلى هطول أمطار أشد كثافة، ما يعزز خطر الفيضانات الداخلية المميتة.
Related كيف يترك تغيّر المناخ بصماته على بشرتك؟الكوكب يغلي والكربون يهيمن... تحذير عالمي من فشل الطبيعة في السيطرة على المناخ45 ألفًا يتظاهرون في لاهاي مطالبين بتحرك عاجل ضد تغيّر المناخ"عواقب فورية".. كيف يمكن للإغلاق الحكومي الأميركي أن يعرقل التقدم العالمي في ملف المناخ؟وبينما تمت دراسة الظروف الحالية بسهولة، سعى باحثون آخرون إلى وضع قوة ميليسا في سياق تاريخي. فقد شارك عالم المناخ إد هوكينز في برنامجه الفرعي إعادة تحليل تاريخي من عام 1903، عندما ضرب إعصار من الفئة الثالثة اليابسة وتسبب في أضرار جسيمة في جامايكا.
وأعاد الباحثون محاكاة العاصفة في نموذج لعالم أكثر دفئًا، مع محاكاة هطول الأمطار عند وصولها إلى اليابسة، وخلصوا إلى أن "هطول الأمطار الغزيرة كان من الممكن أن يكون أشد غزارة". وبمعنى آخر، تشير النتائج إلى أن العاصفة ربما كانت أشبه بعاصفة ميليسا نفسها من حيث الشدة والتأثير.
ويعلق الباحث هوكينز: "يسلط هذا المثال الضوء على أهمية دراسة الأحداث الواقعية الماضية، وكيف أن محاكاتها في مناخ حديث أو مستقبلي أكثر دفئًا يمكن أن تزودنا برؤى قيمة حول كيفية تسبب الطقس المتطرف الحالي في أضرار أكبر".
هل تلوح المزيد من الأعاصير الوحشية في الأفق؟لا يعني تغير المناخ بالضرورة زيادة عدد الأعاصير بشكل عام، لكنه يجعل الأعاصير التي تتشكل أكثر قوة وتدميرًا، وأكثر عرضة للاشتداد السريع.
وفقًا لاتحاد العلماء المهتمين غير الربحي، لم يشهد العالم سوى عامين منذ بدء عصر الأقمار الصناعية في 1960 ثلاثة أعاصير من الفئة الخامسة أو أكثر: عام 2005، الذي سجل أعاصير قياسية مثل إميلي وكاترينا وريتا وويلما، وعام 2025 الحالي مع أعاصير إيرين وهامبرتو وميليسا.
ومع ارتفاع حرارة كوكب الأرض، يحذر الخبراء من أن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى المزيد من الأعاصير الأطلسية الوحشية مثل تلك التي ضربت هذا العام.
وأوضح الدكتور أكشاي ديوراس، الباحث في المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي بجامعة ريدينغ، أن "المحيطات الدافئة تشكل عنصرًا أساسيًا لتشكل الأعاصير القوية".
وأضاف أن الجزء من المحيط الأطلسي الذي تشكلت فوقه ميليسا كان "مثل غلاية تُركت تعمل لفترة طويلة جدًا"، حيث بلغت درجة حرارة مياه المحيط حوالي 30 درجة مئوية، أي أعلى من المعتاد بدرجتين إلى ثلاث درجات، وامتد الدفء إلى الأعماق.
وأشار ديوراس إلى أن التغير المناخي رفع حرارة المحيطات، مما منحها طاقة أكبر لتغذية العواصف مثل ميليسا مقارنة بالعقود السابقة، مؤكدًا أن "لو حدثت ميليسا قبل عدة عقود فوق محيطات أكثر برودة، لما كانت قادرة على الاشتداد بهذه السرعة أو الحفاظ على قوتها".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة عاصفة إعصار مداري الكاريبي تغير المناخ
Loader Search
  ابحث مفاتيح اليوم 
المصدر: euronews
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي إسرائيل دراسة تكنولوجيا فرنسا دونالد ترامب الذكاء الاصطناعي إسرائيل دراسة تكنولوجيا فرنسا دونالد ترامب عاصفة إعصار مداري الكاريبي تغير المناخ الذكاء الاصطناعي إسرائيل دراسة تكنولوجيا فرنسا دونالد ترامب قوات الدعم السريع السودان روسيا الأمم المتحدة غزة جمهورية السودان حركة حماس التغیر المناخی تغیر المناخ إلى أن
إقرأ أيضاً:
دراسة علمية: ارتفاع درجات الحرارة عالميا يقتل شخصا كل دقيقة
كشفت دراسة علمية حول التأثير الصحي لأزمة المناخ أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية جراء ظاهرة الاحتباس الحراري يتسبب في مقتل شخص واحد كل دقيقة حول العالم، وهو ما يؤكد حدة وخطورة التغير المناخي.
وتشير الدراسة التحليلية التي نشرت في مجلة "لانسيت" المرموقة، إلى أن الضرر الذي يلحق بالصحة سوف يزداد سوءا في ظل قيام زعماء، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتمزيق سياسات المناخ، واستمرار شركات النفط في استغلال احتياطيات جديدة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة: إصلاح طبقة الأوزون يجعل الكوكب أكثر حرارةlist 2 of 4عام 2024 الأشد حرارة في التاريخlist 3 of 4الحرارة والجفاف يقلصان الإنتاج الزراعي عالمياlist 4 of 4ما الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟end of listوأُعدّت نشرة عام 2025 لمجلة لانسيت حول الصحة وتغير المناخ -تضمنت هذه الدراسة- بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وشارك في إعدادها 128 خبيرا من أكثر من 70 مؤسسة أكاديمية ووكالات تابعة للأمم المتحدة
وأكدت الدراسة على أن إدمان العالم على الوقود الأحفوري يسبب أيضا تلوث الهواء السام وحرائق الغابات وانتشار الأمراض مثل حمى الضنك، حيث يموت الملايين كل عام بسبب الفشل في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
ووجد الباحثون أن الحكومات وزعت 2.5 مليار دولار يوميا في شكل إعانات مباشرة لشركات الوقود الأحفوري في عام 2023، في حين خسر الناس نفس المبلغ تقريبا بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي منعتهم من العمل في المزارع ومواقع البناء.
ويفيد التقرير أيضا بأن تقليل استهلاك الفحم أنقذ حياة حوالي 400 شخص يوميا خلال العقد الماضي، وأن إنتاج الطاقة المتجددة يشهد ارتفاعا سريعا، لكن الخبراء يقولون إن مستقبلا صحيا بات مستحيلا إذا استمر تمويل الوقود الأحفوري بالمعدلات الحالية.
وقالت الدكتورة مارينا رومانيلو، من كلية لندن الجامعية، والتي قادت الدراسة التحليلية: "يرسم هذا التقرير صورة قاتمة لا يمكن إنكارها للأضرار الصحية المدمرة التي تطول جميع أنحاء العالم. سيستمر تفاقم الدمار الذي يلحق بالأرواح وسبل العيش حتى نتخلص من إدماننا على الوقود الأحفوري".
ويشير التقرير إلى أن العالم يشهد ملايين الوفيات سنويا دون داع، بسبب التأخر في الحد من آثار تغير المناخ والتكيف معه، كما يشهد العالم تراجع قادة وحكومات وشركات رئيسية عن التزاماتها المناخية، مما يُعرّض الناس للخطر بشكل متزايد.
إعلانوارتفع معدل الوفيات المرتبطة بالحرارة بنسبة 23% منذ تسعينيات القرن الماضي، حتى بعد الأخذ في الاعتبار الزيادات في عدد السكان، إلى متوسط 546 ألف حالة وفاة سنويا بين عامي 2012 و2021، وفق ما أوردته الدراسة.
ويقول البروفيسور أولي جاي، من جامعة سيدني بأستراليا، والذي شارك في فريق التحليل: "هذا يعني تقريبا حالة وفاة واحدة مرتبطة بالحرارة كل دقيقة على مدار العام. إنه رقم مُفزع حقا، والأعداد في ازدياد".
وأكد جاي أن الإجهاد الحراري يمكن أن يؤثر على الجميع ويمكن أن يكون مميتا، وأن الكثير من الناس لا يفهمون ذلك وأن كل حالة وفاة مرتبطة بالحرارة يمكن الوقاية منها في النهاية.
من جهتها، قالت لورا كلارك، الرئيسة التنفيذية لشركة المحاماة البيئية "كلاينت إيرث": "نعيش عصر عواقب المناخ. لم تعد موجات الحر والفيضانات والجفاف والأمراض مجرد تحذيرات بعيدة، بل هي واقعة الآن، ولكن مع تنامي التقاضي بشأن المناخ، والنشاط الشعبي، لم تعد المساءلة عن آثار المناخ مسألة "هل" بل "متى".
وخلال السنوات الأربع الماضية، تعرض الشخص العادي لـ19 يوما سنويا من الحر الشديد الذي يهدد حياته، ولم تكن 16 يوما منها لتحدث لولا ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن أنشطة الإنسان، وفقا للدراسة.
وإجمالا، أدى التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة إلى خسارة قياسية بلغت 639 مليار ساعة عمل بحلول عام 2024، مما تسبب في خسائر قدرها 6% من الناتج المحلي الإجمالي في أقل الدول نموا.
ولا يقتصر استمرار حرق الوقود الأحفوري على ارتفاع درجة حرارة الكوكب فحسب، بل يُنتج أيضا تلوثا للهواء، متسببا في ملايين الوفيات سنويا. وتُفاقم حرائق الغابات، التي تُؤججها ظروف الجفاف والحرارة المتزايدة، الوفيات الناجمة عن الدخان، حيث سُجِّل رقم قياسي بلغ 154 ألف حالة وفاة في عام 2024، وفقا للتقرير.
كما تُلحق موجات الجفاف والحرّ أضرارا بالمحاصيل والثروة الحيوانية، وعانى 123 مليون شخص إضافي من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023، مقارنة بالمتوسط السنوي بين عامي 1981 و2010.
وعلى الرغم من هذا الضرر الناجم عن حرق الغاز والنفط والفحم، قدمت حكومات العالم 956 مليار دولار من الدعم المباشر للوقود الأحفوري في عام 2023، الذي كان العام الأكثر سخونة في العالم على الإطلاق، حتى تم تجاوزه بحلول عام 2024.
كما أفاد التقرير بأن أكبر 100 شركة للوقود الأحفوري في العالم زادت إنتاجها المتوقع خلال العام المنتهي في مارس/آذار 2025، مما سيؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يعادل 3 أضعاف، مما يتوافق مع هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
كما تدعم البنوك التجارية هذا التوسع، حيث استثمرت أكبر 40 جهة مقرضة لقطاع الوقود الأحفوري مجتمعة 611 مليار دولار في عام 2024، وهو أعلى مستوى لها في 5 سنوات، وانخفضت قروضها للقطاع الأخضر إلى 532 مليار دولار.
 الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر
الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر