مطالبات بتحرك دولي عاجل لحماية المدنيين في السودان لمنع ارتكاب المزيد من الفظائع
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
أعربت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بالشراكة مع منظمتيها العضويتين في السودان «المرصد السوداني لحقوق الإنسان والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام» إلى جانب منظمات حقوقية أخرى عن قلقها البالغ، إزاء سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع.
الخرطوم _ التغيير
و اعتبرت المنظمات في بيان وقعت عليه “41” سقوط الفاشر في يد الدعم السريع تصعيدًا كارثيًا جديدًا للنزاع المستمر في السودان، وأن حصار المدينة الممتد لثمانية عشر شهرًا ترك مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين جائعين ومعرضين لهجمات متواصلة، في وقت اتسع فيه نطاق الفظائع بسقوط المدينة، بما في ذلك مخاوف جدية بشأن عمليات قتل جماعي وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية.
و تعرضت الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وآخر معقل للجيش السوداني فيها لحصار وحشي من قبل قوات الدعم السريع منذ مايو ألفين وأربعة وعشرين، و أدى الحصار إلى انقطاع تام للمساعدات الإنسانية لأكثر من عام، و حوصر ما يقارب مائتين وستين ألف مدني نصفهم من الأطفال دون طعام أو مياه نظيفة أو رعاية طبية أو مأوى آمن، لم تتمكن الأمم المتحدة من إيصال المساعدات الغذائية برًا لأكثر من عام، ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة وصلت إلى أربعمائة وستين في المائة «460%» مقارنة ببقية أنحاء السودان.
و أوضح البيان آن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وثّق مقتل نحو ألف وثمانمائة وخمسين «1850» مدنيًا في شمال دارفور منذ بداية عام ألفين وخمسة وعشرين وحتى العشرين من أكتوبر، بينهم نحو ألف وثلاثمائة وخمسين «1350» قُتلوا في الفاشر وحدها، ونوهت المنظمات إلى أنه يُعتقد أن هذا الرقم أقل بكثير من الأرقام الفعلية بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول الميداني، لآفته إلى قُتل ما لا يقل عن مئة وخمسة عشر «115» مدنيًا بينهم سبعة عشر «17» طفلًا، أُصيب مئة واثنان «102» آخرون في ستة «6» هجمات متفرقة على المدينة المحاصرة خلال شهر أكتوبر فقط.
ووفقاً للبيان أفادت تقارير موثوقة بوقوع فظائع واسعة النطاق منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، شملت إعدامات ميدانية ومداهمات للمنازل وهجمات على المدنيين الفارين لمنعهم من الوصول لمناطق آمنة، وأكد أنه توجد أدلة تدعم وقوع ارتكاب قوات الدعم السريع لعمليات قتل جماعي بحسب مختبر البحوث الإنسانية في كلية ييل للصحة العامة، بحيث أظهرت صور الأقمار الصناعية أجسامًا يُعتقد أنها جثث بشرية بالقرب من مركبات تابعة للدعم السريع، بالإضافة إلى تغير لون التربة إلى الأحمر نتيجة تشبعها بالدماء، أظهرت الصور كذلك انتشارًا تكتيكيًا لعناصر الدعم السريع يشير إلى عمليات تمشيط منظمة من منزل إلى آخر.
ونبه بيان المنظمات إلى نشر أفراد من قوات الدعم السريع لقطات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي توثق جرائمهم، في إعلان فج لتجاهلهم التام للقانون الدولي وتأكيدهم العميق على الإفلات من العقاب، وأشارت إلى قوات الدعم السريع نفذت بالتوازي مع هذه التطورات في الفاشر هجمات دامية بحق المدنيين في مدينة بارا بولاية شمال كردفان بين الخامس والعشرين والسابع والعشرين من أكتوبر، عقب انسحاب الجيش السوداني، لآفته إلى أن هذه الأحداث وقعت في ظل تشويش كامل على الاتصالات، ما حال دون التحقق من حجم الفظائع، ما سهّل ذلك تنفيذ عمليات قتل جماعي استهدفت مدنيين عزل بينهم نساء وأطفال ومسنين، فضلاً عن أعمال نهب وتعذيب واسعة النطاق، و أعتبرت أن هذه الأحداث تؤكد اتباع الدعم السريع لنهج التطهير العرقي الممتد من دارفور إلى كردفان.
و قال المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام موسى علي، إن «سقوط الفاشر والمجزرة الأخيرة في بارا يمثلان فشلًا كارثيًا للمجتمع الدولي في حماية المدنيين ومنع الفظائع الجماعية»، رغم التحذيرات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والجهات المحلية، و أضاف “يجب وقف حملة التطهير العرقي التي تنفذها قوات الدعم السريع في الفاشر فورًا”، و أشار إلى أن المدنيون المحاصرون يواجهون خطرًا وشيكًا بالقتل الجماعي والعنف الجنسي والتهجير القسري، وشدد موسى على أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يتجاوز بيانات القلق ويتخذ خطوات ملموسة تشمل آليات المساءلة وفرض العقوبات وتوفير الحماية الفعلية للمدنيين على الأرض.
وبحسب تقارير نفذت قوات الدعم السريع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار من المدينة وفقًا لمكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، مع وجود مؤشرات على دوافع إثنية وراء عمليات القتل، و تشهد مدينة الفاشر عملية تطهير عرقي ممنهجة ومتعمدة تستهدف سكان الفور والزغاوة والبرتي وغيرهم من المجموعات غير العربية بالتصفية والتهجير القسري بحسب مختبر ييل، و يستمر الإبلاغ عن حالات عنف جنسي واسع النطاق بحق النساء والفتيات، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تضاعف أعداد الأشخاص المعرضين للعنف القائم على النوع الاجتماعي ثلاث «3» مرات، ليصل إلى اثني عشر مليون ومائة ألف «12.1 مليون» شخص في مختلف أنحاء السودان، و انهار مؤخرًا آخر مستشفى للولادة كان يعمل في الفاشر، مما ترك أكثر من ستة آلاف ومائتي «6200» امرأة حامل دون أي إمكانية للحصول على خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، فيما تعرضت كل المرافق الطبية للنهب والهجمات، ما تسبب في تدمير البنية التحتية الصحية للمدينة بشكل شبه كامل.
وكان قد أكدت بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة المعنية بالسودان في تقريرها الصادر في سبتمبر ألفين وخمسة وعشرين بعنوان «حرب الفظائع» مسؤولية كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع عن هجمات مباشرة واسعة النطاق بحق المدنيين وتدمير شامل للبنية التحتية الحيوية، خلصت البعثة إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت خلال حصار مدينة الفاشر العديد من الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والتهجير القسري والاضطهاد على أساس العرق والنوع والانتماء السياسي، استخدمت قوات الدعم السريع سلاح التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، حرمت المدنيين من احتياجاتهم الحيوية، وهو ما قد يصل حد جريمة إبادة جماعية، و حذّر فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة من تزايد خطر وقوع انتهاكات وفظائع جديدة ذات دوافع إثنية في الفاشر يومًا بعد يوم.
و أدى النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الذي اندلع في أبريل ألفين وثلاثة وعشرين إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، تسبب في مقتل أكثر من مئة وخمسين ألف «150,000» شخص، نزح أكثر من أربعة عشر مليونًا «14 مليونًا»، و يواجه أكثر من خمسة وعشرين مليون «25 مليون» شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وسط تأكيدات ببلوغ مستوى المجاعة في عدة مناطق.
و قال مجدي النعيم المدير التنفيذي للمرصد السوداني لحقوق الإنسان إن «ما نشهده في الفاشر ليس فقط كارثة إنسانية بل حملة رعب ممنهجة تستهدف السكان المدنيين»، استخدمت قوات الدعم السريع سلاح التجويع ودمرت البنية التحتية المدنية بشكل منهجي وارتكبت فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والعنف الجنسي.
و اعتبرت المنظمات أن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات كافية لمنع الكارثة الحالية رغم التحذيرات المتكررة بشأن خطر وقوع فظائع جماعية في الفاشر طيلة العام الجاري.
ودعت المنظمات الموقعة على البيان المجتمع الدولي إلى اتخاذ هذه إجراءات عاجلة على رأسها ممارسة ضغوط دبلوماسية قوية وعاجلة على جميع أطراف النزاع لوقف الأعمال العدائية فورًا في الفاشر وفي جميع أنحاء السودان، و الضغط على قوات الدعم السريع لوقف جميع الهجمات بحق المدنيين والبنية التحتية المدنية والعاملين في المجال الإنساني، وطالبت بضمان توفير ممرات آمنة للمدنيين الفارين من الفاشر ومناطق النزاع الأخرى،
وشددت على أن شعب السودان لا يحتمل المزيد من التأخير أو أنصاف الحلول، لجهة أن هناك حاجة فورية لتحرك دولي حازم ومنسق من أجل حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وضمان المساءلة عن الجرائم الجسيمة المرتكبة في الفاشر وفي مختلف أنحاء السودان، ونبهت إلى الإفلات المستمر من العقاب عن الجرائم السابقة أتاح المناخ الملائم لتكرار الفظائع وتصاعدها على النحو الذي نشهده اليوم في الفاشر وبارا، وحذرت من أي تقاعس إضافي سيفهم باعتباره ضوءًا أخضر لارتكاب مجازر أوسع نطاقًا.
الوسومالسودان الفاشر الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان المرصد السوداني لحقوق الإنسان شراكة فظائع منظمات حقوقية والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام»المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان الفاشر المرصد السوداني لحقوق الإنسان شراكة فظائع منظمات حقوقية
إقرأ أيضاً:
جرائم مروعة في الفاشر.. مجازر ودماء وانقطاع للاتصالات وسط صمت دولي
شهدت مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان واحدة من أعنف الكوارث الإنسانية منذ اندلاع الصراع، بعدما سقط ما يقارب 2000 قتيل خلال يومين على يد قوات الدعم السريع، وفق ما أكدت التقارير والشهود. إلا أن نقابة أطباء السودان أوضحت أن العدد الحقيقي للضحايا أكبر بكثير، مشيرة إلى أن حالة الفوضى وعمليات التعتيم وسرقة هواتف المواطنين تُعقّد من عملية الحصر، فضلاً عن اختفاء أعداد كبيرة من المدنيين.
صور الأقمار الاصطناعية التي حلّلها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل الأميركية كشفت جانبًا من الحقيقة، حيث أظهرت بقعًا حمراء وأجسامًا بشرية قرب السواتر الترابية المحيطة بالمدينة، وخلص التقرير إلى وجود أدلة على عمليات قتل جماعي بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، التي كانت آخر مدينة كبرى بيد الجيش في دارفور بعد حصار دام 18 شهراً.
وفي شهادات مأساوية، تحدث ممثل اليونيسف في السودان عن مشاهد "تفوق الوصف"، مؤكداً أن الأطفال والعاملين في القطاعين الصحي والإنساني يتعرضون للقتل والانتهاكات الجسيمة. وأضاف أن سكان الفاشر محاصرون منذ 600 يوم، ويواجهون الآن موجة جديدة من العنف المروّع، مشيراً إلى أن أكثر من 30 ألف شخص تمكنوا من الوصول إلى مخيم طويلة بعد رحلة محفوفة بالموت والجوع والخطر.
كما أكدت مفوضة العون الإنساني في دارفور، منى نور الدائم، أن عناصر الدعم السريع تستهدف النازحين بالقتل والخطف والاغتصاب واحتجاز النساء والأطفال كرهائن، داعية إلى تحرك دولي عاجل لوقف الجرائم. فيما ذكر المدير الإقليمي للصليب الأحمر، باتريك يوسف، أن أكثر من 250 ألف شخص نزحوا من الفاشر إلى طويلة خلال الأسابيع الماضية، وسط نقص حاد في المساعدات الإنسانية.
في المقابل، تصاعدت ردود الفعل الدولية. فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف التصعيد العسكري، بعد تقارير عن مقتل أكثر من 460 شخصاً داخل المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر، وهو المستشفى الوحيد الذي يعمل جزئياً في المدينة. وعبّرت منظمة الصحة العالمية عن صدمتها، مؤكدة أن بعض العاملين الصحيين اختُطفوا أثناء أداء مهامهم.
كما أدان مجلس السلم والأمن الأفريقي ما وصفه بـ"الأنشطة الإجرامية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" التي ترتكبها قوات الدعم السريع، مطالباً بوقف فوري للعمليات العدائية ومحاسبة الجناة. أما الولايات المتحدة، فأكدت عبر وزارة خارجيتها أنها تعمل مع الشركاء في "المجموعة الرباعية" لتأمين هدنة إنسانية ودفع جهود الانتقال إلى حكم مدني.
ومع استمرار انقطاع الاتصالات والإنترنت عن المدينة، باستثناء الشبكات التي تتحكم بها قوات الدعم السريع عبر الأقمار الصناعية، يبقى الوصول إلى الفاشر محظوراً، ما يجعل من الصعب توثيق حقيقة ما يجري. وبينما تسيطر قوات الدعم السريع بالكامل على دارفور، تتواصل المآسي في ظل غياب ممرات إنسانية آمنة، فيما يبكي السودان جراحه على وقع صمت العالم.
السودانالجيش السودانيأخبار السعوديةأخر أخبار السعوديةالدعم السريعالفاشرقد يعجبك أيضاًNo stories found.