دراسة علمية: ارتفاع درجات الحرارة عالميا يقتل شخصا كل دقيقة
تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT
كشفت دراسة علمية حول التأثير الصحي لأزمة المناخ أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية جراء ظاهرة الاحتباس الحراري يتسبب في مقتل شخص واحد كل دقيقة حول العالم، وهو ما يؤكد حدة وخطورة التغير المناخي.
وتشير الدراسة التحليلية التي نشرت في مجلة "لانسيت" المرموقة، إلى أن الضرر الذي يلحق بالصحة سوف يزداد سوءا في ظل قيام زعماء، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتمزيق سياسات المناخ، واستمرار شركات النفط في استغلال احتياطيات جديدة.
وأُعدّت نشرة عام 2025 لمجلة لانسيت حول الصحة وتغير المناخ -تضمنت هذه الدراسة- بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وشارك في إعدادها 128 خبيرا من أكثر من 70 مؤسسة أكاديمية ووكالات تابعة للأمم المتحدة
وأكدت الدراسة على أن إدمان العالم على الوقود الأحفوري يسبب أيضا تلوث الهواء السام وحرائق الغابات وانتشار الأمراض مثل حمى الضنك، حيث يموت الملايين كل عام بسبب الفشل في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
ووجد الباحثون أن الحكومات وزعت 2.5 مليار دولار يوميا في شكل إعانات مباشرة لشركات الوقود الأحفوري في عام 2023، في حين خسر الناس نفس المبلغ تقريبا بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي منعتهم من العمل في المزارع ومواقع البناء.
ويفيد التقرير أيضا بأن تقليل استهلاك الفحم أنقذ حياة حوالي 400 شخص يوميا خلال العقد الماضي، وأن إنتاج الطاقة المتجددة يشهد ارتفاعا سريعا، لكن الخبراء يقولون إن مستقبلا صحيا بات مستحيلا إذا استمر تمويل الوقود الأحفوري بالمعدلات الحالية.
وقالت الدكتورة مارينا رومانيلو، من كلية لندن الجامعية، والتي قادت الدراسة التحليلية: "يرسم هذا التقرير صورة قاتمة لا يمكن إنكارها للأضرار الصحية المدمرة التي تطول جميع أنحاء العالم. سيستمر تفاقم الدمار الذي يلحق بالأرواح وسبل العيش حتى نتخلص من إدماننا على الوقود الأحفوري".
ويشير التقرير إلى أن العالم يشهد ملايين الوفيات سنويا دون داع، بسبب التأخر في الحد من آثار تغير المناخ والتكيف معه، كما يشهد العالم تراجع قادة وحكومات وشركات رئيسية عن التزاماتها المناخية، مما يُعرّض الناس للخطر بشكل متزايد.
إعلانوارتفع معدل الوفيات المرتبطة بالحرارة بنسبة 23% منذ تسعينيات القرن الماضي، حتى بعد الأخذ في الاعتبار الزيادات في عدد السكان، إلى متوسط 546 ألف حالة وفاة سنويا بين عامي 2012 و2021، وفق ما أوردته الدراسة.
ويقول البروفيسور أولي جاي، من جامعة سيدني بأستراليا، والذي شارك في فريق التحليل: "هذا يعني تقريبا حالة وفاة واحدة مرتبطة بالحرارة كل دقيقة على مدار العام. إنه رقم مُفزع حقا، والأعداد في ازدياد".
وأكد جاي أن الإجهاد الحراري يمكن أن يؤثر على الجميع ويمكن أن يكون مميتا، وأن الكثير من الناس لا يفهمون ذلك وأن كل حالة وفاة مرتبطة بالحرارة يمكن الوقاية منها في النهاية.
من جهتها، قالت لورا كلارك، الرئيسة التنفيذية لشركة المحاماة البيئية "كلاينت إيرث": "نعيش عصر عواقب المناخ. لم تعد موجات الحر والفيضانات والجفاف والأمراض مجرد تحذيرات بعيدة، بل هي واقعة الآن، ولكن مع تنامي التقاضي بشأن المناخ، والنشاط الشعبي، لم تعد المساءلة عن آثار المناخ مسألة "هل" بل "متى".
وخلال السنوات الأربع الماضية، تعرض الشخص العادي لـ19 يوما سنويا من الحر الشديد الذي يهدد حياته، ولم تكن 16 يوما منها لتحدث لولا ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن أنشطة الإنسان، وفقا للدراسة.
وإجمالا، أدى التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة إلى خسارة قياسية بلغت 639 مليار ساعة عمل بحلول عام 2024، مما تسبب في خسائر قدرها 6% من الناتج المحلي الإجمالي في أقل الدول نموا.
ولا يقتصر استمرار حرق الوقود الأحفوري على ارتفاع درجة حرارة الكوكب فحسب، بل يُنتج أيضا تلوثا للهواء، متسببا في ملايين الوفيات سنويا. وتُفاقم حرائق الغابات، التي تُؤججها ظروف الجفاف والحرارة المتزايدة، الوفيات الناجمة عن الدخان، حيث سُجِّل رقم قياسي بلغ 154 ألف حالة وفاة في عام 2024، وفقا للتقرير.
كما تُلحق موجات الجفاف والحرّ أضرارا بالمحاصيل والثروة الحيوانية، وعانى 123 مليون شخص إضافي من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023، مقارنة بالمتوسط السنوي بين عامي 1981 و2010.
وعلى الرغم من هذا الضرر الناجم عن حرق الغاز والنفط والفحم، قدمت حكومات العالم 956 مليار دولار من الدعم المباشر للوقود الأحفوري في عام 2023، الذي كان العام الأكثر سخونة في العالم على الإطلاق، حتى تم تجاوزه بحلول عام 2024.
كما أفاد التقرير بأن أكبر 100 شركة للوقود الأحفوري في العالم زادت إنتاجها المتوقع خلال العام المنتهي في مارس/آذار 2025، مما سيؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يعادل 3 أضعاف، مما يتوافق مع هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
كما تدعم البنوك التجارية هذا التوسع، حيث استثمرت أكبر 40 جهة مقرضة لقطاع الوقود الأحفوري مجتمعة 611 مليار دولار في عام 2024، وهو أعلى مستوى لها في 5 سنوات، وانخفضت قروضها للقطاع الأخضر إلى 532 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات طقس وحرارة ظاهرة الاحتباس الحراری الوقود الأحفوری ملیار دولار حالة وفاة فی عام عام 2024
إقرأ أيضاً:
غوتيريش: العالم فشل في كبح الاحتباس الحراري والعواقب باتت وخيمة
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن البشرية فشلت في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، ويجب عليها تغيير مسارها على الفور لتجنب كارثة تصيب الكوكب جراء التغير المناخي الذي قد يخرج عن السيطرة.
وفي مقابلة أجراها قبل قمة المناخ "كوب 30" الشهر المقبل، أقر غوتيريش بأنه "بات من المحتم" الآن أن تتجاوز البشرية الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ، مما ستكون له "عواقب مدمرة" على العالم.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4غوتيريش يدعو بافتتاح مؤتمر المحيطات إلى معاهدة دوليةlist 2 of 4غوتيريش: عصر الوقود الأحفوري يتلاشى والمستقبل للطاقة النظيفةlist 3 of 4غوتيريش يحث الدول على تنفيذ أنظمة تحذير من الكوارثlist 4 of 4غوتيريش يدعو لمواجهة "الفوضى المناخية" وفجوات التمويلend of listوحث زعماء العالم الذين سيجتمعون في مدينة بيليم البرازيلية الغنية بالغابات المطيرة -في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل- على إدراك أنهم كلما تأخروا في خفض الانبعاثات، زاد خطر الوصول إلى "نقاط تحول" كارثية في الأمازون والقطب الشمالي والمحيطات.
وقال غوتيريش لصحيفة غارديان البريطانية ومؤسسة سوماوما الإخبارية البرازيلية: "دعونا نعترف بفشلنا. الحقيقة هي أننا فشلنا في تجنب تجاوز 1.5 درجة مئوية خلال السنوات القليلة المقبلة، وهذا الارتفاع له عواقب وخيمة، وبعض هذه العواقب الوخيمة تُمثل نقاط تحول، سواء في الأمازون، أو في غرينلاند، أو في غرب أنتاركتيكا، أو في الشعاب المرجانية".
وأكد غوتيريش أن الأولوية في مؤتمر الأطراف الـ30 هي تغيير المسار "لضمان أن يكون التجاوز قصيرا قدر الإمكان وأقل شدة لتجنب نقاط تحول مثل الأمازون. لا نريد أن نرى الأمازون سهولا رملية. لكن هذا يُمثل خطرا حقيقيا إذا لم نُغير مسارنا وإذا لم نُحقق انخفاضا كبيرا في الانبعاثات في أسرع وقت ممكن".
وكانت السنوات العشر الماضية الأكثر حرارة على كوكب الأرض منذ بدء تسجيل البيانات. ورغم تزايد القلق العلمي من سرعة ارتفاع درجات الحرارة العالمية الناجم عن حرق الوقود الأحفوري (النفط والفحم والغاز)، فإن الأمين العام صرّح بأن التزامات الحكومات لم تُلبَ.
إعلانوحسب بيانات مركز مراقبة المناخ، قدمت أقل من ثلث دول العالم ( 62 من أصل 197) خطط عملها بشأن المناخ، المعروفة باسم "المساهمات المحددة وطنيا" بموجب اتفاقية باريس. بينما تخلّت الولايات المتحدة -بقيادة الرئيس دونالد ترامب– عن هذه العملية. ولم يقدم الاتحاد الأوروبي مساهمته حتى الآن، ووُجّهت اتهامات للصين، أكبر مُصدر للانبعاثات في العالم، بعدم الالتزام.
وفي هذا السياق، أكد غوتيريش أن عدم تحقيق طموحات المساهمات المحددة وطنيا يعني أن هدف باريس المتمثل في 1.5 درجة مئوية سيُنتهك مؤقتا على الأقل قائلا: "من بين المساهمات المحددة وطنيا التي قُدِّمت حتى الآن، يُتوقع خفض الانبعاثات بنسبة 10%، لكننا سنحتاج إلى 60% للبقاء ضمن نطاق 1.5 درجة مئوية، لذا فإن تجاوز هذا الهدف أصبح أمرا لا مفر منه".
وأكد الأمين العام أنه قد يكون من الممكن تجاوز الهدف مؤقتا، ثم خفض درجات الحرارة في الوقت المناسب للعودة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، ولكن ذلك يتطلب تغيير الاتجاه في مؤتمر الأطراف الـ30 وما بعده.
كما أشار إلى أن التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري هو مسألة مصلحة اقتصادية ذاتية، لأنه من الواضح أن عصر الوقود الأحفوري يقترب من نهايته، قائلا: "نحن نشهد ثورة في مجال الطاقة المتجددة، وسوف يتسارع التحول حتما، ولن تكون هناك طريقة تمكن البشرية من استخدام كل النفط والغاز المكتشفين بالفعل".
ودعا الأمين العام الحكومات إلى إعادة التوازن في التمثيل، بحيث يكون لمجموعات المجتمع المدني، وخاصة من المجتمعات الأصلية، حضور وتأثير أكبر من الأشخاص الذين تدفع لهم الشركات، قائلا: "جميعنا نعلم ما تريده جماعات الضغط: إنه زيادة أرباحهم، والثمن يدفعه البشر".
وأكد غوتيريش أنه ينبغي لقادة العالم أن يتعلموا من الشعوب الأصلية كيفية تحقيق التوازن مع الطبيعة، قائلا إنه "أحيانا لا يوجد إدراك لأهمية العلاقة المنسجمة مع الطبيعة، ولذلك من الضروري الحفاظ على نهج تربوي دائم مع القادة السياسيين، وليس هناك من هو أفضل من المجتمعات الأصلية للقيام بهذا النهج".
وقال إن البديل عن العمل المناخي الجاد هو حالة من الفوضى الشاملة التي يعلم الجميع ما تعنيه؛ "إنها تعني وجود نخبة صغيرة من الأفراد والشركات المتميزة القادرة على حماية نفسها دائما، حتى لو انتشرت الكوارث. ستنتشر الفيضانات، وستُدمر المجتمعات، ولكن ستظل هناك دائما مجموعة من الأثرياء والشركات الغنية القادرة على حماية نفسها في ظل الدمار المتزايد للكوكب".
وسيكون العام المقبل آخر عام لغوتيريش في عهدته أمينا عاما للأمم المتحدة. وفي المقابلة الحصرية الأولى مع صحفي من مجتمع أصلي، وهو واجا شيباي، مراسل موقع سوماوما من شعب شيباي، وصحيفة غارديان، استذكر غوتيريش سنواته التسع في المنصب، وقال إنه تمنى لو ركز على المناخ والطبيعة في وقت سابق، مع أنه أصبح الآن أولوية.
وقال: "لن أتخلى أبدا عن التزامي بالعمل المناخي، وعن التزامي بالتنوع البيولوجي، وعن التزامي بحماية الطبيعة، وعن التزامي بمساعدة ودعم جميع الحركات الديمقراطية التي تُناضل بلا هوادة حول العالم للحفاظ على أثمن ما نملك، ألا وهي الطبيعة الأم".
إعلان