خبير آثار: المصريون يحتضنون حضارتهم التى علمت العالم الكتابة والطب والهندسة
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
الإقبال الكبير على زيارة المتحف المصرى الكبير والأهرامات الذى فاق كل توقع ووصل إلى 30 ألف، حيث كانت المعدلات من بداية فتح المتحف للجمهور 4 نوفمبر تترواح ما بين 18 إلى 20 ألف وبوصول العدد فى يوم الجمعة إلى 50 ألف يؤكد أن هناك 30 ألف مصرى على الأقل على أبواب المتحف مما أدى إلى إجراءات تنظيمية أخرى ووقف بيع التذاكر فاتجه هذا العدد إلى الأهرامات .
وفى ضوء هذا يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن هذه الحالة من الولع وعودة الروح لدى الشعب مصرى لاستلهام قيمة حضارته وعبقريتها يؤكد أن الأحفاد على طريق الأجداد فى ارتقاء سلم المجد والتعرف على كل مكنونات حضارتهم التى علمت العالم الكتابة والطب والهندسة والعلوم والمعرفة
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الحضارة المصرية القديمة لا تستند على كم نردده فى الإعلام بين حين وآخر بل كيف وتميز وقيمة عالمية استثنائية، فحين نتحدّث عن الحضارة المصرية فهو حديث التفرّد وحين نبحث عن أصول العلوم فى عدة مجالات نجد أصلها مصرى قديم لنبوغ المصرى القديم فى كل العلوم التى كونت مفردات الحضارة
وأوضح أن الكتابة بدأت من مصر حيث أن اللوحات العاجية المكتشفة بمقبرة أم الجعاب بأبيدوس فى سوهاج تؤكد أسبقية مصر فى معرفة أول كتابة فى التاريخ قبل الكتابة المسمارية السومرية بالعراق بمئات السنين وأن بطاقات أبيدوس العاجية الذى اكتشفها العالم الألماني جونتر دراير فى مقبرة الملك العقرب الأول UJ فى أم الجعاب فى أبيدوس تعتبر أول وأقدم حروف هجائية فى العالم وترجع إلى عصور ما قبل الأسرات عصر نقادة حوالى 3200 قبل الميلاد
وقد أشار الباحث الأثرى باسم سليمان أبو خرشوف إلى أنه طبقًا لمعتقدات المصريين القدماء، فإن الإله "جحوتى – تحوت" والذي مثّل بطائر أبو منجل وأحيانًا قرد البابون هو من اخترع اللغة وأول من خط بالقلم باعتباره إلهًا للكتابة والمعرفة، وقد رأوا أن جحوتى قد خلق الأصوات التي تكون الكلمات، ومن ثم اللغة وكان أول من كتب على الإطلاق، بل أن المصريون ذهبوا لأبعد من ذلك ورأوا أن لغتهم هي أصل كل لغات العالم.
هذا علاوة على نقوش سيناء الصخرية بمنطقة سرابيط الخادم وما حولها والمعروفة بالأبجدية السينائية أو البروتوسينائية التى تعود إلى عام 1500 ق.م عصر الدولة الحديثة والذى كان كان لها الفضل في اختراع الأبجدية الفينيقية التى اعتبرها الدكتور خالد شوقى البسيونى أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية السياحة والفنادق بالإسماعيلية جامعة قناة السويس فى دراسة له أنها تمثل مرحلة مهمة وبارعة في سلسلة التطورات والتغيرات والمراحل الخاصة بالتحول من النظام الكتابى التصويرى إلى النظام الكتابى الخطى إضافة إلى أنها كانت مرحلة فارقة على الطريق نحو ظهور الأبجديات وكل منهما يكمل الآخر في تاريخ الكتابة والانتقال من عصر النقوش والرموز والعلامات التصويرية إلى عصر الخطوط والحروف الأبجدية مما كان له الأثر الضخم والكبير على الشكل والمضمون للثقافة والهوية الحضارية إقليميًا وعالميًا وانتقلت النقوش السينائية إلى الكنعانيين "سكان فلسطين والساحل الفينيقى وأجزاء كبيرة من الإقليم السورى" في العصر البروزى المتأخر وهو عصر الدولة الحديثة في مصر القديمة .
ولفت الدكتور ريحان إلى أن الطب المصرى القديم كان يمارس وفق نظام علمى وعناية خاصة واكتشفوا العديد من العقاقير المفيدة المستخدمة حتى الآن وتوصلوا إلى أن القلب مركزًا للأوعية المنتشرة بسائر أجزاء الجسم وأن كثيرًا من الأمراض ناجم عن مرض الأوعية وحاولوا علاجها بتبريدها أوتهدئتها أو تبطئ دورتها، وتركوا لنا كتبًا للطب مازالت تدّرس بكبرى جامعات العالم وكان لديهم وزارة للصحة وكان كل طبيب لا يتخصص إلا في فرع واحد من فروع الطب
كما نبغ المصرى القديم فى علم الصيدلة وكانت العقاقير مستخلصة من النبات والحيوان والمعادن واستخلصوا الفيتامينات وعالجوا بها مرضى العشى الليلى وعالجوه بشواء كبد الثور واكتشف حديثًا أن فيتامين" أ" يتواجد بكثرة في الكبد.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن المصرى القديم توغل فى هندسة وفلسفة البناء، لأن المبانى مثلت فلسفة خاصة بمصر القديمة انطلقت من وازع دينى وفلسفى يحمل في طياته الشموخ ومحاولة الصعود للسماء للتقرب من المعبودات، وكانت العمارة لديهم أول خط للسماء رسمته البشرية، بدأ بالخطوط الهندسية الأفقية ومسطحاتها المستوية، التي عبر عنها بالمصاطب وارتفعت المصاطب، عن سطح الأرض في طبقات متراصة فوق بعضها لتصنع الأهرامات المدرجة، سلم الطريق إلى السماء، وانتقلت منها إلى الأهرامات الهندسية الأشكال والرياضية التقويم بأضلاعها المنحنية والمستقيمة وأسطحها الزخرفية الملساء
وارتفع الهرم بقاعدته عن سطح الأرض، لتظهر معابد الشمس، ثم تعلو فوق قائم يشق طريقه نحو السماء لتظهر المسلات الرشيقة، بقمتها الهرمية تناطح السحاب بفكر راقٍ يفوق بمراحل هندسة ناطحات السحاب حديثًا، وخلد المصرى القديم تصميماته الهندسية وروائع فنه المعمارى على صفحات أوراق البردى ولوحات الأستراكا
فكّر المصرى القديم في ميكنة العمليات الحسابية باختراعهم أول آلة حاسبة في تاريخ البشرية وهى آلة الأباكس الحاسبة التى تمثل أول محاولة لميكنة العمليات الحسابية في التاريخ، والكمبيوتر حاليًا ما هو إلا آلة لميكنة العمليات الحسابية وقد ابتكرها المصرى القديم منذ آلاف السنين، وابتكر المصرى أقدم جهاز تهوية وتكييف في العالم داخل الهرم الأكبر
وتابع الدكتور ريحان إلى أن مصر احتضنت جامعة أون "هيليوبوليس" أقدم جامعة في التاريخ وهى التي كان لها الفضل الأكبر في تخريج علماء اليونان ومنهم أفلاطون الذي أمضى 13 عامًا في الدراسة بجامعة هيليوبوليس كما أطلق عليها اليونانيون، أنشئت عام 2240ق.م وما تبقى من آثارها حتى الآن الموقع الأثرى عين شمس بالمطرية
واعترف المؤرخ الإغريقى ساورينون في كتابه "المعرفة المقدسة" أن مصر حملت شعلة الفلسفة والتشريع لبلادهم، وتعلم الإغريقى "أناكسمندر" فى مصر 4 سنوات ونقل إلى بلاد الإغريق الساعة الشمسية "المزولة" واكتشف نظرية تغير خواص المواد بالضغط والتفريغ والتي كان لها أثر كبير في كثير من نظريات الطبيعة والكيمياء والميكانيكا، وزار مصر أناكسا جوراس 500-428ق.م. وقضى ثلاث سنوات درس فيها مشروعات النيل وأنظمة الزراعة والرى، ونقل إلى بلاده عن مصر النظم العلمية في طرق الرى والصرف وتخطيط الأراضى وحفر القنوات وإقامة الجسور وهى النظريات الأولى التي انتقلت من بلاد الإغريق إلى مختلف شعوب أوروبا، وزار مصر سقراط 470- 399"ق.م"
قضى أفلاطون فى مصر 13 عامًا "427- 347"ق.م" عامًا وذكر حواره مع كاهن معبد هليوبوليس، الذي قال له إن المعرفة في بلاد الإغريق كمياه الأمطار تهبط من أعلى لأسفل على فترات ثم تجف، أمّا في مصر فالمعرفة تخرج من أسفل إلى أعلى من الآبار والينابيع ونهر النيل الدائم الجريان مستمرة ومتصلة لها أصالتها ولها جذورها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتحف المصري الكبير الأهرامات المتحف الحضارة المصرية المصرى القدیم
إقرأ أيضاً:
أحمد عبدالله مسيرة من الإبداع بين الكتابة والإخراج
صنع الكاتب والمخرج أحمد عبدالله مسيرة مليئة بالإبداع المتنوع بين الكتابة والإخراج، حيث قدم العديد من الأعمال التى تصل إلى أربعين عملاً فنياً، تتنوع بين المسرح والسينما والدراما، كما كان مخرجاً صاحب رؤية فريدة فى الإخراج، وكان من أوائل من قدموا الكوميديا الاجتماعية فى مطلع الألفية الجديدة، فقد كتب أفلاماً قوية مثل «عبود على الحدود» و«غبى منه فيه» و«يانا يا خالتى» و«كركر»، وحملت توقيعه الساخر والعفوى فى آن واحد، وهو ما جعل حالة الحزن تخيم على الوسط الفنى، بعد رحيله عن عمر يناهز الـ60 عاماً.
ولد الكاتب أحمد عبدالله فى حى بين السرايات فى القاهرة يوم 1 أبريل 1965، وتخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة، وكتب خلال دراسته الجامعية مسرحيات مأخوذة عن مسرحيات عالمية.
وبدأ مسيرته بالعمل فى المسرح بعد تخرجه مباشرة، وقدم مسرحيات ناجحة مثل «عالم قطط، ألابندا، حكيم عيون»، قبل أن ينطلق فى مشواره السينمائى بمشاركة نجوم الكوميديا فى العقد الأول من القرن العشرين بداية من «عبود على الحدود» حتى «غبى منه فيه»، مروراً بأفلام مثل «كركر» و«يا نا يا خالتى».
وبدأ عام 2008، مرحلة جديدة فى مسيرته الفنية بعدما التقى المخرج سامح عبدالعزيز، ليبدآ معاً رحلة من النجاح فى الكتابة السينمائية، ليقدم معه أفلام «كباريه»، و«الفرح»، و«الليلة الكبيرة و«مسلسل «الحارة».
كما أن من أبرز أعماله ذات البطولات الجماعية، وتحتوى على خطوط درامية متنوعة، يربطها مكان وزمان واحد، وكان آخرها أفلام «200 جنيه» و«المحكمة» و«ليلة العيد».
وضع أحمد عبدالله بصمته فى مشوار الراحل علاء ولى الدين والفنان محمد سعد، إذ ألف أعمالاً أحدثت فارقاً فى مشوارهما الفنى، وحققت علامة فارقة فى تاريخ السينما المصرية.
وكان آخر أعماله فيلم «المخفى»، الذى عرض فى العام الماضى، بطولة النجم عمرو عبدالجليل، أحمد سلطان، محمود حافظ، محمد محمود، بدرية طلبة، ريهام الشنوانى، ريم المصرى، محمد محسن، المطرب الشعبى ريشا كوستا وآخرين، وهو من قصة وسيناريو وحوار أحمد عبدالله وإخراج محمد الشورى.