مأساة إنسانية تكشف خطر الإهمال الأسري وتدق ناقوس الخطر
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
باشرت نيابة مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية التحقيقات في واقعة مأساوية أثارت تعاطف وغضب الشارع الشرقاوي، بعدما تم تداول مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر ثلاثة أطفال صغار، أحدهم رضيع لا يتجاوز عمره بضعة أشهر، يفترشون الأرض بملابس متسخة ووجوه أنهكها الجوع والخوف، في مشهد يعكس أقصى درجات الإهمال الإنساني.
الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع، دفع الأجهزة الأمنية إلى التحرك الفوري، حيث تم تحديد مكان الواقعة وضبط والدة الأطفال التي تبين أنها كانت تستعطف الناس وتطلب منهم نقودًا أي تتسول منهم، ولها معلومات جنائية سابقة. وبمواجهتها أقرت بأنها تركت أطفالها لدى اثنين من أقاربها في الثلاثين من أكتوبر الماضي، ثم غادرت إلى إحدى المناطق للتسول، مؤكدة أنها لم تكن تنوي التخلي عنهم نهائيًا، لكنها اضطرت لذلك بسبب ظروفها المعيشية الصعبة.
تحرر المحضر اللازم بالواقعة، وتم عرض المتهمة على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، فيما جرى نقل الأطفال الثلاثة إلى أحد المستشفيات الحكومية لتقديم الرعاية الطبية والنفسية اللازمة لهم، تمهيدًا لإيداعهم في دار رعاية اجتماعية مناسبة لحالتهم بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي.
وفي إطار الدور الوطني والإنساني الذي يقوم به المجلس القومي للطفولة والأمومة لحماية الأطفال من الخطر والإهمال، أعلنت الدكتورة سحر السنباطي، رئيسة المجلس، أن الإدارة العامة لحماية الطفل تحركت فور تداول الفيديو بالتنسيق مع وحدة حماية الطفل بمحافظة الشرقية والوحدة الفرعية بمركز الزقازيق، لمتابعة الحالة ميدانيًا واتخاذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ الأطفال.
وأوضحت السنباطي أن الأطفال الثلاثة يبلغون من العمر أربعة أعوام وثلاثة أعوام وعام واحد، وهم أبناء سيدة متزوجة عرفيًا لم تتمكن من إثبات نسبهم إلى والدهم، مشيرة إلى أن المجلس يتابع حالتهم الصحية والنفسية لضمان توفير بيئة آمنة ومستقرة لهم.
من جانبه، قال الدكتور وائل عبد الرازق، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، إن التحريات أثبتت عدم وجود عائل مؤتمن أو قريب يمكن تسليم الأطفال إليه، لذلك تم التوصية بإيداعهم إحدى المستشفيات الحكومية ثم نقلهم لاحقًا إلى دار رعاية مناسبة، تنفيذًا لتوصية الإدارة العامة لنجدة الطفل وبالتنسيق الكامل مع وزارة التضامن الاجتماعي.
وأكد أن الواقعة تُعد تعريضًا للأطفال للخطر وفقًا لحكم المادة (96) من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، مشددًا على استمرار متابعة حالتهم حتى استقرار وضعهم القانوني والاجتماعي، وإدراج أسمائهم في سجلات المواليد باسم والدتهم وفقًا للإجراءات القانونية المقررة.
ويرى خبراء اجتماعيون أن هذه الواقعة لا يمكن التعامل معها كحادث فردي، بل كجرس إنذار يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بعض الأمهات إلى سلوكيات يائسة، مؤكدين ضرورة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في توعية الأسر الفقيرة بخطورة الإهمال الأسري، وتوسيع مظلة الدعم الاجتماعي لحماية الأطفال من التشرد والضياع.
الواقعة، رغم قسوتها، جسدت سرعة استجابة أجهزة الدولة لإنقاذ الأطفال، لكنها في الوقت نفسه أعادت طرح سؤال مهم حول مدى كفاية منظومة الرعاية الاجتماعية في اكتشاف مثل هذه الحالات قبل أن تتحول إلى مأساة إنسانية تهز ضمير المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجوع والخوف التواصل الاجتماعي التسول واقعة مأساوية
إقرأ أيضاً:
217 إعصار حول العالم تقتل بصمت بعد مرورها.. ناقوس الخطر الصحي يدق| ما القصة ؟
أظهرت دراسة عالمية حديثة أن تأثير الأعاصير المدارية لا يتوقف عند حدود الدمار المادي الذي تخلفه، بل يمتد ليحصد أرواح الآلاف في الأسابيع التالية لمرورها، بسبب مضاعفات صحية متعددة ناجمة عن تعطل الخدمات الطبية والضغوط البيئية.
الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، أعدها فريق بحثي من جامعة موناش الأسترالية بقيادة يومينغ قوه والدكتور وينزونغ هوانغ والبروفيسورة شاندي (شانشان) لي، وحللت بيانات 14.8 مليون حالة وفاة في 1356 مجتمعا شهدت 217 إعصار استوائيا بين عامي 2000 و2019.
الأعاصير تشتد مع تغير المناختؤثر الأعاصير المدارية سنويا على أكثر من 20 مليون شخص حول العالم، وتتسبب بخسائر مادية تتجاوز 51.5 مليار دولار أميركي وتشير الدراسات إلى أن هذه الظواهر أصبحت أكثر شدة وطولًا مع ارتفاع درجات حرارة الأرض.
الباحثون أرادوا في هذه الدراسة فهم الآثار الصحية الأوسع نطاق للأعاصير، وكيف تختلف بين المناطق الجغرافية من أستراليا التي تشهد أعاصير محدودة، إلى مناطق شرق آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة حيث تكثر العواصف.
ارتفاع كبير في الوفيات بعد الإعصارخلصت النتائج إلى أن مخاطر الوفاة ترتفع بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين التاليين للإعصار، لتبلغ ذروتها في الأيام الأولى ثم تبدأ بالانخفاض تدريجيًا.
وخلال الأسبوع الأول بعد الإعصار، ارتفعت الوفيات الناتجة عن:
أمراض الكلى بنسبة 92%،
الإصابات بنسبة 21%،
السكري بنسبة 15%،
الاضطرابات العصبية والنفسية بنسبة 12%،
الأمراض المعدية بنسبة 11%،
أمراض الجهاز الهضمي بنسبة 6%،
أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 4%،
أمراض القلب والسرطان بنسبة 2% لكل منهما.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى تعطل الرعاية الصحية الأساسية، وانقطاع الكهرباء الذي يؤثر على جلسات غسيل الكلى، وصعوبة الوصول إلى الأدوية، إلى جانب الضغوط النفسية والجسدية التي يمر بها السكان بعد الكارثة.
المطر أكثر فتكا من الرياحمن النتائج اللافتة أن الأمطار الغزيرة المصاحبة للأعاصير كانت أكثر تسبب في الوفيات من الرياح العاتية، خصوصا فيما يتعلق بأمراض القلب والجهاز التنفسي والأمراض المعدية.
ويرى الباحثون أن الفيضانات وتلوث المياه الناتجة عن الأمطار تشكل تهديدا طويل الأمد يفوق الخطر المباشر للرياح لذا، شددوا على ضرورة أن تركز أنظمة الإنذار المبكر ليس فقط على سرعة الرياح، بل أيضًا على كميات الهطول المطري وتأثيراته اللاحقة.
الفقر يزيد من احتمالات الموتكشفت الدراسة أن المجتمعات الفقيرة أكثر عرضة للوفاة بعد الأعاصير مقارنة بالمناطق الثرية، حيث برزت الفجوات الصحية بشكل واضح في أمراض الكلى، والسكري، والأمراض المعدية.
كما تبين أن المناطق التي نادرا ما تتعرض للأعاصير سابقا – مثل أجزاء من أستراليا والمناطق المرتفعة خطوط العرض – سجلت معدلات وفاة أعلى عند تعرضها للعواصف، بسبب غياب أنظمة الاستجابة الفعالة وقصور البنية التحتية الصحية.
دروس للمستقبل الصحة في قلب التخطيط للكوارثيحذر الباحثون من أن التغير المناخي يعيد رسم خريطة الأعاصير حول العالم، ما يجعل مناطق جديدة عرضة للخطر ومن ثم، يجب على السلطات الصحية وأجهزة الطوارئ أن تتجاوز التركيز التقليدي على الإصابات المباشرة لتشمل الأمراض المزمنة والمعدية التي تتفاقم بعد مرور الكارثة.
ويؤكد التقرير ضرورة دمج البيانات الصحية في أنظمة الإنذار المبكر، إلى جانب الاستثمار في البنية الصحية للمناطق الفقيرة، باعتبارها الحلقة الأضعف في مواجهة الكوارث المناخية.