الصراع الحدودي بين كمبوديا وتايلاند.. أزمة تتجدد!
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
محمد المنى (أبوظبي)
تبادلت كمبوديا وتايلاند الاتهامات بالمسؤولية عن مواجهات حدودية جديدة، وأفاد مسؤولون من الطرفين بإطلاق نار عبر الحدود بين محافظة سا كايو التايلاندية ومقاطعة بانتاي مينتش الكمبودية.
وأعلنت بانكوك، الاثنين، أنها ستعلّق تطبيقَ اتفاق سلام سبق أن وقّعه الجانبان، فيما يعد تجدداً للصراع الحدودي بين الدولتين المتجاورتين في منطقة جنوب شرق آسيا.
أما بنوم بنه فأعلنت، الأربعاء، أن قروياً قُتل بنيران تايلاندية في منطقة حدودية بين البلدين، وكتب رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت على وسائل التواصل الاجتماعي: «إن هذا العمل يتعارض مع الروح الإنسانية والاتفاقيات الأخيرة لحل قضايا الحدود سلمياً». فيما قال وزير الإعلام الكمبودي نيث فياكترا لوسائل الإعلام: «أطلق جنود تايلانديون النار على مدنيين، ما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص على الأقل بجروح في قرية بري تشان التابعة لمحافظة بانتياي مينتشي».
وكانت نقطة البداية في التصعيد الجديد، عندما أعلنت تايلاند، الاثنين، عن إصابة أحد جنودها في انفجار لغم أرضي أثناء قيامه بدورية في منطقة حدودية، موجهةً إصبعَ الاتهام إلى كمبوديا بالمسؤولية عن الانفجار، كما أعلنت عن خطوات جديدة على رأسها تعليق وقف إطلاق النار الذي أقره الجانبان في يوليو الماضي.
وأدى رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين شارنفيراكول، الثلاثاء، زيارةً للحدود تفقد خلالها قوات بلاده على الخطوط الأمامية، وقال للصحفيين إن تايلاند سعت باستمرار إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار، لكن كمبوديا حاولت تأخير التقدم. لذا، فإن بلاده أصبحت في حل من الالتزام بشروط اتفاق الإعلان المشترك. ونقلت عنه وكالات الأنباء قولَه: «نعتبر أن الاتفاق الذي أبرمناه من أجل إحلال السلام قد انتهى الآن».
بيد أن وزارة الخارجية التايلاندية أوضحت، في وقت لاحق، على لسان المتحدث باسمها، أن تايلاند لم تنسحب رسمياً من الاتفاق، إلا أنها أوقفت تنفيذه مؤقتاً فقط.
وعلى الجانب الآخر، رفضت كمبوديا التصريحات الصادرة من تايلاند والتي اتهمتها بزراعة ألغام أرضية جديدة على طول الحدود المشتركة، وأكدت الحكومة الكمبودية التزامها ب«إعلان كوالالمبور المشترك»، الذي وقعته مع تايلاند في أكتوبر المنصرم، وقالت إنها ما تزال ملتزمة بخيار السلام العالمي ورفض سباق التسلح.
وكان الجانبان قد قبلا اتفاقاً لوقف إطلاق النار، الصيف الماضي، ما أنهى اشتباكات حدودية تعد الأشد عنفاً بينهما منذ عام 2011، وقد استخدما في تلك الاشتباكات الأسلحة المدفعية والجوية والصاروخية على مدى خمسة أيام من الثلث الأخير من الشهر ذاته، مما أسفر عن سقوط 43 قتيلاً من الجانبين وتشريد قرابة 300 ألف نسمة على جانبي الحدود.
وعلى الصعيدين السياسي والدبلوماسي، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مغلقة في نيويورك للتباحث حول الأزمة بين البلدين، وقامت الصين يومها بجهود وساطة، ومعها ماليزيا التي ترأس رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). كما مارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً على الجانبين مهدِّداً بحجب الامتيازات التجارية عنهما معاً ما لم يتوقفا عن الأعمال العدائية المتبادلة. وبالفعل، فقد قبلت تايلاند وكمبوديا هدنةً في 29 يوليو توقفت بموجبها المواجهات الحدودية. ثم تم تأكيد اتفاق الهدنة بمزيد من التفصيل، في 26 أكتوبر الماضي، على هامش اجتماع قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا في ماليزيا التي حضرها ترامب، حيث وقّع البلدان إعلاناً مشتركاً تضمن تهدئةَ التوترات الحدودية، وسحب الأسلحة الثقيلة والسماح لمراقبي وقف إطلاق النار بالوصول إلى مناطق الاحتكاك.
إلا أن تنفيذ إعلان كوالالمبور المشترك واجه صعوبات منذ البداية، بما في ذلك إطلاق سراح 18 من الجنود الكمبوديين الأسرى لدى تايلاند، وهو بند أساسي في الاتفاق، وكان مقرراً إطلاق سراحهم الأربعاء، لكن بانكوك أرجأت ذلك بسب التصعيد الجديد، كما قررت تعليق الإعلان المشترك نفسه.
يعود النزاع بين تايلاند وكمبوديا إلى أكثر من قرن، ويتعلق بمشكلات ترسيم الحدود المشتركة البالغ طولها 800 كيلومتر، وهو أزمة تتجدد منذ ستة عقود وبسببها تعود المواجهات دورياً بين البلدين. وفي كل مرة، يتبادلان الاتهامات بشأن مَن بادر أوّلاً إلى إطلاق النار. وفي هذه المرة كان انفجار لغم أرضي هو السبب المباشر وراء تجدد الاشتباكات البينية، مما يلقي بظلال كثيفة من الشك على مستقبل إعلان كوالالمبور المشترك بعد أقل من شهر على توقيعه بحضور الرئيس الأميركي وزعماء مجموعة «الآسيان». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كمبوديا تايلاند نزاع حدودي اشتباكات إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
"غوتيريش" يدعو للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة
نيويورك - صفا
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة لا يزال يحافظ على سريانه رغم انتهاكه مراراً، داعياً إلى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق لترسيخ وقف النار.
وأضاف غوتيريش في تصريحات صحفية في نيويورك "أدعو إلى فتح الطريق أمام المرحلة الثانية من المفاوضات التي ستؤدي إلى الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وتهيئة الظروف اللازمة لتقرير مصير الشعب الفلسطيني وتنفيذ حل الدولتين".
وأكد أن هناك عقبات وتحديات لا تزال قائمة أمام تدفق المساعدات الإنسانية، ولفت إلى أن الأمم المتحدة زادت بشكل كبير من المساعدات الإنسانية في غزة.
وشدذ على أن الخطوات التالية للمنظمة سيحددها مجلس الأمن الدولي.