جنوب العالم لا يحتاجإلى نظام تصنيف ائتماني جديد
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
ترجمة: قاسم مكي -
تعهدت قمة مجموعة العشرين التي ستنعقد هذا الشهر في جوهانسبرج بمناقشة اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية وتحريك النمو في بلدان جنوب العالم.
خفضُ تكلفة رأس المال إلى مستوى يعكس بدقة أكبر المخاطر الحقيقية في العالم النامي يساهم كثيرًا في تحقيق هذين الهدفين.
تواجه كل بلدان جنوب العالم تقريبًا نقصًا مزمنًا في الاستثمار في البنية التحتية، ويعود ذلك في جزء منه إلى التكلفة المرتفعة لرأس المال وعلى نحو لا يتناسب مع واقعها.
في إفريقيا وحدها قد يصل حجم هذا النقص في الاستثمار إلى 100 بليون دولار سنويا. في الواقع تدفع بلدانها على قروض أسواق رأس المال ما يساوي خمسة أضعاف فائدة التمويل الذي تحصل عليه من بنوك التنمية متعددة الأطراف. بل في العام الماضي فاقت الأموال التي خرجت من البلدان النامية لخدمة الدين ما حصلت عليه من تمويل جديد وعون تنموي.
في المتوسط تدفع البلدان الإفريقية دولارين في خدمة الدين مقابل كل دولار من العون الذي يقدم اليها. على سبيل المثال مقابل كل دولار يمكن أن تنفقه كينيا على البنية التحتية يلزمها إنفاق دولار على خدمة الدين ومقابل كل دولار تتلقاه في شكل عون تدفع 1.85 دولار في خدمة الدين، حسب تحليل مصرف ستاندارد بانك.
وفي جنوب العالم بأكمله يصل النقص السنوي في الاستثمار في البنية التحتية بسهولة إلى مئات البلايين من الدولارات.
عزا بعض النقاد تكاليف رأس المال المرتفعة إلى المقاييس المستخدمة في تقييم الجدارة الائتمانية لمشاريع البنية التحتية في بلدان جنوب العالم.
يزعم هؤلاء إنها مقاييس مصممة للاقتصادات المتقدمة. والحل في نظرهم هو إنشاء أنظمة تصنيف مخصصة لمنطقة معينة مثل الوكالة الإفريقية الجديدة للتصنيف الائتماني.
لكن وجود مجموعتين لأنظمة تصنيف الجدارة الائتمانية ليس السبيل إلى الأمام. فتطبيقهما وبناء صدقيتهما يحتاجان إلى وقت وجهود، ووجود مقاييس بديلة غالبًا ما سيعني تقديم تقييمات متضاربة، يمكن أن تجعل المستثمرين أكثر ترددًا في الاستثمار في المشاريع الإفريقية.
كما يمكن أن يفتّت تكرارُ التصنيف النظامَ المالي العالمي الهش أصلا بإيجاد نظامين متنافسين وغير متجانسين للافتراضات المتعلقة بالمخاطر، وهذا بدوره يزيد من صعوبة تدفق رأس المال عبر الحدود.
بدلا من البحث عن حلول جديدة يتطلب خفض التكلفة المرتفعة لرأس المال تحسين الاستراتيجيات الحالية لهذه البلدان في لعبة التصنيفات الدولية. والإجماع ينعقد حول مسار عملي إلى الأمام وضعه فريقُ العمل الخاص بالتمويل والبنية التحتية التابع لمنتدى كبار رجال الأعمال ورؤساء الشركات، وهو جزء من جهود رئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين.
أولا، من الضروري رعاية مجموعة من المشاريع الواعدة والقابلة للاستثمار. يمكن تحقيق ذلك عبر دعم الحكومة وبنوك التنمية لمشاريع البنية التحتية في كل مرحلة من مراحل تنفيذها. تشمل الإجراءات الرئيسية في هذا الجانب تعزيز متطلبات تنفيذ المشروع وتبسيط الإجراءات التنظيمية اللازمة بما في ذلك تلك المتعلقة بالحصول على التراخيص وزيادة الشفافية في المشاريع الوطنية والإقليمية التي يجري تنفيذها.
ويمكن أن تتعاون الكيانات السيادية مع مطوِّري المشاريع وجهات الاستثمار الخاص لتيسير تجميع المشاريع (في حزمة استثمارية واحدة- المترجم) وتنويع المخاطر؛ وهذا يقلل تكلفة رأس المال في نهاية المطاف.
ثانيا، تعزيز البيانات المتاحة بشكل عام حول الاستثمارات في البنية التحتية أمر بالغ الأهمية؛ وذلك لزيادة الشفافية ومتابعة التقدم في التنفيذ.
هذا يمكِّن الرعاة من تخصيص رأس المال بقدر أكبر من الفعالية للمشاريع ذات الجدوى. وتعمل سلفًا المؤسسات مثل: البنك الدولي، وبنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومعهد هوفر على إقامة قاعدة بيانات دولية عامة لمخاطر الأسواق الناشئة، تجمع معلومات تاريخية غير منسوبة الى مشاريع محددة حول معدلات التعثر، واسترداد الأموال المستثمرة في البنية التحتية.
يمكن تقديم المزيد من الدعم لهذه المبادرة بواسطة بنوك التنمية الوطنية والمنظمات متعددة الأطراف الأخرى الى جانب بذل جهود أوسع نطاقا لتعزيز قدراتها الإحصائية.
ثالثا، من الحيوي تطوير خرائط طريق وطنية تهدف الى تحسين تصنيفات الائتمان السيادية للبلدان النامية.
بالإضافة إلى ذلك، تطوير فهم أعمق للعوامل التي تساهم في خفض تصنيفات الائتمان وجمع القادة حول خطة جماعية أمران لهما أهمية بالغة في تقليل التكلفة الكلية لرأس المال، وسيعزز تمتين العلاقات مع المستثمرين صياغة وتنفيذ سياسة فاعلة حقًا.
عندما يتضح أن النظام السائد فاشل، كثيرا ما تكون الخطوة الطبيعية هي استبداله بنظام جديد تماما، لكن هذه النزعة التلقائية تتجاهل الأهمية البالغة للتعاون الدولي.
على البلدان والشركات الاستمرار في خفض تكاليف تشظِّي السياسات بما في ذلك العواقب السلبية لتقييمات المخاطر المتفاوتة والتحويلات الدولية مرتفعة التكلفة والتشوهات الناجمة عن متطلبات رأس المال المتباينة التي تفرضها السلطات التنظيمية في البلدان على البنوك.
هذه التكاليف إذا جمعناها معا يمكن أن تكون بالغة الضخامة وقد تصل الى خسارة 5.7 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويا، حسب المنتدى الاقتصادي العالمي والشركة الاستشارية «اوليفر وايمان».
للحيلولة دون مثل هذا التبعثر والتباين في السياسات علينا مساعدة بلدان العالم النامي في الحصول على رأس المال الذي تحتاجه للنمو.
ـ
سِم تشابالالا الرئيس التنفيذي لمجموعة ستاندارد بانك المصرفية الجنوب إفريقية ورئيس فريق العمل الخاص بالتمويل والبنية التحتية لمنتدى كبار رجال الأعمال ورؤساء الشركات ببلدان مجموعة العشرين
الترجمة عن الفاينانشال تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی البنیة التحتیة فی الاستثمار جنوب العالم رأس المال یمکن أن
إقرأ أيضاً:
التنمية المحلية: تنفيذ 5900 مشروع في البنية التحتية والخدمات العامة بمجال الطرق
أعلنت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة ، عن تنظيم الوزارة بالشراكة مع مجموعة البنك الدولي لمؤتمر ( إصلاح وتمكين الإدارة المحلية - الدروس المستفادة من تجربة برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر ) تحت رعاية السيد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في ٢٧ نوفمبر الجاري بحضور عدد من السادة الوزراء والمحافظين وقيادات البنك الدولي وشركاء التنمية والخبراء الدوليين ورؤساء عدد من الهيئات الحكومية المعنية .
جاء ذلك خلال لقاء وزيرة التنمية المحلية مع وفد من البنك الدولي بمقر الوزارة بالعاصمة الجديدة وضم الوفد كل من السيدة ألمود ويتز المديرة الإقليمية لقطاع البنية التحتية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسيدة كاثرين توفي مديرة قطاع المدن والمرونة والأراضي و شريف حمدي مسئول أول للعمليات وذلك بحضور عدد من قيادات وزارة التنمية المحلية وأعضاء المكتب التنسيقي للبرنامج وممثلين عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومسئولي البنك الدولي.
وفي بداية الاجتماع أشادت د. منال عوض بالتعاون المثمر بين الوزارة والبنك الدولى وتطلعها لاستمرار أواصر التعاون بين الجانبين ، وتقدمت بخالص الشكر للبنك الدولى على الدعم المستمر المقدم للوزارة لتعزيز التنمية المستدامة وتمكين الإدارة المحلية من القيام بأدوارها بكفاءة وفاعلية وبصفة من خلال عدة مشروعات أهمها خاصة برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والذي يعد من البرامج النموذجية التي نفدتها الوزارة مع شركاء التنمية والمنفذ علي أرض محافظات سوهاج وقنا والمنيا وأسيوط.
وأوضحت وزيرة التنمية المحلية أن الاجتماع يأتي في محطة مهمة تمثل ختام المرحلة الأولى من برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، الذي انطلق من محافظتي قنا وسوهاج ليصبح نموذجًا وطنيًا رائدًا للتنمية المحلية المتكاملة المستندة إلى مبادئ التخطيط اللامركزي والإدارة القائمة على النتائج ، مؤكدة أن البرنامج تمكن من إحداث نقلة نوعية في البنية التحتية والخدمات العامة، وتعزيز البيئة الداعمة للنمو الاقتصادي المحلي، بما أسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز التنافسية الإقليمية.
وأشارت د. منال عوض إلى أن البرنامج منذ انطلاقه عام 2018 وحتى نهاية أكتوبر 2025، شهد تنفيذ أكثر من 5900 مشروع في البنية التحتية والخدمات العامة بمجالات الطرق والنقل، والمياه والصرف الصحي، وتحسين البيئة، والتنمية الحضرية والريفية، بإجمالي استثمارات تجاوزت 32 مليار جنيه؛ وأسهمت هذه الجهود في تحسين الخدمات الأساسية لما يزيد على 8.3 مليون مواطن، متجاوزة المستهدفات المخططة، مع مشاركة نسائية بلغت 48% من إجمالي المستفيدين ، مشيرة إلى ارتفاع كفاءة البنية التحتية والخدمات العامة في المحافظات الأربع المشاركة إلى 87.8%، متجاوزة المستهدف البالغ 70%.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشارت د.منال عوض إلى أن البرنامج نجح في تهيئة بيئة أكثر جذبًا للاستثمار المحلي من خلال تطوير المناطق الصناعية ورفع كفاءتها، وتبسيط الإجراءات، وتفعيل خدمات الشباك الواحد، مما ساهم في زيادة معدلات الإشغال الصناعي وجذب استثمارات جديدة، إلى جانب دعم وتنمية التكتلات الاقتصادية المحلية مثل تكتل الفركة في قنا وتكتل الأثاث في سوهاج، بما يعزز القيمة المضافة ويخلق فرص عمل محلية مستدامة والحفاظ علي عدد من الحرف التراثية واليدوية من الاندثار.
ومن جانبها أشارت ألمود ويتز المديرة الإقليمية لقطاع البنية التحتية بالبنك الدولي، إلي أن زيارتها الحالية إلى مصر تضمنت زيارة لمحافظة قنا لتفقد عدد من المشروعات التنموية بحضور فريق البرنامج والمحافظ ، حيث تم تفقد أعمال البنية التحتية لعدد من المشروعات الممولة من البنك ضمن البرنامج وعلي رأسها المناطق الصناعية والصرف الصحي والتكتلات الاقتصادية.
وأعربت السيدة ألمود ويتز عن سعادتها بما تم إنجازه من خلال برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر على أرض الواقع، والذي يعد نموذج يحتذي به في عدد من دول العالم حالياً باعتباره مشروعاً متكاملاً .
و هنأت السيدة ألمود ويتز الحكومة المصرية على استكمال المرحلة الأولى من برنامج التنمية المحلية بنجاح، وتحقيق المستهدفات الواردة في خطة البرنامج، مع تنفيذ الأنشطة وصرف المخصصات المالية بكفاءة عالية وبأسلوب تنموي متكامل.
ومن جانبها، أعربت السيدة كاثرين توفي، مديرة قطاع المدن والمرونة والأراضي بالبنك الدولي، عن تهنئتها للحكومة المصرية ووزارة التنمية المحلية على ما حققه البرنامج من مكتسبات ونجاحات ملموسة، خاصة في مجالات دعم وإشراك القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، وتنمية التكتلات الاقتصادية، وتعزيز مجتمع الأعمال.
ومن جانبه أعرب السيد/ شريف حمدي مسئول أول للعمليات في البنك الدولي عن خالص شكره للجهود التي قامت بها وزارة التنمية المحلية في نجاح هذا البرنامج والذي تخطت سمعته الناجحة القطر المصري بشهادة عدد من المنظمات والجهات الدولية ، لافتا إلى أن ما حققه البرنامج علي أرض المحافظات الأربعة يتكامل مع المبادرة الرئاسية " حياة كريمة" والتي حققت نقلة نوعية في حياة المواطنين بقري الريف المصري بالإضافة إلي مراعاة الجوانب البيئية والاجتماعية في تنفيذ المشروعات .