تعز تطالب وحضرموت تقرر.. مساران مختلفان لمعركة المعلمين من أجل حقوقهم
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
خرج مئات المعلمين بمدينة تعز، الأحد في مسيرة احتجاجية حاشدة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وتحسين ظروفهم المعيشية، في خطوة تصعيدية تعكس الاحتقان المستمر في قطاع التعليم جنوبي غرب اليمن. في الوقت ذاته، أصدرت محكمة غرب المكلا في محافظة حضرموت حكمًا قضائيًا مهمًا يفرض على السلطات المحلية ومكتب التربية تحسين الحوافز واستقرار العقود التعليمية.
وتشهد مدينة تعز تدهورًا متزايدًا في أوضاع المعلمين بعد أشهر من انقطاع الرواتب أو تأخر صرفها. ورفع المحتجون لافتات وهتافات تطالب "بدوام الرواتب، والعلاوات، وتثبيت الخدمات"، معتبرين أن السلطات لم تستجب بشكل جاد لمطالبهم رغم ما وصفوه بـ "معاناة حقيقية" تعصف بهم وبأسرهم.
قال بعض المعلمين المشاركين إن مطالبهم تشمل "صرف المرتبات بانتظام، منح العلاوات السنوية، وإعادة النظر في أوضاع المتعاقدين الذين يعيشون حياة صعبة بسبب الأجور الضئيلة وعدم الاستقرار". وحذّر عدد منهم من أنهم قد يلجؤون إلى خطوات تصعيدية مثل الإضراب أو الاعتصام إذا لم تتحقق استجابات فورية من السلطات المختصة.
يأتي هذا التحرك وسط جملة تحديات يعاني منها الموظف الحكومي في اليمن، خصوصًا في قطاعات مثل التعليم، حيث تتداخل الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة مع الضغوط المعيشية الحادة، ما يجعل المعلمين عرضة لطوفان اقتصادي ونفور اجتماعي متنامٍ.
وفي جانب آخر من المشهد التعليمي اليمني، أصدرت محكمة غرب المكلا في حضرموت الحكم رقم (84) لعام 1447هـ، والذي ألزم السلطة المحلية ومكتب التربية بساحل حضرموت باتخاذ سلسلة من الإجراءات لتحسين أوضاع المعلمين والمتعاقدين، وذلك مقابل تقليص قدرة نقابة المعلمين على الدعوة للإضراب إلا ضمن الضوابط القانونية.
من أبرز بنود الحكم: مراجعة وإلغاء ما وصفته المحكمة بـ "الخانات التعاقدية الفائضة" خلال 3 أشهر، وتوجيه مرتبات وحوافز تلك الخانات إلى المعلمين والمتعاقدين كتعويض أو زيادة في الحوافز، ورفع حوافز العاملين في قطاع التعليم بنسبة لا تقل عن 60% ابتداءً من يناير 2026، ومنع الإلغاء التعسفي لعقود المتعاقدين، وضمان احتساب سنوات خدمتهم من تاريخ التعاقد الفعلي، والصرف بأثر رجعي للعلاوات السنوية للمعلمين، مع متابعة التسويات الوظيفية، وتنسيق مع اتحاد نقابات العمال لإعداد هيكلة أجور تراعي غلاء المعيشة.
وكذا إلزام السلطة المحلية بانتظام صرف الحوافز والرواتب قبل نهاية الأسبوع الأول من كل شهر، وتقديم راتب شهري إضافي حين تتأخر وزارة المالية في الصرف. مع منع نقابة المعلمين والتربويين بساحل حضرموت من الدعوة إلى الإضراب إلا وفق القوانين النقابية، كجزء من التسوية التي رعتها المحكمة.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
دور الإمارات في اليمن.. غزو صامت تحت غبار الذهب..كيف تستخدم الإمارات الصراع في أبين وحضرموت كغطاء لنهب الكنوز النادرة؟
ثروات اليمن المنهوبة تمول اقتصاد المشيخة بتواطؤ عملاء الاحتلال
في الوقت الذي يعيش فيه اليمنيون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، تسبب بها عدوان غاشم طيلة عقد من الزمن ولا يزال، ومعه تفتح جبهة أخرى لا تقل خطراً عن الحرب والسلاح؛ إنها جبهة النهب الاقتصادي الممنهج الذي تمارسه أبوظبي في المناطق المحتلة الخاضعة لسيطرتها جنوب وشرق البلاد، تحت غطاء المشاريع الإنسانية تارة، ومحاربة الإرهاب تارة أخرى. لكن خلف الشعارات اللامعة، تدار واحدة من أكبر عمليات السطو على ثروات اليمن الطبيعية، وفي مقدمتها الذهب والمعادن النادرة.
الثورة/ مصطفى المنتصر
من المفترض أن تكون جبال حضرموت ووديان أبين ومناجم الذهب في تينك المحافظتين اليمنيتين كنوزاً تخرج اليمن من أزمته، لكنها اليوم تحولت إلى مسرح لعمليات استنزاف ونهب منظم يقودها الاحتلال الإماراتي بأذرع ومليشيات عسكرية محلية تحت لافتة «التحالف».
خبراء في الجيولوجيا والاقتصاد يؤكدون أن المناطق الخاضعة للنفوذ الإماراتي تحتضن بعضاً من أغنى مكامن الذهب في الجزيرة العربية، منها مواقع تصل فيها نسبة الذهب إلى 35 جراماً في الطن الواحد، وهي نسبة تصنف عالمياً كـ»كنز استثنائي». وهذه الحقيقة وحدها كافية لتفسير سبب احتدام الصراعات المصطنعة في أبين وشبوة وحضرموت، حيث يستخدم القتال كغطاء للنهب.
أبين.. الذهب تحت النار
في محافظة أبين، وتحديداً في نطاق سد حسان، تدور معارك متقطعة بين مليشيات «الانتقالي الجنوبي» المدعومة إماراتياً وتنظيمات متطرفة، غير أن مصادر ميدانية تؤكد أن تلك الاشتباكات ليست سوى ستار دخان يخفي نشاطاً محموماً لاستخراج ونقل الذهب من مواقع محظورة الدخول إليها.
“المعركة هنا ليست بين الانتقالي والقاعدة، بل بين الحقيقة والتعتيم”، حيث يقول أحد أبناء المنطقة. “كلما اقترب أحد من موقع التعدين، تغلق الطرق بحجة الأمن” بهذه الطريقة، تدار حرب صامتة لا تسمع فيها أصوات الرصاص بقدر ما يسمع صدى الحفارات، في حين يمنع الإعلام والمواطنون من الاقتراب، وتختطف السيادة الوطنية باسم مكافحة الإرهاب.
حضرموت.. الذهب الأصفر والذهب الأبيض
في الشرق، تتكرر القصة ذاتها وبذات الأدوات والتشكيلات، ففي حضرموت، حيث النفوذ الإماراتي الأوسع، تتواصل عمليات النقل والتصدير غير المعلن للذهب الخام، بحسب ما كشفت عنه تقارير إعلامية سابقة والتي أشارت إلى أن سبعة مناجم في وادي مدن وحده تنتج ما يقدر بـ 114 طناً سنوياً من الذهب المنهوب، دون أن تسجل أي إيرادات لصالح اليمن.
وفي نوفمبر الجاري، أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية اكتشاف معدن الإسكانديوم النادر المعروف بـ»الذهب الأبيض» في بروم ميفع وحجر، وهو عنصر يستخدم في الصناعات الفضائية والعسكرية، ومع هذا الاكتشاف، تصاعدت المخاوف من تكرار سيناريو النهب ذاته، حيث أطلقت مصادر محلية تحذيرات من “تحركات مشبوهة” لشركات مرتبطة بالإمارات في مناطق الاكتشاف الجديدة.
النهب كعقيدة سياسية
ما يجري في اليمن ليس حالة منفصلة، بل جزء من عقيدة إماراتية ومشروع نهب واستنزاف مترامي الأطراف تقوم على استثمار الفوضى ونهب الموارد للعديد من الدول العربية والإسلامية والأفريقية، ففي السودان، مثلاً، كشفت تقارير أممية أن ما يصل إلى 80% من الذهب السوداني يهرب إلى الإمارات، وأن عائداته تستخدم لتمويل الصراعات المسلحة هناك.
المشهد نفسه يتكرر في اليمن؛ الصراعات الموجهة تدار في مناطق غنية بالذهب، والتمويل يأتي من نفس الجهة التي تشتري الذهب المهرب وتعيد تصديره من دبي تحت غطاء التجارة الحرة، فبهذا السلوك الإجرامي، تصبح الإمارات تاجر الحرب ووسيط الثروة في آن واحد وبذات الأدوات التي تنسق فيما بينها من أجل خدمة المشاريع والأهداف الخارجية التي تمول المليشيات بالمال والسلاح، ثم تستحوذ على ما تبقى من موارد البلاد.
شعب جائع ووطن ينهب
في مقابل هذه الثروات المنهوبة، يعيش ملايين اليمنيين على حافة الجوع في الوقت الذي تنهب فيه ثرواتهم على مرأى ومسمع ممن يتحكمون بشؤون البلاد والمكلفين من الدول التي تتولى عملية النهب والعبث والتدمير بمقدرات الوطن، فالذهب الذي كان يمكن أن يبني المدارس ويشغل المصانع ويغذي ملايين الجياع، يستخدم اليوم لتمويل صفقات السلاح والمليشيات وينمي اقتصاد دول ليس لها أي حق في هذه الثروات سوى أنها مشيخة تتعيش على موارد غيرها من الشعوب المنهكة.
الصمت الدولي والتواطؤ
ورغم حجم الأدلة والمخاطر، يظل المجتمع الدولي صامتاً أمام ما يمكن وصفه بـ»الاستعمار الاقتصادي الحديث»، فبينما تنفق الإمارات الملايين على حملات العلاقات العامة لتجميل صورتها كـ»داعم للاستقرار»، فإنها في الواقع تؤسس لاقتصاد ظل يعتمد على نهب ثروات الشعوب المضطهدة في اليمن والسودان وأفريقيا.
تحقيقات سويسرية وأممية سابقة أكدت أن دبي أصبحت مركزاً عالمياً لتجارة «ذهب الدم»، أي الذهب القادم من مناطق النزاعات، وهو ما يجعل من الصعب إنكار دورها في المنظومة التي تمول الفوضى.
حرب بلا بنادق
إن ما يجري في اليمن اليوم ليس حرباً من أجل ما يسمى الشرعية ولا الانفصال، بل حرب ذهب تدار بأدوات ومليشيات محلية وبتوجيه خارجي، تسعى لتكريس نفسها واليا على ثروات ومقدرات اليمن وبات الدم اليمني الغطاء الأمثل لتهريب الذهب، والفوضى هي الجدار الذي يخفى وراءه احتلال ونهب صامت، وما لم يكسر هذا الصمت وتستعاد السيادة على كل شبر من تراب هذا الوطن، فإن اليمن سيترك فقيراً فوق أرض غنية، يمتلك الذهب ولا يملك حق الحياة.