المتحف الكبير بين الإشادة والتجاوزات
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
شهد المتحف المصري الكبير منذ افتتاحه في الأول من نوفمبر الجاري إشادة دولية كبيرة بعد هذا الافتتاح العظيم، الذي حضره الكثير من ملوك ورؤساء وأمراء الكثير من دول العالم، وغيرها من المؤسسات الفنية والإعلامية، إذ يعد هذا الصرح المصري الكبير ليس ملكا لمصر وحدها، بل ملكا حضاريا لكل الإنسانية، ومع هذا الإعجاب والجهد الكبير المبذول من السلطات المصرية، كانت هناك تجاوزات من البعض داخل مصر ومحيطها، من أمثلة ذلك الجدل والآراء الدينية الغريبة حول المتحف، ناهيك عن تصرفات بعض المصريين داخل المتحف أثناء زيارة المتحف، منها محاولة بعض الفتيات وضع المكياج علي التماثيل، أو قراءة القرآن بصوت عالٍ ما أثار حفيظة واستغراب الزائرين من كل دول العالم، وغيرها من الأمور التي يستخدمها بعض الخارجين من المصريين أثناء زيارة المتحف من أجل الحصول على أكبر عدد من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار موجة غضب عارمة من غالبية المصريين، وغيرهم من البلدان الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يستنكرون تلك التصرفات تجاه هذا المتحف، الذي يقدم عددا كبيرا من الآثار ذات القداسة والقيمة الفنية الكبيرة، ما يستوجب من الدولة فرض المزيد من القوانين التي تجرم تلك الأفعال، وإظهار البيانات الإرشادية التي تلزم الزائر بحسن المشاهدة، وعدم إيذاء الآثار كغيرها من متاحف العالم التي تلزم الزائر بالحفاظ على الآثار والالتزام بثقافة زيارة المتاحف.
إن هذا الإنجاز المصري الضخم يستوجب من الدولة المصرية والقائمين على إدارة المتحف وتشغيله اتخاذ إجراءات أمنية متقدمة للحفاظ على كم الآثار المعروضة من أي مخالفات أو تجاوزات، وأن يلتزم عمال المتحف بالأمانة والشفافية والحرص على تراثهم، وأن نأخذ العبر مما جرى مؤخرا لمتحف اللوفر في باريس، وتداعيات سرقته على سمعة فرنسا في العالم، كما أن المتحف الكبير الآن في منطقة الجيزة وما حولها، يستوجب من الدولة بذل جهد كبير من أجل نظافة المنطقة بشكل يومي، واستخدام أحدث الآليات في ذلك، والتشديد على المواطنين باحترام الشوارع، وتغيير سلوكياتهم اليومية، والتجاوزات في رمي القمامة في الشوارع والطرقات وعلى الأرصفة، وغيرها من التجاوزات ممن لا يحترمون القوانين، ما يستوجب على الدولة فرض الغرامات الكبيرة من أجل الحفاظ على البيئة والمنظر الحضاري أمام أنفسنا والزائرين، وأن تقوم الدولة عبر أجهزتها المرئية والمسموعة ومن خلال المدارس والجماعات بتثقيف الشباب، وتعليمهم سلوكيات زيارة المتاحف والحفاظ على الآثار، والظهور بمظهر حضاري يليق بحضارتنا العريقة، بعيدا عن التفاهات وتصوير الفيديوهات التافهة لتقليد بعض التريندات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن الاستفادة من أهمية وتأثير الزيارات على الإنسان وزيادة وعيه ومخزونه الثقافي.
أما ما يخص الآراء الدينية، فهي لا تمثل لنا غير آراء تخص أصحابها بما لها وما عليها، ويجب ألا نلتفت لمروجيها، ولكن يجب أن نلتفت إلى إشادة العالم تجاه الحضارة المصرية ماضيا وحاضرا ومستقبلا، بعيدا عن ربط حضارات الشعوب السابقة بالأديان، كما أن مصر وغيرها من البلدان مليئة بالمتاحف التي تدل على الحقب التاريخية المختلفة، وقد شهد العديد من البلدان حضارات خلف أصحابها وراءهم الكثير من الإرث الحضاري الذي هو ملك للإنسانية، والذي تتم الاستفادة منه في العلم والمعرفة، ما يدل على أن إنسان تلك الحضارات لا يستحق منا إلا الثناء والتقدير، وعلى رأسها الحضارة المصرية التي ضربت للعالم مثالا يحتذى به في الأخلاق والقيم، ونظرتهم الفلسفية تجاه خالق هذا الكون، والإيمان بوحدانيته منذ القدم، والدليل على ذلك أن الأنبياء والصحابة الذين زاروا مصر وشاهدوا آثارها لم يحطموها أو يجرموها، بل احترموها وقدروا شعبها، واستوصوا بهم خيرا، وذلك لأن المصري القديم كان مرحبا دائما بالتوحيد، والتعرف على خالق هذا الكون العظيم، وقص الله تعالى في كتابه المجيد أيضا قصص الأنبياء الذين عاشروا أقواما كانوا متقدمين في الفنون والعمارة والتشييد، فلا ننسى نبي الله داود، نبي الله سليمان الذي سخر له الله الجن لصناعة ما يشاء، فقد قال تعالى في كتابه الحكيم: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
أما عن الحضارة المصرية، فكل شواهدها تدل على عظمة هؤلاء الأجداد وسموهم، ما يستوجب منا كما يفعل العالم المتحضر بتدريس أعمالهم، والاستفادة من فنونهم وعلومهم، وكتبهم عن العدل، الحساب، الحفاظ على البيئة، والدفاع عن الوطن، والاستعداد من فكرة التوحيد إلى رحلة الموت، والإعداد ليوم الحساب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وغیرها من یستوجب من
إقرأ أيضاً:
حائز نوبل: أتطلع لزيارة المتحف المصري الكبير والأهرامات غدًا
أعرب الدكتور ألفين روث، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، عن سعادته بوجوده في مصر، مؤكدًا تطلعه لزيارة المتحف المصري الكبير غدًا، وكذلك منطقة الأهرامات، بعد أن قام أمس بزيارة متحف الحضارة المصرية، وقال روث: "أتمنى زيارة المتحف الكبير غدًا والأهرامات، واستمتعت كثيرًا بزيارة متحف الحضارة أمس".
وأشار الدكتور ألفين روث، خلال لقائه مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج "يحدث في مصر"، المذاع على قناة إم بي سي مصر، إلى أن سوق زراعة الأعضاء لا يمكن التعامل معه وفق قواعد المنافسة التقليدية، نظرًا لحساسية هذا المجال وتعقيداته الطبية والأخلاقية، موضحًا أن الأولوية يجب أن تكون دائمًا لتحسين أنظمة المطابقة بين المتبرعين والمرضى لضمان أفضل نتائج ممكنة.
حاصد جائزة نوبل للاقتصادوأكد الدكتور ألفين روث، حاصد جائزة نوبل للاقتصاد أن هذا النهج يمكن تطبيقه أيضًا في مجالات طبية أخرى، بما يضمن استفادة أكبر من التطور العلمي، وتحقيق توزيع أكثر عدالة وكفاءة للموارد الطبية.