قراءة إيرانية في رسائل ودلالات احتجاز ناقلة النفط تالارا
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
طهران- بعد مرور نحو شهر على تداول وسائل إعلام عربية وأجنبية خبرا بشأن استهداف ناقلة نفط إيرانية من قبل غواصة أميركية في خليج عدن، أعلن الحرس الثوري الإيراني، أمس السبت، احتجاز ناقلة النفط "تالارا" التي ترفع علم جزر مارشال قرب مضيق هرمز الإستراتيجي، ما أثار تساؤلات عن دوافع وخلفيات الحادث.
وفي سياق التوتر المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها فيما يسمى "محور المقاومة" من جهة والجانب الإسرائيلي ومن ورائه الولايات المتحدة من جهة أخرى، سبق أن فندت إيران أن الحادث في مياه خليج عدن لا يمت بصلة إلى أسطولها البحري، بيد أن اقتياد الناقلة "تالارا" إلى الشواطئ الإيرانية رسم علامة استفهام عن الصلة بين الحادثين.
وفي مسعى لتسليط الضوء على الإطار القانوني ومبرراته لتنفيذ العملية، أعلن الحرس الثوري في بيان رسمي على منصة "إكس" أن عملية توقيف الناقلة جاءت "بناء على أمر من السلطات القضائية في إطار حماية مصالح الشعب الإيراني وموارده"، لكن مراقبين بطهران قرؤوا في تغريدته أن الخلفيات الكامنة تتجاوز السبب الرسمي المعلن.
سياسة قديمة
وتزامنا مع الإعلان عن تحويل مسار الناقلة "تالارا" إلى المياه الإقليمية الإيرانية، نشرت صفحة منسوبة للحرس الثوري على منصة إكس، جزءا من الآية القرآنية في سورة البقرة "فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ"، وهذا دفع شريحة من المراقبين إلى الربط بين الحادثين في خليج عدن والمياه الخليجية، وأن الحادث الأخير يأتي في سياق سياسة متبعة سابقا من قبل طهران.
وسبق أن لجأت طهران إلى توقيف سفن تجارية أجنبية كرد فعل على توقيف سفنها بذريعة العقوبات الدولية، مع التأكيد في كل مرة أن هذه التوقيفات تأتي بسبب ارتكاب السفن مخالفات وأنشطة غير قانونية.
إعلانمن ناحيته، كتب الباحث المختص في النزاعات الإقليمية مصطفى نجفي، في قناته على منصة "تليغرام" أن احتجاز ناقلة النفط "تالارا" من قبل إيران قد يكون ردا محدودا وتحذيريا على الهجوم على السابق على ناقلة "إم في فالكون" قرب سواحل اليمن في الشهر الماضي.
في المقابل، تؤكد الباحثة السياسية برستو بهرامي راد أن توقيف الناقلة تالارا لم يكن مجرد عملية روتينية، بل يحمل في طياته رسائل متعددة الأبعاد، لا بد من تناولها في سياق مستجدات الملف الإيراني لدى الأوساط الأممية.
وفي حديثها للجزيرة نت، تشير الباحثة إلى تفعيل الترويكا الأوروبية آلية الزناد في الاتفاق النووي لعام 2015، والذي ينص على عودة جميع العقوبات الأممية دفعة واحدة على طهران، إذ إنها كانت تتوقع اتخاذ بلادها خطوات تحذيرية وردعية إثر عزم الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية طرح مشروع قرار ضد طهران خلال اجتماع هذا الأسبوع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتوقعت بهرامي راد تكرار خطوات مشابهة من قبل طهران خلال الفترة المقبلة كلما شددت الأطراف الغربية ضغوطها على الجمهورية الإسلامية، مؤكدة أن رد الفعل الإيراني سيكون متناسبا مع شدة الخطوات الإيذائية التي قد تقدم عليها الأطراف الغربية ضد إيران.
وعليه يثير توقيف ناقلة النفط تالارا هواجس شريحة من الإيرانيين من دخول التوتر بين طهران والقوى الغربية مرحلة جديدة في إطار الصراع المستعر بينهما، في وقت تواصل فيه واشنطن حملة الضغط الأقصى، ساعية إلى تجفيف أهم مصادر الدخل الإيرانية عبر تقييد مبيعات النفط.
سوق الطاقةوعلى الرغم من أن تقارير الشركات المعنية بتتبع شحنات النفط تشير إلى زيادة في مبيعات النفط الإيرانية تزامنا مع تفعيل آلية الزناد، يعتقد طيف من المراقبين الإيرانيين بأن ضغوط العقوبات الأممية لم تأخذ مفعولها بعد، وأن طهران قد بدأت تواجه صعوبات في صادراتها النفطية، ما دفعها لاستخدام الأدوات البحرية لضمان مصالحها الاقتصادية.
في غضون ذلك، يعتقد الباحث عبد الله باباخاني أن توقيف الناقلة تالارا يتجاوز كونه مجرد حادث أمني معزول، ليكشف عن توتر أعمق يهز سوق الطاقة إثر تراجع الحصة السوقية للنفط الإيراني في الصين، والغزو الروسي لنفس السوق بالنفط المخفض السعر.
وفي تحليل نشره على حسابه بمنصة "إكس" كتب الباحث أنه في مواجهة الضغوط التجارية، تلجأ طهران تقليديا إلى الاستعراض البحري كأداة للضغط والردع، وأن توقيف "تالارا" يأتي في إطار هذه الإستراتيجية، إذ تحمل هذه الخطوة رسالة مفادها أن "أي تراجع في صادرات إيران النفطية سينعكس حتما على ارتفاع تكلفة أمن الطاقة".
وتابع باباخاني، أن العقوبات الغربية على روسيا أعادت رسم خريطة تدفقات النفط إلى الصين، إذ ضخت موسكو ملايين البراميل بأسعار مخفضة، مستحوذة على جزء كبير من السوق الذي كانت تحتله إيران سابقا، مضيفا أن هذه المنافسة المباشرة تدفع طهران لتعويض خسائرها الاقتصادية عبر رفع سقف التوتر الجيوسياسي في بحر عُمان.
إعلانويمكن قراءة الحادثة كرسالة غير مباشرة للتذكير بأن أمن الإمدادات النفطية سيبقى رهنا بالممرات البحرية التي تسيطر عليها إيران -وفقا للباحث الإيراني- وفي ذلك إشارة واضحة بأن طهران، حتى لو اضطرت للتراجع في السوق التجاري، فإنها لن تتراجع عن حماية مصالحها في الممرات المائية الحيوية.
ويرى الباحث أن الحادثة ليست عشوائية، بل هي حلقة في صراع طاقة أكبر وتعكس تحول إيران نحو استخدام أكثر فعالية لأوراق القوة البحرية لمواجهة تداعيات التنافس على الطاقة، وإرسال تحذيرات متعددة المستويات إلى جميع الأطراف الفاعلة في المعادلة الإقليمية والدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات ناقلة النفط فی إطار من قبل
إقرأ أيضاً:
ايران: احتجاز حمولة ناقلة نفط تجارية متجهة نحو سنغافورة
15 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: أعلنت العلاقات العامة للقوة البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، اليوم السبت، أن مقاتليها أوقفوا ناقلة النفط “تالارا”، “في إطار حماية مصالح وموارد إيران”، وفق تعبيرها.
ورصدت وحدات الاستجابة السريعة تحركات الناقلة، التي ترفع علم جزر مارشال، وبناء على أمر قضائي، قامت بتتبعها وتوقيفها عند الساعة 7:30 بالتوقيت المحلي، صباح أمس الجمعة.
وأوضحت أن “الناقلة كانت تحمل 30 ألف طن من المواد البتروكيميائية في طريقها إلى سنغافورة، وتم توجيهها إلى المرساة المخصصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأن المخالفات المسجلة عليها”، وفقا لوكالة “تسنيم” الإيرانية.
جنود تابعين لقوات الحرس الثوري الإيراني على متن سفينة حربية – سبوتنيك عربي,
وأكدت القوة البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني أن “العملية جاءت تنفيذا للواجبات القانونية في حماية موارد البلاد”، مشيرة إلى أن “التحقق من الشحنة وتفتيش السفينة ووثائقها أظهر أن الناقلة كانت تنقل بضائع غير مصرح بها”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts