باحث صوماليلاندي: تجاهل التاريخ يخدم إيران ويُعمّق الفوضى في القرن الإفريقي واليمن
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
حذّر الباحث الصوماليلاندي يوسف عبدي جبوبه من استمرار ما وصفه بـ"العمى التاريخي" في الخطاب العربي تجاه قضايا القرن الإفريقي واليمن، مؤكداً أن هذا التجاهل ساهم في تعقيد المشهد الإقليمي وخلق بيئة خصبة للتدخلات الخارجية، وعلى رأسها إيران التي توسّع نفوذها عبر أدوات مسلحة في عدة ساحات مضطربة.
وقال جبوبه، في مقالة مطوّلة نشرها عبر مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، إن تجاهل العرب للمعطيات التاريخية والسياسية في المنطقة ساهم بشكل مباشر في اندلاع صراعات داخلية، أبرزها في صوماليلاند واليمن الجنوبي، وهما تجربتان وصفهما بأنهما "ضحية فكرة الوحدة غير المحسوبة".
أوضح الباحث أن صوماليلاند كانت دولة مستقلة عام 1960، ومعترفًا بها من عشرات الدول قبل أن تدخل في وحدة "غير شرعية" مع الصومال عقب انتهاء الاستعمار. وأضاف أن هذه الوحدة، التي وُصفت حينها بـ"الخطوة القومية الكبرى"، تحولت لاحقًا إلى تجربة كارثية دفعت الإقليم إلى عقود من الاضطرابات والانقسامات والصراع الدموي، وصولًا إلى إعلان الانفصال من طرف واحد عام 1991.
وأكد جبوبه أن الخطاب العربي لا يزال يتعامل مع صوماليلاند باعتبارها "قضية هامشية"، رغم أنها تشكّل عاملًا مهمًا في التوازن الجيوسياسي في القرن الإفريقي، وفي أمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية.
وربط الباحث بين التجربتين اليمنية والصومالية، مشيرًا إلى أن الجنوب اليمني عاش وضعًا مشابهًا لصوماليلاند قبل دخوله في وحدة سياسية متسرعة مع صنعاء عام 1990. وقال إن "النتائج التي ظهرت لاحقًا في اليمن تثبت أن الوحدة لم تكن مبنية على أسس سليمة، الأمر الذي فجر صراعات سياسية وعسكرية متواصلة منذ ثلاثة عقود".
وأضاف أن الجنوب، مثل صوماليلاند، "دفع ثمن الوهم العربي بالوحدة"، وأن تجاهل جذور الأزمة اليمنية ساهم في تعميق الانقسامات، وفتح الباب أمام القوى الخارجية للتدخل في المسار السياسي والعسكري.
وأشار جبوبه إلى أن إصرار بعض الأطراف العربية على إعادة إنتاج نماذج وحدوية "منتهية الصلاحية" وفرّ لإيران فرصة ذهبية لتعزيز نفوذها عبر الميليشيات الحليفة لها في اليمن والصومال. وأكد أن طهران تستفيد من هشاشة الدول التي تجاهلت ماضيها وواقعها، ووجدت في الصراعات القائمة بيئة خصبة لتوسيع حضورها العسكري والسياسي.
ودعا الباحث الصوماليلاندي إلى مراجعة شاملة للنهج العربي في التعامل مع ملفات الوحدة والانفصال، مؤكدًا أن الاعتراف بالحقائق التاريخية والسياسية ليس تهديدًا، بل "الطريق الوحيد نحو الاستقرار المستدام". وشدد على ضرورة احترام إرادة الشعوب، ودعم الخيارات السياسية التي تتوافق مع الواقع المحلي، بدلًا من التمسك بشعارات وحدوية "لم تعد صالحة لزمنها".
وتأتي تصريحات جبوبه في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات متسارعة، سواء في القرن الإفريقي حيث تتصاعد التوترات بين الصومال وصوماليلاند وإثيوبيا، أو في اليمن الذي يدخل عامه العاشر من الحرب وسط تعقيدات سياسية وأمنية تتزايد مع اتساع التدخلات الخارجية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: القرن الإفریقی
إقرأ أيضاً:
قصور الثقافة تصدر كتاب ظلال طه حسين.. خصومة مجهولة في مرايا التأويل لمصطفى سليم
صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، كتاب "ظلال طه حسين.. خصومة مجهولة في مرايا التأويل" للدكتور مصطفى سليم، ضمن إصدارات سلسلة كتابات نقدية.
يضم الكتاب أربعة فصول، الفصل الأول: نجيب البهبيتي إرث في ذاكرة النسيان، الفصل الثاني: طه حسين والبهبيتي.. معركة لم تسقط بالتقادم، الفصل الثالث: ثورة الشك بين طه والبهبيتي، الفصل الرابع: البهبيتي وناصر الدين الأسد - خصومة بين أطروحتين.
تدور قصة الكتاب حول حقيقة الخصومة المجهولة التي جرت بين الدكتور طه حسين وبين تلميذه نجيب البهبيتي منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى وفاة الأخير في بداية التسعينيات، بعدما كتب ثلاثية استهدف فيها المستشرقين والعميد، ومع أهمية هذه الخصومة في مدونة وسجالات المعارك الأدبية التي دارت بين الرواد على مدى القرن الماضي فإنها سقطت من بين مروياته.
جاء بالغلاف: يعد الناقد المصري نجيب البهبيتي، أحد المنظرين الأوائل للتاريخ والأدب العربيين بما قدمه من جهد موسوعي في قضايا ومسائل التراث، رغم أن منجزه ظل صفحة مطوية في التاريخ الثقافي لهذه الحقبة المضطربة بما تضمنته من استعمار واستشراق، ويعود هذا لأسباب متعددة، يأتي في مقدمتها الخلاف الذي وقع بينه وبين أستاذه طه حسين. إذ كان البهبيتي تلميذا له.
أهمية المدونة النقدية للبهبيتي (1908 - 1992) تتمثل في المحاولة الرائدة لإعادة النظر في الأدب والتاريخ العربي القديم، والسعي نحو تقديم سردية عربية للوقائع في مواجهة نظيرتها الغربية بما تضمنته من نتائج لم يحالفها الصواب، تعصب لها بعض المستشرقين في مقدمتهم نولدكه ومرجليوت بداية القرن العشرين اتسمت بقليل من العلم، وكثير من التصورات، وفق ما رصد الدكتور عبد المنعم تليمة خلال مؤلفه "في الشعر الجاهلي الكتاب والقضية".
كما تتضمن الدراسة مراجعة نقدية لمزاعم البهبيتي بانتحال العلامة ناصر الدين الأسد كتابه العمدة "مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية"، من كتاب "تاريخ الشعر العربي حتى آخر القرن الثالث الهجري" الذي قدمه البهبيتي قبله بخمس سنوات، وهي مزاعم ظل مسكوتا عنها في تاريخ الأدب الحديث لربع قرن.
د. مصطفى سليم، صحفي وروائي وباحث مصري، حصل على الدكتوراه في النقد الأدبي، له العديد من المقالات والدراسات بالمجلات والصحف والمواقع
العربية، صدر له 7 كتب تنوعت ما بين النقد والرواية والقصة القصيرة، فازت روايته "سفر المرايا" بجائزة دبي 2013، وترشحت روايته "الليالي العمياء" إلى القائمة الطويلة لجائزة كتارا للرواية العربية2023، كما شارك في كتابة عدد من الحلقات الوثائقية لبرنامج "تلك شهادتي".
سلسلة "كتابات نقدية" تعنى بنشر الكتابات النقدية القديمة والحديثة والمعاصرة النظري منها والتطبيقي من أجل تواصل مثمر مع فنون الأدب، وهي إحدى سلاسل إصدارات الإدارة العامة للنشر الثقافي برئاسة الكاتب الحسيني عمران، التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان. مدير تحرير السلسلة محمد التابعي، سكرتير التحرير عبد العليم عبد الفتاح، وتصميم الغلاف عماد عبد الغني.