الوطن| رصد

عقد رئيس هيئة الرقابة الإدارية، ”عبدالله قادربوه”، اجتماعا بمقر الهيئة طرابلس مع رئيس الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة “إبراهيم الصغير”، بحضور مدير الإدارة العامة لفحص العقود ومتابعة تنفيذ المشروعات، وأعضاء لجنة الرقابة المصاحبة على تعاقدات هيئة الحج للعام 2026م.

وجرى خلال الاجتماع متابعة استعدادات موسم الحج للعام 1447هـ – 2026م، ومراجعة أعمال اللجنة المصاحبة للتعاقدات الخاصة بالسكن والإعاشة والخدمات اللوجستية للحجاج الليبيين، وضمان الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة لكافة العقود، ومعالجة أوجه القصور المرصودة حيال موسم الحج السابق، والتأكد من فعالية التوصيات السابقة، وتحقيق أعلى درجات الشفافية والانضباط المالي والإداري.

وجدد رئيس هيئة الرقابة الإدارية التأكيد على ضرورة بذل رئاسة هيئة الحج الجديدة كافة الجهود لتجاوز الأخطاء والعثرات السابقة، وضمان تنسيق واضح بين اللجان والإدارات المختلفة. مشددا على أن نجاح موسم الحج يتطلب استعدادا مسبقا، وضبطا للإجراءات، وتكاملا في الأداء بين كافة الجهات لضمان تقديم خدمات متكاملة وآمنة للحجاج، ومتابعة كافة التفاصيل الدقيقة بدءا من التعاقدات وانتهاء بخدمة الحجاج في المشاعر المقدسة.

كما ناقش الاجتماع أبرز التحديات المتوقع مواجهتها خلال موسم الحج والتي تشمل: تدفق أعداد كبيرة من الحجاج، دقة التعاقدات مع مقدمي الخدمات، متابعة تنفيذ الميزانيات، تأمين الإقامة والنقل والرعاية الصحية، وضمان جاهزية الفرق الإشرافية لتقديم الدعم الفوري عند أي طارئ، مع مراجعة الهيكل التنظيمي للجان لضمان وضوح المهام والتنسيق الفعّال في المشاعر المقدسة.

الوسوم#هيئة الرقابة الإدارية الحج والعمرة ليبيا

المصدر: صحيفة الوطن الليبية

كلمات دلالية: هيئة الرقابة الإدارية الحج والعمرة ليبيا

إقرأ أيضاً:

ركن الحج بين شرف الرفادة والتحول الطبقي

الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، هو رحلة إيمانية تهفو إليها قلوب أكثر من ملياري مسلم حول العالم. إنه ليس مجرد شعيرة، بل هو مؤتمر رباني سنوي تتجسد فيه معاني الوحدة والمساواة والتجرد من متاع الدنيا وزخرفها. تاريخيا، كانت خدمة الحجيج شرفا تتسابق إليه الدول والحكومات على مر العصور، انطلاقا من واجبها الديني. وبحكم الجغرافيا، نالت المملكة العربية السعودية هذا الشرف وهذه المسؤولية الجسيمة بالإشراف على الحرمين الشريفين وتنظيم شؤون الحج والعمرة.

لكن في السنوات الأخيرة، بدأت تظهر ممارسات وتوجهات لا تثير القلق من تحويل الحج لنموذج أعمال فحسب، بل تكشف عن أبعاد جيوسياسية عميقة، تطرح سؤالا جوهريا: هل أصبح الحج عملا تجاريا أو أداة نفوذ أم كليهما؟

الحج كورقة سياسية وسلطة ناعمة

إن الإشراف الحصري على الحرمين الشريفين يمنح المملكة العربية السعودية مكانة فريدة و"قوة ناعمة" لا تضاهى في العالم الإسلامي. هذا الدور، الذي يُفترض أن يكون تشريفا خدميا، تحول بشكل متزايد إلى أداة سياسية. فمن خلال التحكم في تأشيرات الحج والعمرة وتحديد حصص الدول، تمتلك الرياض القدرة على مكافأة الحلفاء ومعاقبة الخصوم. وقد ظهر هذا جليا في عدة أزمات سياسية؛ فعلى سبيل المثال، خلال الأزمة مع قطر (2017-2021)، واجه المواطنون والمقيمون في قطر صعوبات بالغة في أداء المناسك، مما أثار اتهامات بتسييس الشعائر الدينية، كما أن العلاقات المتوترة مع دول مثل إيران وسوريا أثرت بشكل مباشر على ترتيبات الحج لمواطنيها في فترات مختلفة. هذا الاستخدام الانتقائي لمنح التأشيرات يحول الفريضة الدينية من حق لكل مسلم قادر، إلى امتياز يخضع للحسابات السياسية والعلاقات الدبلوماسية.

تحويل الحج من ركن وشعيرة إلى نموذج أعمال

بداية التحول كانت في فلسفة التكاليف؛ لم يعد الأمر يقتصر على رسوم منطقية لتغطية نفقات الخدمات، فقد شهدت تكاليف الحج ارتفاعا هائلا لتصل إلى أرقام فلكية تجعل أداء الفريضة حكرا على طبقة الأثرياء. ففي مصر على سبيل المثال، قفزت أسعار برامج الحج السياحي لموسم 2025 لتبدأ من حوالي 225 ألف جنيه للبري وتصل إلى 520 ألف جنيه لبرامج الخمس نجوم، وهذا لا يشمل سعر تذكرة الطيران.

هذا التضخم في الأسعار لا يعكس فقط تحسينا في الخدمات، بل يشير إلى عقلية استثمارية بحتة. فوفقا لـ"رؤية 2030"، تهدف المملكة إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمعتمرين إلى 30 مليونا سنويا بحلول عام 2030. وتشير التوقعات إلى أن إيرادات الحج والعمرة قد تتجاوز 50 مليار ريال سعودي (حوالي 13.3 مليار دولار) سنويا مع تحقيق أهداف الرؤية. هذه الأرقام تحول الحاج من "ضيف للرحمن" إلى "مصدر للدخل القومي".
 
تتجلى العقلية التجارية الحديثة بأوضح صورها، وأكثرها إثارة للمفارقة، في المشهد العمراني المحيط بالحرم المكي. فبدلا من الحفاظ على الطابع التاريخي والروحي للمكان، تم إفساح المجال لأبراج شاهقة وفنادق عالمية فاخرة، في عملية محو ممنهج للذاكرة. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 95 في المئة من المباني التاريخية في مكة قد تم هدمها لإفساح المجال لهذه المشاريع العملاقة.

وهنا تبرز مفارقة تاريخية مؤلمة؛ قبل الإسلام، كان سادة قريش، رغم وثنيتهم، يتنافسون على شرف خدمة الحجيج فيما عُرف بـ"الرفادة" (إطعام الحجاج) و"السقاية" (سقيهم الماء)، كانوا يعتبرون الإنفاق على ضيوف الرحمن من أموالهم الخاصة مصدر فخر ومكانة. لقد كانت خدمتهم للحجيج، على شركهم، قائمة على البذل والعطاء، لا على الأخذ والربح. أما اليوم، وفي ظل إدارة تدعي خدمة الحرمين، نرى منطقا معاكسا تماما، فمشاريع مثل "وجهة مسار مكة"، الذي تبلغ تكلفته حوالي 26 مليار دولار، لا تهدف إلى "رفادة" الحجيج، بل إلى استنزاف جيوبهم. هذه المشاريع العقارية الضخمة تخاطب نخبة قادرة على دفع آلاف الدولارات لليلة الواحدة، وتؤدي إلى طمس الهوية التاريخية لمكة وتحويل محيط الحرم إلى ما يشبه المراكز التجارية الفاخرة، في مشهد يكرس الطبقية ويتناقض مع جوهر الحج القائم على المساواة.

التعامل الأمني

ولعل أكثر ما يثير الاستياء هو طريقة التعامل الأمني مع ضيوف الرحمن. فبدلا من أن تكون العلاقة بين رجال الأمن والحجاج قائمة على الرفق واللين، بدت بعض الممارسات وكأنها مستعارة من منطق تأمين الفعاليات الكبرى. في كل موسم حج، يتم نشر عشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن، وتُستخدم تقنيات مراقبة متطورة تشمل آلاف الكاميرات والذكاء الاصطناعي. ورغم أن الهدف المعلن هو "أمن الحجاج"، فإن المشاهد المتداولة لمشادات أو تعاملات فظة، مثل واقعة المعتمر المصري، ترسل رسالة مقلقة. هذا المنطق الأمني الصارم يعامل الحاج كـ"مشارك في فعالية" يجب أن يلتزم بتعليمات صارمة، وأي خروج عنها قد يقابل برد فعل غير متناسب، مما يفرغ الرحلة من جوهرها الروحي.

بين ضرورات التطوير وحفظ الجوهر

بطبيعة الحال، يقدّم المدافعون عن السياسات الحالية حجة أن زيادة أعداد الحجاج تتطلب تطويرا ضخما وبنية تحتية وأمنا على أعلى مستوى، وأن التكاليف المرتفعة هي "ضرورة حتمية" لتمويل هذا التوسع، لكن هذه الحجة تتجاهل جوهر المشكلة. فالتطوير لا يعني بالضرورة الاستبدال الطبقي (gentrification). كان من الممكن توسعة الخدمات دون هدم النسيج التاريخي وبناء أبراج تخدم النخبة فقط؛ التطوير الحقيقي هو الذي يخدم الجميع، لا الذي يخلق فجوة طبقية في أقدس البقاع. أما حجة "الأمن"، فلا أحد يجادل في أهميتها، لكن هناك فرق بين "تنظيم" الحشود لضمان سلامتها، و"عسكرة" الأجواء الروحانية، فالرفق واللين يجب أن يكونا هما الأساس، لا منطق القوة والسيطرة.

إن الإشراف على الحج ليس امتيازا تجاريا، بل هو أمانة ومسؤولية أمام الله والأمة الإسلامية جمعاء. إن تحويل هذه الشعيرة العظيمة إلى مشروع استثماري يهدف للربح المادي وتطبيق منطق "البيزنس" على ضيوف الرحمن، هو توجه خطير يهدد روحانية الركن الخامس ويجعله صعب المنال على غالبية المسلمين.

وعلى السلطات أن تدرك أن دورها ليس دور المستثمر أو منظم الفعاليات، بل هو التشرف بدور الخادم الأمين على أقدس بقاع الأرض. يجب أن تعود الأولوية لخدمة الحاج وتيسير رحلته الإيمانية، لا لتعظيم الأرباح أو الضغط السياسي. فالحج ملك للمسلمين كافة، وسيظل كذلك، مهما حاولت سياسات الخصخصة تغيير هويته.

مقالات مشابهة

  • ركن الحج بين شرف الرفادة والتحول الطبقي
  • تعرّف على مستجدات الفرص الاستثمارية بدمياط مع هيئة الرقابة الإدارية
  • «هيئة الرقابة» تتابع آخر مستجدات قطاع النفط واستعدادات موسم الحج
  • “قادربوه” يلتقي مدير عام مركز طب الطوارئ والدعم لبحث تطوير الأداء ودعم جاهزية خدمات الطوارئ
  • مفتي عام المملكة يستقبل وزير الحج والعمرة ويثني على دور الوزارة في خدمة الحجاج والمعتمرين
  • مفتي عام المملكة يستقبل وزير الحج والعمرة
  • الدبيبة يتابع استعدادات موسم الحج ويشدد على تطوير الخدمات
  • تعيين الدكتور أحمد عبد العزيز نائبًا لرئيس هيئة الرقابة المالية.. تفاصيل
  • وزارة الحج تُتوّج “مطوفي الدول العربية” بـ5 جوائز وتكريمات في مؤتمر ومعرض خدمات الحج