عقد معهد التخطيط القومي ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي وفجوات سياسات البيانات في الصحة العالمية، بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي، ومؤسسة العلوم من أجل أفريقيا، وذلك لمناقشة وفهم فجوات سياسة تطبيق الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات المطبقة في الصحة العالمية من منظور أفريقي.

فرصة للحوار ولتبادل الخبرات واستعراض التحديات

وخلال كلمته، أكد الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي، أن أهمية الورشة تكمن فيما تتيحه من فرصة للحوار ولتبادل الخبرات واستعراض التحديات، والتعرف على أفضل الممارسات للتعامل مع فجوات الذكاء الاصطناعي وسياسات البيانات في الصحة العالمية.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في صناعة الرعاية الصحية في إفريقيا، مشددا على ضرورة استكشاف إمكانيات هذه التكنولوجيا لتحسين صحة الإنسان بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة، والتي تضمنت  توافر حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع، في جميع الأعمار.

دعم دور وأهمية البحث العلمي

وأضاف العربي إلى أن الورشة تعد امتدادًا لشراكات المعهد على المستوى الوطني والأفريقي لدعم دور وأهمية البحث العلمي، فيما يخص توحيد الجهود من خلال جلسات تشاورية وورش عمل مشتركة ومناقشات للاستخدام الأكثر أمانًا للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وتوفر منصة للمشاركين لتبادل أفضل الممارسات والأساليب المبتكرة في تنفيذ مبادرات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي في الصحة العالمية لإعداد تقرير نهائي يضم جميع النتائج لعرضها في اجتماع الاتحاد الأفريقي مطلع نوفمبر المقبل.

الذكاء الاصطناعي وتحسين تقديم الرعاية الصحية

فيما أشار الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للصحة والوقاية إلى أن الذكاء الاصطناعي قدم وعودا كبيرة لتحسين تقديم الرعاية الصحية والطب في جميع انحاء العالم، وتعزيز سرعة ودقة التشخيص وفحص الامراض المساعدة في الرعاية السريرية وتعزيز البحوث الصحية وتطوير الأدوية ودعم تدخلات الصحة العامة المتنوعة.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معهد التخطيط أشرف العربي معهد التخطيط القومي الذكاء الاصطناعي فی الصحة العالمیة الذکاء الاصطناعی الرعایة الصحیة

إقرأ أيضاً:

هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟

 

 

مؤيد الزعبي

بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟

قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.

لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.

الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.

ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.

في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.

حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.

وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.

يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.

إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات  فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.

في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تمكين الكفاءات السعودية في عصر الذكاء الاصطناعي
  • سام ألتمان.. رأس الحربة في الذكاء الاصطناعي الإمبريالي
  • هيئة الرعاية الصحية توقع مذكرة لتطبيق حلول صحية ذكية ومستدامة
  • الصحة العالمية: تفشي حمى الضنك يفاقم الأزمة الصحية جنوب اليمن 
  • سامسونج تكشف عن أرخص هواتف الذكاء الاصطناعي
  • علماء روس يستخدمون الذكاء الاصطناعي في فهم الجينات
  • هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
  • كيف غير الذكاء الاصطناعي شكل التصعيد بين إيران والاحتلال؟
  • خلال لقاءاتهم بلجنة التحقيق.. سجناء يشكون تفشي الأمراض وغياب الرعاية الصحية بإصلاحية تعز
  • لدعم الرعاية الصحية.. تعاون جديد بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة