السدود القديمة قنابل موقوتة تهدد العالم
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
هل كان من الممكن تفادى كارثة إنهيار سدين في ليبيا، والذي أطلق العنان لمياه الفيضانات الغزيرة التي خلفت ما لا يقل عن آلاف الضحايا والمفقودين؟.
الإجابة جاءت فى مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، للمديرين المشاركين لمنظمة الأنهار الدولية، جوش كليم وإيزابيلا وينكلر، خلاصتهما أنه كان من الممكن منعه رغم أنه كان متوقعا.
وذكر المقال أن سدي درنة لن يكونا آخر السدود الكبيرة التي تنهار إلا إذا قمنا بإزالة وإصلاح بعض الهياكل القديمة والمتقادمة التي تجاوزت تاريخ انتهاء صلاحيتها منذ فترة طويلة".
وأضاف المقال: "مثل العديد من السدود حول العالم، تم بناء سدود وادي درنة في ليبيا في السبعينيات خلال عصر ذروة بناء السدود العالمية، حيث تم إنشاء 1000 سد كبير كل عام, والآن تصل معظم هذه السدود إلى نهاية عمرها الافتراضي".
وأشار المقال، "إلى أن التفاصيل لا تزال تتكشف، لكن يبدو أن انهيار سدي ليبيا قد نتج عن سوء الصيانة، وضعف مراقبة الخزانات التي غمرتها عاصفة ممطرة ضخمة".
وتابع، "صدرت تحذيرات حاسمة العام الماضي بشأن تدهور حالة السدين والإصلاحات اللازمة لتجنب مثل هذا السيناريو، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء".
وبحسب المقال، فإن كوارث مماثلة تنتظر الحدوث في جميع أنحاء العالم. ويكمن الخطر الأكبر في الهند والصين، حيث بدأت السدود الضخمة البالغ عددها 28 ألف سدا والتي بنيت في منتصف القرن العشرين بالتقادم.
ويبلغ عمر سد مولابيريار في ولاية كيرالا بالهند أكثر من 100 عام، وهو متضرر بشكل واضح ويقع في منطقة معرضة للزلازل, وسيؤدي انهياره إلى الإضرار بـ 3.5 مليون شخص في اتجاه مجرى النهر.
أما في الولايات المتحدة، ثاني أكبر دولة في بناء السدود بعد الصين، فيذكر كاتبا المقال أن متوسط عمر السدود يبلغ 65 عاما، وهناك ما يقدر بنحو 2200 هيكل معرضة بشدة لخطر الانهيار.
ويخصص قانون البنية التحتية الأخير 3 مليارات دولار لصيانة بعضها، ولكن لا تزال هناك آلاف السدود التي لا تتحمل الحكومة الفيدرالية المسؤولية عنها، وسوف يتكلف إصلاحها ما يقدر بنحو 76 مليار دولار.
مخاوف متوقعةوأردف كاتبا المقال، أن المخاطر الناجمة عن السدود القديمة تمثل مصدر قلق خاص في مواجهة تغير المناخ، حيث تم تصميم السدود لتحمل أسوأ الظروف كما يمكن تخيلها وقت البناء، ولكن ما كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه أحداث مناخية تحدث مرة واحدة كل قرن بدأ يحدث بانتظام متزايد، ما يعرض السدود لخطر كبير إما بالفشل أو إضعاف بنيتها بشكل كبير.
ويضيف المقال الذي كتبه مختصان بالمياه والسدود، أن قبل الكارثة في ليبيا، كان الطقس القاسي الذي تفاقم بسبب تغير المناخ يؤثر بالفعل على هذه الهياكل حيث دمرت الأمطار الغزيرة سد أوروفيل القديم في كاليفورنيا في عام 2017، ما أدى إلى عمليات إجلاء جماعية وسط مخاوف من حدوث تسربات كبيرة خارجة عن السيطرة.
كما دمرت قطعة من نهر جليدي في الهيمالايا سدا وألحقت أضرارا بآخر في شمال الهند في عام 2021، ما أسفر عن مقتل العشرات، حيث أصبح ذوبان الأنهار الجليدية بسرعة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة الآن خطرا كبيرا على سلامة السدود والمجتمعات التي تعيش في اتجاه مجرى النهر.
أساليب قديمةوكان النهج الافتراضي هو إصلاح السدود القديمة عند الحاجة، ومراقبة مستويات الخزانات ومحاولة توقع هطول الأمطار وزيادة التدفقات من المنبع، وفق المقال.
ويذكر كاتبا المقال على سبيل المثال سد كاريبا الواقع على نهر زامبيزي في جنوب أفريقيا، والذي يخضع لإصلاحات واسعة النطاق لمنع انهياره بعد أن تبين أن مجرى النهر تحته قد تعرض للضعف الشديد.
وتقدر تكلفة الإصلاحات المطلوبة لإبقاء السد قائما حوالي 300 مليون دولار، رغم انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية أصلا بسبب الجفاف.
فيضانات ليبياويرى المقال أن مثل هذه المشاريع تعمل في الأساس على سد الشقوق، وغالبا ما تكون أكثر تكلفة بكثير على المدى الطويل من إزالة السدود التي عفا عليها الزمن.
وفي حين أن بعض السدود القديمة لا تزال توفر مياه الشرب وتساعد المزارعين في ري حقولهم، فإن العديد من السدود التي تم بناؤها للطاقة الكهرومائية لا تولد سوى جزء صغير من الكهرباء التي كانت تنتجها في السابق بسبب تراكم الرواسب خلف جدرانها.
كما أدى الجفاف المتزايد المرتبط بتغير المناخ إلى شل توليد الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تقنين الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة والصين والبرازيل.
ويقول الكاتبان، إن حقيقة تزايد صعوبة تبرير وجود العديد من السدود هي أحد الأسباب وراء وجود حركة متنامية، تقودها غالبا الشعوب الأصلية وغيرها من السكان المهمشين، لإزالتها.
ومن الجدير بالذكر أن إزالة أربعة سدود على نهر كلاماث على طول الحدود بين ولاية أوريغون وكاليفورنيا، والتي من المقرر أن تكتمل في العام المقبل، سيكون أكبر جهد من نوعه في التاريخ.
ويضيف المقال، أن وتيرة إزالة السدود وترميم الأنهار في أوروبا تتسارع، حيث تعد أنهار القارة من بين أكثر الأنهار تقطعا في العالم، وقد شهدت انخفاضا كبيرا في التنوع البيولوجي للمياه العذبة.
ورجح المقال أن يؤدي مشروع ترميم نهر ميوز في هولندا، والذي يتضمن استعادة سهوله الفيضية لمعالجة الفيضانات والجفاف، إلى تقليل الفيضانات الشديدة من مرة كل قرن إلى مرة كل 250 عاما.
وختم المختصان بالسدود والأنهار مقالهما المشترك بالإشارة، إلى أن كارثة السد المأساوية في ليبيا تعتبر بمثابة إنذار للسدود القديمة الأخرى في جميع أنحاء العالم، وإن أفضل أداة هي إزالتها تماما.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السدود القديمة نيويورك تايمز انهيار سدين آلاف الضحايا والمفقودين المقال أن فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
مسيرة رقصة الأعلام.. كابوس لسكان القدس القديمة
"في هذا اليوم بالتحديد نشعر أننا مسجونون ليس داخل منازلنا فحسب، بل سجناء الخوف أيضا، الطرق مغلقة والشرطة تتجول في كل زقاق، والمستوطنون يصرخون ويغنون ويستفزوننا بالأعلام الإسرائيلية، ونحن محاصرون ويُمنع علينا التحرك أو العيش بشكل طبيعي.. حتى الهواء نشعر أنه ليس من حقنا استنشاقه في ذلك اليوم".
بهذه الكلمات أجابت الشابة (ل.ع) التي تسكن في البلدة القديمة بالقدس عند سؤالها كيف تؤثر احتفالات اليهود بيوم "توحيد القدس" على حياتهم، إذ يتهيأ سكان العتيقة قبيل حلول هذه المناسبة الوطنية الإسرائيلية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تورك يحذر من تصاعد الأعمال العدائية في جنوب السودانlist 2 of 2مفوضية أممية: اليأس دفع مئات الروهينغا للهلاك في البحرend of listوتعد مسيرة الأعلام أو ما يعرف بـ"رقصة الأعلام" من أبرز مظاهر سياسات تهويد شرقي القدس، وهي فعالية سنوية يشارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين واليمينيين الإسرائيليين. تقام في 28 من الشهر الثامن وفق التقويم العبري، الذي يوافق الاثنين القادم، وهو ما يعرف "بيوم توحيد القدس"، الذي تحتفل فيه إسرائيل بسيطرتها على القدس واحتلالها للجزء الشرقي منها أثناء حرب يونيو/حزيران 1967، المعروفة في العالم العربي "بالنكسة".
"اعتداءات بحماية الشرطة"
وعن تحضيراتهم لهذا اليوم قالت (ل.ع) للجزيرة نت "جميع السكان يوصون بعضهم البعض بإغلاق النوافذ والانتباه على الأطفال والحرص على عدم الخروج من المنزل.. من ينجح في قضاء هذا اليوم خارج البلدة القديمة يكون محظوظا، ومن لا ينجح يبقى في بيته ليحمي نفسه وممتلكاته بكافة الوسائل، لأنه في حال وقع أي حادث لا أحد يحميه".
إعلانوعن الاعتداءات التي تطال المقدسيين وممتلكاتهم على أيدي المستوطنين المشاركين في مسيرة "رقصة الأعلام" قالت هذه المقدسية إنها لا تقتصر على الشتم والصراخ وتعمد أداء الأغاني العنصرية بصوت مرتفع، بل تتعدى ذلك للاعتداء الجسدي الذي يفضي أحيانا إلى كسور مختلفة، ولتخريب الممتلكات كخلع الأبواب وتحطيم النوافذ.
أما عن دور شرطة الاحتلال في هذا اليوم فتقول هذه المقدسية -وهي من سكان حارة السعدية-إن الشرطة تحرس المستوطنين وتغلق الطرق أمام المقدسيين وتفتش أبناءنا، وفي حال حدث أي طارئ كحاجة إحدى العائلات لنقل مريض بسيارة إسعاف تماطل في فتح الحاجز مما يضطر الأهالي لحمل المريض بأنفسهم ونقله إلى خارج الأسوار التاريخية.
"نتمسك بالقدس أكثر"واختتمت (ل.ع) بالحديث عن شعورها كمقدسية وهي تشاهد عشرات آلاف الأعلام الإسرائيلية التي يلوّح بها المتطرفون في باب العمود وأمام منزلها في أزقة البلدة القديمة، وقالت "والله وجع لا يوصف.. فالأعلام ليست مجرد قطعة قماش، بل رسالة واضحة لنا بأنهم هنا، ويجب ألا نكون، لكن ما يحصل أننا نتمسك بالقدس وبالأرض أكثر كلّما لوّحوا بها.. نحن نعلّق مفاتيح بيوتنا في قلوبنا لأن القدس لنا، وإن رفعوا آلاف الأعلام، نحن موجودون بكل زاوية وحجر ونَفَس".
????المساران الرئيسان لمسيرة الأعلام التهويدية في القدس، والتي ستُقام عصر الإثنين القادم (26 مايو/أيار الجاري)، حيث ينطلقان من شوارع غرب القدس وينتهيان في حائط البراق المحتل -وفق الخريطة المقررة منذ سنوات حسب شرطة الاحتلال-.
الاثنان سيخترقان البلدة القديمة بالقدس، لكن الأول… pic.twitter.com/vtuikFid4l
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) May 20, 2025
وابتداء من ساعات صباح يوم الاثنين المقبل، الموافق 26 مايو/أيار الجاري، سيبدأ مئات المستوطنين بالتوافد إلى البلدة القديمة للسير في أزقتها ملوّحين بالأعلام الإسرائيلية، ليصل أوج الاحتفالات نهاية النهار مع مشاركة عشرات الآلاف منهم في المسيرة التي يتخللها ترديد شعارات معادية للإسلام والعرب، بالإضافة إلى قيامهم بأعمال العربدة والاستفزاز لسكان وتجار البلدة القديمة الذين تسلمهم الشرطة الإسرائيلية كل عام أمرا بإغلاق محالهم التجارية لإخلاء مسؤوليتها عن أي أضرار.
إعلانوينطلق الذكور من المستوطنين في مسيرتهم من شارع "الملك جورج" غربي القدس، ويدخلون البلدة القديمة من باب العمود، أما الإناث فينطلقن من أمام مقبرة مأمن الله غربي البلدة القديمة ويدخلن البلدة القديمة من باب الخليل مرورا بالحي الأرمني وصولا إلى ساحة حائط البراق حيث التجمع الأضخم والاحتفالية المركزية.
ويضاف إلى هذه الاحتفالية الأبرز الحشد الكبير الذي تحضّر له جماعات الهيكل منذ أسابيع لاقتحام المسجد الأقصى جماعيا والدعوة لرفع الأعلام الإسرائيلية في ساحاته خلال الساعات الصباحية والمسائية المخصصة لاقتحامات المستوطنين.
وضمن أحدث أساليب الحشد نشر اتحاد منظمات الهيكل المتطرفة مقطعا دعائيا تحريضيا، تضمّن نداءات من 13 حاخامًا دعوا فيه جمهور تيار الصهيونية الدينية إلى اقتحام المسجد بكثافة يوم الاثنين المقبل الذي يُحتفل فيه بذكرى احتلال شرقي القدس وضمّها تحت السيادة الإسرائيلية.
دعت منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" إلى اقتحام المسجد الأقصى ورفع الأعلام الإسرائيلية فيه في ذكرى ما يسمى بتوحيد القدس، والذي يوافق يوم الاثنين 26-5-2025، للتأكيد على السيادة اليهودية على كامل مدينة القدس وعلى المسجد الأقصى.
ويُعد هذا اليوم "عيدا وطنيا" لإحياء ذكرى سيطرة إسرائيل على… pic.twitter.com/kVT5HVvXF0
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) May 20, 2025
إغلاق 1684 متجراويدفع التجار في أسواق البلدة القديمة والشوارع التجارية المحيطة بها ثمنا كبيرا في هذه المناسبة وفقا لأمين سر الغرفة التجارية الصناعية في القدس حجازي الرشق، الذي أكد في مستهل حديثه للجزيرة نت أن القدس تتحول في يوم "توحيد القدس" إلى ثكنة عسكرية لكثرة الحواجز والدوريات الراجلة وخاصة على أبواب البلدة القديمة وداخل حاراتها وأزقتها.
إعلانوأضاف الرشق أن التجار في طريق الواد والسلسلة والمجاهدين وسويقة علّون هم الأكثر تضررا في هذا اليوم، إذ يتعمد المستوطنون المارّون تحطيم اليافطات ورمي البضائع المعروضة أمام الحوانيت على الأرض، مما يكبد التجار خسائر فادحة، بالإضافة لوضع أعواد خشبية داخل أقفال المحال المغلقة لإتلافها، "وتنفّذ هذه الاعتداءات أمام أعين الشرطة التي لا تعتقل أحدا من الجناة".
ولا يعتدي المستوطنون المشاركون في مسيرة "رقصة الأعلام" على ممتلكات التجار فحسب، بل يتعمدون سبّ الذات الإلهية والنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وترديد شعارات عنصرية كـ"الموت للعرب" أمامهم، ويستهدفونهم بالبصق والكثير من التصرفات الاستفزازية الأخرى.
وتجبر الشرطة وفقا لأمين سر الغرفة التجارية التجار على إغلاق أبواب حوانيتهم، وإن لم يمتثل أحدهم للأوامر يتعرض لعقوبات كتمرير اسمه للدوائر المختصة بفرض الضرائب للانتقام منه.
"مع الأسف لا تنحصر التضييقات داخل أسوار البلدة القديمة، بل تمتد إلى المربع التجاري الخارجي كشارع المصرارة وعمرو بن العاص والزهراء والسلطان سليمان وصلاح الدين الأيوبي والرشيد".
وتضم هذه الشوارع 664 متجرا وفقا للرشق، يضاف إليها 1020 متجرا لا تزال تفتح أبوابها داخل أسوار البلدة القديمة.