اكتسب الوعد الأمريكي بالتحول إلى آسيا أخيراً الزخم باتفاقات أمنية مع الفلبين والهند، وتوسيع التدريبات العسكرية وتخطيط مع الحلفاء من أجل البقاء متقدمين على التكنولوجيا الصينية.

يمكن أن تواجه اليابان وتايوان وأستراليا تأخيراً في تسلم المعدات العسكرية

ولكن الشرق الأوسط، بحسب ما كتب داميان كايف في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، جذب واشنطن مجدداً مثل دوامة.

. وبالنسبة إلى شركاء أمريكا في المحيطين الهادئ والهندي، وكثيرون منهم يشعرون بالقلق أصلاً لأن الولايات المتحدة لا تتحرك بالسرعة الكافية لمواجهة بكين، فإن التركيز المفاجئ على غزة -مع مسارعة البنتاغون إلى حشد القوات الأمريكية ونقل الأسلحة إلى إسرائيل ومسارعة الدبلوماسيين الأمريكيين إلى عواصم الشرق الأوسط- جعل الشركاء في آسيا يشعرون بالخسارة، ما سيؤدي إلى تأخير التقدم في مواجهة بعض تحدياتهم الأكثر أهمية. 

Biden’s team plans to surrender Asia in Biden’s second term.

Can the U.S. Handle China While Supporting Israel and Ukraine Wars? - The New York Times https://t.co/MkkB5vwaf6

— Laura Ingraham (@IngrahamAngle) November 9, 2023

وقال النائب والمستشار السابق في الأمن القومي الياباني أكيهيسا ناغاشيما، خلال منتدى إستراتيجي في سيدني بأوستراليا الأسبوع الماضي: "أكثر ما يقلقنا هو تحويل المقدرات العسكرية الأمريكية من شرق آسيا إلى الشرق الأوسط.. إننا نأمل في أن ينتهي هذا النزاع في أسرع وقت ممكن".

بلينكن وأوستن

ويقول القادة العسكريون الأمريكيون إن أياً من المعدات الأمريكية لم ينقل من منطقة المحيطين الهادئ والهندي.. ويجول وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان لويد أوستن وأنتوني بلينكن على آسيا هذا الأسبوع حاملين رسائل تطمين، وسيتوقفان بشكل منفصل أو معاً في الهند واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا.

وعلى الأرجح سيستمعان إلى مزيد من الآراء حول غزة، في وقت تبدو الهند أكثر دعماً لإسرائيل، بينما تسعى اليابان إلى مقاربة أكثر توازناً، وتعبر إندونيسيا، أكبر بلد مسلم، عن غضب متزايد حيال آلاف المدنيين الذين قتلوا في الغزو الإسرائيلي الذي أعقب هجوم حماس على إسرائيل.

لكن كل هذه الدول تتشارك في سؤال واحد وهو كيف ستوازن أمريكا بين انخراطها في حرب أخرى بعيدة، فضلاً عن أوكرانيا، وبين حاجات المحيطين الهادئ والهندي.. وكثيرون يسألون عن حجم التعهدات الذي تستطيع الولايات المتحدة الالتزام به حيال كل هذه الدول، علماً ان قواتها في الخارج منتشرة بطاقتها القصوى، بينما هي منقسمة في الداخل؟ 

“How many pledges of support to how many nations can the United States — a power stretched thin abroad and politically divided at home — actually handle?” https://t.co/XUfSA3DJAY

— Jonathan Lemire (@JonLemire) November 9, 2023

ولفت الكاتب إلى أن الأسلحة هي مجال للقلق المشترك.. إن الصناعة العسكرية في الولايات المتحدة تعاني من نقص في الذخيرة التي تزود بها أوكرانيا وإسرائيل، بما في ذلك قذائف المدفعية من عيار 155 ملم، كما أن الذخائر الموجهة وأنظمة أمريكية أكثر تعقيداً يتم ارسالها إلى النزاعين، حتى وإن كان شركاء أمريكا في المحيطين الهادئ والهندي ينتظرون حصتهم من الأسلحة.

معدات عسكرية

ومن الممكن أن تواجه اليابان وتايوان وأستراليا تأخيراً في تسلم المعدات العسكرية، التي كان تم التعاقد عليها ووعدت بها الولايات المتحدة.

ويقول وزير الدفاع التايواني السابق أندرو نين-دزو، إن "الأمر لا يتعلق فقط بالمعدات فقط.. بل عليك أن تعلم وتدرب الناس على طريقة استخدام هذه الأسلحة"، وأضاف: "هناك قلق من أن لا يكون لدى الولايات المتحدة المزيد من الفاعلية والقدرة اللازمة لردع الصين".

وإذا ما طالت حرب غزة، فإن تأثيراتها قد تتغير.. وبينما قد ينهك نزاع مديد الترسانات الأمريكية، فإن الصين قد تتعلم درساً مفاده أن حرب المدن صعبة للغاية، ما قد يردع بكين عن تنفيذ تهديداتها بالسيطرة على تايوان ذات الكثافة السكانية العالية، التي تنظر إليها على أنها أراضٍ ضائعة.

سياسة حافة الهاوية

حتى الآن، يبدو أن الصين تفضل سياسة حافة الهاوية.. وبعد أسبوعين من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول)، صدمت سفينة لحرس السواحل الصيني وزورق للميليشيات البحرية، سفناً فيليبينية كانت في مهمة لنقل الإمدادات إلى موقع فيليبيني في بحر الصين الجنوبي تزعم بكين ملكيته، وكان هذا الحادث الأكثر خطورة بين البلدين منذ 20 عاماً فيما يتعلق بالأراضي المتنازع عليها.

وبعد أيام، اقتربت مقاتلة صينية إلى مسافة 10 أقدام من قاذفة بـ52 أمريكية خلال مناورة ليلية فوق بحر الصين الجنوبي، ما كاد يتسبب باصطدام.. وهو وصفه الجيش الأمريكي "بنموذج خطير وإكراهي وسلوك عملياتي ينطوي على مجازفة".

وهدف الصين، بحسب القائد الأمريكي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي الأدميرال جون س. أكويلينو، "إرغام الولايات المتحدة على الخروج من المنطقة"، الأمر الذي يؤكد مسؤولون في البنتاغون أنه غير وارد.

وتتذكر الهند كيف انتقل الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، من اعتبار الصين "منافساً إستراتيجياً" إلى محاولة التقرب منها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، والزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي وقتذاك إلى بكين، ولقائه الرئيس الصيني حينذاك جيانغ زيمين.

والآن، مع حرب غزة، والزيارة التي سيقوم بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى سان فرانسيسكو، لحضور قمة آبيك ولقائه المتوقع مع الرئيس جو بايدن هذا الشهر، فإن بعض المعلقين الهنود يتساءلون عما إذا كان بايدن سيحدث تحولاً على موقفه حيال الصين بسبب الشرق الأوسط.

وبالنسبة إلى اليابان وشركاء آخرين في آسيا، فإن الحرب في غزة تخاطر بعرقلة إمدادات النفط والتقدم على صعيد الأمن. وكلما انتهت الحرب بسرعة، بحسب رأيهم، كلما كان في الإمكان العودة سريعاً إلى ما تعتبره واشنطن التحدي الأكثر أهمية: الردع والتنافس مع الصين في عالم يزداد ترابطاً.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة

قبل 600 سنة تقريبا عندما فتح العثمانيون القسطنطينية تعلَّموا خطرَ الإفراط في التمدد الإمبراطوري.

ففي محاولة لمعاقبة التجار الأوروبيين الذين كانوا يكرهونهم فرض العثمانيون رسوما وعقوبات على سلوكهم طريق الحرير المشهور. رد البرتغاليون بتطوير طرق بحرية إلى آسيا. وقاد الصراع الذي نتج عن ذلك إلى تدهور طويل الأمد لطريق الحرير. لقد أتى الإفراط في ممارسة النفوذ بنتيجة عكسية.

هل يحدث هذا الآن مرة أخرى؟ يجدر بنا أن ننظر في ذلك.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفرض تعريفات جمركية شديدة التقلب فقط ولكنه يطبق عقوبات أيضا. بالمناسبة كلمة تاريف (تعريف) الإنجليزية والتي تعني الرسم الجمركي مُقترضة من اللغة العربية.

في الأسبوع الماضي فقط وأثناء جولته الشرق أوسطية أعلن ترامب عن عقوبات على الشركات الآسيوية التي تنقل النفط الإيراني إلى الصين. كما يدرس أيضا فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في أعقاب تحرُّك من أوروبا.

يقينا، ترامب ليس أول رئيس أمريكي يفعل هذا. فأسلافه من الرؤساء الأمريكيين تبنوا باطراد فكرة العقوبات منذ عام2001. لكن البيت الأبيض يبدو متلهفا وبشدة لاستخدام هذه الأسلحة الآن ليس فقط في مجال النفط ولكن أيضا في التقنية الحساسة كالرقائق الإلكترونية وفي المال (بإقصاء البلدان عن نظام سويفت للمدفوعات). أو كما كتب إدوارد فيشمان في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان نقاط الاختناق: النفوذ الأمريكي في عصر الحرب التجارية «القوى العظمى قديما نهضت وعاشت بالسيطرة على نقاط الاختناق الجغرافية كمضيق البسفور. النفوذ الأمريكي في الاقتصاد المعولم يعتمد على نقاط اختناق من نوع مختلف».

على أية حال هنالك مفارقة معيَّنة هنا. فكما رد البرتغاليون على قيود العثمانيين بتطوير طرق تجارية بديلة قوضت نفوذهم، تهدد أهداف ترامب اليوم بفعل نفس الشيء (إيجاد بدائل تقوِّض نفوذ أمريكا- المترجم) وبأسرع من ذلك.

لننظر في أمر النفط. في عام 2022 بعد غزو أوكرانيا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات على صادرات النفط الروسية بأمل ضرب اقتصادها. تماما كما فعلت العقوبات قبل ذلك مع إيران. لكن الحلفاء الغربيين خشوا أيضا من أن يرفع فرضُ حظرٍ كامل أسعارَ النفط. لذلك حاولوا أنصاف الحلول. فقد سمحوا لروسيا بالبيع للبلدان غير الغربية لكن عند أسعار أدنى من السوق أو أقل من 60 دولارا مع فرض العقوبات على المخالفين.

ألْحَقَ ذلك الإجراءُ بعضَ الضرر بروسيا. ويشير بحث اقتصادي صدر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي بولاية دالاس أن روسيا عندما حولت وجهة صادراتها النفطية إلى الهند لزمها «قبول خصم حوالي 32 دولارا في مارس 2023 من سعر نفط «أورالز» في يناير 2022 بسبب ارتفاع تكاليف الشحن البحري وقوة المساومة الجديدة التي حصلت عليها الهند.

لكن هذا الضرر خفَّ مع شروع روسيا في استخدام «أساطيل الظل» لنقل النفط. وهي الناقلات التي تتجنب الرصد بإغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال.

وفي حين كانت مثل هذه الأساطيل صغيرة في السابق إلا أنها تكاثرت الآن وأوجدت «نظاما دائما وموازيا لتجارة النفط لا يخضع للسياسات والضوابط المعترف بها دوليا»، حسب تقرير للمعهد الملكي للخدمات (الدفاعية) المتحدة.

في الواقع، يشير تحليل اقتصادي حديث استخدم نماذج تعلُّم الآلة إلى أن السفن المظلمة (سفن التهريب التي تتخفَّى عن التتبُّع) نقلت ما يُقدَّر بحوالي 9.3 مليون طن متري من النفط شهريا في الفترة بين 2017 و2023 أو ما يقارب نصف صادرات النفط العالمية عن طريق البحر. وتشكل واردات الصين 15% من هذه التجارة.

يحاول المسؤولون الأمريكيون الحيلولة دون ذلك. ولهذا الغرض صدرت العقوبات الأخيرة ضد الشركات التي تتخذ مقرها في هونج كونج. لكن وكما ذكرت أغات ديماري الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كتابها «رد الفعل العكسي» توحي التجارب السابقة بأن العقوبات تنجح حقا عندما تُطبَّق بسرعة وتكون أهدافها واضحة ومدعومة بواسطة الحلفاء (وهذا الشرط الأخير حاسم في أهميته).

ليس واضحا ما إذا كان في مقدور ترامب تحقيق ذلك. فسياسة الرسوم الجمركية التي يتّبعها قضت على ثقة الحلفاء. ومساعي الإدارات الأمريكية السابقة للحد من صادرات التقنية إلى الصين ترتبت عنها جزئيا نتائج عكسية. فبكين تطوّر تقنياتها الخاصة بها وتستخدم أطرافا ثالثة لتهريب الرقائق الإلكترونية.

نفس الشيء حدث مع التمويل. فعندما أقصت أمريكا روسيا من نظام «سويفت» للمدفوعات «قللت بقدر مهم من حجم التجارة الروسية مع الشركات في الغرب». لكنها كانت غير فعالة في خفض التجارة الروسية مع البلدان غير الغربية، حسب ورقة غير منشورة أعدها اقتصاديون ببنك التسويات الدولية. السبب في ذلك «ازدياد استخدام عملات الشركاء في تجارة روسيا مع البلدان النامية». فقد ساعد على التخفيف من آثار عقوبات نظام «سويفت».

كالعادة، لجأ ترامب إلى التشدد. فقد هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تطور أنظمة مدفوعات غير دولارية. ربما سينجح في ذلك على ضوء الهيمنة الحالية للدولار. لكن وكما أشارت أغات ديماري في حين توضح التجارب السابقة إلى أن العقوبات قد تكون فعالة أحيانا إلا أن ذلك يستلزم استخدامها على نحو حاسم ومع الحلفاء. حتى مع ذلك يمكن أن تترتب عنها عواقب غير مقصودة.

لذلك كل الأبصار مصوَّبة نحو النفط الإيراني. ربما يسحب ترامب تهديداته. فأسعار النفط هبطت يوم الأربعاء الماضي عندما قال إنه يحرز تقدما في محادثاته مع طهران. لكن إذا لم يحدث ذلك سيشكل نشاط سفن التهريب اختبارا حاسما للتحقق مما إذا كانت لدى فريق ترامب حقا القدرة على تقييد صادرات النفط الإيرانية كما يعتقد. لقد حان الوقت لأخذ العبرة مما حدث لطريق الحرير.

جيليان تيت كاتبة رأي ورئيسة هيئة التحرير بصحيفة الفاينانشال تايمز

عن الفاينانشال تايمز

مقالات مشابهة

  • حجيرة : الولايات المتحدة الأمريكية أول وجهة للزليج المغربي والصادرات المغربية أصبحت مؤمٓنٓة نحو أفريقيا
  • الولايات المتحدة الأمريكية تمثل الوجهة الأولى لصادرات الصناعة التقليدية المغربية
  • ما أسباب تخفيض موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟
  • إيكونوميست: انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" من البحر الأحمر.. ما المشاكل والاخفاقات التي واجهتها؟ (ترجمة خاصة)
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لم تبحث ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا
  • العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
  • جولد بيليون: تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية يدعم الذهب
  • جولد بيليون: تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يدعم الذهب
  • العفو الدولية تدعو إلى التحقيق في الضربات الجوية الأمريكية باليمن التي خلفت عشرات القتلى من المهاجرين
  • تراجع طفيف للدولار بعد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة