التطور التكنولوجى.. ما له وما عليه!
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
نتحدث كثيرا عن القوة الشاملة التى تسعى الدول إلى امتلاكها دون أن يعى الكثيرون معنى هذا المفهوم، ومكوناته، خاصة القوى الحديثة مثل القوة التكنولوجية التى أصبحت عنصرًا مهمًا ورئيسيًا وفارقا فى قوة أى دولة، ولهذا نرى السباق العالمى على امتلاك التكنولوجيا التى طورت شكل الحياة وصنعت تقدما مذهلا أسهم فى تسريع وتيرة التغيير فى كل المجالات، فلم يعد يمر يوم إلا ونسمع عن تطورات واكتشافات جديدة فى مجال التكنولوجيا من الطب إلى الصناعة والتجارة والتعليم وصولا إلى أهم مجال يستفيد من هذا التقدم وهو المجال العسكرى، لدرجة أن قدرات الدول الآن يمكن أن تتغير لحظيا بفعل هذا التطور التكنولوجى المرعب.
ولأهمية هذا التطور وتأثيره أصبح امتلاك هذه القوة جزءا من الصراع العالمى فمن يمتلك التكنولوجيا الحديثة يمتلك القدرة على القفز للأمام سريعا، بل إن معدلات النمو والناتج القومى ومستوى دخل الفرد أصبحت متوقفة على مستوى التطور التكنولوجى الذى تحققه الدولة، وعندما اجتاح وباء كورونا العالم كان العنصر الفارق فى تعامل الدول معه هو مدى امتلاك كل دولة للتكنولوجيا الحديثة، بكل عناصرها وتأثيراتها سواء فى تدفق المعلومات أو تطوير الخدمات التى تقدم لمواطنيها أو تحديث قدراتها التنافسية والصناعية والإنتاجية، والتواصل مع العالم وتوفير فرص العمل، ويكفى أن نقول إن تجارة التكنولوجيا هى الأكثر ربحا الآن والدول التى تنتج تكنولوجيا متقدمة هى الأكثر دخلا.
ودولنا العربية لم تعد بعيدة عن هذا الصراع التكنولوجى بل دخلته بقوة من أجل امتلاك مقوماته، وخلال السنوات الأخيرة لمسنا مستويات كبيرة من التطور التكنولوجى بل وظهور جامعات وكليات متخصصة فى تخريج أجيال جديدة من المؤهلين تكنولوجيا، مثلما حدث فى مصر، لكن رغم ذلك ما زلنا بعيدين عن مستويات الاستخدام التكنولوجى بمسافات، والأهم أننا ما زلنا مجتمعات مستهلكة للتكنولوجيا ولسنا منتجين لها رغم ما نمتلكه من قدرات كبيرة فى هذا المجال فى مقدمتها العقول العربية المبدعة، فهذه الثروة الحقيقية لم نستفد منها وإنما تركناها للغرب يستثمرها ويبيع لنا نتاجها.
دخول هذا المجال لم يعد رفاهية أو اختيار بل مسار إجبارى علينا أن نخوضه بكل قوة والاستفادة من ميزاته الكبيرة ليس فقط فى تعزيز التواصل بين الأفراد وتوفير منصة لتبادل الأفكار والتجارب وإنما أيضا توفير فرص عمل جديدة فالتجارة الإلكترونية يمكن أن تسمح للأفراد ببدء أعمالهم الخاصة وزيادة إمكانيات العمل الحر.
بالتأكيد لا تخلو التكنولوجيا من الآثار السلبية فكلما تطورنا فى استخدامنا تعرضنا لتأثيراتها الجانبية وأخطرها الانفصال الاجتماعى وتزايد اندماج الشباب فى الثقافات المختلفة بما قد يهدد الهوية أيضا تأثيراتها على انتهاك الخصوصية وبعض التداعيات الاقتصادية مثل قضية الوظائف التى تختفى لكن لا بديل أمامنا فى عالم لا يعترف إلا بالتقدم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السباق العالمي الصناعة والتجارة التعليم
إقرأ أيضاً:
هل انتهى عصر القوة الأميركية الناعمة؟
ذكرت "لوموند" -في افتتاحيتها اليوم السبت- أن لحظة تاريخية كبرى تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، ومعها بقية العالم، ترتبط بمصير "القوة الناعمة" التي لطالما كانت أساس صناعة القرار السياسي الأميركي محليا ودوليا.
وتابعت الصحيفة الفرنسية أنه من المفارقات أن تنامي الحديث عن مصير القوة الأميركية الناعمة -خلال الأيام الأخيرة- تزامن مع وفاة جوزيف ناي الخبير الأميركي الدولي وأستاذ علم السياسة والعلاقات الدولية الذي نحت مصطلح القوة الناعمة وأصّل له علميا وأكاديميا يوم 6 مايو/أيار الجاري.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نائب بالكنيست يكشف عن خطة وُضعت عام 2017 للاستيلاء على غزةlist 2 of 2تايمز: بريطانيا ترسل فخاخا إلى أوكرانيا لإرباك القوات الروسيةend of listوأوضحت أن الرئيس الحالي دونالد ترامب يعمل على هدم تلك القوة الناعمة بأساليب مختلفة.
ضرروزادت لوموند أن ترامب -وخلال 100 يوم فقط من ولايته الجديدة- ألحق ضررا هائلا بصورة الولايات المتحدة ونفوذها في العالم، وضربت على ذلك مثلا بإلغاء وجود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) بناء على نصيحة الملياردير إيلون ماسك، وهو القرار الذي أنهى برامج أساسية في مجالات الصحة والتعليم والمجتمع المدني ممتدة عبر العالم منذ عام 1961.
كما أنه قوض تأثير النظام القضائي ووسائل الإعلام المستقلة والجامعات الشهيرة، وهي وسائل كانت تستخدمها الولايات المتحدة لنشر نموذجها للديمقراطية، ومفاهيمها الخاصة.
إعلانفضلا عن أنه بمعالجته لموضوع الهجرة والمهاجرين، دمر مفهوم "المدينة المتلألئة على التلة" الذي تحدث عنه الرئيس الراحل رونالد ريغان، ويعني به اجتذاب النموذج الأميركي الناجح للمهاجرين من كل مكان.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن تلك القرارات وغيرها جعلت مبدأ "القوة الناعمة" يتراجع القهقرى، مقابل ترسيخ مفهوم جديد مفاده أن النفوذ وإنجاح المصالح لا يتحقق إلا بالقوة والترهيب وعقد الصفقات.
ضد التيارغير أن لوموند ذكرت أن هناك نماذج من مليارديرات أميركيين يسبحون ضد التيار، وبينهم بيل غيتس (69 عاما) الذي اختار منذ 25 عاما أن يستخدم ثروته لإنجاح مشاريع إنسانية في الدول الفقيرة.
كما أن غيتس وعندما لاحظ تقليص الدول الغنية مساعداتها التنموية للبلدان الفقيرة، غير إستراتيجيته معلنا منذ يومين تخصيص 99% من ثروته -أي ما يعادل 108 مليارات دولار- لمؤسسته الخيرية بهدف تقوية دورها خلال الـ20 عاما المقبلة، وإغلاقها نهائيا عام 2045.
وتابعت لوموند أن الملياردير وارن بافيت (94 عاما) هو الآخر كان قد تبرع بنصف ثروته لمؤسسة بيل غيتس، وأعلن تقاعده قائلا "الاقتصاد يجب ألا يكون سلاحا".
وذكرت أن البابا الجديد ليو الـ14 هو الآخر أميركي الجنسية، ومهتم بالعالم خارج الولايات المتحدة، ولديه -مثل غيتس وبافيت- شعور بمسؤولية الدول الغنية اتجاه العالم، مؤكدة أن هؤلاء يجسدون مفهوم القوة الناعمة كما تحدث عنها بدقة الخبير الدولي الراحل ناي.