بوابة الوفد:
2025-05-14@21:37:42 GMT

فى حضرة الجواسيس

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

لماذا تتجسس إسرائيل على أمريكا؟ هذا السؤال شغل الرأى العام الأمريكى قبل إدارته، بعد القبض على الجاسوس اليهودى «جوناثان جاى بولارد» فى 1985، تلك الفضيحة التى تسببت ظاهرياً فى غبار هدد العلاقة الحميمة بينهما، ووصفها وزير الدفاع الأمريكى فى ذاك التوقيت «كاسبار ويلارد واينبرجر» بأنها مست الشرف القومى الأمريكى، وانتقدت صحيفة «نيويورك تايمز» تل أبيب «بحنية»، وقالت: هل يجوز أن يتجسس الأصدقاء على الأصدقاء؟ 

كان السؤال السابق «عتاباً» ممزوجاً بالدهشة المغلفة بالاستهجان، خاصة أن الولايات المتحدة لم تبخل على ابنتها فى منطقة الشرق الأوسط بالدعم الكامل، سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً، وبعد مرور تلك السنوات الطويلة على فضيحة تجسس «بولارد»، تجاوزت العلاقة بين الأم والكيان المحتل مرحلة الصداقة والتبنى إلى نقطة الكيان الواحد! تلك النقطة التى يمكن أن تقول عندها بضمير مطمئن، إن أمريكا هى إسرائيل، وإسرائيل هى أمريكا، لتتم إعادة صياغة السؤال نفسه من جديد بأشكال مختلفة تتلاءم مع هذا التطور العكسى لتلك الفضيحة، وكيف وصلت العلاقة بينهما إلى هذا التوحد، فمن يتلاعب بمن؟ ومن يضحك على من؟ وأخيراً من يسيطر و«يلوى» ذراع من؟

الإجابة عن هذا السؤال بأشكاله المختلفة وسياقاته المتعددة، تجيب عنها مراحل قضية «بولارد» وتطورها، من لحظة دخوله عالم الجاسوسية ثم القبض عليه وإدانته وصولاً إلى حياته فى إسرائيل، التى يعيش فيها الآن بضمير البطل الذى أنقذها! وخلال تلك المراحل يمكن سرد عدد من الملاحظات والوقائع بعيداً عن كيفية تجنيد «بولارد» ودوافع دخوله عالم الجاسوسية:

ـ «جوناثان بولارد» هو محلل معلومات فى الأسطول الأمريكى، كانت تصل إليه معلومات يتم جمعها من قبل أجهزة الاستخبارات المختلفة، وكان يرى أن هذه المعلومات حيوية جداً لبقاء إسرائيل، يقول «بولارد»: بالرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على التعاون فى مجال تبادل المعلومات السرية، كان هناك جزء كبير من المعلومات بالغة الأهمية يتم إخفاؤها عن إسرائيل!

ـ «بولارد» الذى سرب آلاف الوثائق السرية الأمريكية، وكان يحمل جواز سفر باسم «دانى كوهين»، كانت لديه قناعة بأن نظرية وزير الدفاع «واينبرجر» تقضى بضرورة تحجيم قوة إسرائيل لضمان ارتباطها الدائم بالولايات المتحدة، وضمان استمرارية الوجود الأمريكى فى المنطقة، لذا عمل على تصحيح هذا الخطأ، فى رأيه، الذى ارتكب فى حق إسرائيل!

ـ يتضح من كلام «بولارد» السابق أن الولايات المتحدة كانت تحتفظ بجزء خاص من المعلومات التى تضمن لها الحفاظ على «زر» ريموت الأوامر الموجهة إلى إسرائيل، ووضعها تحت التحكم والسيطرة، .

. ماذا حدث إذن؟!

ـ بعد اكتشاف أمر «الجاسوس» ومطاردته، تنصلت إسرائيل من تلك الفضيحة، وقامت سفارتها بطرد «بولارد» وزوجته «آن» خارج أبوابها إلى أحضان رجال الـ«إف بى آى»، ثم قدمت إسرائيل علناً اعتذاراً رسمياً للولايات المتحدة لاحتواء زلزال تلك الفضيحة وتوابعها، ثم رحب المجنى عليه بهذا الاعتذار!.. وهنا يجب السؤال، هل كانت دوافع هذا القبول تخضع «لحنية قلب الأم»، أم لخطورة الوثائق التى أصبحت فى حوزة تل أبيب؟!.. سؤال مهم بعد تسريب آلاف الوثائق السرية، التى رأى البعض أنها أضرت بالأمن القومى الأمريكى أكثر كثيرًا مما تم الاعتراف به علناً! 

ـ بعد مرحلة هدوء الأجواء وقبول الاعتذارات و«لم الشمل»، تأتى مرحلة الضغط للإفراج عن «الجاسوس»، ويبدو أن أهمية تلك الوثائق وخطورتها لم تسمح طوال تلك الفترة من 1985 بالحصول على عفو رئاسى من البيت الأبيض لـ«بولارد» الذى حكم عليه بالسجن مدى الحياة، ثم حصل على إفراج مشروط عام 2015، ثم إطلاق سراحه ووصوله إلى إسرائيل 2020. 

ـ لم تنتهِ قصة هذا «الجاسوس» عند تلك النقطة، فبعد «عملية طوفان» الأقصى التى أثبتت حتى اللحظة أنه يمكن تجاوز تلك الجاسوسية والتلاعب بها، بل فضح عجزها لاستعادة الرهائن الموجودة فى «خزائن حماس»، يقول «بولارد» تعليقاً على هذا الطوفان، إنه كان ينبغى على إسرائيل «إبلاغ عائلات الرهائن، إما أن يغلقوا أفواههم، أو سنغلقها لكم، لا تتدخلوا فى إدارتنا لهذه الحرب»! 

الخلاصة.. تريد إسرائيل أن تتخلص من كونها كائناً طفيلياً يعتمد بقاؤها على القوى العظمى، وتصبح الدولة الكبرى الوحيدة المهيمنة على الشرق الأوسط، عن طريق زرع شبكة من الجواسيس داخل مفاصل الدول الأعداء، مثل «إيلى كوهين أو كامل أمين ثابت» فى سوريا، أو ابتزاز الحلفاء وسرقة أسرارهم العسكرية والعلمية مثل تجنيد «بولارد أو دانى كوهين».. وعلينا الانتباه لأن مراحل تحقيق تلك الرغبة وتطورها تتكشف فى حضرة الجواسيس وكشفهم.

.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب ا تتجسس إسرائيل أمريكا نيويورك تايمز

إقرأ أيضاً:

ترامب لن يزور إسرائيل.. هل انقلب على نتنياهو بالكامل؟

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في مستهلّ جولة إقليمية تبدأ من المملكة العربية السعودية، وتشمل لاحقًا كلًا من الإمارات العربية المتحدة وقطر.

وتُرافق هذه الزيارة تعهدات استثمارية ضخمة من دول الخليج الثلاث في مجالات تمتد من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة والتعدين والصناعات الثقيلة وغيرها.

في خلفية هذه الزيارة، تُثار تساؤلات حول تقاطع المصالح السياسية والاقتصادية الشخصية، لا سيما وأن منظمة ترامب تملك وتدير مشاريع عقارية وتجارية في الدول الثلاث التي تشملها الزيارة. وهو ما يعيد إلى الواجهة الجدل المستمر بشأن حدود الفصل بين الوظيفة العامة والمصالح الخاصة في إدارة ترامب.

ومع ذلك، تغيب دولة واحدة بشكل لافت عن جدول الجولة الإقليمية، رغم أنها تُعدّ "الصديقة الوفية" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي إسرائيل، التي تنفّذ منذ 19 شهرًا إبادة جماعية في قطاع غزة، بدعم هائل من الأموال والأسلحة الأميركية. وقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين وفقًا للأرقام الرسمية نحو 53 ألفًا، ولا يزال الرقم في تصاعد.

ورغم أن الإبادة الجماعية بدأت في عهد سلفه، الرئيس جو بايدن، فإن ترامب لم يتردد في تبني هذا القتل الجماعي أيضًا، إذ أعلن بعد فترة وجيزة من عودته إلى الحكم أنه "سيرسل لإسرائيل كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة" في غزة.

إعلان

ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل تستغرق وقتًا أطول مما يرغبه الرئيس الأميركي، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا مؤخرًا إلى تصعيد الهجوم على القطاع الذي بات مدمّرًا إلى حدّ كبير.

المشكلة، بالطبع، ليست أن ترامب يكترث لما إذا كان الأطفال والبالغون الفلسطينيون يُقتلون جوعًا وقصفًا، بينما تستغرق إسرائيل وقتها في "إنهاء المهمة"، بل إن الإبادة الجماعية الجارية تُعيق ببساطة رؤيته لما يسميه "ريفيرا الشرق الأوسط"، والتي يُفترض أن تنبع من أنقاض غزة، وهو مشروع أوضح ملامحه بقوله: "الولايات المتحدة ستتولى أمر قطاع غزة، وسنقوم بعمل رائع هناك. سنملكه".

وبينما قد يكون للحرب منافع تجارية – اسألوا فقط قطاع صناعة الأسلحة – يبدو أن الإفراط في الحرب قد يُعدّ استثمارًا غير مجدٍ في نهاية المطاف، على الأقل من منظور ترامب العقاري.

وفي الفترة التي سبقت جولة ترامب في الشرق الأوسط، تزايدت التقارير عن توترات بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي – وليس فقط فيما يتعلق بغزة. فقد ذكرت شبكة "NBC News" يوم الأحد أن نتنياهو "فوجئ بشدة – واغتاظ – الأسبوع الماضي من إعلان ترامب أن الولايات المتحدة أوقفت حملتها العسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن".

وما يُزعج نتنياهو على ما يبدو بدرجة أكبر هو رفض ترامب تأييد ضربات عسكرية ضد إيران.

أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة، حسب التقارير، تخلّت عن مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كشرط لدعم واشنطن برنامج المملكة النووي المدني.

فما الذي تعنيه إذًا العلاقة المتوترة بين ترامب ونتنياهو لما يسمى بـ"العلاقة الخاصة" والمقدسة بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟

وفقًا لمقال نشره موقع "واينت نيوز" الإسرائيلي: "رغم التوترات، يصرّ المسؤولون الإسرائيليون على أن التنسيق من وراء الكواليس مع إدارة ترامب لا يزال وثيقًا، دون وجود أي خلاف سياسي فعلي".

إعلان

ويطمئن التقرير القرّاء بأن السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، "نفى الشائعات التي تفيد بأن ترامب قد يعلن دعمًا لدولة فلسطينية خلال زيارته إلى الدول الخليجية الثلاث".
وطبعًا، من غير الواضح تمامًا ما نوع "الدولة الفلسطينية" التي يمكن أن يروّج لها شخص يقترح امتلاك الولايات المتحدة قطاع غزة وطرد السكان الفلسطينيين الأصليين منه.

ورغم تهميش إسرائيل في هذه الجولة، فإن ذلك لا يعني أنها لن تواصل لعب دور أساسي في السلوك العدائي الأميركي بشكل عام.
ففي الشهر الماضي فقط، استضاف مسؤولون جمهوريون وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير – صاحب المقولة الشهيرة: "لا يوجد سبب لإدخال غرام واحد من الطعام أو المساعدات إلى غزة" – في منتجع مارالاغو الخاص بترامب في فلوريدا.
وبعد عشاء أقيم على شرفه، تفاخر بن غفير بأن الجمهوريين "أعربوا عن دعمهم لموقفي الواضح جدًا حول كيفية التصرف في غزة، وأنه يجب قصف مستودعات الطعام والمساعدات".

وعليه، وبينما تنشغل العناوين الإعلامية بالصفقات الكبرى والاستحقاقات الدبلوماسية، يمكن القول إن إدارة ترامب لا تزال تواصل تعاملها مع التطورات الميدانية في غزة من منظور يخدم أولوياتها الإستراتيجية، حتى وإن بدا ذلك تغاضيًا عن الانتهاكات الإسرائيلية الواضحة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة:اجتمعنا مع إسرائيل من أجل مساعدات غزة بلا جدوى
  • ترامب لن يزور إسرائيل.. هل انقلب على نتنياهو بالكامل؟
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تضع هدف إخلاء غزة فوق حياة المدنيين
  • فنجان القهوة الذي أربك البروتوكول.. ترامب يرفض الرشفة في حضرة السعودية
  • بعد قليل ولى العهد السعودى يستقبل الرئيس الأمريكى فى قصر اليمامة بالرياض
  • الرئيس الأمريكى يصل قصر اليمامة لعقد مباحثات مع ولى العهد السعودى
  • فيديو.. ترامب يرد على سؤال صحفية عن "القصر الطائر"
  • من صفحات الرواية إلى غرفة العناية.. صنع الله إبراهيم سطور الإبداع تتوقف قليلًا في حضرة الألم
  • هل يجوز طلب التعيين في منصب إداري رفيع؟.. د.عطية لاشين يجيب
  • الرئيس الأمريكى دونالد ترامب: الحرب فى غزة وحشية