بوابة الوفد:
2025-06-29@19:42:09 GMT

فى حضرة الجواسيس

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

لماذا تتجسس إسرائيل على أمريكا؟ هذا السؤال شغل الرأى العام الأمريكى قبل إدارته، بعد القبض على الجاسوس اليهودى «جوناثان جاى بولارد» فى 1985، تلك الفضيحة التى تسببت ظاهرياً فى غبار هدد العلاقة الحميمة بينهما، ووصفها وزير الدفاع الأمريكى فى ذاك التوقيت «كاسبار ويلارد واينبرجر» بأنها مست الشرف القومى الأمريكى، وانتقدت صحيفة «نيويورك تايمز» تل أبيب «بحنية»، وقالت: هل يجوز أن يتجسس الأصدقاء على الأصدقاء؟ 

كان السؤال السابق «عتاباً» ممزوجاً بالدهشة المغلفة بالاستهجان، خاصة أن الولايات المتحدة لم تبخل على ابنتها فى منطقة الشرق الأوسط بالدعم الكامل، سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً، وبعد مرور تلك السنوات الطويلة على فضيحة تجسس «بولارد»، تجاوزت العلاقة بين الأم والكيان المحتل مرحلة الصداقة والتبنى إلى نقطة الكيان الواحد! تلك النقطة التى يمكن أن تقول عندها بضمير مطمئن، إن أمريكا هى إسرائيل، وإسرائيل هى أمريكا، لتتم إعادة صياغة السؤال نفسه من جديد بأشكال مختلفة تتلاءم مع هذا التطور العكسى لتلك الفضيحة، وكيف وصلت العلاقة بينهما إلى هذا التوحد، فمن يتلاعب بمن؟ ومن يضحك على من؟ وأخيراً من يسيطر و«يلوى» ذراع من؟

الإجابة عن هذا السؤال بأشكاله المختلفة وسياقاته المتعددة، تجيب عنها مراحل قضية «بولارد» وتطورها، من لحظة دخوله عالم الجاسوسية ثم القبض عليه وإدانته وصولاً إلى حياته فى إسرائيل، التى يعيش فيها الآن بضمير البطل الذى أنقذها! وخلال تلك المراحل يمكن سرد عدد من الملاحظات والوقائع بعيداً عن كيفية تجنيد «بولارد» ودوافع دخوله عالم الجاسوسية:

ـ «جوناثان بولارد» هو محلل معلومات فى الأسطول الأمريكى، كانت تصل إليه معلومات يتم جمعها من قبل أجهزة الاستخبارات المختلفة، وكان يرى أن هذه المعلومات حيوية جداً لبقاء إسرائيل، يقول «بولارد»: بالرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على التعاون فى مجال تبادل المعلومات السرية، كان هناك جزء كبير من المعلومات بالغة الأهمية يتم إخفاؤها عن إسرائيل!

ـ «بولارد» الذى سرب آلاف الوثائق السرية الأمريكية، وكان يحمل جواز سفر باسم «دانى كوهين»، كانت لديه قناعة بأن نظرية وزير الدفاع «واينبرجر» تقضى بضرورة تحجيم قوة إسرائيل لضمان ارتباطها الدائم بالولايات المتحدة، وضمان استمرارية الوجود الأمريكى فى المنطقة، لذا عمل على تصحيح هذا الخطأ، فى رأيه، الذى ارتكب فى حق إسرائيل!

ـ يتضح من كلام «بولارد» السابق أن الولايات المتحدة كانت تحتفظ بجزء خاص من المعلومات التى تضمن لها الحفاظ على «زر» ريموت الأوامر الموجهة إلى إسرائيل، ووضعها تحت التحكم والسيطرة، .

. ماذا حدث إذن؟!

ـ بعد اكتشاف أمر «الجاسوس» ومطاردته، تنصلت إسرائيل من تلك الفضيحة، وقامت سفارتها بطرد «بولارد» وزوجته «آن» خارج أبوابها إلى أحضان رجال الـ«إف بى آى»، ثم قدمت إسرائيل علناً اعتذاراً رسمياً للولايات المتحدة لاحتواء زلزال تلك الفضيحة وتوابعها، ثم رحب المجنى عليه بهذا الاعتذار!.. وهنا يجب السؤال، هل كانت دوافع هذا القبول تخضع «لحنية قلب الأم»، أم لخطورة الوثائق التى أصبحت فى حوزة تل أبيب؟!.. سؤال مهم بعد تسريب آلاف الوثائق السرية، التى رأى البعض أنها أضرت بالأمن القومى الأمريكى أكثر كثيرًا مما تم الاعتراف به علناً! 

ـ بعد مرحلة هدوء الأجواء وقبول الاعتذارات و«لم الشمل»، تأتى مرحلة الضغط للإفراج عن «الجاسوس»، ويبدو أن أهمية تلك الوثائق وخطورتها لم تسمح طوال تلك الفترة من 1985 بالحصول على عفو رئاسى من البيت الأبيض لـ«بولارد» الذى حكم عليه بالسجن مدى الحياة، ثم حصل على إفراج مشروط عام 2015، ثم إطلاق سراحه ووصوله إلى إسرائيل 2020. 

ـ لم تنتهِ قصة هذا «الجاسوس» عند تلك النقطة، فبعد «عملية طوفان» الأقصى التى أثبتت حتى اللحظة أنه يمكن تجاوز تلك الجاسوسية والتلاعب بها، بل فضح عجزها لاستعادة الرهائن الموجودة فى «خزائن حماس»، يقول «بولارد» تعليقاً على هذا الطوفان، إنه كان ينبغى على إسرائيل «إبلاغ عائلات الرهائن، إما أن يغلقوا أفواههم، أو سنغلقها لكم، لا تتدخلوا فى إدارتنا لهذه الحرب»! 

الخلاصة.. تريد إسرائيل أن تتخلص من كونها كائناً طفيلياً يعتمد بقاؤها على القوى العظمى، وتصبح الدولة الكبرى الوحيدة المهيمنة على الشرق الأوسط، عن طريق زرع شبكة من الجواسيس داخل مفاصل الدول الأعداء، مثل «إيلى كوهين أو كامل أمين ثابت» فى سوريا، أو ابتزاز الحلفاء وسرقة أسرارهم العسكرية والعلمية مثل تجنيد «بولارد أو دانى كوهين».. وعلينا الانتباه لأن مراحل تحقيق تلك الرغبة وتطورها تتكشف فى حضرة الجواسيس وكشفهم.

.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب ا تتجسس إسرائيل أمريكا نيويورك تايمز

إقرأ أيضاً:

إسرائيل والولايات المتحدة تتحركان لإفشال مبادرة أممية بشأن غزة

ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان على إحباط مبادرة تقودها الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية لتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بوقف أنشطة صندوق غزة الإنساني (GHF) وتفكيكه، وسط تقارير مثيرة للجدل حول نشاط الصندوق.

وبحسب التقرير، فقد عقدت جلسة مغلقة لمجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، أعقبتها توجيهات أممية إلى الوكالات والمنظمات الدولية بوقف التعاون مع الصندوق. 

ونقل عن ممثل روسي تقارير عن تورط الصندوق في تهريب مواد مخدرة إلى القطاع.

وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس تشهد فيه غزة أزمة إنسانية خانقة.

وأكدت الصحيفة العبرية أن واشنطن وتل أبيب تسعيان لتنسيق مواقفهما لإجهاض القرار قبل طرحه للتصويت مطلع الأسبوع المقبل. 

من جهته، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الموقف الإسرائيلي، معتبراً أن الوضع الإنساني في غزة بلغ "حدًا مروعًا"، داعياً إلى تفعيل خطة إنسانية قائمة "تستند إلى مبادئ الحياد والنزاهة"، بدل السعي لتفكيك الآليات القائمة.

وقال غوتيريش خلال مؤتمر صحفي في نيويورك: "لا يمكننا السماح بتهميش معاناة الفلسطينيين في غزة. الوقت حان لإظهار الشجاعة السياسية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار".

طباعة شارك إسرائيل والولايات المتحدة صندوق غزة الإنساني مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة معاناة الفلسطينيين في غزة

مقالات مشابهة

  • لا مستحيل في حضرة الإرادة.. قراءة في تصريح وزير الداخلية الجديد
  • عاجل | التربية: 1136 طالبًا أجابوا بالكامل عن السؤال المثير للجدل في امتحان الرياضيات
  • "زهرات".. الحزن
  • إسرائيل والولايات المتحدة تتحركان لإفشال مبادرة أممية بشأن غزة
  • إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لمنع مجلس الأمن وقف عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"
  • مجلس الشيوخ الأمريكى يقر مشروع قانون ترامب لخفض الضرائب
  • السؤال هنا، هل من الممكن تحصين الأحزاب السياسية من الاختراقات القبلية ؟
  • حقيقة تسريب امتحانات الثانوية العامة وسر السؤال المفبرك في التاريخ| فيديو
  • الأمم المتحدة تدين “إسرائيل” بجرائم استهداف منتظري المساعدات في غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المساعدات كوسيلة لاستهداف المدنيين في غزة