دعا فضيلة  الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إلى بث روح الأمل والتفاؤل، في مطلع هذا العام الجديد، بأن المستقبل يحمل الخير؛ فالأمل هو الذى يدفع الإنسان إلى العمل بهمة عالية وعزيمة ماضية من أجل تعمير الكون ونفع المجتمع.


وأكد مفتي الديار المصرية - في مقال بصحيفة (الأهرام) حمل عنوان (العام الجديد وفقه الأمل والعمل) - أن التحديات التي تواجه الأمة تتطلب من كل فرد من أفرادها أن يحسن الظن بربه، وأن يحسن العمل، وأن يعتقد يقينًا أن الله بيده مقاليد الأمور، وخزائن السموات والأرض، وأن الله تعالى سيجعل بعد عسر يسرًا، والمسلم يستعين بالله ولا يعجز، ولا يكسل عن طلب الطاعة ولا طلب الإعانة.


وقال المفتي إن الأمل فطرةٌ إنسانيةٌ وقيمةٌ من القيم الإيجابية التى حثَّ عليها الإسلام، وأثبتت أهميتها التجاربُ الحياتية، ولولا الأملُ لما صلح شأن الدنيا والآخرة؛ فصاحب الدنيا يُقبل على دنياه مدفوعًا بالأمل فى الظفر بنتيجة سعيه وجنى ثمار عمله، وطالب الآخرة يٌقبل على أداء العبادات راجيًا رحمة الله آملًا فى الفوز بالجنة.


وأوضح أن الأمل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسنن الكونية التى تدل على أن الأخذ بالأسباب يؤدى إلى النتائج بمشيئة الله تعالى؛ فالإنسان يُقدم على الزواج أملًا فى إنجاب الذرية الصالحة، ويٌقبل على المذاكرة والاطلاع رغبةً فى النجاح والحصول على أعلى الدرجات العلمية.. إلى غير ذلك؛ ولذلك نجد الإسلام يقرن الأمل بالعمل؛ يدل لذلك قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ»؛ فهذه الآية تُفيد بأن الأمل الذى تشير إليه كلمة «يرجون» مقترن بالعمل، وهو السعى فى الأرض لطلب الرزق، وهو المعنى نفسه الذى عبَّر عنه قوله تعالى: «فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا».


وأشار إلى أن الأمل بلا عمل خداعٌ للنفس وتمنٍّ يورث صاحبه الكسل والتواكل، وهو ما يضاد تعاليم الإسلام، مضيفا أن الأمل يبعث على التفاؤل وعدم اليأس والقنوط؛ فقد قال تعالى: «وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ»، وقال: «إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»، فلا عيش فى الإسلام فى ظل اليأس والقنوط والإحباط، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يحب التفاؤل ويبغض التشاؤم، ففى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطِّيَرة»، ويعلل الحافظ ابن حجر ذلك بأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، وأن التفاؤل حسن ظن به سبحانه، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال.


وذكر أن هذا الأمل والتفاؤل كان ملازمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أحواله، ولا سيما فى أحلك الظروف، وخير مثال على ذلك غزوة الأحزاب، ففى هذه الغزوة اجتمعت الشدائد والأزمات حيث جمعت قريش جموعها وظاهَرَتْها كثير من القبائل العربية حتى بلغ عددهم عشرة آلاف مقاتل خرجوا لحصار المسلمين فى المدينة، ونكث يهود بنى قريظة وعودهم، واشتدَّ الكرب بتخذيل المنافقين وتشكيكهم، وقد وصف الله تعالى الشدة التى ألـمَّت بالمسلمين فى هذه الغزوة فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا».


وتابع: رغم تلك الأزمات القاسية فقد بشَّر الرسول أصحابه بالنصر، فعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال: أَمَرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، قال: وعرض لنا فيه صخرة لم تأخذ فيها المعاول، فشكوناها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فأخذ المعول ثم قال: بسم الله، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: «الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكانى هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أُعطيت مفاتيح فارس، والله إنى لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكانى هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى هذا». وقد تحقق النصر للمسلمين فى هذه الغزوة بفضل الله وتوفيقه.


وواصل المفتي مقال بالقول: من خلال هذه الغزوة نجد الأمل المقترن بالعمل وحسن الظن بالله تعالى، ويستفيد المسلم من ذلك أنه يجب عليه أن يحسن الظن بالله تعالى، وأن يكون حسن الظن ملازمًا له فى كل حال وفى كل موقف، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: «أنا عند ظن عبدى بي؛ فليظن بى ما شاء». وفى رواية: «أنا عند ظن عبدى بي، فإن ظن بى خيرًا فله، وإن ظن بى شرًّا فله».


وشدد مفتي الديار المصرية أن حسن الظن بالله - تعالى - يقتضى من المسلم أن يُحسن العمل؛ فحسن الظن قرين لحسن العمل؛ كما قال الحسن البصري: «إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل».
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم حسن الظن بالله الله تعالى حسن العمل أن الأمل

إقرأ أيضاً:

لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير .. 7 أسباب لا يعرفها كثيرون

لعله استفهام لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، يعد أحد أسرار واحدة من سنن عيد الأضحى المبارك، الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، حيث انقضى ثلثا شهر ذي القعدة سريعًا لتفصلنا عن بداية شهر ذي الحجة والعشر الأوائل منه أيام قليلة ومن ثم فعيد الأضحى اقترب وفيه نحر الأضاحي من أهم سننه ومظاهره، وهذا ما يطرح الاستفهام عن لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، وقد بدأ المضحون في شراء الأضحية، وحيث إن معرفة الحكمة والفضل تزيد الحرص، من هنا فينبغي معرفة لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، بحسب ما جاء في الشرع الحنيف .

متى صيام العشر من ذي الحجة 2025 وفضلها؟.. الإفتاء تحدد موعدهامتى تبدأ العشر من ذي الحجة 2025؟.. اعرف موعد الصيام وعدد أيام الإجازةلماذا نحر الأضحية في العيد الكبير

ورد أن الأُضحيّة لُغةً: هي الشّاة التي ينحرها المسلمون في عيد الأضحى وجمعها أضاحي، وقد تُسمّى بالضَحيّة، وجمعها ضحايا، وأمّا في الاصطلاح الشّرعي: فهي كل ما ينحره المسلمون في عيد الأضحى إلى آخرِ أيامِ التشريقِ من الأنعام؛ بُغية التّقرب إلى الله -تعالى-.

و لقد شرع الله -تعالى- الأضحية لحكمٍ كثيرةٍ منها: إحياء سُنّة النبي إبراهيم -عليه السلام-، لقوله تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)، وقال ابن الجوزي: "إنّ الاتباع يكون في جميع ملته، وقد أمرنا الله باتّباعه؛ لسبقه إلى الحقّ"، وتعلّم الصبر والامتثال لأوامر الله تعالى؛ فالمسلم حين يُضحّي يتذكّر تضحية وثبات إبراهيم -عليه السلام- لمَّا أمره الله بذبح ابنه إسماعيل، وتقديمه لطاعة الله -تعالى- على كلّ شيءٍ.

ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير

وجاء في إجابة ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير ؟، أنها إحياءٌ لسنة إبراهيم - عليه السلام -، بعد أنْ نحر الكبش الذي افتدى الله سبحانه وتعالى به سيدنا إسماعيل، فقال تعالى: « إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» الآيات من 106: 110 من سورة الصافات، لِيصبح نحر الأضحيات فيما بعد من أساسيات عيد الأضحى المبارك، التي يَقوم بها المسلمون في شتى بقاعِ الأرض لِينالوا الأجر العظيم.

وورد أنها للتوسعة على الناس؛ وخاصةً الأهل والأقارب، وذلك ممّا يزيد المحبة بين المسلمين، ولشكر الله تعالى على نعمه، كما أنّ في الأضحية اعترافاً لله -تعالى- بفضله ونعمه، وامتثال لأوامر الله تعالى، وتطبيق لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ ضحى النبي عنه وعن أهل بيته وأمته بكبشين أقرنين، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ضَحَّى بالمَدِينَةِ كَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ).

كما أنه شرع الله تعالى الأضحية في عيد الأضحى المبارك ؛ للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى على سنّة أبينا إبراهيم -عليه السلام-، الذي أراد التضحية بابنه إسماعيل تقربًا من الله وطاعة لأمره وقد افتدى الله ابنه بنحر عظيم، فالأضحية هي سبب تسمية عيد الأضحى بهذا الاسم، حيث إن الناس تبدأ بنحر الأضاحي في يوم العيد، ويُقدم المسلمون الأضحيات من الأنعام، ويُوزعون لُحومها على الفقراء والمحتاجين، ويسمى أيضًا بيومِ النحر ؛ لأنّ الهَدي والأضاحي تُنحَر فيه.

تعريف الأضحية

تُطلَق كلمة الأضحية في اللغة على: كلّ ما يُضحّى به، وجَمعها (أضاحي)، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فالأضحية: ما يذبحه المسلم في يوم النَّحْر؛ أي في يوم عيد الأضحى وما يليه من أيّام التشريق الثلاثة من بهيمة الأنعام؛ على وجه التعبُّد لله -سبحانه وتعالى-.

حكم الأضحية

تعددّت آراء الفقهاء في حكم الأضحية إلى رأيين، وهما: سنّة مؤكّدة؛ وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واستدلّوا بحديث أم المؤمنين أمّ سلمة -رضي الله عنها- الذّي روته عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)، فإنّ قوله "إذا أراد أحدكم" يُحمل على الإرادة، والواجبات لا تُعلّق على إرادة المسلم أو رغبته. واجبة؛ وقد اعتمد هذا الرّأي الحنفيّة، ودليلهم في ذلك الأمر الوارد في الآية الكريمة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، والأمر يفيد الوجوب.

المستحب من الأضاحي

ورد أن المستحب من الأضاحي هو الإبل، ثم البقر ثمّ الضأن ثمّ المعز ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة الأفضل من ناحية الصف. الأسمن والأكثر لحمًا والأكمل خلقة أي الأحسن منظرًا، والمكروه فى الاضحية منها العضباء المقابَلة، المدابَرة، الشرقاء الخرقاء المصفرة المستأصَلة، البخقاء المشيعة البتراء ما قطع من أولته أقل من النصف ما قطع ذكره ما سقط بعض أسنانه أما إذا كان في أصل الخلقة لا تكره. ما قطع شيء من حلمات ثديها، إلا إذا كانت من أصل الخلقة فلا تكره.

طباعة شارك لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير نحر الأضحية في العيد الكبير لماذا نحر الأضحية في العيد ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير سبب الأضحية في العيد الكبير تعريف الأضحية حكم الأضحية المستحب من الأضاحي

مقالات مشابهة

  • صلاة الشكر .. حكمها ودعائها وشروط صحتها
  • فضل صلاة الضحى.. فوائد عظيمة اغتنمها ولا تتكاسل عن أدائها
  • لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير .. 7 أسباب لا يعرفها كثيرون
  • ما حكم الوقوف بعرفة للحائض والجنب؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للزوج إجبار زوجته على الإجهاض؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • أعمال العشر من ذي الحجة.. ماذا تفعل في هذه الأيام؟
  • هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر؟.. دار الإفتاء تجيب
  • بينها 5 وفيات.. تسجيل 835 حالة إصابة بالحصبة في تعز منذ مطلع العام الجاري
  • حرم المرحوم شفيق عبنده في ذمة الله تعالى
  • لو ناسي إجابة في الامتحان .. ردّد 6 كلمات يذكّرك الله بكل شيء