نانوية صغيرة جدا.. دراسة تحذر من مكون بالمياه المعبأة يمكنه غزو خلايا الجسم
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
كشفت دراسة حديثه أن المياه المعبأة التي تباع في المتاجر يمكن أن تحتوي على 10 إلى 100 مرة أكثر من قطع البلاستيك النانوية، مما كان معروفا مسبقا، وفقا لما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وقال الخبراء في الدراسة التي أجريت في جامعة كولومبيا، إن المواد البلاستيكية النانوية، التي يبلغ طولها 1000 جزء من متوسط عرض شعرة الإنسان، صغيرة جدًا بحيث يمكنها الانتقال عبر أنسجة الجهاز الهضمي أو الرئتين إلى مجرى الدم، لتوزيع مواد كيماوية اصطناعية قد تكون ضارة، في جميع أنحاء خلايا الجسم.
ويحتوي لتر واحد من الماء على ما متوسطه 240 ألف جزيء بلاستيكي من 7 أنواع من البلاستيك، تم تحديد 90 بالمئة منها على أنها مواد بلاستيكية نانوية، والباقي عبارة عن مواد بلاستيكية تقاس بالميكرومتر، وفقًا للدراسة الجديدة.
والمواد البلاستيكية النانوية عبارة عن شظايا بوليمر يمكن أن يتراوح حجمها من أقل من 0.2 بوصة (5 ملم) إلى 1/25000 من البوصة (1 ميكرومتر)، وبالتالي أي شيء أصغر هو عبارة عن بلاستيك نانوي يجب قياسه بجزء من مليار من المتر.
والبوليمر هو مركب ذو وزن جزيئي مرتفع، مكون من وحدات جزئية مكررة، وقد تكون هذه المواد عضوية أو غير عضوية أو عضوية معدنية، وقد تكون طبيعية أو اصطناعية.
وفي هذا الصدد، قالت مديرة الاستدامة في ولاية بنسلفانيا، شيري سام ماسون، والتي لم تشارك في الدراسة: " يجب أن أقول إن هذه الدراسة مثيرة للإعجاب للغاية.. لقد كانت عميقة جدًا حقًا ... وأود أن أعتبرها رائدة".
واعتبرت ماسون أن الاكتشاف الجديد يعزز نصيحة الخبراء القديمة، بشرب الماء من عبوات زجاجية أو أوعية مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، لتقليل التعرض للمواد البلاستيكية.
وأضافت أن هذه النصيحة تمتد إلى الأطعمة والمشروبات الأخرى المعبأة بالبلاستيك أيضًا.
وكانت ماسون قد أشرفت على دراسة أجريت عام 2018، والتي كشفت لأول مرة وجود المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية في 93 في المئة من عينات المياه المعبأة التي تبيعها 11 علامة تجارية مختلفة في 9 بلدان.
وفي تلك الدراسة، وجدت ماسون أن كل لتر من الماء الملوث يحتوي في المتوسط على 10 جزيئات بلاستيكية أعرض من شعرة الإنسان، إلى جانب 300 جزيء أصغر.
لكن قبل 5 سنوات، لم تكن هناك طريقة لتحليل تلك البقع الصغيرة أو اكتشاف ما إذا كان هناك المزيد.
وفي الدراسة الجديدة، التي نشرت، الإثنين، في مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences"، قدم الباحثون تقنية جديدة يمكنها رؤية وحساب وتحليل التركيب الكيميائي للجسيمات النانوية في المياه المعبأة في زجاجات.
وبدلاً من 300 جزيء لكل لتر، وجد الفريق من جامعة كولومبيا الذي يقف وراء الدراسة الأخيرة، أن العدد الفعلي للقطع البلاستيكية في 3 علامات تجارية مشهورة للمياه تباع في الولايات المتحدة، يتراوح بين 110.000 و370.000، إن لم يكن أعلى.
ورفض الباحثون ذكر العلامات التجارية للمياه المعبأة التي درسوها.
من جانبها، قالت مديرة الأبحاث في منظمة "أطفال أصحاء"، إن التقنيات الجديدة المبتكرة المقدمة في الدراسة، تفتح الباب لمزيد من البحث لفهم المخاطر المحتملة على صحة الإنسان بشكل أفضل.
وأضافت: "الأبحاث تشير إلى تعرض الإنسان على نطاق واسع لجزيئات بلاستيكية صغيرة، يشكل مخاطر غير مدروسة إلى حد كبير"، وفق سي إن إن.
وتابعت:"قد يواجه الرضع والأطفال الصغار أكبر المخاطر، لأن أدمغتهم وأجسامهم النامية غالبًا ما تكون أكثر عرضة للتأثيرات الناجمة عن التعرض للسموم".
ويقول الخبراء إن المواد البلاستيكية النانوية هي أكثر أنواع التلوث البلاستيكي إثارة للقلق على صحة الإنسان، وذلك لأن الجزيئات الصغيرة يمكن أن تغزو الخلايا والأنسجة الفردية في الأعضاء الرئيسية، مما قد يؤدي إلى مقاطعة العمليات الخلوية وترسب مواد كيميائية واختلال الغدد الصماء وغيرها من المشاكل الصحية.
وأوضحت ماسون: "يمكن أن تنتقل المواد الكيميائية إلى الكبد والكلية والدماغ، بل وتشق طريقها عبر حدود المشيمة لتصل إلى الجنين عند المرأة الحامل".
وفي دراسات أجريت على الفئران الحوامل، وجد الباحثون مواد كيميائية بلاستيكية في الدماغ والقلب والكبد والكلى والرئتين للجنين النامي بعد 24 ساعة من تناول الأم الحامل أو تنفسها لجزيئات بلاستيكية، كما قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة فيبي ستابلتون، الأستاذة المساعدة في علم الصيدلة وعلم الأحياء.
من جانب آخر، تواصلت "سي إن إن" مع الرابطة الدولية للمياه المعبأة، التي تمثل تلك الصناعة في الولايات، للرد على نتائج الدراسة.
وقال متحدث باسم الجمعية عبر البريد الإلكتروني: "هذه الدراسة الجديدة تحتاج إلى مراجعة كاملة من قبل المجتمع العلمي، ويجب إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير طرق موحدة لقياس وتحديد كمية المواد البلاستيكية النانوية في بيئتنا".
وتابع: "يوجد حاليًا نقص في الأساليب الموحدة، ولا يوجد إجماع علمي بشأن التأثيرات الصحية المحتملة للجسيمات النانوية والبلاستيكية الدقيقة، لذلك، فإن التقارير الإعلامية حول وجود هذه الجزيئات في مياه الشرب لا تفعل شيئا أكثر من تخويف المستهلكين دون داع".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المیاه المعبأة فی الدراسة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كيف يسهم تغير المناخ في تفاقم التلوث البلاستيكي؟
تشير دراسة جديدة إلى أن الاحتباس الحراري يُحوّل البلاستيك إلى ملوثات أكثر تنقلا وانتشارا وخطورة، فعندما تتحلل المواد البلاستيكية إلى شظايا صغيرة، تذهب إلى مسافات أبعد، ويتكثف الضرر الذي تسببه بمجرد وصولها.
ويحذر الباحثون، في الدراسة التي أنجزت في إمبريال كوليدج لندن، من أن عدم اتخاذ إجراءات سريعة للحد من تدفق البلاستيك إلى البيئة، يعد مخاطرة تؤدي إلى ضرر بيئي لا رجعة فيه.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة: اللافقاريات باتت ملوثة بجزيئات البلاستيكlist 2 of 4البلاستيك يغزو حياتنا وبيئتنا وخلايا أدمغتناlist 3 of 4دراسة تؤكد: الطيور تتنفس جسيمات البلاستيكlist 4 of 4خلافات تعصف بمشروع معاهدة البلاستيك العالميةend of listوقال فرانك كيلي، المؤلف الرئيسي للدراسة: "إن تلوث البلاستيك وتغير المناخ أزمة مشتركة تُفاقم كل منهما الأخرى. كما أن لهما أصولا وحلولا مشتركة، ونحن في حاجة ماسة إلى نهج دولي منسق لمنع تراكم المواد البلاستيكية التي انتهى عمرها الافتراضي في البيئة".
يسهم البلاستيك بكل أنواعه في التغير المناخي، لكن الدراسة تظهر كيف تُفاقم عوامل الضغط المناخي آثار البلاستيك، فارتفاع درجات الحرارة، والرطوبة، والأشعة فوق البنفسجية، تُسرّع تفتيت المواد الأكبر حجما إلى جسيمات بلاستيكية دقيقة ونانوية.
وفي الوقت نفسه، تعمل العواصف الشديدة والفيضانات على تحويل الحطام إلى قطع أصغر حجما وقذفها عبر مستجمعات المياه والسواحل، لتصل إلى أعماق البحار والمحيطات.
ومنذ عام 1950، ارتفع الإنتاج العالمي من البلاستيك بمقدار 200 ضعف، ليصل إلى أكثر من 450 مليون طن سنويا حاليا، ولا يتم تدوير سوى 9% منه. ومن المتوقع أن تتفاقم المشكلة مع توسع التصنيع وزيادة الضغوط المناخية، فتنتشر عواقب كل ذلك عبر النظم البيئية.
ففي المياه العذبة والمالحة، يمكن للبلاستيك الدقيق أن يُعطل دورة المغذيات وشبكات الغذاء. أما على اليابسة، فهو يؤدي إلى تدهور بنية التربة وخفض إنتاجية المحاصيل. كما يؤثر على تغذية وتكاثر وسلوك مجموعة واسعة من الكائنات الحية، وعلى صحة الإنسان.
إعلانوتعمل الجزيئات البلاستيكية أيضا مثل "أحصنة طروادة"، حيث تلتقط وتنقل الملوثات الأخرى، مثل المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية، بينما تتسرب منها إضافاتها الخاصة مثل مثبطات اللهب والملدنات إلى الطبيعة، حيث تُصنع نحو 99% من المواد البلاستيكية من الوقود الأحفوري.
كما تشير الدراسة إلى أن تشكّل الجليد البحري، يحتجز ويُركّز الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، مُزيلا إياها مؤقتا من عمود الماء، لكن مع ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي وتراجع الجليد الموسمي، تتدفق تلك الجزيئات المخزنة منذ زمن طويل مجددا إلى المحيط.
وتقول ستيفاني رايت، المؤلفة المشاركة في الدراسة: "هناك احتمال أن يكون للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، الموجودة بالفعل في كل ركن من أركان الكوكب، تأثير أكبر على أنواع معينة بمرور الوقت".
فقد تؤدي أزمة المناخ والتلوث البلاستيكي، الناجمان عن اعتماد العالم بشكل مفرط على الوقود الأحفوري إلى تفاقم البيئة المجهدة بالفعل في المستقبل القريب. وفي البحر، يكون الضرر المزدوج الناتج عن الاحتباس الحراري والبلاستيك شديدا بشكل خاص.
وتُظهر الدراسات المختبرية والميدانية أن الشعاب المرجانية والقواقع وقنافذ البحر وبلح البحر والأسماك، تعاني جميعها من ارتفاع درجة الحرارة وزيادة الحموضة في حال وجود الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، التي تستطيع الكائنات المائية تمريرها عبر السلسلة الغذائية.
وتشير الدراسة إلى أن معدلات نفوق الأسماك المرتبطة بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة تضاعفت 4 مرات مع ارتفاع درجة حرارة الماء. كما دفع تفاقم نقص الأكسجين، الناتج بدوره عن الاحترار، سمك القد (أبو هامور) إلى تناول المزيد من البلاستيك.
كما قد تكون الأنواع الرئيسية معرضة للخطر بشكل خاص. ويقول جاي وودوارد، المؤلف المشارك في الدراسة: "قد تكون الحيوانات المفترسة مثل الحيتان القاتلة بمثابة طيور الكناري في منجم الفحم، لأنها قد تكون عرضة بشكل خاص للتأثير المشترك لتغير المناخ وتلوث البلاستيك".
تؤكد الدراسة ضرورة التخلص من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام غير الضرورية، والتي لا تزال تُشكل نحو ثلث الإنتاج، ووضع حد أقصى لإنتاج البلاستيك الخام من شأنه أن يُسهم في حل المشكلة من جذورها.
وتدعو الدراسة أيضا إلى وضع معايير دولية تجعل المنتجات قابلة لإعادة الاستخدام والتدوير بشكل حقيقي، بدلا من كونها "قابلة لإعادة التدوير" اسميا، بطرق نادرا ما تنجح خارج المختبر.
وتقول جوليا فوسيل، المؤلفة المشاركة في الدراسة إن "اقتصاد البلاستيك الدائري هو الحل الأمثل. إذ يجب تجاوز التخفيض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، ليشمل إعادة التصميم والتخلص من النفايات والابتكار والتوزيع، والابتعاد عن النموذج الخطي الحالي".
ولا يقتصر هذا التحول على المواد فحسب، بل تدعو الدراسة إلى دمج البلاستيك ضمن سياسات المناخ العالمية بما فيها إقرار معاهدة البلاستيك العالمية المتعثرة، وتنسيق الأبحاث ليتمكن العلماء من تتبع كيفية تفاعل الاحترار والكيمياء والبيولوجيا في النظم البيئية الحقيقية.
إعلانوفي هذا السياق، تقول ستيفاني رايت: "لن يكون المستقبل خاليا من البلاستيك، ولكن يمكننا السعي للحد من تلوث البلاستيك الدقيق. علينا التحرك الآن، فالبلاستيك المُلقى اليوم يهدد باضطرابات عالمية مستقبلية في النظم البيئية".