تعليق تمويل الأونروا… مساهمة في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
الحكاية وما فيها أن 12 موظفا تابعين لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) متورطون في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر. التهمة موجهة من الكيان الصهيوني فقط، المفوض العام للأونروا فيليب لازرايني، أخذ التهم بشكل جاد فأوقف عمل تسعة موظفين فوراً وجمّد عقودهم. وتبين أن أحد الموظفين قتل وهناك موظفان مفقودان.
أولا- لماذا يتم إصدار رزمة عقوبات قاسية قبل ظهور نتائج التحقيق. قد يكون بعض المتهمين متورطاً، وقد يكون بريئا فلماذا استباق التحقيق؟ كيف يمكن لدول تحترم نفسها، وتدعي استقلال القضاء، وترفع شعار «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، أن تصدر العقوبات قبل التحقيق؟ من حق الوكالة أن توقف أي متهم بانتظار التحقيق، وأن تتخذ سلسلة إجراءات للتأكد من نزاهة التحقيق وتتعاون مع جميع المعنيين في لجنة التحقيق المستقلة، إلى أن تنتهي اللجنة من عملها وتصدر تقريرها النهائي بنتائج التحقيق. وماذا لو ثبت أن بعضهم أو كلهم أبرياء فماذا سيكون موقف هذه الدول؟
ثانيا- لنفترض أن الموظفين التسعة، وجدوا مذنبين ومتورطين في عملية 7 أكتوبر من بين 30 ألف موظف، من بينهم نحو 13 ألفا يعملون في غزة. هل هذا أمر عجيب أن تجد تسعة موظفين مذنبين؟ قد يكون هناك عدد أكبر من هذا يعملون جواسيس لإسرائيل. وهذا شيء غير مستبعد في ظروف غزة. إذن ستكون نسبة المذنبين بالنسبة لجميع موظفي الوكالة لا تتجاوز 0.03 في المئة و 0.07 في المئة من نسبة موظفي الوكالة في غزة. فهل هذه النسبة تستحق معاقبة جميع موظفي الوكالة ومعاقبة 5.5 مليون لاجئ فلسطيني، يتلقون المساعدات من الوكالة في ميادين التعليم والصحة وخدمات الطوارئ والإسكان والتدريب؟ ثم ما ذنب الذين يتلقون المساعدات في غزة الآن، حيث تصل نسبة اللاجئين إلى 70 في المئة من مجموع السكان. والعقاب في النهاية سيطال المستفيدين من خدمات الوكالة وليس الموظفين فحسب. وكما قال فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا، «إنه لأمر صادم أن تتم معاقبة الوكالة كرد فعل على ادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، خاصة بالنظر إلى الإجراء الفوري الذي اتخذته الوكالة بإنهاء عقودهم وطلب إجراء تحقيق مستقل وشفاف».
ثالثا- لقد بذل موظفو الوكالة في غزة منذ بدء حرب الإبادة، جهوداً جبارة في ظل ظروف عصيبة وخطيرة. وفقدت الوكالة لغاية انتشار خبر تورط الموظفين التسعة الجمعة الماضي 152 موظفا دفعوا أرواحهم من أجل إيصال المساعدات الإنسانية الشحيحة، التي تصل عبر معبر رفح شبه المغلق، وبدلا من تقديم أوسمة الشجاعة والإقدام والتضحية والعمل الإنساني والتفاني، تتم شيطنة الوكالة التي تعمل الآن في ظروف صعبة وخطيرة في غزة، هل هذه الشيطنة في هذا الوقت صدفة؟
رابعا – فيليب لازاريني مدير عام الوكالة، وحده من بين جميع رؤساء الوكالات الدولية العاملة في المجال الإنساني، الذي زار غزة أربع مرات واطلع على معاناة أهلها، هو الذي وصف أوضاعها بدقة وصدق. واقتباسه الذي تلته رئيسة محكمة العدل الدولية حول الأوضاع الكارثية في القطاع، كان له بالغ الأثر في نقل الصورة الحقيقية لما يجري في القطاع. قال: «لم يعرف أهل غزة الجوع من قبل، لكننا نقابل المزيد من الأشخاص الذين لم يأكلوا منذ يوم أو يومين أو ثلاثة أيام. يُضطر بعضهم لإيقاف شاحنات المساعدات وأخذ الطعام (قبل إيصاله إلى الملاجئ) ليأكلوا في الحال. لا علاقة لذلك بتحويل المساعدات عن مسارها، لكنه متعلق باليأس التام». وقال أيضا: «محظوظون هم أولئك الذين يجدون مكانا داخل منشآتنا خاصة مع بدء فصل الشتاء. أما من هم في الخارج فهم يعيشون في العراء، في الوحل وتحت المطر». وقال السيد لازاريني «إن الناس في غزة يعتقدون أن حياتهم ليست مساوية لحياة الآخرين، وأن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لا ينطبقان عليهم». هل هذه الإجراءات عقاب للسيد لازاريني وما يمثله من مصداقية وشجاعة وإنسانية؟
خامسا: توقيت هذه القرارات مشبوه من ألفه إلى يائه. فقد تزامن مع صدور قرارات محكمة العدل الدولية، التي طالبت فيه بوقف الإجراءات التي تؤدي إلى الإبادة الجماعية، أي أن الكيان أدين بشكل واضح بارتكاب مجازر تصنف على أنها إبادة جماعية، والإدانة تنسحب على الدول التي وقفت مع الكيان وأيدته وحمته من المساءلة وقدمت له السلاح والأموال والمعلومات الاستخباراتية وحركت جيوشها وأساطليها لتأمين الكيان، واستخدمت الفيتو أو التصويت السلبي لتأمينه من المساءلة، وهي الدول نفسها التي أوقفت تمويل الوكالة. إذن الإدانة بارتكاب حرب الإبادة تنسحب على تلك الدول، كما ينص البند الثالث (النقطة هـ) من الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وبالتالي شعرت هذه الدول بأنها أدينت بسبب مواقفها من دعم حرب الإبادة، فبحثت عن مخرج للتملص من المساءلة وتغيير الرأي العام الذي انبهر بمرافعات المحامين من جنوب افريقيا وهشاشة المرافعات الإسرائيلية، إذن لا بد من خلق زوبعة جديدة تحرف الأنظار، وبدل دعم القرارات والعمل على مضاعفة المعونات الإنسانية تقوم هذه الدول بمعاقبة الضحايا بشكل جماعي وبطريقة متناسقة وكأن قرار شيطنة الوكالة معدّ سلفاً. إذن هذه الحملة الشعواء تهدف أساساً إلى إضعاف الوكالة نفسها تمهيدا لتدميرها، لا لإدانة حفنة من الأفراد قد تجدهم في أي مؤسسة تعد بالآلاف، هذا إذا ثبتت التهم عليهم، وهو أمر يثير الشك في هذا التوقيت بالذات والوكالة تتعرض لأكبر تحد مرّ عليها في تاريخها وأكبر عدد من الضحايا في تاريخ الأمم المتحدة كلها.
محاولات الكيان الصهيوني وأذنابه تدمير الوكالة ليس جديداً. ما زلنا نذكر قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في آب/ أغسطس 2018 وقف المساعدات الأمريكية كافة المخصصة للوكالة والتي تصل إلى 300 مليون دولار. لقد توقع أعداء الشعب الفلسطيني أن الوكالة ستتهاوى أمام هذه الضربة الموجعة، لكن المفوض العام للوكالة، آنذاك بيير كرينبول، شمّر عن ساعديه وشحذ همم موظفيه وأطلق حملة شعبية لجمع التبرعات تحت عنوان «الكرامة لا تقدر بثمن» واتخذ عديداً من الإجراءات التقشفية التي لا تطال اللاجئ في رزقه ومدرسته وعيادته، وعقد عدة مؤتمرات لجمع التبرعات في نيويورك وعمان وروما وبروكسل، وطاف الشرق والغرب من طوكيو إلى نيويورك ومن روما إلى أبو ظبي ومن الدوحة إلى الرياض ومن عمان إلى زيوريخ، حتى استطاع أن يتجاوز الأزمة بأقل الخسائر، ودون أن يزيد من معاناة الناطرين العودة إلى وطنهم الذين اقتلعوا منه بغير وجه حق. التعاطف مع الوكالة ازداد، والدعم العربي للوكالة تحول إلى قرار جامعة عربية لتقديم المزيد لسد العجز، والنتيجة أن جهود تفكيك الأونروا وحلها وإلغاء حق العودة التي أطلقتها إدارة ترامب المتصهينة فشلت. وأنا واثق من أنها ستفشل هذه المرة وستنكشف اللعبة الإسرائيلية التي ما فتئت تدعو إلى تفكيك الوكالة لأنها الشاهد الحي على نكبة 1948.
لقد لعبت الوكالة تاريخيا، دوراً أساسياً في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وعدم رضوخه للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية. والحرب على الوكالة الآن هو جزء من حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، والدعوة لتفكيك الوكالة هي جزء من الدعوة لاستسلام الشعب الفلسطيني، وإلغاء حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال. حلم صهيوني لن يتحقق، ومن يشكك في ذلك فليراجع أسطورة صمود غزة.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أونروا غزة امريكا غزة أونروا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مسيرات حاشدة في المغرب واليمن نصرة للشعب الفلسطيني في غزة (شاهد)
انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في العديد من المدن بالمغرب واليمن للتنديد بعدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والمطالبة بوقف الإبادة الجماعية المستمرة للشهر الـ19 على التوالي.
وشهدت العديد من المدن المغربية بينها سيدي بنور وأبي الجعد وقصبة تادلة المضيق وفاس ومكناس، مظاهرات حاشدة نصرة لفلسطين بدعوة من "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة".
وشدد المشاركون في المظاهرات التي جاءت تحت شعار "لا نكبة بعد الطوفان ولا تطبيع مع العدوان" على دعم المقاومة والقضية الفلسطينية، وحملوا لافتات مطالبة بإنهاء حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
كما رددا هتافات مناصرة لفلسطين من قبيل "المغرب وفلسطين، شعب واحد ومش (ليس) شعبين"، و"الشعب يريد تحرير فلسطين"، و"يا مقاوم سير.. سير، نحو النصر والتحرير"، حسب وكالة الأناضول.
وفي اليمن، انطلقت مظاهرات حاشدة في العاصمة صنعاء والحديدة وتعز وصعدة وغيرها للتأكيد على دعم القضية الفلسطينية، وإدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق سكان قطاع غزة.
وجاء المظاهرات بدعوة سابقة وجهها زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، تحت شعار "مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع".
وشددت الجهة المنظمة للمظاهرات، في بيان، على "الثبات على الموقف المحق والمشرف، ومواصلة الخروج الأسبوعي في مسيرات مليونية، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم".
وأشار البيان إلى "شعوب أمتنا العربية والإسلامية عليها المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية والأخوية تجاه المآسي والفظائع التي تحدث في غزة"، داعيا "التحرك الحقيقي وتفعيل كل الطاقات للدفاع عن إخواننا ومقدساتنا في فلسطين"، حسب الأناضول.
وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.
وتقول منظمات إغاثة، إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
????️الشعب المغربي يواصل إسناده اليومي لغزة دون ملل ولا كلل ولا فتور.. مرابطة شعبية مغربية مع غزة والمقاومة إلى حين وقف العدوان.
تحت شعار:[ لا نكبة بعد الطـــــوفان.. ولا تطـــــبيع مع العدوان] المغاربة يجددون الاحتجاج إسنادا لغــ..ـــزة وشجبا للتطـــــبيع واستمرار حرب الإبادة ????️… pic.twitter.com/oLdD8BJk75 — hassan bennajeh - حسن بناجح (@h_bennajeh) May 16, 2025 في ذكرى النكبة
مليونية يمنية تؤكد للشعب الفلسطيني العزيز أنه ليس وحيدا في ميدان المواجهة، وأنه بالجهاد والصمود والصبر يمنع تكرار النكبة ويفشل مخططات التهجير
مسيرة (مع غزة، لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع)#صنعاء #ميدان_السبعين pic.twitter.com/EuxqFZd2Fg — محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) May 16, 2025 صور جديدة.. عشرات الآلاف يزحفون إلى ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، للتظاهر تحت شعار (مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع). pic.twitter.com/Q9vsQRnjU7 — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 16, 2025