عربي21:
2025-06-27@17:05:02 GMT

درس غزة لم يصل نخبة تونس بعد

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

عندما نكتب عن درس غزة السياسي والتاريخي فنحن نكتب عن لحظة تغيير عميقة في المنطقة والعالم، ونعتبر أن ما حدث ويحدث بعد هو أكبر من مؤشر على تحول محتمل، بل بداية تحول حقيقي ومسار حتمي لإعادة توزيع القوة ورسم السياسات في المنطقة، وصولا إلى شرق أوسط ومنطقة عربية بلا إسرائيل.

اليائسون والمحبطون وقصيرو النظر يرهبون هذا الاحتمال، لذلك نتابع فعلهم السياسي ونجد أنهم يرفضون الاحتمال ولا يبنون عليه خشية من قوته التغييرية على هشاشتهم التي تربوا عليها وحكمت على خيالهم السياسي بالقصور والعجز.

ننظر إلى اللحظة التونسية من منظور ما بعد حرب الطوفان، ونحاول فهم حركة النخبة التونسية والتي نعتبرها عيّنة للنخب العربية في أقطارها.

مبادرات ميتة

من ذلك ما نطالعه هذه الأيام في تونس من مبادرات سياسية لحلحلة الوضع الراكد تحت حكم الانقلاب، حيث انعدمت السياسة وساد جهل عقيم. لقد صدرت مبادرات عن جهات حقوقية وسياسية مختلفة؛ يجمع بينها رغم تنوع الشخصيات القائدة أنها تعارض الانقلاب مع موقع محلي بوسائل محلية ضمن اشتراطات يعرف الجميع أنها مفروضة من جهات خارجية، جوهر هذا التغيير العالمي أن العدو الصهيوني الذي هيمن على المنطقة وخطط مصيرها عبر فرض أنظمة متعاونة معه تحميه من شعوبها وتحتمي به من شعوبها، هذا العدو انهزم في معركة غزة وهو قابل بعدها للهزيمة الكبرى مع شعوب المنطقة، وبالتالي فإن الأنظمة التي تحميه وتحتمي به صارت قابلة للاندحار أمام شعوبها التائقة للحرية والتحرير والديمقراطية والتنمية وبناء السيادة على أرضها وتاريخهاوبعض هذه المبادرات نستشف منها تنسيقا مع جهة خارجية تعودت أن تملي على تونس ما ينبغي أن تفعله. (الشارع التونسي يتكلم عن رئيس تونس القادم، ويراه يتحرك في شوارع باريس محروسا بعناية).

ونعتبر أن هذه المبادرات ميتة أو هي في أفضل الحالات معوقة، لأنها لم تخرج من إطارها المحلي/القُطْري ولم تأخذ بعين الاعتبار أن هناك معركة جبارة وقعت وهزت العالم، وأن آثارها فعلية وليست في باب الأمنيات. أي أنها في الجوهر لم تنتبه إلى تغيير عميق حصل ويمكن البناء عليه في تعديل السياسات القُطرية، لجهة بناء الديمقراطية وترسيخ الحريات ولجهة إعادة بناء العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب المهيمن.

جوهر هذا التغيير العالمي أن العدو الصهيوني الذي هيمن على المنطقة وخطط مصيرها عبر فرض أنظمة متعاونة معه تحميه من شعوبها وتحتمي به من شعوبها، هذا العدو انهزم في معركة غزة وهو قابل بعدها للهزيمة الكبرى مع شعوب المنطقة، وبالتالي فإن الأنظمة التي تحميه وتحتمي به صارت قابلة للاندحار أمام شعوبها التائقة للحرية والتحرير والديمقراطية والتنمية وبناء السيادة على أرضها وتاريخها، ومن ثم صناعة مستقبلها بقوة إرادتها لا بفضل الأعطيات الاستعمارية.

إن المبادرات الميتة تفسر لنا أمرين؛ أولهما الهروب من مساندة غزة بالدم والمال رغم طول مدة المعركة، والثاني الهروب من نتائج المعركة والتظاهر بأنها لم تؤثر ولم تغير، ويلتقي الأمران على أنهما خوف من تغيير حاسم يجبر النخب على إعادة بناء نفسها وأطروحاتها وحركتها في طلب السلطة ثم في الحكم من نقطة انطلاق جديدة اسمها نصر غزة.

في تونس كما في بلدان عربية كثيرة كانت السياسات ترتب مع السفارات الغربية ويتم التوصل لاتفاقات تراعي شكل الدولة وبعض البروتوكول (الذي يوهم بوجود سيادة فعلية)، لكن جوهر السياسات كان خدمة مصالح البلدان الغربية وتقديم التسهيلات الاستثمارية لها بما حوّل كل البلدان إلى هوامش اقتصادية لبلدان غربية، مقابل فرض الرئيس واختيار حاشيته ودعمه ضد كل معارضة خاصة الإسلامية منها. وكان التبرير السياسي دوما أنه لا يمكن العيش دون قوة خارجية حامية للبلد، حتى أن المعارضات السياسية كانت باستمرار تبحث عن سند خارجي ضد حكامها. وفي الحالة التونسية كانت المعارضة تعتمد الدعم الفرنسي ضد النظام الذي صنعته فرنسا ونصبته.

قوى الحماية كما تحب أن تراها الأنظمة والنخب أو قوى الهيمنة في الواقع؛ انكسرت جميعها في غزة، فقد شاركت في حرب الإبادة ولم تتراجع بعد ولكنها تغرق في هزيمتها أمام مقاومة لم يتوقع أحد حكمتها وقوتها وصبرها على إطالة المعركة واستنزاف العالم في مربع ضيق حسم اتجاه التاريخ.

التعلل بصعوبة التغيير الشامل في الموقف والاستراتيجيات الكبرى والتكتيكات اليومية أو تخيل كلفة بشرية وضحايا يسقط كل مشروعية المشاركة في الشأن العام. فما معنى أن تشارك في فعل سياسي لا يتجاوز إعادة إنتاج السائد بكل عاهاته؟ ما هي إضافاتك للسياسة وللبلد الذي تشارك في إدارته إذا كنت مجرد نسخة تعيد إنتاج الفقر والجوع والمرض
من هنا نرى أن المعارض الساعي إلى الديمقراطية إذا لم ينطق من هذه المعطيات الجديدة ويعدل مطلبه من الحرية المحدود في قُطره إلى حرية منطقة وشعب عربي، بل شعوب مفقرة كثيرة بعضها في جنوب أفريقيا، فهو تقليدي وقصير النظر وفاقد للخيال، وفي أفضل الحالات جبان أو مشبوه ينسق مع العدو لاستباق موجات تسوماني غزة.

ما أسهل الحديث من وراء حاسوب

نتوقع أن تكون هذه الجملة هي أول تفاعل مع ما سبق قوله، ونراها جملة كسولة وتبريرية، فالتعلل بصعوبة التغيير الشامل في الموقف والاستراتيجيات الكبرى والتكتيكات اليومية أو تخيل كلفة بشرية وضحايا يسقط كل مشروعية المشاركة في الشأن العام. فما معنى أن تشارك في فعل سياسي لا يتجاوز إعادة إنتاج السائد بكل عاهاته؟ ما هي إضافاتك للسياسة وللبلد الذي تشارك في إدارته إذا كنت مجرد نسخة تعيد إنتاج الفقر والجوع والمرض؟ ما معنى أن تنطلق من مسلّمة أنه لا يمكن بناء سياسات محلية دون حامي غربي مهمين وتحولها إلى قانون تاريخي؟

درس غزة يقول للعرب ولنخبهم وخاصة نخبهم المعارضة: إذا كنت جادا في طلب الحرية فادفع ثمنها من دمك. هذا الحقيقة البسيطة هي ما قالته الشعوب في الربيع العربي عندما اندفعت إلى الشوارع لا تبحث عن مكسب ولم تخش غياب السند الخارجي، لقد كانت كل المنطقة على أبواب التحرر النهائي من الهيمنة، لكن منطق الحسابات الخائفة من التغيير الذي يحكم عقل النخب وخيالها هو من كسر شوكة موجة الحرية. وهذا العقل القاصر والجبان هو من يهرب من رؤية غزة في معركتها ويتجاهل انتصارها لكي لا يبني عليه موقفا من الهيمنة الغربية والأنظمة التي نصبتها على رقاب الناس.

في قراءتنا للمبادرات التونسية المعارضة والتي من مطالبها الحرية نجد نفس الخط الخانع الذي يبحث عن قوة خارجية تسنده أكثر مما يبحث عن فرض فكرة الحرية بقوة السند الشعبي على طريقة غزة، أي أن يستعد لدفع الثمن بما يخول له قدرة لإعادة البناء على أسس جديدة وراسخة؛ ليس منها الحاجة إلى الاحتماء بقوة غربية هزمت في غزة وفقدت سمعتها الأخلاقية ومصداقيتها وكل شرعيتها.

هناك حالة خوف سقطت من نفوس كثيرة بفضل جرأة غزة وشجاعة مقاومتها، لكننا نراها لا تزال تسكن نفوس المعارضة في تونس وتصور لهم الغول الفرنسي أقوى من أن يُهزم، لذلك تواصل التنسيق معه للوصول إلى حكم تابع وذليل
لا معنى بعد حرب غزة لمعارضة انقلاب في تونس أو في مصر أو في غيرهما، على قاعدة المشاركة في الموجود بشروطه، بل الأفق الوحيد الممكن والضروري هو نسف قاعدة المعارضة على النسبي وفرض بديل بقوة الشارع. وهذا الأمر لا يعني حمل السلاح على طريقة حماس فالأمر يُحل بأقل من السلاح، فضلا على أننا لا نضع الأنظمة في محل الكيان الصهيوني. كل من لم يعارض من هذا المنطلق لن يصل إلى تحقيق تغيير حقيقي وفعال ولو غيّر شكل الأشخاص الظاهرين في الموقع القيادي، بل سيعيد إنتاج شروط الخضوع للاحتلال المتلون ويتجاهل ما فعلت به غزة، فغزة هزمت العالم.

هناك حالة خوف سقطت من نفوس كثيرة بفضل جرأة غزة وشجاعة مقاومتها، لكننا نراها لا تزال تسكن نفوس المعارضة في تونس وتصور لهم الغول الفرنسي أقوى من أن يُهزم، لذلك تواصل التنسيق معه للوصول إلى حكم تابع وذليل.

هل هذه ثورجية من وراء حاسوب؟ حتى الآن نعم، وهي خاصة فكرة فرد أعزل لن يُكتب لها الخروج إلى الضوء إلا إذا تحولت إلى قاعدة تفكير وعمل جماعي يستنير بنصر غزة؛ الذي كان يصنف في المستحيلات فصار واقعا وصل صداه إلى داخل العسكر الأمريكي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة التونسية تونس غزة المقاومة التغيير طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشارک فی فی تونس

إقرأ أيضاً:

49% من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار مع إيران

أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية ، ونشر مساء الثلاثاء 24 يونيو 2025 ، أن 49% من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار مع إيران، مقابل 39% يعارضونه.

وبرز في نتائج الاستطلاع انقسام بين الإسرائيليين، إذ عبّر غالبية مؤيدي أحزاب الائتلاف الحكومي (52%) عن رفضهم للاتفاق مقابل 28% من أنصار المعارضة.

وفي سؤال حول من انتصر في الحرب ، قال 63% من المستطلعة آراؤهم إن إسرائيل خرجت منتصرة، فيما اعتبر 26% أن "لا أحد" انتصر، بينما رأى 3% أن إيران هي من انتصرت.

وبين الاستطلاع أن حزب الليكود، برئاسة بنيامين نتنياهو سيحصل على 26 مقعدًا في حال جرت الانتخابات اليوم، يليه حزب يقوده رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت بـ24 مقعدًا، فيما يحصل "الديمقراطيون" بقيادة يائير غولان على 12 مقعدًا.

وبيّن الاستطلاع أن "ييش عيتيد" بقيادة يائير لبيد يحصل على 9 مقاعد، ومثلها لحركة "شاس" بقيادة أرييه درعي، وحزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان. أما "يهودوت هتوراه" بزعامة يتسحاق غولدكنوبف تحصل على 8 مقاعد.

في المقابل، يحصل حزب "المعسكر الوطني" برئاسة بني غانتس على 7 مقاعد، و"عوتمسا يهوديت" برئاسة إيتمار بن غفير على 6 مقاعد. وحصل كل من يحالف الجبهة والعربية للتغيير و"القائمة الموحدة" على 5 مقاعد لكل منهما.

وبحسب التقسيم إلى معسكرات، تحصل أحزاب المعارضة على 71 مقعدًا، في حين تنال أحزاب الائتلاف (الليكود، شاس، يهودوت هتوراه، عوتسما يهوديت) على 49 مقعدًا فقط، في حين يفشل الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش في تجاوز نسبة الحسم.

وفي أعقاب وقف إطلاق النار مع إيران، بيّن الاستطلاع أن 49% من الإسرائيليين يؤيدون الاتفاق، بينما عارضه 39%. ووفقًا للاستطلاع، فإن غالبية ناخبي معسكر الائتلاف الحكومي يعارضون الاتفاق، في حين أيدته أغلبية في معسكر المعارضة.

ورغم تفوق الليكود في عدد المقاعد، فإن الاستطلاع يشير إلى أن نتنياهو يستمد قوته من انتقال أصوات من حزب "عوتسما يهوديت" ومن ليبرمان وسـموتريتش، دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير في الخريطة السياسية، ويظل بعيدا عن تحقيق نتيجة تمكنه من تشكيل حكومة.

وفي ما يتعلّق بتقييم أداء المسؤولين خلال الحرب، أظهرت نتائج الاستطلاع أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حصل على علامة 5.6 من 10، توزعت بين 8 من أصل 10 لدى أنصار الائتلاف، و3.7 فقط لدى أنصار المعارضة.

أمّا وزير الأمن، يسرائيل كاتس، فقد نال علامة 5 من 10. في المقابل، حاز رئيس أركان الجيش، إيال زامير، على تقييم مرتفع نسبيًا بلغ 7.2، وتقدّم عليه رئيس الموساد، دافيد برنياع، الذي حصل على أعلى تقييم بين المسؤولين المشار إليهم، بواقع 7.4 من 10.

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية زامير : تركيز المؤسسة العسكرية يعود إلى غزة الآن رفع جميع القيود المفروضة على الجبهة الداخلية في إسرائيل صورة: الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي بسقوط صاروخ إيراني في بئر السبع  الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يُصدر أوامر إخلاء جديدة لعدة مناطق في خانيونس حماس تكشف حقيقة وجود "تقدّم" في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الأربعاء 18 يونيو بالصور: 34 شهيدا وعشرات الإصابات برصاص وقصف إسرائيلي على غزة اليوم عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • في هذا الموعد.. إيهاب توفيق يحيي حفلًا غنائيًا في تونس
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية يقر بفشل العدوان على غزة.. وصل لطريق لمسدود
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حان وقت إنهاء الحرب فى غزة
  • هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى حضن النظام؟
  • حمدان بن محمد يعتمد مشروعاً طموحاً لاستقطاب نخبة الجامعات العالمية
  • المعارضة في الاحتلال تدفع نحو انتخابات مبكرة لإسقاط نتنياهو
  • مصدر أمني إيراني: خسرنا نخبة من العلماء لكن برنامجنا النووي لن يتوقف
  • نخبة الضد وأزمة النخبة
  • البيان الصادر عن الاجتماع الاستثنائي الـ(49) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون بشأن العدوان الذي شنته إيران على دولة قطر
  • 49% من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار مع إيران