سرايا - نشرت مؤسستان إعلاميتان بارزتان في الولايات المتحدة مقالتين لاثنين من كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط عن الخلاف بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي حين ركز مقال مجلة "فورين أفيرز" على نقاط الضغط التي تمنح الولايات المتحدة إمكانية التأثير على إسرائيل، تساءل كاتب المقال في صحيفة "نيويورك تايمز" عن الأسباب التي تحول دون ممارسة بايدن الضغط على تل أبيب.



يقول جونا بلانك، الباحث في مؤسسة راند ومعهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، في مقاله بمجلة "فورين أفيرز"، إن الرأي الذي ظل شائعا بخصوص المسار السياسي لبايدن، أن التعامل الصارم مع إسرائيل لا جدوى منه، بل ينطوي على مخاطر جمة.

لكن الأمور لم تعد بتلك البساطة، كما يعتقد الكاتب، ذلك لأنه بعد مرور أكثر من 5 أشهر على الحرب المدمرة في قطاع غزة، أصبح العجز عن اتخاذ موقف صارم تجاه إسرائيل يشكل خطرا كبيرا أيضا.

ويرى بلانك أن بايدن لم يبدِ حتى الآن استعدادا لتحدي إسرائيل بطريقة مجدية، لكن ثمة دلائل تشي بأنه بات يشعر بإحباط متزايد من نتنياهو.

لكن إذا أراد الرئيس أن يتعامل بصرامة مع نتنياهو، فدون ذلك مجموعة من الخيارات؛ تتراوح من حجب المساعدات العسكرية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية.

ومع أن تنفيذ تلك الخيارات -كما يقر الكاتب- ليس بالأمر السهل من الناحية السياسية، فإنها قد تصبح أكثر جدوى في ظل ارتفاع حصيلة قتلى الحرب وانتشار المجاعة في قطاع غزة.

ورغم أن لهجة بايدن في انتقاده لحملة نتنياهو العسكرية في غزة أصبحت حادة وصريحة منذ فبراير/شباط الماضي، ودعوته إسرائيل إلى زيادة المساعدات الإنسانية، والحد من حجم عملياتها العسكرية، والخسائر في صفوف المدنيين، فعليه أن يعلن في خطاب متلفز من البيت الأبيض وقف تعامله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "هذا إذا كان يريد أن يعطي مطالبه تلك ثقلا أكبر"، حسب بلانك.

ويرى الكاتب أنه إذا فعل ذلك فعليه أن يوضح أن انتقاده موجه لحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة، وليس لشعبها، وهو ما من شأنه رفع وتيرة الضغط على نتنياهو في الداخل ما "يجعله يعتدل في مواقفه".

والخطوة الأخرى -برأي الباحث الأميركي في مقاله- هي "تخفيف" الدعم الدبلوماسي الأميركي لإسرائيل في الأمم المتحدة، "دون التزام سياسي محدد".

كما أن هناك نقطة ضغط أخرى تكمن في أن بايدن يتمتع بصلاحية الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة من خلال اتخاذ إجراء تنفيذي.

كما يمكن لواشنطن أن تتوقف عن تقديم حوافز لتشجيع إبرام اتفاق للتطبيع بين إسرائيل والسعودية، على حد تعبير مقال "نيويورك تايمز".

وفي مقاله، أعرب المحلل والمفاوض السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، عن اعتقاده أن تصريحات الرئيس بايدن بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، التي وردت في خطابه عن حالة الاتحاد وفي مقابلته مع شبكة "إم إس إن بي سي" يوم السبت، كانت إيذانا بسياسة أميركية أكثر انتقادا لإسرائيل.

وذكر ميلر، الذي يعمل باحثا بارزا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن الرئيس دعا في ذلك الخطاب إلى وقف مؤقت على الأقل لإطلاق النار، متحدثا عن الخسائر والمعاناة التي يقاسيها سكان غزة، وموجها رسالة إلى إسرائيل بضرورة العمل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني باعتبار ذلك أولوية.

وبدلا من التبشير بتحول كبير في السياسة -وفق تعبير الكاتب- جاءت كلمات الرئيس واجتماع نائبته كامالا هاريس مؤخرا مع بيني غانتس، خصم نتنياهو وخليفته المحتمل، على الأرجح في إطار نهج الإدارة الأميركية الذي لا يبدو سعيدا مع حكومة نتنياهو.

وقال ميلر إن خطاب الرئيس حمل عدة رسائل منها "توبيخ" إسرائيل بسبب قصفها العشوائي لغزة؛ مبديا إحباطه من بعض تصرفات تل أبيب، وعدم اكتراثها وحتى معارضتها تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع. كما أعرب عن غضبه إزاء عدم استعداد إسرائيل كبح جماح عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويرى المحلل السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن عبارة "أنا غير سعيد بإسرائيل، لكنني لن أفعل الشيء الكثير حيالها"، التي أطلقها بايدن هي تعبير عن سياسته المدفوعة بحساسيته وخياراته السياسية التي يواجهها في التعامل مع الحرب الحالية.

ثم إن الرئيس يدري بالتأكيد أن هناك ثمنا سيدفعه في الداخل والخارج بسماحه لنتنياهو بالاستخفاف بالمصالح والقيم الأميركية، وهنا تكمن المشكلة، بحسب ميلر الذي أضاف أن ارتباط بايدن بإسرائيل هو الذي منعه من فرض شروط عليها طيلة الحرب. وأردف الكاتب بأن ما من رئيس أميركي وصف نفسه مرات ومرات بأنه صهيوني سوى بايدن.

ويرى بايدن أن حياته السياسية تتشابك مع قصة الدولة الإسرائيلية، لكن مشاعر الحب هذه لا تشمل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

لماذا ترفض إسرائيل إعلان موقفها من صفقة بايدن؟

#سواليف

بإعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) موافقتها على المقترح الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن لإبرام صفقة تنتهي باتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، توجهت الأنظار نحو الطرف الإسرائيلي الذي لم يعلن موقفا واضحا حتى الآن.

ونشرت حركة حماس بيانا -أمس الأربعاء- أكدت فيه أنها أبدت الإيجابية المطلوبة للوصول لاتفاق شامل ومُرض يقوم على مطالب الشعب الفلسطيني العادلة.

وأكدت حماس أنه بينما يواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الحديث عن موافقة إسرائيل على مقترح بايدن، لم يُسمع أي مسؤول إسرائيلي يتحدث عن هذه الموافقة.

مقالات ذات صلة قيادي بحركة الجهاد: لا يمكن أن نُسلم أوراق القوة بدون ضمانات أمريكية مكتوبة 2024/06/13

وأشارت إلى أن العالم لم يسمع أيضا أي ترحيب أو موافقة من قبل إسرائيل على قرار مجلس الأمن المؤيد للمقترح الأميركي لوقف إطلاق النار.

وكانت حماس قد أعلنت الموافقة على المقترح الأميركي بعد ساعات من إعلان بايدن، وهو ما فاجأ إسرائيل، وفق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر أحمد جميل عزم، الذي أوضح أن إسرائيل حاولت أن تتذرع بأن تلك الموافقة لم تكن نهائية، قبل أن تعود الحركة مجددا وتؤكد موقفها ببيانها أمس.


واعتبر عزم -في حديث للجزيرة نت- أنه من الطبيعي أن تبدي حركة حماس بعض التحفظات من دون أن ترفض شيئا أو تطلب حتى تعديلات حقيقية على المبادرة، وأشار إلى أن الحركة وافقت على بعض النقاط وطلبت استفسارات بشأن نقاط أخرى، كما طلبت ضمانات، وتحديدا من الولايات المتحدة، وأهمها بشأن وقف إطلاق النار.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن إسرائيل تعمل -كعادتها- على إبقاء ثغرات في النصوص، دون تحديد خرائط واضحة لعمليات الانسحاب، أو إعطاء تواريخ محددة لإنجاز بنود الاتفاق.


مفاوضات بلا معنى
وفي حين يؤكد الوسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة أن جهود التوصل لاتفاق مستمرة ولن تتوقف، يرى الباحث السياسي سعيد زياد أن بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاولان جر المقاومة والوسطاء إلى “مفاوضات بلا معنى”، و”يتلاعبان بالألفاظ لإطالة أمد الحرب”.

واعتبر زياد -في تصريح للجزيرة- أن واشنطن “غير معنية بوقف الحرب كما تدعي، بدليل تجاهلها وجود إسرائيل في معبر رفح وفيلادلفيا، ويبدو أنها تريد استغلال هذا لإحداث تغيير سياسي أو جغرافي في القطاع”.

ولا تختلف قراءة المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، إذ يرى أن الصمت الإسرائيلي الرسمي على خطة بادين، يعكس توجه نتنياهو لاستمرار القتال إلى ما لا نهاية بما يخدم مصالحه.

وأوضح أن نتنياهو حاول منذ طرح خطة الرئيس الأميركي تجنب الصدام مع واشنطن، وألقى بالكرة في ملعب حماس سعيا منه لتحميلها مسؤولية عدم تنفيذ الخطة الأميركية.


وتساءل المحلل العسكري عن غياب أي أفق للتوصل إلى اتفاق، بعد أن تصرف الجيش الإسرائيلي بشكل عدواني، بالتوغل البري والقصف والغارات من الجو في جميع أنحاء القطاع تقريبا، دون أن يتمكن من هزيمة حماس وتحقيق النصر.

واعتبر أن عدم التوصل إلى اتفاق، “مع استمرار وعود نتنياهو الفارغة بالنصر الكامل في الخلفية، سيضغط على الجيش للتوسع والهجوم في القطاع دون هدف إستراتيجي واضح”.

ولفت إلى أن هذا الوضع في غزة لربما سيؤدي إلى استمرار القتال وتوسيعه على الجبهة الشمالية مع لبنان، لأن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله سبق أن صرح بأن رجاله لن يوقفوا إطلاق النار حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

واشنطن وغياب الثقة
في المقابل، يقول الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز إن الولايات المتحدة لا تتخذ مواقف متناقضة، بل تحاول وقف إطلاق النار، لكنها تتعامل مع الوضع من عدة جهات.

ويرى هايز -في حديث للجزيرة- أن المشكلة حاليا تكمن في غياب الثقة بين إسرائيل وحماس، مشيرا إلى أن كل طرف يرى أن الطرف الآخر سيستغل وقف القتال لصالحه عسكريا، ومن ثم يرفضان التوصل لاتفاق.

واعتبر أن التوصل لاتفاق حاليا يتطلب بناءً للثقة بين الطرفين، وهو أمر غير قابل للتحقق في ظل الظروف الراهنة، وفق رأيه.

غير أن الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي يرى أن الجميع شاهد على جملة من التناقضات الأميركية، “فإدارة بايدن منخرطة بالحرب، وتبنت الخطاب الإسرائيلي منذ بدايتها، ومنعت كثيرا محاولات وقف إطلاق النار عبر مجلس الأمن”.

وخلص إلى أن إدارة بايدن تريد ابتزاز حركة حماس والضغط عليها، وتوفير الغطاء الدولي والقانوني لاستمرار الحرب، كما أنها تريد أن تحقق للإسرائيليين -عبر ميدان الدبلوماسية- ما لم يحققوه في الميدان.

المصدر : الجزيرة

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: نهاية الحرب في غزة ليست نهاية القتال وبايدن أمام خيارين
  • عزالدين: يد المقاومة هي الأقوى في الميدان
  • مبعوث أمريكي يزور إسرائيل ولبنان على خلفية التطورات الأخيرة من التصعيد
  • صحيفة إسرائيلية : أمام بايدن 3 خيارات لإنهاء حرب غزة
  • هآرتس: نتنياهو مخادع وأمام بايدن 3 خيارات لإنهاء الحرب على غزة
  • حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني
  • إعلام أمريكي: هانتر بايدن يسحب دعوى قضائية ضد محامي ترامب السابق
  • لماذا ترفض إسرائيل إعلان موقفها من صفقة بايدن؟
  • خطط نتنياهو وحسابات بلينكن.. لماذا ترفض إسرائيل إعلان موقفها من صفقة بايدن؟
  • إسرائيل تقصف مباني لحزب الله جنوب لبنان.. وأميركا تحذرها من توسع الحرب