«التغرودة».. قصيد أهل البادية
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أخبار ذات صلةنشأ فن «التغرودة» في البيئة الصحراوية والمناطق الجبلية في الإمارات كأحد أنماط الشعر المرتجَل، وكان ميلاد فن «التغرودة» نتاجاً لقريحة حداة الإبل في البادية ورعاة الغنم، لكنه انتشر اليوم كأحد أهم العناصر التراثية المحببة في الثقافة الإماراتية التي تتناقلها الأجيال.
أُدرج فن «التغرودة» عام 2012 ضمن قائمة «اليونسكو» للتراث الثقافي غير المادي، ويُعتبر نوعاً من أنواع الشعر البدوي الشعبي الذي يؤلفه الشعراء، ويُلقى من قبل الرجال الذين يرحلون على ظهور الإبل، وتبدأ «التغرودة» بتأليف قصيدة قصيرة، ترتجل عادة وتُكرر من قبل المسافرين الآخرين، ويتم أداء هذه القصائد على شكل غناء منفرد أو جماعي من قبل راكبي الإبل، حيث يقوم المؤدي الرئيس بغناء البيت الأول، ثم ترد عليه المجموعة الأبيات الأخرى.
وسيلة للتسلية
ظهر فن «التغرودة» الغنائي التقليدي في الأصل وسيلة تسلية للرحّالة في أسفارهم الطويلة في الصحاري الشاسعة، واعتقد حداة الإبل أيضاً أن هذا النوع من الشدو، يحث الإبل على المضي في السير بهمة، لتتسارع خطاها، كلما أسرع إيقاع شدو الحادي بشعره وأهازيجه.
شطرة شعرية
وحول الحفاظ على هذه الفنون وموروث الأجداد، قال بخيت محمد المهري، أحد مؤدي فن «التغرودة»: يؤدَّى هذا الفن أثناء الرحلات الطويلة في الصحراء، وعادة ما يرتجل الحداة كلمات «التغرودة» في أكثر من شطرة شعرية قصيرة تكررها مجموعات بالتناوب بينها نداءً وجواباً، ويصدح المؤدّي الرئيس متغنياً بمطلع الشطرة، ومن ثم تجيبه المجموعة بإتمام بقية الشطرة الشعرية، وعادة ما تكون كلمات فن «التغرودة» مباشرة وبسيطة لا تتضمن صوراً أو مؤثرات بلاغية.
إبراز الإنجازات
لفت المهري إلى أن أحد أهم الوظائف التقليدية لهذا الفن التراثي، هو توثيقه التاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة. وقال: يغلب على فن «التغرودة» موضوع تعبير المنشد عن حبه لأقاربه وأصدقائه، ويستخدم الشعراء هذا الفن أيضاً لإبداء آرائهم في القضايا الاجتماعية، وإظهار الإنجازات التاريخية.
وأوضح أنه يتم إنشاد هذه القصائد في الجلسات والتخييم وسباقات الهجن والمهرجانات التراثية والوطنية، حيث يتخذ الشباب أعضاء الفرق الفنية التراثية، من هذه الفعاليات المميزة، منصة لإبراز هذه الفنون، والحرص على حضورها ووجودها، كعملية تسهم في صون فنون الأجداد ونقلها إلى الأجيال.
فن «الهمبل»
أكد نهيان المنصوري مؤدي فن «الهمبل»، أنه يفتخر كونه أحد المؤديين الشباب للفنون التراثية الإماراتية الأصيلة. وقال: بمشاركة نخبة من فناني الأداء، نحاول نشر هذه الفنون الجميلة، وتقديمها للكبار والصغار، حتى يتعرف الآخر على ثقافة الإمارات وفنونها التراثية الأصيلة، مشيراً إلى أن «الهمبل» فن يؤدى في المجالس والمسيرات وفوق الإبل، حيث كان الأجداد يؤدون هذا الفن في رحلاتهم الصحراوية الطويلة.
7 أبيات
تتألف قصيدة «التغرودة» من أبيات قصيرة، عادة أقل من 7 أبيات، وتتبع الوزن السريع في الشعر العربي الفصيح الذي يُعرف باسم الرجز، ويتم الإنشاد من خلال المبالغة في مد الحروف المتحركة، ويعتقد البدو أن هذا النوع من الشعر مسلٍ للراكب، ويحث المطايا على السير مع الإيقاع، وتتنوع موضوعات شعر «التغرودة» بين الحب والرومانسية والصداقة والطموحات والمديح والعلاقات القبَلية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات البيئة الصحراوية التراث هذا الفن
إقرأ أيضاً:
ما هكذا تورد الإبل يا شوالي!
محمد الساعدي
هناك خيطٌ رفيع يفصل بين المُعلّق الذي يليق بالمشهد الرياضي العربي، وبين من بقي أسيرًا لزمنٍ مضى، لا يُجدد أدواته ولا يُراجع أرشيفه. وعندما نتحدث عن عصام الشوالي، فإننا لا نتحدث عن اسمٍ طارئ، بل عن صوتٍ ارتبط بملايين المتابعين، وصاحب رصيدٍ طويل في منصات التعليق. ولكن… طول الباع وحده لا يكفي إن لم يُدعَّم بوعيٍ ومسؤولية ودقة فيما يُقال.
والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف لمُعلّق مخضرم مثله أن تمر عليه أساسيات المعلومة، أو يتجاهل تدقيقها، وهو الذي يفترض أنَّه يحرك الرأي ويصنع المزاج الكروي على الهواء؟
من المستغرب أن يبني الشوالي معلومة قديمة، مستهلكة، ومبتورة السياق… ثم يرفعها كأنها فتحٌ تاريخيّ، يُلوّح بها كلما ظهر منتخب عُمان في الأفق.
المعلومة التي ورثها عن علي الكعبي، تلك التي تتعلق بفوز ليبيا على عُمان في عام 1966—عام كان فيه "منتخب عُمان" مجرد مجموعة طلاب هواة، لا منتخبًا وطنيًا، ولا كرة احتراف، ولا منظومة رياضية.
ومع ذلك تُقدَّم وكأنَّها صفحة رسمية من كتاب التاريخ الرياضي!
ثم المدهش أكثر: لماذا لا يذكر الشوالي مثل هذه "الاكتشافات" عندما يتعلق الأمر بمنتخبات أخرى تشاركه بطولات كأس العرب؟ لماذا لا ينبّش في أرشيف غيرنا كما ينبّش في أرشيف عُمان؟ لماذا لا يُعيد لنا نتائج قديمة وقاسية لمنتخبات خليجية أو عربية أخرى- نتائج أقرب زمنًا وأوضح سياقًا؟
لأنهم هناك… لن يسكتوا. ولأنَّ الأقلام الرياضية في تلك الدول ستقف له بالمرصاد.
أما العماني؛ فهو حليم، هادئ، لا يدخل مهاترات، ويُفضّل أن تعلو قيمة الرياضة على صخب الجدال.
ومن هنا يظن الشوالي أن الساحة خالية، وأنه قادر على إعادة تدوير المعلومة ذاتها عامًا بعد عام دون أن يُسائله أحد.
لكن ما لا يعرفه أن تاريخ عُمان أكبر بكثير من "معلومة 1966" التي يتشدق بها كلما سنحت له فرصة.
تاريخ عُمان ليس نتيجة مباراة… ولا حدثًا عابرًا في سجل كرة قدم.
هو تاريخ حضارة، وسيادة، وحضور ممتد عبر قرون.
تاريخ بلدٍ حين يتحدث عنه الباحث الحقيقي-لا الضيف العابر أمام الميكروفون- يحتاج أن يختار نقطة بداية قبل أن يختار نهاية.
ويا شوالي… إن كنت مصرًّا على الحديث عن عُمان كلما مرّ اسمها في تعليقك، فافعلها كما يفعل المحترفون:
ابحث، دقّق، اقرأ من مصادر موثوقة، وابتعد عن المعلومات التي تجاوزها الزمن.
ارفع مستوى الطرح، ولا تُحوّل التعليق إلى منصة تُعاد فيها نفس الفكرة الباهتة منذ سنوات.
فالعُماني حين يسمعك تتحدث عن بلده، يريد منك معلومة تُشرّف لا تُثقل، تُنير لا تُعكّر، وتعكس احترامك لمشهدٍ رياضي أنت أحد صانعيه.
وفي الختام… كُن بخير يا "شواليّ العلوم"، واجعل صوتك الذي أحببناه يومًا إضافةً للمشهد… لا ظلًا يُعيد نفسه.