قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إن الصين بحاجة إلى تجديد نفسها بسياسات اقتصادية تسرع حل أزمة سوق العقارات وتعزز الاستهلاك والإنتاجية لديها.

وقالت جورجيفا في تصريحات خلال اجتماع لمسؤولين صينيين كبار ومديرين تنفيذيين من شركات عالمية: "الصين عند مفترق طرق.. إما أن تعتمد على السياسات التي نجحت في الماضي، أو تجدد نفسها من أجل عهد جديد من النمو عالي الجودة".

وأضاف: "وبالنظر إلى الصين، شهدنا انتعاشا قويا في مرحلة ما بعد كوفيد في عام 2023، حيث تجاوز النمو خمسة بالمئة". 

وتابعت قائلة "على المدى المتوسط، ستظل الصين مساهما رئيسيا في النمو الاقتصادي العالمي، ورغم أن انخفاض نمو الإنتاجية والشيخوخة السكانية من العوامل التي تؤثر على النمو، إلا أن هناك أيضا فرصا هائلة".

وأفادت كريستالينا جورجيفا "وفقا لتحليلنا، فمن خلال حزمة شاملة من الإصلاحات الداعمة للسوق، تستطيع الصين أن تنمو بسرعة أكبر كثيرا من سيناريو الوضع الراهن، وهذا النمو الإضافي من شأنه أن يؤدي إلى توسع بنسبة 20 في المائة في الاقتصاد الحقيقي على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة وهذا يعادل، بشروط اليوم إضافة 3.5 تريليون دولار أمريكي إلى الاقتصاد الصيني". 

ما هي مكونات مثل هذه الحزمة من الإصلاحات؟

ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي أن كل شيء يبدأ بأساسيات الاقتصاد الكلي السليمة، مضيفة "لقد شجعني كثيرا أن أسمع الالتزام بالأساسيات السليمة والمؤسسات القوية هنا في الصين لقد أدت عقود من النمو المذهل في الصين إلى تحسين مستويات المعيشة بشكل كبير وتوفير احتياطيات سياسية وافرة لمعالجة التحديات الأكثر إلحاحا في الأمد القريب".

وأشارت إلى أن هذه الإجراءات تشمل نقل القطاع العقاري إلى وضع أكثر استدامة والحد من مخاطر ديون الحكومات المحلية، مبينة أن معالجة هذه التحديات أمر ضروري للانتقال السلس إلى عصر جديد من النمو عالي الجودة.

وبينت أن التحليلات كشفت أن الخطوات الحاسمة لتقليل مخزون المساكن غير المكتملة وإعطاء مساحة أكبر لتصحيحات السوق في قطاع العقارات يمكن أن تسرع حل مشاكل قطاع العقارات الحالية وترفع ثقة المستهلك والمستثمر.  

وأكدت أنه من السمات الرئيسية للنمو عالي الجودة أن يكون الاعتماد بشكل أكبر على الاستهلاك المحلي، مشيرة إلى أن القيام بذلك يعتمد على تعزيز القدرة الشرائية للأفراد والأسر.

وأوضحت في السياق أن نظام الضمان الاجتماعي في الصين يغطي عددا أكبر من الأشخاص مقارنة بأي نظام آخر على هذا الكوكب، ولكن هناك مجال لتوسيع نطاقه بشكل أكبر وزيادة الفوائد.

وصرحت مديرة صندوق النقد أن الاستهلاك المحلي يعتمد أيضا على نمو الدخل، والذي يعتمد بدوره على إنتاجية رأس المال والعمالة، ومن شأن الإصلاحات مثل تعزيز بيئة الأعمال وضمان تكافؤ الفرص بين الشركات الخاصة والمملوكة للدولة أن تعمل على تحسين تخصيص رأس المال.

وأكدت أن الاستثمار في رأس المال البشري في التعليم والتدريب مدى الحياة وإعادة اكتساب المهارات والرعاية الصحية الجيدة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل وارتفاع الدخول.  

وقالت إن هذا يشكل أهمية خاصة في ظل سعي الصين إلى اغتنام الفرص التي يتيحها "الانفجار الكبير" للذكاء الاصطناعي.

وبينت أن جاهزية البلدان لعالم الذكاء الاصطناعي لم تعد هدفا للمستقبل، بل أصبحت بالفعل مشكلة اليوم، وقد حدد صندوق النقد الدولي أربعة مجالات تشكل أهمية بالغة لاستعداد البلدان للذكاء الاصطناعي البنية التحتية الرقمية، ورأس المال البشري وأسواق العمل، والابتكار، والتنظيم والأخلاق.

وخلصت إلى أن الصين تأتي في طليعة الاقتصادات الناشئة من حيث الاستعداد للذكاء الاصطناعي، مع وجود بنية تحتية رقمية متطورة توفر السبق، مشددة على أن إنشاء إطار تنظيمي قوي للذكاء الاصطناعي وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المبتكرة الأخرى من شأنه أن يساعد الصين على المضي قدما.

وأكدت كريستالينا جورجيفا أن الصين تتمتع بإمكانات هائلة في تعزيز الاقتصاد الأخضر وهي بالفعل الرائدة عالميا في نشر الطاقة المتجددة، وتحرز تقدما سريعا في مجال التنقل الأخضر.

وتقول جورجيفا إن الصين ساعدت في تعزيز القدرة المالية لصندوق النقد الدولي من خلال المساهمات في أداة الإقراض الميسرة التي نقدمها للبلدان ذات الدخل المنخفض، ومرفق القدرة على الصمود والاستدامة الذي أنشأه مؤخرا، ومبادرات لتنمية القدرات وقد أظهرت الصين قيادة ملحوظة في المساعدة على صياغة الاتفاق الخاص بزيادة الموارد الدائمة لصندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. 

وتؤكد المسؤولة أن الصندوق يدرك الدور المهم الذي تلعبه الصين في معالجة ضائقة الديون في الاقتصادات الناشئة والنامية، مشيرة إلى أنه ومع وجود العديد من البلدان التي تعاني من ضائقة الديون أو تقترب منها، هناك حاجة إلى الكثير من العمل بين الدائنين لتسريع عملية تخفيف الديون.

وأكدت في السياق أن الصنوق يتطلع إلى استمرار مشاركة الصين القوية، مشددة على أنه وبديناميكية التنين وثقته وروح التعاون الدولية المتجددة تستطيع الصين والعالم أن يرتقيا معا إلى مستوى التحديات التي نواجهها اليوم من أجل مستقبل أكثر ازدهارا للجميع.

المصدر: صندوق النقد الدولي

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الاقتصاد العالمي بكين صندوق النقد الدولي مؤشرات اقتصادية صندوق النقد الدولی للذکاء الاصطناعی إلى أن

إقرأ أيضاً:

أنماط الاستهلاك المختلفة تؤدي إلى تفاوت في الانبعاثات بين الجنسين

قالت دراسة بحثية جديدة إن السيارات واستهلاك اللحوم من العوامل الرئيسية وراء الفجوة بين الجنسين في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

أظهرت دراسة فرنسية أُجريت على 15 ألف شخص أن الرجال يصدرون تلوثًا مسببًا لاحتباس الحرارة على الكوكب بنسبة 26% أكثر من النساء، وذلك من خلال أنماط النقل والغذاء وتنكمش هذه الفجوة إلى 18% بعد مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل الدخل والتعليم.

وأوضح الباحثون أن تناول اللحوم الحمراء وقيادة السيارات يُفسران غالبية الفروقات في التلوث، والتي تتراوح بين 6.5% و9.5%، بعد الأخذ في الاعتبار أيضًا استهلاك الرجال لسعرات حرارية أكبر وسفرهم لمسافات أطول. ولم تسجيل الدراسة أي فجوة بين الجنسين نتيجة للسفر الجوي.

وصرحت أوندين بيرلاند، الخبيرة الاقتصادية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية والمؤلفة المشاركة للدراسة: “تشير نتائجنا إلى أن المعايير الجنسانية التقليدية، وخاصة تلك التي تربط الذكورة باستهلاك اللحوم الحمراء واستخدام السيارات، تلعب دورًا مهمًا في تشكيل البصمات الكربونية الفردية”.

تحديد العوامل

تواجه الأبحاث المتعلقة بالفجوات بين الجنسين صعوبات في تحديد العوامل التي ينبغي التحكم فيها، إذ إن الفروقات بين الجنسين قد تُربك المتغيرات المستقل، فعلى سبيل المثال، يحتاج الرجال إلى تناول سعرات حرارية أكثر من النساء، إلا أنهم يستهلكون كميات طعام أكبر بشكل غير متناسب، كما أن متوسط دخلهم أعلى، وهو ما يرتبط بارتفاع الانبعاثات.

إنفاق الرجال على السلع يؤدي إلى انبعاثات حرارية أعلى بنسبة 16% مقارنة بالنساء، وقالت ماريون ليروتييه، الخبيرة الاقتصادية البيئية في كريست إنساي باريس والمؤلفة المشاركة في الدراسة: “من اللافت أن الفرق في البصمة الكربونية بين الجنسين في مجالي الغذاء والنقل يعادل تقريبًا الفارق بين ذوي الدخل المرتفع والدخل المنخفض”.

وتعد الإجراءات الأكثر فعالية لخفض الانبعاثات الكربونية هي التخلص من السيارات التي تعمل بالوقود، وتناول كميات أقل من اللحوم، وتجنب السفر الجوي.

وأشار الباحثون الفرنسيون إلى أن الاختلافات بين الجنسين في الانبعاثات قد تفسر سبب ميل النساء إلى الشعور بقلق أكبر حيال أزمة المناخ، مشيرين إلى أن التكلفة الشخصية الأعلى لتقليل الانبعاثات قد تدفع الرجال إلى إنكار خطورة الأزمة المناخية.

وأكدوا أن ازدياد الوعي بأزمة المناخ قد يدفع النساء لبذل جهود أكبر لخفض بصماتهن الكربونية. 

طباعة شارك أنماط الاستهلاك البصمة الكربونية للرجال القيادة واستهلاك اللحوم السيارات الكوكب النساء

مقالات مشابهة

  • محمد معيط: صندوق النقد لا يتدخل فى سياسات الإصلاح الاقتصادى للدول
  • من الروبوتات البشرية وحتى آلات المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يغير الحياة في الصين
  • البنك الدولي: سوريا الآن مؤهلة للحصول على تمويلات جديدة
  • ترامب يدعم إنشاء أضخم مركز للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط لمواجهة الصين
  • مخاوف داخل الإدارة الأمريكية من صفقات الذكاء الاصطناعي مع الإمارات.. ما علاقة الصين؟
  • الصين تبدأ مشروع ضخم في السودان
  • الهند تطلب من صندوق النقد الدولي إعادة النظر في قرض ممنوح لباكستان
  • باكستان تدعو إلى التأكد من التزام الهند بخفض التصعيد
  • بلومبيرغ: الاتفاق المؤقت مع الصين لا يحّل مشاكل الاحتياطي الفيدرالي
  • أنماط الاستهلاك المختلفة تؤدي إلى تفاوت في الانبعاثات بين الجنسين