طهران- بدأت قوات الشرطة الإيرانية منذ منتصف أبريل/نيسان الجاري تنفيذ عملية جديدة للتعامل مع الحجاب تحت عنوان "خطة النور الوطنية"، وأوضح قائد شرطة طهران عباس علي محمديان أنه سيتم تحذير الأشخاص الذين لم ينتبهوا لتحذيرات الشرطة السابقة بشكل خاص، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، مؤكدا أن الالتزام بالحجاب قانون، ومخالفة القانون جريمة.

"خطة نور"

وأعلنت قيادة الشرطة الإيرانية، في بيان لها، أنه في إطار المطالب العامة وانطلاقا من الواجبات الشرعية، سيتم اتباع خطة الحجاب والعفة بجدية أكبر اعتبارا من يوم السبت 13 أبريل/نيسان الجاري، في كافة الطرق والأماكن العامة.

لهذا السبب، يرجى من جميع المواطنين المحترمين، وخاصة الفتيات والسيدات العزيزات، يوضح البيان، احترام خصوصية الحجاب والعفة احتراما للقانون والحفاظ على القيم الأخلاقية والأعراف الوطنية والدينية للمجتمع.

وبحسب البيان ذاته، تذكر الشرطة، مع حرصها على مراعاة المعايير الأخلاقية وخصوصية المواطنين، المواطنين بأنها ستتخذ حتما، انطلاقا من واجباتها، الإجراءات القانونية ضد المخالفين لقانون الحجاب والعفة. وختمت بأنها تتوقع منهم احترام القيم القانونية وتنظيم أعمالهم وتغطيتها في هذا الإطار.

ومن جهته، قال النائب العام لإيران محمد كاظم موحدي آزاد إننا لا ننوي رفع دعوى قضائية ضد نواميس البلاد، وبعد الإنذار والالتزام وتصحيح الملابس، يعود الشخص إلى منزله. وحث قوات الشرطة على محاولة تحسين حالة العفة والحجاب، ولكن مع احترام الحدود والخصوصية في هذا الأمر.

جزء من الشارع الإيراني اعتبر أن "خطة نور" بمثابة عودة شرطة الأخلاق والآداب (الجزيرة) بين الدعم والرفض

اعتبر الشارع الإيراني هذه العملية بمثابة عودة شرطة الأخلاق والآداب، بعد ما ألغيت من الشوارع منذ وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها عندهم في سبتمبر/أيلول 2022، وما تبعها من احتجاجات عمت البلاد.

ويعتبر إيرانيون بما أنه لم تتم الموافقة بعد على مشروع قانون الحجاب من قبل مجلس صيانة الدستور، فإن أي إجراء من جانب المسؤولين التنفيذيين لا يزال بلا أساس قانوني، وفي المقابل، يرى المقربون من السلطات أن الدستور ينص على إجبار الحجاب، لذا فعلى الشرطة أن تقوم بالتعامل اللازم مع كل من يخالف القوانين.

واجتمع مؤيدو "خطة نور" في العاصمة طهران ومدينة قم، وقال القائد العام لشرطة إيران أحمد رضا رادان في جمع أهالي قم إن الحجاب والعفة قضية ثقافية واجتماعية تماما، والعدو يحاول تحويلها إلى قضية أمنية، مؤكدا أن الشرطة مستمرة بالخطة بقوة.

وأضاف رادان أنه "عندما تعتاد أعين الناس على الوقاحة، فإنهم لن يعودوا للشعور بالغيرة، فنحن نحمي فتيات وطننا الإسلامي، اللاتي هن أمهات المستقبل لهذه الأرض".

وسرعان ما تداول معارضو خطة نور صورا من التجمعات الداعمة لها، وقالوا إن أغلب من في الصور هم طلبة الحوزات الأفغان، واتهموا الحكومة بتوظيف الجالية الأفغانية لمصالحها، قاصدين بذلك الأفغان الذين جاؤوا إلى إيران من أجل التحصيل في المدارس الدينية الشيعية.

الأكاديمية عابدي أدانت بشدة مواجهة الشرطة من لم تلتزم بالحجاب في الشوارع (الجزيرة) نتائج عكسية

وفي مسألة مراقبة الشوارع فيما يتعلق بملابس النساء، تقول الأستاذة الجامعية عفيفة عابدي إنه من المثير للجدل التعامل مع النساء واعتقالهن لمجرد ظهور شعرهن أو اختلاف نمط ملابسهن، لأنه على الرغم من أن هذا النوع من المراقبة في الأساس غير فعال، ويؤثر على الأمن النفسي للمجتمع، فإن احتمالية تصادم الأذواق في هذا النوع من الدوريات والمراقبة مرتفعة للغاية، وهي في الوقت نفسه توفر الأرضية لتحويل القضية إلى أزمة سياسية وأمنية في إيران، حسب وصفها.

ورأت عابدي، في حديث مع الجزيرة نت، أن رصد الجرائم المنظمة غير الأخلاقية والتعرف عليها ومواجهتها ومكافحتها، بما يشمل الفساد وتجارة الجنس والفحشاء والقمار وغيرها، وحتى لو شملت هذه الجرائم الجهود المنظمة لترويج عدم الالتزام بالحجاب، فهي آلية مشتركة في كل مجتمع من أجل الأمن الصحي والمعنوي، مؤكدة أنها تدين بشدة المواجهات في الشوارع.

وأضافت عابدي أنه، ومن هذا المنطلق، اتجه جزء من المجتمع -دون أي اهتمام بالجهود المنظمة ضد الحجاب- إلى ارتداء ملابس مختلفة، وتقول "في الواقع، هذا جزء من الحياة الطبيعية للمرأة الإيرانية، وهي ليست فقط نتيجة للصور الذهنية الفردية والتنشئة الأسرية، ولكنها أيضا نتيجة للتنشئة الاجتماعية والحكومية".

الشرطة تنفذ القانون

وتابعت الأستاذة الجامعية ذاتها أنه إذا أصرت الحكومة على حجاب خاص، فعليها مراجعة سياساتها الثقافية والاجتماعية في العقود الماضية، والسعي لتحقيق أهدافها من خلال أسلوب التعليم والترويج الديني، في حين أن مواجهة الشرطة في الشارع ترفع القضية الدينية والاجتماعية إلى مستوى القضايا السياسية والأمنية، على الرغم من أن السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون في إيران وعدت بأن النساء اللاتي يتلقين تذكيرا بالحجاب لن يتم اتهامهن بسجل جنائي.

والاختلاف في الرأي حول قضية الحجاب واضح في المجتمع الإيراني، لكن واقع المجتمع الإيراني هو أنه مجتمع تقليدي وديني، إذا تُرك الحجاب للاتجاهات الاجتماعية والدينية، حسب عابدي، فإن الحجاب العرفي سيكون أقرب إلى الحجاب الديني، لكن التدخل السياسي من الداخل والخارج يعطل هذه العملية الطبيعية ويصبح تحديا للمجتمع الإيراني.

واعتبرت عابدي أن جزءا من "خطة نور" مخصص لإنفاذ القانون للتعامل مع الجريمة المنظمة والتدخل العدائي، من أجل تغيير اجتماعي جذري، وقالت "الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن جزءا من برنامج أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتم اتباعه في السياق الثقافي"، لكنها ترى في الوقت نفسه أن الجزء من الخطة المتعلق بتنفيذ دوريات إرشادية في الشوارع "غير صحيح، وله نتائج عكسية من حيث الإعلان والترويج للحجاب".

من جهة أخرى، رأى خبير القضايا السياسية علي رضا تقوي نيا أن "خطة نور" هي الشكل المعدل لشرطة الأخلاق بأسلوب أكثر ذكاء، وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن هذه الخطة وجدت من أجل تنفيذ القانون، وأن إيران تسعى لمنع "استخدام مواطنيها من قبل الأعداء لإضعاف المجتمع والبلد"، مؤكدا أن من لا يلتزمون بالقانون هم أقلية في المجتمع، والشرطة تقوم بواجباتها تجاه من يخالف نص القانون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات شرطة الأخلاق خطة نور من أجل

إقرأ أيضاً:

“فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية

 

صراحة نيوز – بقلم :ا.د احمد منصور الخصاونة

في وطننا الذي يفخر بجنوده وأجهزته الأمنية، تبرز المخابرات العامة الأردنية ليس فقط كدرع واقٍ من المخاطر، بل كمدرسة في القيم والمروءة والإنسانية. ليست القصة التي رواها المواطن حمزة العجارمة إلا نافذة صغيرة تطل على جبل من النبل والرجولة والشهامة المتجذرة في نفوس أبناء هذا الجهاز السيادي الوطني العريق.

فحين تجد فتاة جامعية نفسها وحيدة، مرهقة، في ساعة متأخرة، عاجزة عن العودة إلى بيتها، لا تجد حولها سوى نظرات العابرين وقلق الظلام … يُشرق النور فجأة من حيث لا تتوقع، من رجال لا يعرفون التفاخر ولا ينتظرون الشكر، لكنهم جبلوا على أن يكونوا عونًا وسندًا لكل محتاج وضعيف.

“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” .. فلسفة أمنية تتجاوز التعليمات وتلامس القلوب، ليست هذه الجملة العابرة مجرد تعبير ارتجالي خرج من لسان رجل أمن في موقف إنساني عابر؛ بل هي اختزال صادق لفلسفة عميقة تجسد العقيدة الأمنية الأردنية التي نشأت على القيم، وتشكلت من رحم الأخلاق، وتربّت على سُنة الوفاء والانتماء.

“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” تعني أن المواطن ليس رقماً في سجل، بل هو شريك في الوطن، وأن من ينتسب الى الدائرة، لا يُحركه القانون وحده، بل تُحركه الروح، والضمير، والرحمة، والفطرة الأردنية الأصيلة. هذه الجملة البسيطة كشفت عن وجه آخر لدائرة المخابرات العامة، الوجه الذي لا تراه الكاميرات، ولا تتصدر أخباره العناوين، لكنه حاضر في لحظة وجع، في موقف حيرة، في ساعة عتمة. هناك حيث لا أحد، يظهر رجال المخابرات، لا ليمارسوا سلطة، بل ليحملوا مسؤولية، لا ليفرضوا تعليمات، بل ليقدموا الطمأنينة.

دائرة المخابرات العامة الأردنية ليست فقط خط الدفاع الأول عن الوطن، بل هي أيضاً الحضن الأول لمن يشعر بالخوف أو الضياع. هي النموذج الحي على أن الأمن لا يُبنى بالعتاد وحده، بل يُبنى بالإنسان أولاً، ويصان بالعطاء، ويُروى بالرحمة. في زمن تتآكل فيه القيم عند البعض، ويعلو فيه صوت المصالح، تظل المخابرات العامة الأردنية صرحاً من صروح النبل، ومدرسة في الشرف والكرامة، وعنواناً للثقة التي نُسلمها لهم دون تردد لأننا نعلم أنهم أمناء عليها، كما هم أمناء على تراب الوطن.

ولأن الأردن وُلد من رحم الكرامة، ونشأ في مدرسة الهاشميين، فإن منسوبي مخابراته ليسوا مجرد موظفين، بل هم فرسان لا يغيب عن أعينهم نبض الأردني، ولا تغيب عن ضمائرهم دمعة أم، أو حيرة طالبة، أو قلق مواطن.

فطوبى لمن كانت “بنت الناس” عنده “بنته”، وطوبى لمؤسسة تُقدّم المثال لا المقال، والرحمة لا الجمود، والانتماء لا الادعاء.

لقد عرفناهم عن قرب، وتعاملنا معهم في مواقف ومناسبات مختلفة، فكانوا كما عهدناهم: رجال دولة، فرسان مبدأ، وأصحاب نخوة لا تهاب ولا تساوم. لا يخشون في الحق لومة لائم، ينجزون في صمت، ويحمون الوطن وأبناءه دون أن يسألوا عن مقابل.

دائرة المخابرات العامة، قدموا لنا في هذه الحادثة درسًا في الإنسانية، قبل أن يكونوا نموذجًا في الحماية. هم رجال تمرسوا في ميادين التضحية، وتشربوا أخلاق الجيش العربي، وتربّوا على أن الكرامة لا تتجزأ، وأن البنت الأردنية أمانة في أعناقهم كما هي في كنف والدها.

وإننا – أبناء هذا الوطن – لا نملك أمام هذه النماذج إلا أن نرفع القبعات احترامًا، ونسأل الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويجعلهم دائمًا كما عهدناهم: سندًا للوطن، وعنوانًا للرجولة، ورمزًا للحق.

دام الأردن عزيزًا، دامت مخابراته درعًا حصينًا، ودامت عقيدتها مدرسةً في الشرف والإنسانية.

 

مقالات مشابهة

  • متهم بوضع مواد سامة للأطفال في مخيم صيفي.. الشرطة البريطانية تلقي القبض على مسنٍ في ستاثرن
  • “فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية
  • مدير عام قوات الشرطة رئيس غرفة طوارئ إمتحانات الشهادة الثانوية يطمئن على سلامة الامتحانات في عطبرة عقب حريق محدود بمركز الكنترول
  • عاجل: الشرطة الصينية تفكك عصابة تبيع دمى "لابوبو" مزيّفة
  • بعد سنوات من الجدل.. سما المصري ترتدي الحجاب وتستغيث: استروا عليا (شاهد)
  • جهود وطنية متواصلة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.. وإشادات دولية بدور "الشرطة" في ضبط المطلوبين
  • غزة.. ماريا عادت جثة وأطفالها ينهشهم الجوع
  • حادثة مروعة بنيويورك .. مسلح يقتل 4 أشخاص بينهم شرطي ويصيب آخرين قبل أن ينتحر
  • قتلى بإطلاق نار في مبنى وسط مانهاتن بولاية نيويورك
  • ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك لـ5 أشخاص بينهم ضابط شرطة