دماءه لدرء الحسد.. كيف سكن الخروف ذاكرة الصعيد؟
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
يحتل الخروف مساحة عريضة في ذاكرة الصعيد وموروثاته، فقديمًا كان هو البديل في طقس القودة في المصالحات الثأرية لمرتكب جريمة الثأر حيث يقدم القاتل ذبيحة لأهل القتيل تكفيرًا عن فعلته وهى تقبل في الغالب.
وهو أيضا الهدية الثمينة القيمة التي يهادى بها الصعايدة بعضهم البعض في المناسبات المختلفة فحتى وقت قصير كان الخروف هو الوليمة الأساسية في حفلات الختان عند المسلمين والأقباط.
العناية بالخراف
ويُولى مربو الخراف عناية بالغة بالخروف منذ لحظات ميلاده وحتى ذبحه، حتي وإن كان صاحبه غير محترفًا في ذلك المجال، فثقافة رعى الخراف تبدو شائعة تقريبا في كل المناطق بالصعيد، و يبدأ الاهتمام بالخروف منذ ولادته.
حيث يحرص المربى على غسله كل ثلاثة أيام في فصل الصيف وكل 15 يوما في الشتاء باستخدام لإزالة العوالق التي تعلق بفروته الخشنة من حشرات وأتربة، ويعتقد أن ذلك يمنحه مزيدًا من الصحة التي تنعكس على وزنه وكمية اللحم المكتنزة فيه.
وبعد مرور فترة على ولادته يجلب له صاحبه شخص متخصص في القرى حيث يقوم باستئصال أعضاءه التناسلية كي يكون الخروف مستعدا للعلف وتقوية لجسده، والعملية التي يقوم بها الخصاّء تمنع من أن تجعل الخروف ذو رائحة نتنة عالم وتجعل لحمه طيب.
حيث يجمع مربين الأغنام أن استئصال بعض الأعضاء التناسلية من الخروف توفير لطاقتة التي قد يهدرها في التكاثر، وهى عملية تحتاج إلى دقة بالغة أثناء أجراها وهو يفسر الأجر المرتفع الذي يحصل عليه ذلك المتخصص مقارنة باجر من يقوم بحلاقة الفروة.
أعضاء الخراف وإرتباطها بالمعتقدات الشعبية
تبدو العناية الفائقة بذلك الحيوان ذو العيون الناعسة الذي ينادى بصوته المميز دوما على رفيق يؤنس وحدته حتى يتم ذبحه، مبررة خاصة أن كل جزء منه يتم الاستفادة منه بعد ذبحه، فحتى الدماء الخروف وقرونه كرس لها المعتقد الشعبي فائدة هامة وهى درء الحسد واتقاء شر العيون الحاسدة.
حيث يغمس الرجل كفة يده في الدماء ليطبعها على أى شيء يريد تحصينه من شر الحسد على شكل الخمسة والخميسة وأكثرها شيوعا الأكفف التي نراها مطبوعة على السيارات الجديدة حيث يذبح صاحبها خروفًا ويرسم بدماؤه تلك العلامة المميزة لتكسر من حدة نظرات الجيران وتأمين السيارة من المخاطر.
أما قرني الخروف فلهم نفس الفائدة وإن كان مكانهما على الواجهات العلوية للمنازل بعد ربطهما جيدًا وهما أيضا بمثابة حماية من الأرواح الشريرة التي قد تمر من أمام المنزل.
اللية مقوٍ جنسي
أما باقي أجزاء الخروف ومنها لحمه فانه في المناسبات العادية لايتم تقسيمه مثلما الحال في ذبائح الأضحى بل يوهب جزء للفقراء حسب تقدير صاحبه وتستخدم فروته في فرش مداخل المنادر والدواوين في قرى الصعيدي حيث يقاس مدى ثراء أصحاب المندرة بعدد الفروات التي تفترش الأرض.
ونصيب الجزاّر ـ نصف كيلو ـ من ذبيحة الخروف حسب تقدير صاحب الذبيحة، بالإضافة إلى أجرة الذبح، وتبدأ عملية الذبح بإحضار الخروف إلى مكان متسع ومجهز لاستقبال الدماء، ويتم ربط الأرجل ويقوم الجزار بتلاوة البسملة ويهم بفصل الرأس ويتركه لدقائق حتى تتصفي دماؤه ليقوم بعدها بعملية السلخ والتقطيع.
ويوزع صاحبه لحمه مثلما يقره الشرع وأول ما يتم حجزه في الخروف هو «اللية» حيث يعتبرها العجائز مقوي جنسي سريع المفعول كما تشير الموروثات الشعبية أنها تقي من مرض «الصنباوي» سواء عند الرجال والنساء.
أنواع الخرافويفضل سكان محافظات الصعيد، شراء الخراف الصعيدية ويجلبونها من محافظة أسيوط ؛ وهي عديمة القرون مقوسة الأنف ذات رقبة طويلة نسبيًا سوداء أو بنية وصوفها خشن وذات ذيل اسطواني شحمي ويستخدم صوفها في صناعة الكليم والبطاطين ويرونها الأفضل من بين الأنواع الأخرى.
ومن هذه الأنواع «الأوسيمي» نسبة إلي قرية أوسيم، بمحافظة الجيزة، وهى بيضاء اللون ذات رأس بني الذي يمتد إلي الرقبة ومقدم الصدر.
و«الرحماني» نسبة إلي قرية الرحمانية بالبحيرة وهي بنية اللون وقد توجد بها بعض البقع البيضاء ويميزها الذيل الكبير البيضاوي «اللية» المكتز بالشحم وينتهي بعقدة نحيفة ملتوية ويميزها في الذكور الرأس الكبير المقوس الأنف وتحمل قرونا كبيرة هلالية الشكل تلتف حول الأذن.
و«البرقي» وتعرف أيضا باسم «الدرناوي» أوالأغنام الصحراوية من أصل ليبي نسبة لمدينة برقة وتنتشر علي طول الساحل الشمالي الغربي بمصر وهي متوسطة الحجم وبيضاء اللون ولون رأسها اسود أحيانا وذكورها ذات قرون ويغطي الأرجل وأسفل البطن شعر قصير.
و«الفلاحي» ويعرف بالبلدي أو الشرقاوي حجم صغير، و«الصنباوي»هي مجموعة غير متجانسة من الأغنام تنتشر في محافظات الصعيد من أسيوط حتى أسوان وليست لها صفات محددة.
أسعار الخراف
ويفسر تجاّر الماشية ارتفاع سعار الخراف في العيد بارتفاع أسعار العلف ولعدم ضوابط تحكم أسعار البيع.
وأن سكان محافظات الصعيد لا يقبلون على شراء الخراف المستوردة التي تطرح في المجمعات الاستهلاكية حيث تسود بعض الاعتقادات الغريبة عنها، ونظرا لارتفاع الأسعار فان بعض الأسر تتشارك في شراء ذبيحة كبيرة يتم اقتسامه بينهم .
وتتفاوت أسعار الخراف، ما بين 7 آلاف جنيه وتصل إلى 18 ألف جنيه بأسواق الماشية، حسب الوزن والعمر، فى حين وصلت أسعار العجول من 30 ألف إلى 120 ألف جنيه للواحد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصعيد دماءه الأضحية عيد الأضحى 2024 أسعار الأضحية أسواق الماشية محافظات الصعيد
إقرأ أيضاً:
نادية عزت في ذكرى رحيلها.. مسيرة فنية حافلة وأدوار لا تُنسى في ذاكرة الدراما المصرية
في مثل هذا اليوم من عام 2011، فقد الوسط الفني واحدة من أبرز الفنانات اللاتي قدّمن أدوار الأم الطيبة والمرأة المصرية الأصيلة، الفنانة القديرة نادية عزت، التي رحلت عن عالمنا بعد أن تركت بصمة واضحة في عالم الدراما والسينما، وعلى الرغم من ملامحها الهادئة، فإنها استطاعت أن تجسّد أدوارًا متعددة بأداء عفوي وصدق فني جعل منها وجهًا مألوفًا في كل بيت مصري.
نستعرض في السطور التالية محطات من حياتها ونشأتها، وأهم أعمالها التي خلّدت اسمها في ذاكرة الفن.
نشأتها وبداية الحلم
وُلدت الفنانة نادية عزت في محافظة الإسكندرية يوم 22 فبراير عام 1938، واسمها الحقيقي بثينة إبراهيم حجازي. منذ صغرها، كانت مولعة بالفن، وتعلّقت شغفًا بعالم التمثيل والمسرح، التحقت بكلية الفنون الجميلة، لكنها وجدت في التمثيل رسالتها الحقيقية، فبدأت رحلتها في الفن مبكرًا وهي في سن الثانية عشرة.
البدايات الفنية المبكرة
دخلت نادية عزت عالم الفن من بوابة السينما، حيث شاركت لأول مرة في فيلم "اليابس" عام 1950، وقدّمت بعدها أدوارًا ثانوية مميزة جعلتها تحجز لنفسها مكانًا بين نجمات الصف الثاني.
عام 1959 كان بداية انطلاقتها الحقيقية عندما شاركت في فيلم "أحلام البنات"، ومن هنا بدأ جمهور السينما يلاحظ أداءها الطبيعي والعفوي.
أعمال سينمائية تركت أثرًا
شاركت نادية عزت في العديد من الأفلام السينمائية التي تنوّعت بين الدراما والكوميديا، من أبرزها: المراهقات، بقايا عذراء، المجانين في نعيم، جبروت امرأة، إنذار بالطاعة.
قدّمت في تلك الأعمال شخصيات مختلفة، لكنها غالبًا ما كانت تبرع في تجسيد دور الأم أو المرأة الشعبية القوية التي تحمل هموم الحياة بصبر واحتساب.
تألقها في الدراما التليفزيونية
كان للتليفزيون النصيب الأكبر من شهرتها وانتشارها، حيث ظهرت في عشرات المسلسلات الناجحة التي أصبحت من علامات الدراما المصرية، منها: المال والبنون، هوانم جاردن سيتي، سارة،بوابة الحلواني، ليالي الحلمية.
قدّمت نادية عزت عبر هذه الأعمال نموذجًا للأم المصرية الحنونة، وغالبًا ما ارتبط الجمهور بها من خلال هذه الأدوار التي تحمل الكثير من الواقعية والتأثر العاطفي.
شخصيتها بعيدًا عن الكاميرارغم شهرتها وانتشارها، كانت نادية عزت فنانة متواضعة تفضل الابتعاد عن الأضواء في حياتها الخاصة، لم تكن من النجمات اللواتي يفضلن الظهور الإعلامي المتكرر، ولم تُعرف تفاصيل كثيرة عن حياتها الشخصية أو زواجها، مما أضفى على شخصيتها هالة من الغموض والخصوصية.
رحيل هادئ بعد حياة حافلة
في 21 مايو 2011، أُعلن عن وفاة الفنانة نادية عزت بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 73 عامًا، كان خبر وفاتها صادمًا لمحبيها، خصوصًا أنها كانت تتمتع بحضور محبّب وتاريخ فني طويل يربطها بجمهور متنوع الأجيال، وبرحيلها، فقدت الدراما المصرية واحدة من أبرز وجوهها الإنسانية.
إرث فني خالد في الذاكرة
خلال مسيرتها الفنية، شاركت نادية عزت في أكثر من 150 عملًا فنيًا بين السينما والدراما والمسرح، وأثبتت أنها فنانة من طراز خاص، تمتلك موهبة حقيقية وقدرة على التأثير والتقمص، مما يجعل ذكراها باقية في قلوب جمهورها حتى اليوم.