المسلة:
2025-05-10@03:09:32 GMT

هدر الطعام ومارثون الكروش

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

هدر الطعام ومارثون الكروش

3 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

 عمر الناصر

لم يعد للاشياء قيمة مادية او معنوية فهي تحولت من مكملات ديمومة واستمرارية الحياة الى الكماليات ، حتى اصبح الاكل جزء من الترف والاسراف واساس تقف عليه لعنة “البرستيج” التي هي سمة يتسم بها اغلب حديثي النعمة ، متناسين سخط الله على الجاحدين الذين قد يكونوا سبباً لا سامح الله في تغيير مسارنا الى الكون خمسة وعشرين “٢٥” ، فالهاتف مثلاً كان له قيمة كبيرة ينطوي ضمن قائمة تصنيف المستويات الثقافية قبل اكثر من ثلاثين سنة، لكن وجدناه اليوم ينتمي لعائلة “البهرجة” والتفاخر والتعالي والغرور وليس من اجل ادامة التواصل والحميمية ، حتى السلطة لم يعد لها بريقاً ورونقاً وهيبة بل هي اصبحت عبارة سجن مفتوح ومحدود الحرية ،لايستطيع اصحابها التمتع بالحياة كبقية افراد المجتمع او كأي انسان يستطيع التجوَل دون حراسات ، او يرتاد المطاعم ويجلس في المقاهي الشعبية والكافيهات ويستيقظ متى يشاء ويلتقي بمن يريد ومتى يريد كجزء ينتمي الى ثقافة الطبيعة المجتمعية.

لم تعد اغلب طبقات المجتمع تكترث لما تتمخض عنه قرارات السياسيين وخصوصاً بعد فقدان الامل بالمطلق بايجاد حلول جذرية لواقعهم المزري ، بقدر اهتماماتهم ببناء جدار نفسي عازل مع من اخفق في تعزيز مستويات معيشتهم الاقتصادية ورفاهيتهم المجتمعية او رفع مناسيب اعادة الثقة بالبرامج الواقعية وليست النظرية ومنهم الطبقة الرمادية، خصوصاً بعد ان تبوأ العراق مراكز متقدمة في ماراثون التنافس على ملئ الكروش وهدر الطعام كمصنف محترف في قائمة الجحود على نعم الله بين دول العالم، حتى بدأ يشغل مراكز متقدمة وفي المركز الأول عربياً والسادس عالمياً من إجمالي ١٦٩ دولة، كأكثر دولة تهدر أكبر قدر من الغذاء لعام ٢٠٢٣ بحسب مجلة ceoworld الأمريكية، مما يعني ان نصيب الفرد لدينا من بقايا الطعام هو ١٢٠ كغم، ما يعكس حقيقة سلوك الجحود تجاه هذه النعمة من خلال التباهي والشراء بكميات تفوق الاحتياجات الأساسية كأنه مهرجان لتنوّع الغذاء في سباق تبذير الاموال.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

غزة.. الحصول على وسائل المعيشة

بعد نزوج المواطن الغزاوي من بيته رغما عنه، يحصل على لقب" نازح" ويسكن الخيمة، هنا تبدأ المأساة التي لا أحد يعلم متى تنتهي، فالحياة في مخيمات النزوح تشبه وضع أعداد كبيرة من السمك في حوض صغير مع قليل من الطعام والشراب، والكثير من الخوف والقلق والبحث المستمر عن مقومات الحياة التي تختلف عن البيت، فلا شيء في الخيمة، لا تلفاز، لا غسالة، لا ثلاجة، لا كهرباء، لا صالة ضيافة، لا راحة نفسية.

تبدأ رحلة الأسرة في البحث عن مقومات الحياة منذ الصباح، ونظرا لتفرع الحاجات من غذاء وماء ودواء وكساء، فيتم تقسيم الأبناء لفرق، لتوفير المياه الحلوة ومياه الغسيل، وجمع الحطب، وإحضار الطعام من التكية التي أغلب طعامها من البقوليات (الفاصولياء والبازيلاء والعدس والمعكرونة الأرز) التي أتعبت أمعاء الغزيين؛ لأن الحصول على غير تلك الأصناف يُعد ترفا، ومسألة عصية على رب الأسرة الذي فقد عمله بسبب العدوان، ولم يجد عملا ليعيش منه، خاصة إن كانت أسرته كثيرة العدد.

لو أردنا تفصيل الاحتياجات، فالخضار تقلصت حصة المواطن منها بسبب قلة وجودها في الأسواق نتيجة تدمير الاحتلال للأراضي الزراعية وسيطرته على مساحة كبيرة من أراضي القطاع، أما الفاكهة التي بها عناصر غذائية يحتاجها الجسم، فإن 90 في المئة من الناس لم يزد نصيبهم عن نصف كيلوجرام من أصناف كثيرة، منذ عام تقريبا.

أما الحصول على اللحوم بكل مشتقاتها، وكذلك البيض، فمسألة صعبة، ولك أن تتصور عزيزي القارئ أنه منذ بداية رمضان (آذار/ مارس) 2025 حتى كتابة هذا المقال  (أيار/ مايو 2025) لم نتناول اللحوم نظرا لإغلاق العدو لمعابر غزة.

ونظرا لغياب نصف الأطعمة وغلاء النصف الآخر، نلجأ لتقليص عدد الوجبات، ونأكل الزعتر والدقة (نطحن الحمص والعدس والمعكرونة ليصبح دقة مع إضافة الملح)، وهذا على المدى البعيد يسبب أمراضا في الكلى، كما يلجأ الآباء لإيهام أطفالهم بأنهم شبعوا ليتيحوا لهم فرصة الأكل.

في الحرب لم يعد لدينا خيار أن نقول عن طعامٍ ما "لا أحبه"، وبعد الحرب سنشتكي جميعا من أمراض الصدر؛ لأن دخان النار قد تغلغل إلى صدرونا.

أما المياه بنوعيها الصالحة للشرب والتي تُستخدم للغسيل، فالحصول عليها يحتاج لبذل الجهد الكبير وإنفاق وقت طويل للوقوف في طابور.

وكي نعد ما يمكن تسميته بالطعام، نلجأ للحطب والخشب نتيجة انقطاع غاز الطهي، فهو ممنوع بأمر من العدو، وإن حدث وسمح العدو بدخول الغاز، فإنه يكون نصيب كل رب أسرة 6 كيلوجرامات لمدة شهر وبسعر مرتفع.

أما الحصول على كأس شاي فهذا يدخل في إطار الكماليات؛ لأنها تحتاج لسكر، والسكر ممنوع، ولو وُجد فهو مرتفع الثمن (10 دولارات للكيلو).

أما الحلويات فتناولها يحتاج لتخطيط عميق قبل أسبوع من يوم الشراء، فهي مرتفعة السعر بحكم دخول عدة عناصر فيها مثل السكر والزيت والسميد والطحين ويلزمها غاز، وكل هذه الأشياء مفقودة.

أما الدقيق فهو المشكلة الكبرى عند رب الأسرة، فلا طعام يصلح بدون خبز، وكيس الدقيق 25 كيلوجرام يتم استهلاكه خلال أسبوع، ونظرا لعدم توفره بالقدر الكافي فهو مرتفع الثمن، وقد وصل سعره إلى ما يزيد عن 500 دولار.

في غياب هذه المأكولات يلجأ الناس للتكية التي تطبخ الأطعمة وتوزعها على النازحين وهذه مفيدة إلى حدٍ ما، من حيث أنها توفر ثمن الطعام والحطب، لكنها لا تكفي للأسرة.

إجمالا مهما كتبنا وصفا لواقع حياتنا بغزة خلال العدوان، فلن نستطيع التعبير بشكل دقيق، لأن الظروف أقوى من كل الحروف، لكن الخيط الذين يبقينا على قيد الأمل قول الله عزوجل "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" (البقرة: 155).

فنحن في عزة نُبتلى الآن في "الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات" ولسان حالنا يقول نصبر ونحتسب، وحسبنا الله ونعم الوكيل، بانتظار تحقيق "وبشر الصابرين".

(كاتب ومدون من غزة/ فلسطين)



مقالات مشابهة

  • حرب المسيرات ووسيلة “الدفاع بالنظر”
  • أنصار الله: استهدفنا مطار بن غوريون بصاروخ فرط صوتي
  • غزة.. الحصول على وسائل المعيشة
  • أمانة ذوي الإعاقة بالجبهة الوطنية تبدأ تفعيل خطط التمكين والمشاركة المجتمعية
  • العبادة والقيادة
  • سكان غزة بين مخالب المجاعة: عشرات المطابخ المجتمعية تغلق أبوابها بسبب نفاد الإمدادات
  • طلاب المنشآت التقنية بينبع الصناعية يحققون مراكز متقدمة في مسابقة ISA EMEA الدولية
  • الدبلوماسية الاقتصادية ترسم مستقبل عُمان
  • لبنان: اغتيال قيادي في القسام بغارة إسرائيلية على صيدا
  • 5 جامعات تستعرض تجاربها في لقاء حوكمة الشراكة المجتمعية