سيكون عام ٢٠٢٤ عامًا حاسمًا للولايات المتحدة.. هل سيحتفظ الديمقراطيون بالبيت الأبيض أم سيستعيده الجمهوريون؟ إن مستقبل الكوكب يتعلق بالخيارات الأمريكية.. السباق إلى اليمين مستمر واثنان من المرشحين الأقوياء يتنافسون بالفعل على جذب انتباه مواطنيهم.. الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس.


عودة ترامب
كان ينبغى إستبعاده وعقابه ونسيانه؛ ولكن لم يحدث أى شيء من ذلك؛ فقد أصيب دونالد ترامب ولكنه لم يمت واعتقد الكثيرون أن الفجوة الزمنية بين ٢٠٢٠ و٢٠٢٤ ستكون كافية لليمين الأمريكى للمضى قدمًا ولكن كانوا مخطئين ولا شك أن استمرار تردد اسم ترامب لا يختصر فى مجرد جاذبيته وصراحته ولكن ترامب يتطرق لأكثر الملفات التى تؤرق المجتمع الأمريكى وتصيبه بالضيق.
ولا تزال المشاكل التى ندد بها فى عامى ٢٠١٥ و٢٠١٦ قائمة، فهناك مشكلة الحدود مع المكسيك المليئة بالثغرات ودمار المخدرات وتزايد انعدام الأمن فى جميع أنحاء أمريكا.
وفى الحقيقة، خلال الفترة الماضية تطور المشهد الدولى بطريقة مواتية تمامًا للخطاب الترامبى. وصحيح أن الناخب العادى لا يعرف العالم خارج حدود الولايات المتحدة ولكن من الصحيح أيضًا أنه يعلم أن أمريكا فى عهد بايدن سمحت بالغزو الروسى لأوكرانيا وأن الخروج من أفغانستان كان أمرًا لا يصدق.
فى حين أنه من الصحيح أن ترامب كان سيواجه صعوبة فى إيقاف روسيا إلا أنه من الأصح أنه كان سيتعامل مع أفغانستان بشكل مختلف. وبالنسبة لناخبيه، سيكون ذلك كافيًا لمواصلة ما قاله بالفعل: رئاسة بايدن لم ترق إلى مستوى بلادنا وأمريكا أقل احترامًا، أما هنتر - ابن جوبايدن - فهوصورة مخزية لأمتنا.


وأجرت ماريا بارتيرومو مؤخرًا مقابلة مع ترامب.. وبدأت المقابلة بالتطرق لملف الصين ليشرح ترامب للصحفية أنه يعرف شى جين بينج جيدًا وسرعان ما أدخل روسيا فى الموضوع فنراه يقارن الوضع التايوانى بالوضع الأوكرانى وهو بذلك يقدم تعهدات إلى المتطرفين فى السياسة الخارجية ويقترح أن أمريكا لن تسمح بسيناريو أوكرانى فى تايوان.
وفى الحقيقة، فإنه يستخدم روسيا بذكاء لاستهداف الصين ولكنه يلقى كل الذنب فى الملف الأوكرانى على خليفته ويستغل غيابه عن الأعمال ومقاليد الحكم لاستعادة مكانته لدى الناس.. إنه بالفعل ماهر فى قلب الأمور ويعرف جيدا ما يفعله.
دوسانتيس وولاية فلوريدا
من المرجح أن يكون حاكم فلوريدا هو الخصم الأكثر شراسة الذى سيقابل ترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى. وقد يبدو هذا التأكيد سابقًا لأوانه عند كتابة هذه السطور فى أغسطس ٢٠٢٣؛ فربما سيدحضها المستقبل ولكن فى الوقت الحالى يبدوأنه غير قابل للكسر.
رون ديسانتيس هو شاب مهذب، غير مضطرب ومقاتل.. يدرك ديسانتيس أنه ليس المرشح المفضل ولكن هدفه فى الوقت الحالى هو توسيع نطاق رسالته وعلى عكس ترامب، لا يعرف ديسانتيس على المستوى الوطنى فهو لا يزال شخصية إقليمية.
إنه يحتاج إلى الوصول إلى مستوى أعلى بصورة أسرع ويفضل أن يكون ذلك فى عام ٢٠٢٣. الخطر بالنسبة لديسانتيس هو موطنه وفلوريدا هى أكبر حليف له وفى نفس الوقت هى الفخ الذى يجب تجنبه.
لم يتردد ترامب فى إتخاذ دوسانتيس هدفًا جيدا حيث يرى الرئيس السابق الأشياء بطريقة بسيطة أو مبسطة: هو من صنع دوسانتيس، إذن هو يستطيع هزيمته. وبدون دعم ترامب، ستكون مغامرة ديسانتيس السياسية بلا شك أقل ذكاءً.
ولكن الادعاء بأن حاكم فلوريدا اليوم فى عام ٢٠٢٣ هو من صنع ترامب فهذا يعد إساءة فهم عميق لإنجازاته وتم استلام أوراق اعتماد رون فى منطقة مهمة للغاية أو أحد المجالات التى نجرؤ على القول إنه يتفوق على ترامب فيها. ترامب يستطيع كسر الجليد فى المكان الذى لا تتوقعه فيه.
لقد فاز على هيلارى كلينتون بفضل Rust Belt ولم يصدق أحد تقريبًا هذا الاحتمال. أما دوسانتيس فهو أكثر قدرة على التنبؤ بالأمور ومعسكره أكثر تحديدًا من مساعدى ترامب. أدى الخلاف الكلاسيكى بين التقدميين والمحافظين إلى صعود ديسانتيس، لا سيما فى المعركة ضد أيديولوجية النوع.


وعلى الرغم من ذلك، فإن أمريكا هى دولة فيدرالية. من المستحيل أخذ تجربة ولاية فيدرالية مثل فلوريدا والقيام بتقليدها على نطاق وطنى. ومع ذلك، يمكن لديسانتيس أن يجرب شيئًا ما، إن لم يكن قابلًا للنعميم فى الأمة بأكملها، فعلى الأقل يتم تعميمه فى الولايات الجمهورية. ينظر المحافظون بشكل إيجابى إلى القوانين التى تحمى الأطفال من العروض الجنسية وغيرها من أمور الشذوذ، ومع ذلك، فإن هذه القوانين تجد أكبر نجاحاتها فى فلوريدا.
تحدى التواصل
فى ظل التطور التكنولوجى الأخير، غيرت شبكات التواصل الإجتماعى اللعبة كما نعلم. لقد طرح نيال فيرجسون فى كتابه الطموح The Square and the Tower فكرة أن أحد المميزات الرئيسية لترامب ضد كلينتون هوتفوقه العددى. يعتقد فيرجسون أن ترامب تفوق على هيلارى كلينتون فى معركتين رئيسيتين - تويتر وفيسبوك. ثم أضاف قائلا أنه بدون هذه المنصات كان ترامب سيضطر إلى اللجوء إدارة حملة تقليدية وأن كلينتون- التى أنفقت أكثر من ضعف ما أنفقه ترامب- كانت ستتمتع بميزة وتقدم حاسم.
سيتعين على ديسانتيس التقليدى أن يحسن وضعه ويتكيف مع العصر ويحافظ على مظهره ولكن فى نفس الوقت يصبح أكثر حداثة وأكثر عصرية. ومع ذلك، فإنه يخاطر بالضياع فى ساحة مجهولة وقاسية حيث يشعر منافسه بأنه فى أرضه.
أفاد موقع Axios مؤخرًا فى أوائل يونيو، أن موقع YouTube الذى يعد ساحة معركة رئيسية أخرى، قد تخلى عن مقاطع الفيديوالمعتدلة لإنكار الانتخابات. وهى رسالة لم يلاحظها أحد تقريبًا فى أوروبا. ونتسأل هنا: ما هو إنكار الانتخابات؟ بكل بساطة أقول أن انتخابات ٢٠٢٠ قد تم سرقتها أوأنها كانت ضحية مخالفات كبيرة أوأن الآلات الانتخابية كانت غير موثوقة.
غالبًا ما يكون وادى السيليكون متقدمًا على البشر بخطوة واحدة. فهوعلى الأرجح يعرف أشياء لا نعرفها. يشير هذا القرار إلى اتجاه واحد: إن رئاسة أخرى لترامب هو أمر ممكن تمامًا. ويخشى لافالى أن يكون ترامب أقل استيعابًا فى المرة الثانية، لذا فهو يحاول تخفيف التوترات من خلال الاستعداد للأسوأ.
ومن المحتمل جدًا أن يواصل ترامب تصوير ديسانتيس على أنه شخص مستعد لتسليم كل شيء إلى الأقوياء بما فى ذلك القوى الرقمية. سيتم فتح خيارين أمام حاكم فلوريدا: إما أن يترك نفسه فيأكل الطعم ويدين تجاوزات ترامب، أو أنه يحاول فعل ما هو أكثر من ترامب.
من السابق لأوانه بعد تحديد المسار الذى سيقوم باتباعه. ومع ذلك، يبدوأن هناك شيئًا واحدًا نهائيًا، ألا وهوأنه سيكون له حليف قوى مثل إيلون ماسك الذى أعلن عن نيته فى التصويت.
حدود الرئاسة
يبدو ترامب ودوسانتيس بمفردهما. وهما أقوى المرشحين إلى حد بعيد ولكنهما ليسا كذلك؛ فنائب الرئيس ترامب مايك بنس هو أيضا مرشح والرجل الرابع هوفيفيك راماسوامى، هذا الغريب الشهير من أصول هندية. وسينضم الآخرون إلى الهدف النهائى المتمثل فى رغبتهم أن يشغلوا منصب الرئيس الجديد للولايات المتحدة، ذلك المكان الأسطورى – الذى يقطنه زعيم العالم الحر!
فى الحقيقة، يعد الرئيس الأمريكى مقيدًا للغاية، ليس بالضرورة من الناحية القانونية ولكن من الناحية السياسية؛ فخارج المحيط الأطلسى، لا يتمتع الرئيس بنفس القوة التى يتمتع بها فى روسيا أوفرنسا حيث يتم وضعه فى نظام الضوابط والتوازنات لتخفيف قوته.. لقد أثبتت العقود الماضية ذلك الأمر؛ لكن التاريخ الذى لا يمكن التنبؤ به دائمًا يمكن أن يقودنا إلى عالم يتم البحث فيه عن رئيس أكثر قوة.
معلومات عن الكاتب: 
ألفونس مورا.. خبير فى القضايا الاستراتيجية والجيوسياسية، وقبل كل شىء عالم سياسة برتغالى ومؤرخ يتابع بجدية السياسة الفرنسية والأوروبية وتطور العالم متعدد الأقطاب فى مواجهة العولمة الغربية.. يتناول رؤيته للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024.
 

 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البيت الأبيض الرئيس السابق دونالد ترامب ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

إبراهيم النجار يكتب: وعود ترامب.. وماذا بعد؟!

يعيش عالمنا المعاصر، العديد من الصراعات الإقليمية والدولية الواسعة. والتي خلفت آلاف القتلي والجرحي والنازحين. فقد شهد العالم في عام 2023، أكثر من 183 نزاعا مسلحا. وهو الرقم الأعلي منذ عقود. حسب تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، في لندن. حيث لا يبدي التقرير، تفاؤلا كبيرا تجاه حالة السلم والأمن الدوليين. بل إنه يرسم صورة قاتمة للعنف المتصاعد في الكثير من بقاع العالم. فمنذ وصوله إلي البيت الأبيض، وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالعمل علي وقف الحروب، وإنهاء الأزمات، واحلال السلام. وعد ترامب، بعالم أفضل. ولكنه هدد بشن حروب في مناطق أخري. فما الذي اسفرت عنه وعود وتعهدات ترامب؟. 


يظل اتفاق وقف إطلاق النار، بين إسرائيل وحماس، أكثر الملفات أهمية. وقد اتخذت الإدارة الأمريكية، آليات لمراقبة تنفيذ الاتفاق. علي الرغم من الخروقات الإسرائيلية المتكررة. تقارير أمريكية، تفيد بأن ترامب، يضغط بشدة سعيا للانتقال إلي المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل إدارة غزة، عبر حكومة انتقالية، ورسم خطة اقتصادية لإعادة اعمار القطاع. بيد أن هذا المسعي، سيظل معلقا بإنتظار الاجتماع المرتقب بين ترامب ونتانياهو، في التاسع والعشرين من الشهر الجاري. في لبنان، لا يزال الوضع يسوده قلق يومي، جراء استمرار الخروقات الإسرائيلية، برا وجوا. ففي السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، وبرعاية أمريكية، جري التوصل إلي اتفاق هدنة بين إسرائيل وحزب الله. إلا أن الاتفاق ظل أبعد ما يكون عن التنفيذ.


أوروبيا، يتذكر العالم، كيف وعد ترامب، بإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا، في ظرف 48 ساعة. ولحد الآن تواجه خطته لإنهاء الحرب، التي يري مراقبون أنها راعت المصالح الروسية. وقد واجهت معارضة من الأوروبيين، بالنظر إلي أنها لم تحقق تطلعاتهم وتطلعات الأوكرانيين. إلي آسيا، وفي ظل الاشتباكات المتقطعة بين باكستان وأفغانستان، لا تزال الهدنة الهشة علي الحدود. بانتظار ما وعد به ترامب. فقبل شهرين صرح الرئيس الأمريكي، بأنه سيعمل علي إنهاء التوتر بين البلدين سريعا. لكن تطورات الساعات الأخيرة، تشي بمزيد من التصعيد. بعد الاعلان عن مقتل جندي وأربعة مدنيين في أفغانستان. أما النزاع بين تايلاند وكمبوديا، حيث وقع البلدان في أكتوبر الماضي، اتفاق سلام في كوالالمبور، بحضور ترامب. تظهر الأحداث الأخيرة، إنتهاكا للاتفاق، إثر إعلان الجيش التايلاندي مقتل أثنين من جنوده، في مواجهات حدودية مع كمبوديا. وتعهد بالانتقام. كذلك القارة الأفريقية، وبعد تعهد الرئيس الأمريكي، بإنهاء الصراع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. وقع البلدان بحضوره أيضا، اتفاق سلام مطلع الشهر الجاري، وصفه ترامب، بالتارخي. لكن الاتفاق بات في مهب الريح، بعد إعلان تقدم حركة "أم 23"، المدعومة من رواندا، في شرق الكونغو. فهل الوعود الأمريكية، وصلت إلي خواتيمها؟ وما الذي تحقق من وعود وتعهدات ترامب، حتي اللحظة؟

طباعة شارك الصراعات الإقليمية لندن دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • أسبوع حاسم لكييف.. وخطة أوروبية لإرسال قوات ومعدات مراقبة إلى أوكرانيا
  • رأي إردام أوزان يكتب: الاقتصاد السياسي.. معركة قائمة بلا رايات ولكن بعواقب وخيمة
  • مدرب الأردن : مباراة العراق لها طابع خاص والتركيز سيكون عامل حاسم
  • الذكاء الاصطناعي يكتب أكثر في 2026 لكن الصحافة البشرية لا تفقد قيمتها
  • التصعيد الاسرائيلي على لبنان.. لقاء نتنياهو- ترامب المقبل سيكون حاسماً
  • رحلة مشبوهة أم دبلوماسية؟ نتنياهو يرفض وجود الصحفيين في طائرته خلال زيارته إلى فلوريدا
  • ترامب: رئيس كولومبيا سيكون التالي بعد مادورو
  • ترامب يتحرك لإطلاق المرحلة الثانية من خطة غزة ويجمع نتنياهو والسيسي في فلوريدا
  • البرلمان الفنزويلى: أكثر من 80 قتيلا بالبحر الكاريبى بسبب العمل العسكرى للولايات المتحدة
  • إبراهيم النجار يكتب: وعود ترامب.. وماذا بعد؟!