لجريدة عمان:
2025-07-05@13:36:53 GMT

العيد والإجازة

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

ربما كانت إجازة عيد الأضحى المبارك المنقضية، واحدة من أطول الإجازات وأفضلها منذ سنوات عديدة، وفي أوقات سابقة طالبت بعض الأصوات بأن تُحَدَّ هذه الإجازات وتبقى لثلاثة أيام فحسب! وبعضهم طالب بأقل من ذلك؛ ولكن ما الذي يتماشى حقا مع روح العائلة ومع النهج الحكومي الجديد الذي يولي اهتماما بالأسرة، الإجازات الطويلة أم القصيرة؟

يلاحظ المرء التغيرات الهائلة في مجتمعنا العماني والتي حدثت بسرعة صاروخية مجنونة، فقبل أقل من ربع قرن كانت التجمعات السكانية موزَّعة على أنحاء السلطنة بشكل متساو تقريبا، مع أفضلية للعاصمة مسقط.

وفي وقت قياسي؛ قفزت الهجرة من البلدان والقرى إلى مسقط العاصمة قفزة هائلة حتى ليكاد أن تخلو البلدان من ساكنيها -إلا من ربات البيوت وكبار السن- في أيام العمل الأسبوعية، ويجتمع الناس في تلك القرى في الأعياد التي بدأت تعود إليها مكانتها ورونقها بعدما كان يُنظر إلى العيد باعتباره عبئا يكسر عزلة الإنسان الحديث المتمدن، ويعيد إليه شيئا من طراوة روحه، والتي لا يعرف توصيفها غالبا، فيظن أن الإجازة إن هي إلا خمول وكسر للإنتاجية والإنسان الآلي المتخشب الذي لا هم له سوى جمع المال، والمزيد من المال، يتأفف بشدة من الإجازة التي يمنحها لموظفيه وكأنها منّة وفضل، رغم أن الإجازة تمنح المرء تجددا وتعيد إليه نشاطه وبهاءه بعد فترة من الكد والكدح. أما مركزية العاصمة سابقا مقابل خلو المحافظات الأخرى من الخدمات الرئيسة مقارنة بالعاصمة، فهو ما أكّده جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في حديثه في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان: «إن الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسَّسْنا قواعدَه من خلالِ إصدارِ نِظامِ المحافظات، وقانونِ المجالسِ البلدية، استكمالا لتنفيذِ رؤيتِنا للإدارةِ المحليةِ القائمةِ على اللامركزيةِ، سواءً في التخطيطِ أو التنفيذِ، ولتمكينِ المجتمعِ المحليِّ مِنْ إدارةِ شُؤونِه والإسهامِ في بناءِ وطنِه».

وباعتقادي أن إجازة العيد المناسبة تمنح الأسرة مزيدا من الألفة والتقارب، فأي تقارب في الأسرة في وقت يعمل فيه الموظف تسع ساعات في اليوم ولا يجد من يومه إلا سويعات قليلة لا يعرف أين ينفقها قبل الاستعداد لليوم التالي والعمل من جديد! ولأنه لا يمكن بحال أن نتوقع من الإنسان أن يكون آلة لا تشعر ولا تحس بشيء؛ فإنه يتأثر طرديا بانفعالاته النفسية التي تتأتّى غالبا من البيت. فالبيت المولد والمحرك الرئيس للإنسان، إن كان بيتا مليئا بالمحبة والألفة، فإن السكينة والاتزان تتبدى على المرء في تعاملاته اليومية وفي عمله بالأخص؛ وإن كان البيت مشحونا مليئا بالفرقة والنفور التي يعززها فقدان الطاقة وساعات الغياب الطويلة، فإن القادم منها يكون -غالبا- شرسا تنعكس شراسته في تعاملاته اليومية والعملية كذلك، وهو ما يسبب مشاكل حقيقية ومفصلية يصعب التخلص من آثارها خصوصا إن كان هذا الشخص ممسكا بزمام أمور دائرة ما، أو بيده قرار يمس حياة الناس ومصالحهم.

إن ما يتبقى للمرء من ذكريات، تلك المرتبطة بأناس آخرين؛ فلا تقرأ سيرة ذاتية لأحد أو تجلس مع كبير من كبار السن إلا ويخبرك عن من عاش معهم وعايشهم والتقى بهم في حياته. أي أن ذاكرة الإنسان -وحياته الحقيقية بالضرورة- مرتبطة بآخرين من بني جنسه، لا بما يحققه من إنجازات فردانية. فكل من يكتب سيرته الذاتية وكل من يحكي عن ما مضى من حياته، يخبرك بأنه التقى فلانا، أو عمل مع فلان، أو تعلم من فلان، أو تأثر بفلان؛ وكيف يمكن التأثير والتأثر لو كان المرء متقوقعا على ذاته لا يعرف محيطه القريب قبل البعيد!. ولأن العمل يصبح روتينا -أي أنه يصبح شيئا آليا- بمرور الوقت، تنبهت إلى ذلك كبريات الشركات، فمنحت موظفيها إجازات جيدة تتيح لهم استرداد إبداعهم وشغفهم بالحياة من ذويهم ومن محطيهم الاجتماعي.

قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية قليلا، ولكن واحدة من أجمل فترات حياتي، تلك التي كنت فيها باحثا عن عمل؛ وكان من حسن الطالع أني قرأت كتابا للمؤلفة الأسترالية بروني وير، يحمل عنوان «أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت» وهو كتاب ظريف متوسط الحجم، ولكن أثره عميق. وبسببه أعدت النظر في علاقاتي الاجتماعية فجنيت لذة اكتشاف الإنسان الذي عاش وجرب وعاصر وكافح، أعني كبار السن، وبسببه ازداد تقديري للحظات العائلية حتى البسيطة والسريعة منها؛ فالإنسان يدرك بأنه راحل يوما ما لا محالة، ولكنه في تعاملاته اليومية ينسى هذه الحقيقة. فأولئك الذين قدروا لحظاتهم وعاشوها بأقصى وأفضل طريقة، لن يتندموا على ما فات ولا على من مات، لأنهم أعطوا كل ذي حق حقه؛ وأولئك الذين فرطوا -في حق الآخرين خصوصا- فلن ينفعهم الندم، وإن عضوا أصابعهم. وكما قال لنا أحد أصدقاء أبي في زيارته لنا «اللقاء في الحياة..» ، أي أنه لا تنفع أحدا الزيارة بعد الممات، لا الزائر ولا المزور. والإجازة الصيفية طويلة وفيها متسع، فهل نتدارك العائلة بشيء من الوقت؟ أم سنستيقظ على أجراس المدارس بغتة وقد انقضت دون أن نشعر بها!.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

انطلاق المرحلة الأخيرة من النسخة الثانية لمبادرة أحلام الأجيال

شهدت محافظة بورسعيد انطلاق فعاليات  المرحلة الرابعة والأخيرة من النسخة الثانية لمبادرة وزارة التضامن الاجتماعي " أحلام الأجيال"، وذلك بالقرية الرياضية ببورسعيد، بحضور  دكتورة انجى عبد الرحيم مدير مديرية التضامن الاجتماعي ببورسعيد، ومحمود شعبان مدير عام الإدارة العامة لرعاية المسنين وفريق عمل من المديرية والإدارة.

وشارك في الفعالية 150 مسنا ومسنة من دور المسنين ببورسعيد، بالإضافة للمسنين بدار قصر الضيافة بالإسماعيلية، وكذلك عدد 60 طفلا وطفلة من دور الرعاية، حيث تم تنفيذ مجموعة من البرامج الثقافية والترفيهية والتوعوية واستعراض فني للأطفال وتوزيع هدايا على جميع المشاركين.

وأوضح الدكتور وائل عبد العزيز رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية أن مبادرة "أحلام الأجيال" تستهدف تحقيق الدمج بين أنشطة وبرامج كبار السن والأبناء بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وتأتي ضمن رؤية متكاملة  تعمل على تحسين خدمات الرعاية  المقدمة وخلق بيئة تعاونية وأسرية إيجابية لكبار السن والأطفال.

وأشار عبد العزيز إلى أن خطة  عمل الوزارة لكبار السن  تعد أحد محاورها تنفيذ مبادرات وأنشطة تهدف إلى الدمج المجتمعي لكبار السن ونشر الوعي المجتمعي بأهمية قضايا وسياسات كبار السن، بالإضافة إلي الخدمات التى تقدمها الوزارة من خلال محور الحماية والرعاية الاجتماعية.

وأوضح محمود شعبان مدير عام الإدارة العامة لرعاية المسنين أن النسخة الثانية ستختتم ببورسعيد، مشيرا إلى أن إجمالي المشاركين في النسخة الثانية 400 مسن و350 طفلا من دور الرعاية على مستوى 5 محافظات.

وأوضح شعبان أن وزارة التضامن تعمل على تنفيذ رؤية متكاملة للخدمات المقدمة لكبار السن تستهدف تحقيق الحماية والرعاية لهم وتعزيز الرعاية المجتمعية، مشيرا إلى أن يوليو المقبل سيشهد انطلاق فعاليات النسخة الثالثة باستهداف 5 محافظات.

طباعة شارك وزارة التضامن الاجتماعي محافظة بورسعيد أحلام الأجيال

مقالات مشابهة

  • الرئيس المشاط يهنئ رئيس جمهورية القمر الاتحادية بذكرى العيد الوطني
  • انطلاق المرحلة الأخيرة من النسخة الثانية لمبادرة أحلام الأجيال
  • حكم البكاء على الإمام الحسين في عاشوراء وما الاختلاف بين السنّة والشيعة؟
  • رائد العيد : الـلايك أصبح الأفيون الرقمي للإنسان المعاصر
  • الرئيس المشاط يهنئ رئيس جمهورية الجزائر بذكرى العيد الوطني
  • الرئيس المشاط يهنئ الرئيس الجزائري بذكرى العيد الوطني
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • الإسماعيلي يفتح باب الترشح على المقاعد الشاغرة بمجلس الإدارة
  • في غزة.. كبار السن يموتون بصمت