موجة استثمارية غير مسبوقة يقودها كبار السن في أسواق الأسهم الأميركية
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
يشهد سوق الأسهم في الولايات المتحدة تحولا لافتا تقوده شريحة غير متوقعة وهم كبار السن.
فبينما اشتهرت الأجيال الشابة مثل جيل "زد" بالرهان على العملات المشفرة والأسهم الميمية والمضاربة السريعة، تؤكد مجلة "إيكونوميست" أن المستثمرين الذين تجاوزوا الـ70 عاما أصبحوا المحرك الأبرز وراء موجة الصعود الحالية في السوق.
ووفقا لتقرير المجلة البريطانية الصادر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، فإن الأميركيين فوق الـ70 باتوا يمتلكون 39% من إجمالي الأسهم وصناديق الاستثمار المشترك، أي ما يقارب ضعف النسبة المعتادة خلال الفترة بين 1989 و2009.
ويشير التقرير إلى أن هذا التغير لا يعود فقط إلى زيادة عدد كبار السن، الذين ارتفعت نسبتهم من 9% عام 2010 إلى 12% اليوم، بل إلى تحول جذري في مستوى تقبّل المخاطر لدى هذه الفئة، التي باتت أكثر استعدادا للمغامرة لتحقيق مكاسب إضافية، حتى في مراحل متقدمة من العمر.
وتقول المجلة إن هذا "التحول الهادئ" يعكس شعورا متزايدا بالاستقلال المالي، وينقل التقرير عن جاي غورلي (77 عاماً)، وهو طالب في جامعة جورج ميسون، قوله: "ما لم أعش أكثر من المتوقع بكثير، لدي ما يكفيني لبقية حياتي، لذا أستطيع تحمل بعض المخاطر بدون القلق من الحاجة إلى التسوّل". ويمتلك غورلي محفظة استثمارية تتضمن 8% فقط نقدا، والباقي موزع على صناديق مؤشرات وأسهم فردية، ويشير إلى أنه إن اضطر، فسيحوّل أمواله إلى قطاعات دفاعية بدلا من السندات.
ويرى التقرير أن تراجع عوائد السندات الأميركية منذ عام 2005 أسهم في هذا الميل إلى الأسهم، إذ انخفض متوسط العائد الحقيقي على سندات الخزانة لـ10 سنوات من 3.8 نقاط مئوية فوق التضخم إلى أقل من 0.5 نقطة فقط. وكما يوضح توماس فان سبانكرن من شركة "رايز إنفستمنتس" فإن كثيرا من كبار المستثمرين يفترضون أن الأداء القوي لسوق الأسهم سيستمر، ويتساءلون "لماذا يكتفون بعوائد ضعيفة من السندات؟".
خوف من تفويت الفرصة.. حتى في أواخر التسعيناتوتشير "إيكونوميست" إلى أن الحافز ليس ماليا فقط، بل نفسيا أيضا، إذ بات الخوف من تفويت الفرصة يشمل كبار السن كما الشباب. وتنقل عن المستشارة المالية ميشيل غيسنر في هيوستن قولها إن "أغلب عملائي في السبعينات من أعمارهم يحتفظون بما لا يقل عن 60% من أموالهم في الأسهم".
إعلانوتروي خبيرة أخرى حادثة لعميلة توفيت في أواخر التسعينات من عمرها بثروة بلغت 20 مليون دولار، لكنها واصلت شراء أسهم "إنفيديا" وهي في دار للرعاية الصحية.
نصائح تقليدية تتلاشى أمام ثقة السوقويتحدى النمط الجديد النظريات الاستثمارية الكلاسيكية التي أوصت منذ خمسينيات القرن الماضي بأن تكون نسبة الأسهم في المحفظة مساوية لـ"100 ناقص العمر"، أي أن من يبلغ 75 عاما ينبغي أن يحتفظ بـ25% فقط من أصوله في الأسهم.
لكن دراسات حديثة -مثل بحث وايد فاو ومايكل كيتس (2014)- أظهرت أن زيادة مكونات الأسهم تدريجيا أثناء التقاعد قد تحقق أداء أفضل على مدى 30 عاما مقارنة بالإستراتيجية المعاكسة.
كما اقترحت دراسة حديثة صادرة عن جامعات "إيموري" و"أريزونا" و"ميزوري" أن أفضل توزيع هو ثلث المحفظة في الأسهم الأميركية وثلثان في أسواق عالمية أخرى، مؤكدة أن هذا النهج يقلل احتمال نفاد مدخرات التقاعد إلى 7% فقط، مقارنة بـ39% لمن يعتمدون على السندات قصيرة الأجل.
وتحذر "إيكونوميست" من أن هذا التوجه، رغم وجاهته الفردية، قد يخلق مخاطر كلية على السوق في حال حدوث ركود. فبينما يظهر كبار السن "صلابة في وجه التقلبات"؛ إذ لم يغيّر سوى 25% منهم مستوى المخاطر في محافظهم خلال أزمة الجائحة عام 2020- فإن طول فترة الركود قد يدفعهم للبيع الجماعي لتغطية نفقات المعيشة أو الرعاية الصحية.
وتختتم المجلة بالقول إن "مصير السوق الأميركي بات أكثر من أي وقت مضى مرتبطا بسلوك كبار المستثمرين"، وإن اختبارهم الحقيقي لن يتضح إلا عندما تواجه الأسواق العاصفة المقبلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات کبار السن فی الأسهم
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تتوقف عن سك البنس بعد أكثر من 230 عاما
تستعد الولايات المتحدة، الأربعاء، لإصدار آخر دفعة من عملتها المعدنية من فئة السنت الواحد، بعد أكثر من 230 عاما من الإنتاج المتواصل، بحسب ما أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية. وستظل هذه العملات متداولة، لكن الحكومة بدأت خطة التخلص التدريجي منها، وسط توقعات بتأثيرها على الأسعار، إذ أبلغت بعض الشركات المستهلكين عن صعوبة الحصول على بنسات.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عند الإعلان عن الخطة في شباط/فبراير الماضي: "نريد اقتلاع الهدر من ميزانية أمتنا العظيمة، حتى لو كان ذلك بنسا واحدا في كل مرة".
وتشير بيانات وزارة الخزانة إلى أن تكلفة إنتاج البنس الواحد، المصنوع من الزنك المطلي بالنحاس ويحمل صورة الرئيس إبراهام لينكون، بلغت نحو أربعة سنتات للقطعة، أي أكثر من ضعف التكلفة قبل عقد من الزمن، ما يجعل الاستمرار في سك هذه العملة غير اقتصادي. وتقدر الوزارة أن وقف سك البنس سيوفر نحو 56 مليون دولار سنويا.
وتوضح الوزارة أن نحو 300 مليار بنس ستظل متداولة، وهو رقم يفوق بكثير ما هو مطلوب لإجراء المعاملات التجارية اليومية. وينتهي المطاف بالكثير من هذه العملات خارج التداول، إذ تبقى حوالي 60% من البنسات المتداولة مخزنة في المنازل ضمن حصالات الأطفال، لعدم جدواها في الاستبدال، وفق تحليل حكومي صدر عام 2022.
وتشير الدراسات إلى أن الشركات قد تقوم بتقريب الأسعار لتسهيل المعاملات النقدية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع كلفة المشتريات، إذ قد يكلف هذا المستهلكين نحو ستة ملايين دولار سنويا، وفق دراسة أجراها فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند.
وقد سبقت الولايات المتحدة دولا أخرى في هذا الاتجاه، حيث أوقفت كندا إنتاج البنس عام 2012، فيما سحبت أستراليا ونيوزيلندا عملات السنت والسنتين في تسعينيات القرن الماضي، كما أوقفت نيوزيلندا إنتاج عملات "خمسة سنتات" عام 2006.
أما المملكة المتحدة، فاقترحت التخلص من عملات البنس الواحد عام 2018 لكنها تراجعت عن القرار، قبل أن توقف الإنتاج لاحقا في 2024 بسبب انتشار المعاملات الإلكترونية.
ويتركز الاهتمام الآن على عملة النيكل الأمريكية، التي تبلغ قيمتها خمسة سنتات، لكن تكلفة إنتاجها تصل إلى نحو 14 سنتا، ما يجعلها أكثر تأثيرا على المستهلكين. وتشير تقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند إلى أن سحب هذه العملة قد يكلف المتسوقين نحو 55 مليون دولار سنويا.