تصريحات الرئيس الأرتيري هل هي إنذار متأخر لدول منطقة البحر الأحمر وعسكرة اليمن وبلقنة الصومال؟
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
تصريحات الرئيس الإريتري أسياس أفورقي مهمة ولا يمكن تجاوزها، فهو لم يطرح في في مقابلته الأخير للتلفزيون الأريتري مواقف عادية، بل قدّم واحدة من أوضح الرسائل السياسية التي صدرت من رئيس لدولة من دول البحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة، واضعًا اليمن في قلب المعادلة، معتبرا الجزر اليمنية نقطة البداية لفهم ما يجري في الممر البحري الأكثر حساسية في العالم.
في هذه المقابلة التي جائت بعد زيارته لمصر، كان لافتا إشاراته المباشرة والمكثفة إلى اليمن، وإلى الجزر اليمنية تحديدًا، باعتبارها مركز التحولات الجيوسياسية في البحر الأحمر وخليج عدن، وكأنه يقول إن مستقبل البحر الأحمر يُرسم اليوم في سقطرى وميون وزقر، حيث يتقاطع الصراع على الجغرافيا مع صراع النفوذ الدولي.
حديث أفورقي المباشر عن محاولات إنشاء قواعد عسكرية أجنبية في هذه الجزر، واعتبارها تدخلات غير قانونية ولا تخدم استقرار البحر الأحمر، وتأكيده أن عدم الاستقرار في اليمن ليس حدثًا داخليًا معزولًا، بل نتيجة لطموح قوى عالمية وإقليمية تريد ترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في موقع يتحكم بالملاحة العالمية، وللمرة الأولى، يربط رئيس دولة مطلة على البحر الأحمر بين الأزمة اليمنية وبين مشروع عسكرة الممر البحري، في إشارة واضحة إلى خطورة ما يجري على ضفتي المضيق الاستراتيجي.
ورأي أفورقي ان البحر الأحمر من اليمن إلى كامل المنطقة المرتبطة به: باب المندب، خليج عدن، سواحل الصومال، والساحل الإريتري نفسه أن هذه الجغرافيا منظومة واحدة لا يمكن فصلها؛ وأن أي عسكرة للجزر اليمنية تمثل تهديدًا مباشرًا لإريتريا ومصر والصومال، وللأمن البحري الإقليمي برمته.
وحين تحدث عن البحر الأحمر قال إن الأمن يجب أن تصنعه الدول الساحلية، لا القواعد الأجنبية، ودعا إلى قدرة ذاتية لكل دولة، وإلى تنسيق بين مصر وإريتريا واليمن والصومال، ضمن إطار قانوني مشترك يمنع القوى الخارجية من استغلال الفراغ، وأوضح أن التعاون الدولي مقبول فقط إذا جاء ضمن اتفاقية جماعية تُعرض على الأمم المتحدة، لا عبر تفاهمات منفردة تمنح شرعية لقواعد أجنبية أو مشاريع نفوذ خارجية.
كما جعل الصومال جزءًا من المشهد نفسه، معتبرًا أن هشاشة الدولة الصومالية تُستغل بالطريقة ذاتها التي يُستغل بها الوضع اليمني، وأن ما يجري في سقطرى وميون وزقر يتوازى مع محاولات “بلقنة” الصومال، ما يعني أن المشروع واحد وأن الخارطة الإقليمية تُعاد صياغتها ضمن رؤية تهدد وحدة الدول وسلامة الممرات البحرية.
وباختصار، وضع أفورقي اليمن في قلب الصورة، وقدّم عبره قراءة لما يجري في البحر الأحمر: جغرافيا يُراد لها أن تُستباح، عبر عسكرتها، ودول ساحلية تُدفع خارج دورها الطبيعي في حماية واحد من أهم الممرات المائية في العالم. ومن خلال هذه المقابلة، بدا واضحًا أن الرئيس الإريتري يطلق إنذارًا أو تحذيرا حول أمن البحر الأحمر وأنه يبدأ من اليمن، وإن ترك الجزر اليمنية في يد القوى الأجنبية يعني سقوط الأمن البحري للمنطقة كلها.
فهل نحن أمام تحذير دولة واحدة أم نحن أمام متحدث باسم الدول المطلة على البحر الأحمر جميعها؟!
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: رئيس أريتريا أسياس أفورقي الصومال دولة الإمارات البحر الأحمر البحر الأحمر ما یجری
إقرأ أيضاً:
مساعد وزير الخارجية: منطقة القرن الإفريقي امتداد طبيعي واستراتيجي للأمن القومي المصري
أكد السفير محمد كريم شريف مساعد وزير الخارجية المعين للشؤون الإفريقية على ما تمثله منطقة القرن الإفريقي من امتداد طبيعي واستراتيجي للأمن القومي المصري بحكم ارتباطه بمحوري البحر الأحمر وحوض النيل.
جاء ذلك خلال استقبال مساعد وزير الخارجية للمبعوث الفرنسي للسودان والقرن الإفريقي السفير بيرتراند كوشيري، حيث عقد الجانبان جولة مشاورات تناولت جوانب العلاقات بين البلدين اتصالا بالقارة الإفريقية عموماً والقرن الإفريقي خصوصاً، فضلاً عن تنسيق المواقف بشأن القضايا المتصلة بأمن البحر الأحمر وتقاطعاته مع الأوضاع في الصومال وإريتريا والسودان باعتبارها دول عربية وإفريقية مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن وامتداداته إلى دول القرن الإفريقي الأوسع، فضلا عن قضايا أمن المياه والطاقة وتعزيز التحول الأخضر والتعاون الاقتصادي ومقاربة هذه الموضوعات مع تحقيق الأمن والاستقرار.
وأكدت المباحثات التوافق المشترك بين البلدين حول أهمية تنسيق الجهود لتعزيز مؤسسات الدولة الصومالية ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة من خلال تعزيز القدرات الأمنية وتحقيق السلام والاستقرار بالبلاد ومعاونتها على إنجاح الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأشار مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية إلى انتهاج مصر لمقاربة شاملة لإعادة التوازن الاستراتيجي في القرن الإفريقي عبر تفعيل أدواتها الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، ومنها الاستجابة لطلب الصومال بالمشاركة بقوات عسكرية وشرطية ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة للدعم والاستقرار إلى جانب تعزيز التعاون مع جيبوتي وإريتريا وكينيا في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتحول الأخضر والري والمياه وتعزيز دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية وكذا مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام في ترسيخ الشراكات الاستراتيجية مع دول وشعوب القرن الإفريقي بما يعزز الأمن والتنمية والبيئة والاستقرار الإقليمي.
وفيما يتعلق بأمن البحر الأحمر، شدد السفير كريم شريف على أن منع أي تهديدات للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وضمان استقراره يظل مسؤولية جماعية للدول العربية والإفريقية المشاطئة له.
كما أعاد التاكيد على رفض أي تحركات أحادية تهدد استقرار البحر الأحمر أو تتعارض مع قواعد القانون الدولي، وهو ما حدى بمصر إلى إطلاق مبادرة "ستريم" كرؤية مصرية متكاملة للحفاظ على أمن الملاحة وتنمية الموارد الاقتصادية المشتركة بين الدول المطلة على البحر الأحمر وكمبادرة مكملة للجهود الجارية لإطلاق مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر.
واتفق الجانبان أيضا على ضرورة دعم وحدة الدولة السودانية ورفض أية كيانات موازية تهدد الأمن والاستقرار بمنطقة القرن الإفريقي مع التأكيد على محورية رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني وعن باقي شعوب المنطقة في مرحلة ما بعد النزاعات.
ويأتي انعقاد المشاورات بشأن القرن الإفريقي في إطار الزيارة التي يقوم بها المبعوث الفرنسي إلى مصر لتنسيق المواقف بين باريس والقاهرة في قضايا منطقة القرن الإفريقي وبحث سبل تعزيز التعاون المشترك ثنائيا وعبر آليات الاتحاد الإفريقي ذات الصلة للمعاونة في تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات في ضوء ريادة مصر لهذا الملف وكذا استضافتها لمركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية.
كما تأتي الزيارة استكمالا للتنسيق الثنائي القائم بين البلدين في الموضوعات الإفريقية ومتابعة نتائج جولة المشاورات السياسية الأخيرة بباريس التي عقدت في يونيو 2024 انبثاقا من الزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - الفرنسية في شتى المجالات.