دلالات الأهمية والتوقيت في زيارة وفد طاجيكي لأفغانستان
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
كابل- تشهد العلاقات بين أفغانستان وطاجيكستان تحولا ملحوظا بعد وصول وفد طاجيكي رفيع المستوى إلى العاصمة الأفغانية كابل، أمس السبت، في زيارة ليومين، وتُعد الأولى من نوعها منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة صيف عام 2021.
وتأتي الزيارة، التي شملت مباحثات سياسية وأمنية واقتصادية، في ظرف إقليمي حساس، ووسط محاولات متبادلة لإعادة ترتيب العلاقات وتخفيف حدّة التوتر الذي طبع السنوات الماضية بين البلدين.
وضمّ الوفد الطاجيكي مسؤولين من وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية، ما يعكس -وفق مراقبين- رغبة طاجيكستان في معالجة الملفات العالقة بصورة عملية وليس رمزية فقط.
ويشير مراقبون إلى أنّ طاجيكستان -التي كانت من أكثر دول المنطقة حذرا تجاه التعامل المباشر مع كابل- باتت تميل إلى مقاربة أكثر براغماتية (عملية)، مدفوعة بحسابات الأمن الحدودي والتجارة وتأثيرات المشهد الإقليمي في آسيا الوسطى.
ويقول مصدر في الخارجية الأفغانية -فضّل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت، إن هذه الزيارة جاءت في وقت تسعى فيه طاجيكستان، التي ظلت خلال السنوات الأربع الماضية، إلى تأسيس مسار جديد من العلاقات يقوم على الحوار المباشر، ومناقشة القضايا بين البلدين منها إعادة تشغيل السفارة في طاجيكستان، وأمور أخرى مرتبطة بالعلاقات الثنائية.
وذكّر المصدر أن طاجيكستان كانت الدولة الأقل انخراطا في التواصل المباشر مع الحكومة الأفغانية مقارنة بدول آسيا الوسطى الأخرى.
من ناحيته، يرى الخبير في العلاقات الدولية كريم جليلي أنّ هذه الزيارة تعبر عن انفتاح تدريجي من طاجيكستان على أفغانستان، خاصة عقب إدراكها أنّ عزل كابل دبلوماسيا لم يعد ممكنا، ولا سيما في ظل تسارع دول الجوار نحو إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع الحكومة الأفغانية.
إعلانيقول جليلي للجزيرة نت، إن كابل تنظر إلى هذه الزيارة باعتبارها "نقطة تحول"، ويعتقد أن طاجيكستان بدأت تعيد تقييم موقفها تجاه أفغانستان، خاصة في ظل حاجة المنطقة إلى الاستقرار وتسهيل الحركة التجارية.
من ناحية أخرى، يقول الباحث الطاجيكي عبد الله عمروف "أفغانستان دولة جارة، ولا يمكن لأي طرف أن يغير الجغرافيا، يهمنا حماية أمن حدودنا وتعزيز العلاقات الاقتصادية".
ويضيف للجزيرة نت أن الحوار المباشر هو السبيل الوحيد لمعالجة الملفات العالقة "بما في ذلك مسائل أمنية حساسة، فطاجيكستان لا تدعم أي نشاط مسلح ضد أي دولة، وأمن الحدود مسؤولية مشتركة بحاجة للتنسيق".
وشدد على أن "طاجيكستان ليست مهتمة باستضافة أي نشاط مسلح ضد دولة جارة، وأمن الحدود أولوية، والتعاون الإقليمي أصبح ضرورة، نحن نراجع سياساتنا بما يخدم استقرار المنطقة".
وقال مصدر حكومي أفغاني -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت "من المقرر أن يعقد الوفد الطاجيكي سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في الحكومة الأفغانية، تشمل وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز الاستخبارات، لمناقشة قضايا منها:
إدارة الحدود المشتركة. والتعاون الأمني. ومستقبل العلاقات الدبلوماسية. وملف الجالية الأفغانية في طاجيكستان. ومستقبل المعارضة الأفغانية المسلحة في طاجيكستان. مرحلة جديدةيشير خبراء الشأن الأفغاني إلى أن الزيارة قد تحمل رسالة ضمنية تشير إلى تقارب محتمل بين كابل ودوشنبه، وهو ما قد ينعكس على وضع المعارضة الأفغانية المسلحة الموجودة منذ سنوات داخل الأراضي الطاجيكية.
ويقول الخبير الأمني الأفغاني حنيف الله شهاب، إن وجود المعارضة المسلحة في طاجيكستان كان يرتبط بالتوتر السياسي بين كابل ودوشنبه بعد 2021.
وأضاف شهاب للجزيرة نت "إذا اتجهت العلاقات نحو الانفراج، فإن المساحة التي تتحرك فيها المعارضة ستضيق بطبيعة الحال، لكن القول إن المعارضة فقدت آخر معاقلها سابق لأوانه، لأن نشاطها يعتمد على عوامل داخلية في أفغانستان، لا على الدعم الإقليمي فقط".
وتقول مصادر في المعارضة الأفغانية المسلحة (خارج أفغانستان) إن التحول الجاري في السياسة الطاجيكية المتمثل في الانفتاح على كابل، والالتزام بالتوجهات الروسية، والبحث عن استقرار اقتصادي، يشير إلى أن المعارضة ستجد نفسها أمام مرحلة جديدة أكثر صعوبة وتعقيدا.
ومع استمرار التنسيق بين البلدين، قد يكون المستقبل القريب مختلفا تماما عن السنوات الماضية، وربما يعلن نهاية هذا الدور بصورة تدريجية، إن لم يكن نهائية.
وعلى هذه التطورات علّق عضو المعارضة الأفغانية حاجى خوجياني للجزيرة نت قائلا "نراقب التطورات عن قرب، لا نعتقد أن طاجيكستان ستتخلى عنا بالكامل، لأن الوضع داخل أفغانستان ما يزال غير مستقر".
وأضاف "لكننا ندرك أن مساحة التحرك تضيق شيئا فشيئا، إذا حدث تقارب كامل بين كابل ودوشنبه، سنضطر لإعادة تقييم خياراتنا الميدانية والسياسية".
تأثير موسكو
من ناحيته، يرى السفير الأفغاني السابق في روسيا لطيف بهاند أن "زيارة الوفد الطاجيكي إلى كابل تحول مهم في العلاقات الإقليمية، ويمهد لمرحلة جديدة من التعاون الأمني والسياسي بين البلدين".
إعلانويقول بهاند للجزيرة نت، إن "الملف معقد، ويتداخل فيه ما هو سياسي وأمني وإقليمي". لذا، توقّع أن تستمر المفاوضات بين الطرفين في الشهور المقبلة لتحديد ملامح المرحلة القادمة.
وأوضح السفير السابق أن طاجيكستان، مثل بقية دول آسيا الوسطى الأخرى، تعتمد أمنيا على روسيا التي تنتشر قواتها على أراضيها، وتملك نفوذا واسعا على قراراتها المرتبطة بالحدود الجنوبية.
ووفق بهاند، لا تستطيع طاجيكستان اتخاذ موقف مستقل تماما في قضايا تتعلق بأفغانستان لأن موسكو تشجع على الانفتاح على طالبان لاحتواء التهديدات، وهذا ينعكس على سياسات دوشنبه، التي لن تتحرك خارج مظلتها الأمنية. وقال إن أي تقارب مع طالبان "هو جزء من التفاهمات الأوسع داخل المنطقة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات فی طاجیکستان بین البلدین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
مسعد بولس للجزيرة: واشنطن تدفع نحو هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر بالسودان
وصف مبعوث الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس الوضع الإنساني في السودان بأنه أكبر كارثة إنسانية في العالم حاليا، مشيرا بشكل خاص إلى الأوضاع في مدينة الفاشر خلال الأسابيع الأخيرة.
واعتبر أن هذا الوضع غير مقبول على الإطلاق ويجب إنهاؤه بشكل سريع، في إشارة إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأخيرة.
وأوضح المسؤول الأميركي أن واشنطن تقدمت بمبادرة لهدنة إنسانية مدتها 3 أشهر في السودان، بدعم من شركاء الرباعية المتمثلين في السعودية والإمارات ومصر.
وأوضح أن المبادرة تهدف للوصول إلى تطبيق خارطة الطريق التفصيلية التي وضعتها الرباعية في 12 سبتمبر/أيلول الماضي للوصول إلى سلام دائم في السودان.
وأكد بولس -في مقابلة مع الجزيرة- أن دولا مثل قطر وتركيا وغيرها تلعب دورا أساسيا ومحوريا في الملف السوداني.
وشدد على ضرورة التعاون مع جميع الشركاء والحلفاء لتحقيق الهدنة الإنسانية أولا، ثم الانتقال إلى تطبيق خارطة الطريق الشاملة التي وضعتها الرباعية لإنهاء الصراع.
سلام الكونغو ورواندا
وفي سياق متصل بالجهود الأميركية في القارة الإفريقية، وصف مبعوث الرئيس الأميركي الاتفاق الموقع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا في الدوحة بأنه بداية النهاية لصراع دام أكثر من 3 عقود في شرق الكونغو.
ويتضمن الاتفاق 8 بروتوكولات رئيسية، اتفق الطرفان على آليات تنفيذ اثنين منها، في حين تبقى 6 بروتوكولات للتفاوض بشأنها خلال المرحلة المقبلة.
ويشمل الاتفاق الإطاري الموقع في الدوحة بروتوكولين أساسيين تم الاتفاق على تفاصيلهما التنفيذية، يتعلق أولهما بالشق الإنساني، والثاني بآلية مراقبة وقف إطلاق النار بين الحكومة الكونغولية ومجموعة إم 23.
وتضمن الاتفاق أيضا آلية ثنائية بين كينشاسا وكيغالي بدأت تنفيذها فعليا عبر سلسلة اجتماعات بمشاركة قطر والاتحاد الأفريقي وتوغو.
إعلانوأوضح بولس أن البروتوكولات الستة المتبقية تشمل بسط سيطرة الدولة الكونغولية على كامل أراضيها لا سيما منطقتي شمال وجنوب كيفو في شرق البلاد.
وتتضمن البروتوكولات الأخرى ملفات تتعلق بالشق الاقتصادي والإصلاحات المطلوبة والمصالحة الوطنية، متوقعا أن يكون البروتوكول الإنساني أسهل الملفات المتبقية.
وأشاد المبعوث الأميركي بالدور القطري في التوصل إلى هذا الاتفاق، معتبرا أن جهود الدوحة التي لم تنقطع خلال الأشهر الماضية كانت حاسمة في إنجاز ما وصفه بيوم تاريخي.
وأضاف أن الضمانات الأميركية والقطرية إلى جانب الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين ستدفع الأطراف نحو الالتزام الفعلي بالتنفيذ.