لندن "أ ف ب": أعلن تشارلز الثالث اليوم أولويات الحكومة العمالية الجديدة في "خطاب الملك" التقليدي، بمناسبة انطلاق الدورة الجديدة لبرلمان وستمنستر، وتشمل الاقتصاد والهجرة وعلاقات المملكة المتحدة مع أوروبا، مروراً بالنقل والإسكان.

وخطاب العرش الذي القاه تشارلز الثالث، اعدته الحكومة. ويشكل فرصة لحزب العمال الذي تسلم للتو السلطة، بعرض اولياته في أول برنامج تشريعي لحكومة عمّالية خلال 15 عاماً، بعد الفوز الساحق الذي حقّقه في الانتخابات التشريعية في الرابع من يوليو والذي أدى إلى وصول رئيس الحكومة الجديد كير ستارمر إلى داونينغ ستريت.

وقرأ الملك الذي وصل إلى البرلمان في عربة تجرها جياد، الخطاب بنبرة رتيبة لتأكيد حياده السياسي.

وركزت الحكومة التي بنت حملتها على وعد باعتماد "الجدية" في الميزانية، على "الاستقرار الاقتصادي". وستعمل على تقييم ميزانياتها المستقبلية "بشكل مستقل" من قبل هيئة التنبؤ بالميزانية العامة، لضمان سيطرة أفضل على الإنفاق العام.

وفي خريف 2022، أثارت رئيسة الوزراء المحافظة ليز تراس حالة من القلق في الأسواق المالية بعد الإعلان عن تخفيضات ضريبية غير ممولة. ولا يزال ذلك يشكل صدمة في البلاد.

كما تريد الحكومة البريطانية الجديدة "إعادة تحديد" العلاقات بين المملكة المتحدة و"شركائها الأوروبيين"، بعد مرور حوالى ثماني سنوات على التصويت لصالح بريكست و"ستعمل على تحسين العلاقات التجارية والاستثمارية مع الاتحاد الأوروبي".

وحول مكافحة الهجرة غير النظامية، تعتزم الحكومة إنشاء قوة أمنية جديدة تتمتع "بسلطات مكافحة الإرهاب" من أجل "تعزيز" محاربة المهربين.

وغداة توليه السلطة، أكد كير ستارمر تخليه عن الخطة الرئيسية لحكومة المحافظين القاضية بترحيل المهاجرين إلى رواندا.

رهينة رمزية

كما يريد كير ستارمر الغاء عضوية الوارثين في مجلس اللوردات، وهو المجلس الأعلى في البرلمان.

وحول أيرلندا الشمالية، تعهدت الحكومة الجديدة بإلغاء قانون مثير للجدل كان من المتوقع أن ينهي التحقيقات والقضايا المدنية والملاحقات الجنائية على الجرائم المرتبطة بالاضطرابات ويمنح الحصانة للمحاربين القدامى من جميع المعسكرات.

وتضمن القائمة الطويلة مجموعة من التعهدات، من بينها تدابير لتسريع بناء المساكن وإعادة تأميم شركات النقل بالسكك الحديد.

والتزمت الحكومة بوعود قطعها المحافظون خصوصاً القانون الذي يهدف إلى حظر بيع التبغ لأيّ شخص وُلد بعد العام 2009.

وخطاب العرض هذا هو الأول الذي تعدّه حكومة عمّالية، منذ حكومة غوردن براون في العام 2009، قبل وصول المحافظين إلى السلطة.

وأوضحت الحكومة أن هذا الخطاب يتضمن أكثر من 35 مشروع قانون.

لدى قراءة تشارلز الثالث للخطاب، هتف متظاهرون مناهضون للملكية خارج البرلمان "ليس ملكي".

واعلنت الشرطة أنها أوقفت عشرة أعضاء تقريباً من مجموعة الناشطين "يوث ديماند" للاشتباه في نيتهم إثارة اضرابات.

وقال كير ستارمر (61 عاما) بعد وصوله إلى السلطة إنه "ينتظر بفارغ الصبر تحقيق التغيير" الذي وعد به البريطانيين.

ومن خلال هذا البرنامج، يريد حزب العمّال "إظهار أنّه قادر على أن يصبح مجدّداً ما يعتبره الحزب الطبيعي للحكومة"، وفقاً لتوني ماكنولتي وزير العمل السابق وأستاذ السياسة البريطانية في جامعة كوين ماري في لندن.

من جهة أخرى، فإن هذا الخطاب هو الثاني الذي يلقيه تشارلز منذ اعتلائه العرش في سبتمبر 2022.

وكان قد حلّ في مايو 2022، عندما كان لا يزال أمير ويلز، مكان والدته إليزابيث الثانية بسبب وضعها الصحي المتدهور.

جلس الملك تشارلز الثالث مرتدياً التاج الإمبرطوري الاحتفالي على عرش مجلس اللوردات وعلى يساره زوجته كاميلا.

قبيل وصوله إلى إلى وستمنستر، أجرى الحرس الملكي عملية التفتيش التقليدية لأقبية البرلمان بحثاً عن متفجّرات، في إشارة إلى المحاولات الفاشلة التي قام بها الكاثوليك لتفجير المبنى في العام 1605.

تمّ احتجاز أحد أعضاء البرلمان "رهينة" في قصر باكنغهام بشكل رمزي، لضمان "العودة الآمنة للملك" إلى مقرّ إقامته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تشارلز الثالث کیر ستارمر

إقرأ أيضاً:

جرائم في وضح النهار.. بين تآمر السلطة وصمت الخيانة

 

جرائم في وضح النهار.. بين تآمر السلطة وصمت الخيانة

حسن عبد الرضي الشيخ

لم تعد مأساة الثورة في كرري، شمال مدينة أم درمان، مجرد إشاعة يتداولها الناس عبر وسائط التواصل الاجتماعي. إنها الجريمة وقد لبست ثوب الحقيقة، والخراب وقد اتخذ له عنوانًا دائمًا: الثورة – الحارة ١٥. مأساة ليست فقط في ما يُروى من أحداث، بل في ما يشي به الصمت الرسمي من خذلان، وما تكشفه الوقائع من تواطؤ مخزٍ، و”خداع طوعي” صار شركًا للمواطن الأعزل.

فأي خراب هذا الذي تسكنه الجريمة، وتغيب عنه الدولة؟
أي بلد هذا الذي صارت فيه المدارس أوكارًا للمسلحين، والمقابر الجماعية تُحفر بين جدران الفصول، وتُدفن فيها الجثث كما تُطمر الحقيقة؟
هل نعيش في ظل حكومة أم في كابوس دائم؟!

في الحارة ١٥ “زقلونا”، لا يُؤتمن الليل ولا النهار. عصابات مدججة بالسلاح، ترتدي زيًا نظاميًا وتصول وتجول، لا تخشى رقيبًا ولا حسيبًا، تمارس القتل والنهب، وتدفن الضحايا داخل المدرسة وحول المسجد، بل وفي قلب ميدان الحي.
هؤلاء ليسوا “مجرمين عاديين”، بل تشكيلات منظمة، لها قرون استشعار واستخبارات، تسابق الحملات الأمنية بخطوات، وتختفي قبل أن تلمحها عين الرقابة. أين الدولة؟ بل: هل ما زالت هناك دولة؟

المأساة أكبر من مجرد عصابات. إنها صورة لانهيار السلطة في أحد أهم أحياء العاصمة، وأخطرها دلالة على انهيار الثقة بين المواطن وأجهزته الرسمية.
الوالي لا يسمع. الشرطة عاجزة — أو أسوأ من ذلك: متواطئة.
يتشدقون بمحاربة “النشطاء” من شباب الثورة وقوى التغيير، يتجسسون على المعارضين ويختطفونهم، بينما تُترك الحارات في يد الميليشيات والمتفلتين!

أليس من المعيب أن تتحول مدرسة حكومية إلى سوق سلاح ومخدرات وخمور؟
أليس من العار أن يُدفن الناس في فناء مدرسة حكومية دون علم النيابة، ولا سؤال من شرطة، ولا اعتراض من مسؤول؟
لقد بلغ بهم السوء ما يفوق “سوء الظن العريض”. صاروا “يتشطرون” فقط على من يحلمون بالتغيير، بينما يعجزون عن مواجهة من يهدد حياة المواطنين كل يوم.

أين السلطة حين يُحاصر المصلون وهم في طريقهم إلى المسجد؟
أين الشرطة حين يُطلق الرصاص على البيوت؟
أين الوالي حين تُحرق القلوب على ضياع الحي والحيّز والحق؟

ألم يسمعوا صوت امرأة كتبت “وجه النهار” – الصحفية هاجر سليمان – التي وضعت بين أيدينا واحدة من أخطر الشهادات؟
أم أن السلطة لا تقرأ إلا تقارير الأجهزة الأمنية، تلك التي لا ترى إلا “الناشطين” خصومًا، وتغضّ الطرف عن “المليشيات” لأن بعضها في اتفاق السلام؟!

ليس من العقل ولا من القانون أن يُترك حيّ بأكمله — بتاريخه وسكانه وأحلامه — رهينة لميليشيات وأجانب ومتسللين، يرفضون حتى الخروج من منازل الناس بعد أن سكنوها قهرًا أثناء الحرب.
والسؤال الجوهري: لماذا تُترك هذه العصابات تعبث بمصير حي بأكمله؟ من أين يأتيهم السلاح؟ من يحميهم؟ ولماذا لم نسمع عن حملة واحدة ناجحة لتطهير الحارة؟
إن لم يكن هذا تآمرًا، فهو عجز مفضوح يرقى إلى الخيانة!

يا والي الخرطوم، ويا قادة الأجهزة النظامية، ويا كل من يملك سلطة القرار:
هل تنتظرون أن تشتعل العاصمة من قلب الثورة من جديد؟
انكم تريدون من المواطن أن يحمل سلاحه ويدافع عن عرضه وبيته بنفسه، ألم يصرح الوالي للإعلام بذلك؟ أنكم مشغولون فقط بـ”المعارضين لإنقلاب ٢٥ اكتوبر” و”الرافضين لحرب ١٥ ابريل” بينما المجرمون الحقيقيون يسكنون بيننا، ويقتلوننا، ويبيعون الخراب جملةً وتفصيلاً.

إن ما يحدث اليوم في الثورة هو اختبار لما تبقى من الدولة.
فإما أن تعود الدولة بكل أجهزتها وتفرض هيبتها، أو أن تعلن عجزها وتخرج من المشهد.
أما أن يُخدع المواطن باسم “العودة الطوعية” ليُقتل داخل بيته، فهذا خزي لا تمحوه البيانات، ولا تعالجه لجان!

ختامًا، أقولها بمرارة:
لقد “غَلَبها راجلها فأدبت حماها”، خدعت المواطنين وخذلتهم فأدّبتها العصابات. والمواطن المسكين بين كماشة الخداع الرسمي وسكاكين القتل المجاني.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

الوسومتآمر السلطة جرائم في وضح النهار حسن عبد الرضي الشيخ صمت الخيانة قادة الأجهزة النظامية والي الخرطوم

مقالات مشابهة

  • الروبوت الرسامة آيدا تقول إنها لا تنوي أن تحل محل البشر
  • جرائم في وضح النهار.. بين تآمر السلطة وصمت الخيانة
  • برنامج الطريق إلى البرلمان.. أكرم الألفي يكشف ملامح المشهد الانتخابي المقبل
  • جامعة تبوك تدعو الباحثين للمشاركة في المؤتمر الخليجي الثالث الذي تستضيفه للمنظمة الدولية IEOM
  • 30 عاما على المجزرة.. ما الذي يربط سربرنيتسا بغزة؟
  • ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطين الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى أفق للسلام
  • بريطانيا تعلن اتفاقا مع فرنسا بشأن المهاجرين
  • الروبوت الرسامة «آيدا» تتحدث للبشر
  • تشارلز جروب و”باتيل العائلية” توقعان اتفاقاً عقارياً بقيمة مليار دولار
  • زوجة ماكرون تضعه بموقف يثير تفاعلا مجددا أمام الملك تشارلز وزوجته كاميلا في بريطانيا