سودانايل:
2025-06-08@17:33:08 GMT

السودان الجديد و التخلق من داخل الخنادق

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن إشكالية النخبة السودانية ذات التفاعل مع المسرح السياسية، أنها تقدم العاطفة على حقائق الواقع، و تحاول البحث عن مبررات لفعل مستقبلي قبل الشروع فيه، لأنها على قناعة أن خبراتها و قدراتها الذاتية لا تساعدها على مواجهة التحديات بالصورة المطلوبة، أن الأزمة السياسية بعد ثورة ديسمبر كانت حالة فريدة في تاريخ السودان، أن تعجز القيادات السياسية على إدارة الإزمة السياسية التي تواجهها، و تخضع خضوعا كاملا للنفوذ الخارجي لكي يدير لها الأزمة من وراء ستار.

. و بدلا أن تواجه عقدتها لكي ترفع الحرج عن نفسها، لكنها تحاول أن تبحث لها عن شماعات لكي تعلق عليها فشلها في إعتقاد أنها لا تريد أن ينكشف ضعف قدراتها..
أن حالة الفشل وسط النخب كانت تزداد كل يوم نتيجة لطول فترات النظم الشمولية، التي خلفت قيادات منهوكة القوى و متواضعة فكريا، الأمر الذي لا يؤهلها أن تقدم مشاريع سياسية تفرضها على الساحة السياسية لكي تتحاور فيها مع القوى الأخرى، كل كان يحاول أن يفرض شروطا على الآخرين دون أن يكون له أداة ضغط عليهم. هذا الضعف المتواصل أكده الدكتور منصور خالد في كتابه "النخبة و إدمان الفشل" عندما يكتب ( تعود الأزمة النخبوية – في جوانبها الفكرية – إلي تصدع الذات، الذي يقود، بطبعه، إلي الفجوة بين الفكر و الممارسة؛ بين ما يقول المرء و ما يفعل، بين التصالح مع الواقع السلبي في المجتمع و الإدانة اللفظية لهذا الواقع) الآن تجد الوسائط الاجتماعية التي أصبحت حلبة صراع إعلامي مليئة بالمطاردة التي تحمل معلومات مزيفة، باعتبارها معلومات تستند على الرغبات المؤسسة على الذات، و ليست بهدف حل المشكل وفقا لمعطيات الواقع، و هناك الذين يعتقدون أن الحل لا يمكن أن يكون إلا على يد النفوذ الخارجي، و أصبح الداخل و الدعوة إليه توقع صاحبها في اتهام بأنه مساندا للكيزان و الفلول، أن النخبة إذا لم تستطيع أن تخرج من حالة الوهم و الإدعاء السالب الذي يهدف لتضخيم الذات دون أي مقومات موضوعية لا تستطيع أن تسهم في الحل..
أن وقف الحرب و حل المشكلة السياسية السودانية لن يتم خارج السودان، و لن تكون أمريكا و توابعها من دول الجوار و الدول العربية هي التي سوف تحل المشكلة، و هي السبب الأساسي الذي قاد للحرب، أن الحل يجب أن يكون داخل السودان، و وسط الشعب السوداني، و الذين لا يرغبون مواجهة الشعب هؤلاء لا اعتقد سوف يكون لهم حظا في تقديم شيئا مفيدا للحل. و قبل الحل؛ كل قوى سياسية يجب أن تراجع أفكارها، و تعيد بناء مرجعيتها الفكرية، لكي تستطيع أن تتعايش مع أفكار الأخر.. أن التجارب التاريخية منذ المهدي أكدت أن أي قوى لوحدها لا تستطيع أن تفرض قناعاتها و شروط العمل السياسي على الأخرين.. في الحل لا يتم البحث عن معلمين للتلقين، بل البحث عن منابر تجمع الكل للحوار المفتوح و الوصول لتوافق وطني، الذي يوافق سوف يشارك، و من يرفض عليه أن يعتزل العمل السياسي.
هناك أيضا الذين يعتقدون أن وقف الحرب بهدف الرجوع للثورة مرة أخرى، هل هؤلاء يعتقدون أن الحرب أقل شأنا من الثورة، هؤلاء ماذا يريدون أن يهدموا بالثورة الذي لم تهدمه الحرب، الحرب لم تهدم فقط المؤسسات و المشاريع و كل المكونات المادية، بل هدمت حتى القيم الربانية و القيم الروحية، و الأخلاق و الاعراف و التقاليد، و استخدمت كل أدوات التنكيل و القتل ، و النهب و السرقة و الاغتصابات و التهجير و الإبادة الجماعية، أن الذين ينادون بإعادة الثورة بعد الحرب هؤلاء يعلمون أنهم عاجزون في التعامل مع الواقع الجديدة و إفرازاته، و أن مرجعياتهم الفكرية عاجزة ان تقدم رؤى لواقع كانت بعيدة عنه عندما بدأ يتشكل في مواجهة المؤامرة على البلاد.. أن الحل يجب أن يكون في السودان من خلال الحوار الوطني الجامع، و التوافق و التناغم الكامل بين القوى المدنية و العسكرية، بهدف حفظ أمن البلاد و تأمينها من آهل الأجندة الخارجية و العملاء في الداخل و الخارج.. و هذه الأشياء لا تتم بوجود الميليشيا أو التسوية معها و خدامها، لابد من هزيمتها و عدم رجوعها مرة أخرى إلي الساحتين العسكرية و السياسية. هزيمة الميليشيا تعني معرفة الحقيقة عن الحرب و من كان وراءها و الداعمين لها و الذين تعاونوا مع الميليشيا في الداخل و تقديمهم للمحاكمة أمام القضاء..
أن وقف الحرب ليس تعني وقف لأصوات المدافع و البنادق و الطيران، أنما تعني بداية لتخلق سودان جديد فرضته حالة التلاحم بين المستنفرين و المقاومة الشعبية و بين طلائع الجيش و القوى النظام الأخرى، الذين جمعتهم الخنادق و تقديم الأروح و مزيج الدم السائل من الجميع، صورة جديدة تخلقت مع مأساة السودان و التأمر عليه بهدف تقسيمه و نهب ثرواته.. أن الذي غاب عن هذه الملامح الوطنية غير جدير أن يفرض على آهل السودان شروطا، أو خيارات لا رجاء منها.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تستطیع أن أن یکون

إقرأ أيضاً:

"الكوليرا في زمن الحرب".. ألف حالة يوميا بالخرطوم وتحذيراتٌ من كارثة محقّقة

تواجه السودان أزمة كوليرا متفاقمة مع تسجيل أكثر من 1000 حالة يوميًا في الخرطوم، البؤرة الرئيسية للوباء. وسط دمار الحرب، انهيار البنية التحتية، وشح المياه النظيفة، يحذر الأطباء من انتشار سريع للمرض بين النازحين والمناطق المكتظة. اعلان

وسط دمار شامل ناجم عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، يواجه السودان واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي تهدد حياة الملايين. ففي ظل تدهور الخدمات الأساسية وتوقف أكثر من 80% من المستشفيات، تتفاقم جائحة الكوليرا بسرعة مذهلة، لتتحول العاصمة الخرطوم إلى بؤرة رئيسية للوباء.

وأفادت السلطات الصحية بأن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في الخرطوم تجاوز 1000 حالة يوميًا، مما يجعلها البؤرة الرئيسية لانتشار المرض.

وقال نيكولا جان، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في السودان : "الوضع الحالي لوباء الكوليرا سيء جدًا، خاصة في الخرطوم التي أصبحت بؤرة تفشي المرض. لقد شهدنا موجة كوليرا ارتفعت بشكل سريع خلال أيام قليلة، حتى بلغ عدد الإصابات المئات، بل وحتى تجاوزت ألف حالة يوميًا في الخرطوم."

وأرجع جان سبب التفشي إلى "آثار الصراع على نظام المياه وعلى النظام الصحي وعلى نظافة المواطنين"، مشيرًا إلى أن "الكثير من الناس تشردوا مرارًا وتكرارًا، ولم يجدوا ملجأ أو حتى منزلًا، واضطروا للعيش في مراكز إيواء مكتظة. هذا الاختلاط، ونقص المياه، وسوء النظافة، وعدم الوصول إلى الرعاية الصحية كلها عوامل ساعدت على انتشار المرض وجعلت من الصعب السيطرة عليه."

Relatedالكوليرا تعصف بالسودان: 172 حالة وفاة خلال أسبوع وسط انهيار صحيالسودان: الدعم السريع تقصف مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ومليون طفل معرض للكوليرارئيس وزراء السودان الجديد يرفع السقف: لا أمن بلا إنهاء التمرّد

وسجلت وزارة الصحة السودانية حالات في مدينة أم درمان، وكذلك في ولايات كردفان الشمالية وسنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل. وقد كانت كلتا المدينتين الخرطوم وأم درمان ساحتي قتال طوال الحرب، ما أدّى إلى نزوح معظم السكان.

مع استعادة الجيش السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع في نهاية مارس الماضي، بدأ نحو 34 ألف شخص في العودة إلى ديارهم، لكنهم وجدوا مدنًا مدمرة، ومنازل مهترئة، وبنية تحتية منهارة.

وقال أحد سكان الخرطوم العائدين بعد الهجرة : "منذ عودتنا إلى هنا، لم نجد طريقة للحصول على مياه الشرب سوى من النهر. نستخدم شاحنات لجلب المياه، ثم نملأ بها الحاويات أو البراميل، ونتركها لفترة قصيرة، ثم نضعها في أواني الشرب ونشرب منها."

وروت إحدى السيدات: "بعد شهرين أو ثلاثة من الحرب، توقفت إمدادات المياه تمامًا، والكهرباء تنقطع ثم تعود، لكن المياه توقفت بشكل كامل. الأمر يفوق أي جهد، وفي الوقت الحالي هناك الكثير من المعاناة."

وأرجعت اليونيسيف سبب نقص المياه النظيفة إلى تدمير محطات توليد الكهرباء، مما أدى إلى تعطل مضخات المياه. كما تعرضت أنظمة الصرف الصحي لأضرار بالغة، مما زاد من خطر انتشار الأمراض.

ويشير الدكتور سيد محمد عبدالله من اتحاد الأطباء السودانيين إلى أن "أكثر من 80% من المستشفيات غير قادرة على العمل، بينما تعاني تلك التي ما زالت تعمل من نقص المياه والكهرباء والأدوية." وهو ما يجعل الاستجابة الطبية للوباء صعبة للغاية.

ووصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها "مرض الفقر"، إذ تنتشر في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية الصحية ونقص المياه النظيفة. وهو مرض إسهالي ينتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الفيبريو كوليرا، ويمكن علاجه بسهولة باستخدام محلول إعادة الترطيب والمضادات الحيوية.

ويواجه العالم اليوم نقصًا حادًا في اللقاحات، حيث انخفض مخزون منظمة الصحة العالمية العالمي من لقاح الكوليرا الفموي دون الحد الأدنى البالغ 5 ملايين جرعة، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الجائحة.

ويرزح السودان تحت وطأة الحرب الأهلية منذ أبريل 2023، عندما تحولت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى معارك عنيفة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. أُبلغ عن مقتل 24 ألف شخص على الأقل، رغم أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. وتم تهجير أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين فروا إلى الدول المجاورة. وأُعلنت مجاعة في خمس مناطق على الأقل، وكان مركزها الرئيسي هو إقليم دارفور المدمّر.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • روسيا: تقدم القوات الروسية بأراضي دنيبروبتروفسك هو الواقع الجديد
  • بسبب الحرب.. انهيار أدوات مواجهة الكوارث البيئة في السودان
  • الحل أو الحرب .. عضو مجلس الدولة العُماني يوضح مصير المفاوضات النووية | فيديو
  • كاتب اسرائيلي يدعو للتفاوض مع كتائب القسام .. مفتاح الحل في غزة لا الدوحة
  • "الكوليرا في زمن الحرب".. ألف حالة يوميا بالخرطوم وتحذيراتٌ من كارثة محقّقة
  • مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟
  • مسؤولة أممية: الواقع السياسي الجديد في سوريا يتيح فرصة مهمة لحل القضايا العالقة حول برنامج الأسلحة الكيميائية
  • خطة ترمب لإيقاف حرب السودان ومستقبل الإسلاميين
  • خليل الحية: نحيي إخوان الصدق في اليمن الذين يواصلون إطلاق الصواريخ
  • رئيس “حماس” في غزة: نحيي إخوان الصدق في اليمن الذين يواصلون إطلاق الصواريخ رغم ما يتعرضون له