لجريدة عمان:
2025-06-27@17:11:49 GMT

«الرجل الذي باع ظهره»

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

هل يولدُ أحدنا في الجانب الصحيح من العالم، بينما يولدُ الآخر في الجانب الخطأ منه؟ هل يولدُ أحدنا في رفاهية القوانين والحقوق، بينما يولدُ الآخر في الشقاء غير المنظور؟

أسئلة كهذه دارت بين الشاب السوري «سام علي» الذي يحمل مفردة «لاجئ» كذنب، وبين فنان مشهور يدعى جيفري غودفروي، يُحول الأشياء التي بلا قيمة إلى أشياء قيمة، في فيلم «الرجل الذي باع ظهره»، والذي كتبته وأخرجته التونسية كوثر بن هنية، ورشح لجائزة الأوسكار لعام2021، لنوع الأفلام الأجنبية في الدورة ٧٣.

فماذا عساهم يفعلون أولئك الذين لا يملكون أحصنة لعبور الحدود ولا ينتمون إلى عالم الجن ليقوموا بأعمال سحرية تنقذهم من جحيمهم؟ ربما يرضخون صاغرين لمن يقدم لهم بساطا سحريا، أو قد يتعاقدون مع «مفستوفيليس»، ذاك الذي يمنحُ شيئا ليقبض شيئا آخر كما حدث في قصّة فاوست.

اشترى غودفروي ظهر «سام علي» فجعل منه لوحة، رسم عليها وشم على هيئة فيزا شنجن، تلك العلامة بالغة الأهمية للغرباء الذين يتوقون للوصول إلى أوروبا بشكل قانوني.

أراد غودفروي أن يقول للعالم المتشائم الذي ظن بموت الفن بأنّ الفن لم يكن أكثر نبضا من الآن، «فنحن نعيش في عصر مُظلم، إذا كنت سوريا أو أفغانيا أو فلسطينيا، فأنت شخص غير مرغوب به، والجدران ترتفع من حولك»، ولذا فقد حوّل الفنانُ سام إلى سلعة!

يوقعنا الفيلم في غرائبية الحياة وتحولات قيمها، فتحويل الإنسان إلى نوع من البضائع، يجعله يستعيد حريته! «فتداول السلع أكثر حرية من حركة البشر»! يتحول سام من إنسان إلى مجرد قطعة في المتحف الملكي للفنون الجميلة في بلجيكا. هناك حيث يحظى برغد العيش، لكن في حياة باردة بلا طعم أو معنى، لا يملكُ الحق في التحدث إلى الناس، كما لا يملكُ حق الاعتراض على ما يحدث لجسده!

يظهر التناقض جليا، عندما يأتي رجل من حقوق اللاجئين من بلده الأصلي، ليُدافع عنه، ليُذكره بأنّه ليس حيوانا في سيرك ليلعب هذا الدور، وكالعادة يأتي حُماة الحقوق في المكان والوقت الخطأ!

يخبرنا غودفروي أنّ قصّته مع سام هي على نقيض قصّة الفنان بيغماليون الذي صنع تمثال امرأة وقع في غرامها وتمنى أن تُنفخ فيها الروح، فغودفروي جمّد الإنسان الذي يرى ويفكر ويتحرك وجعله لوحة ثابتة أمام الجمهور وكاميرات التصوير والإعلانات.

تبدو العلاقة والأحاديث بين غودفروي والشاب سام لافتة للغاية، لاسيما عند ظهور الدمامل التي شوهت اللوحة على الظهر الحي فتوجب عصرها!

تتصاعد المأساة عندما يُقرر أحد جامعي التحف أن يشتري اللوحة التي على الظهر، فرغم القلق من الدول المناهضة للإتْجار بالبشر، إلا أنّ هنالك دولا متقدمة في تشريعاتها كما يزعمون تقبل بهذا النوع من السلع البشرية! بل تفاوض حول الطرق التي ينبغي بواسطتها تأمين اللوحة!

تبدأ المساومة اللعينة في تلك اللقطة التي يُدير فيها سام ظهره، كما قد تفعل قطعة جماد عديمة القيمة والروح. لقد مرّ بين الزبائن دون أن يُذكر اسمه، تمّ تغييب كيانه، تحول إلى مجرد قطعة تحمل رقم 69. رمق سام العالم المتفرج بنظرة لوم، ثمّ سرعان ما استشرست نظرته.

ارتفعت أرقام المزايدة عليه حتى وصلت إلى خمسة ملايين، وعندما ملأ التصفيق المزاد وأصبح ثمّة مالك جديد له، صرخ صرخة مدوية. استدار فجعل الجمهور ينظر إلى وجهه، وكأنّه يذكرهم ببشريته البائسة التي تجاهلوها! تلك الالتفاتة والتحرك والصراخ الذي أحدثه سام، دفعهم للركض كأنّهم أمام قنبلة موقوتة!

عندما انتشر خبر مقتل «سام» على يد داعش، لم يكن هنالك من هو معني بإنسانيته الرخيصة، كان الأكثر أهمية هو الوشم الذي يعيش على ظهره، ولذا تحول موته إلى قضية سرقة تحفة فنية، رغم أنّه كان يضحك في جنته البعيدة قائلا: «كان عليّ أن أموت حتى أعيش».

لا نعرف على وجه الدقة إن كانت «لوحة فيزا شنجن» منحت سام القيمة أو سلبتها منه، لكن أكثر ما ينبغي أن يُشغل بالنا هو ذلك العيش في الأوطان التي تتدنى فيها شروط الحياة الطبيعة، تتدنى فيها الحقوق الحريات، فتدفع الناس للتعاقد حتى مع الشياطين!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

القسام تنشر صورة ناقلة جند إسرائيلية بخانيونس.. قُتل فيها 7 جنود

نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الأربعاء، صورة لناقلة جند إسرائيلية، قالت إنها دمرتها بعبوة "شواظ" وضعها أحد مقاتليها داخل قمرة القيادة.

وأوضحت كتائب القسام عبر قناتها بمنصة "تيلغرام" أنه "خلال كمين مركب تمكن مجاهدو القسام عصر أمس الثلاثاء، من تدمير ناقلة جند صهيونية بعبوة شواظ، تم وضعها داخل قمرة القيادة، ما أدى إلى احتراق الناقلة وطاقمها بشكل كامل".


وتابعت: "بعدها استهدف مجاهدونا ناقلة جند صهيونية أخرى بعبوة العمل الفدائي، وذلك بالقرب من مسجد علي بن أبي طالب بمنطقة معن جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع".

وأكدت أن مقاتليها رصدوا هبوط الطيران المروحي للإخلاء، والذي استمر لعدة ساعات.

وفي وقت سابق، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل سبعة من جنوده في عملية مركبة للمقاومة الفلسطينية في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، فيما وصفت وسائل إعلام عبرية الحادثة بأنها "كارثة كبرى".

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، مقتل 7 عسكريين من كتيبة الهندسة القتالية 605 الثلاثاء، في خانيونس جنوب قطاع غزة.


وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "فشلنا في عمليات إنقاذ الجنود الذين تعرضوا لانفجار عبوة ناسفة في خان يونس"، مضيفا أنه "لا يمكن للكلمات أن تصف حجم وجع عائلات الجنود الذين قتلوا في الحادثة".

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال بأنه وفقا للتحقيق الأولي في الحادثة الصعبة في خانيونس، اقترب مسلح فلسطيني من ناقلة الجنود المدرعة، وألصق بها عبوة ناسفة انفجرت وأدت إلى اشتعال النيران في الناقلة بالكامل.

وأشارت إذاعة الجيش إلى أنه "تم استدعاء قوات إطفاء عسكرية، وبذلوا جهودا كبيرة لإخماد الحريق، كما جُلب إلى المكان جرافة عسكرية قامت بسكب الرمل على الناقلة، في محاولة لإخماد النيران، لكن كل محاولات الإطفاء باءت بالفشل".

وتابعت: "تقرر سحب الناقلة خارج غزة لمواصلة جهود الإطفاء، وتم سحبها أولا إلى شارع صلاح الدين في خانيونس، ومن هناك إلى خارج القطاع، بينما كان الجنود لا يزالون بداخلها وكانوا قد احترقوا بالكامل".

مقالات مشابهة

  • تدفن أسرار البيوت بموت من فيها!
  • النقلة "Move 37": اللحظة التي تجاوزت فيها الذكاء الاصطناعي الحدود البشرية
  • عمرو الليثي يكشف كواليس فيلم الراجل الثاني ويعلن مفاجأة
  • كانسيلو يطمئن الدكة بعد هدف ليوناردو: ما فيها تسلل .. فيديو
  • صعب يخلف وتعبان دائما الأبرز.. تأثير نقص حمض الفوليك على صحة الرجل
  • عيني فيها قطع.. تدهور الحالة الصحية لـ إيناس عز الدين بسبب خطأ طبي
  • القسام تنشر صورة ناقلة جند إسرائيلية بخانيونس.. قُتل فيها 7 جنود
  • قراءة في مجموعة «الرجل النائم إلى جوارك» شفافية الفكرة بين الانتصار للذوات ومسؤوليّة اختيارها
  • أمين الإفتاء يكشف أعظم حقوق الزوجة على الرجل
  • مشهد قاسٍ في شارع تركي يشعل الغضب