محمد العرب: الدول الهشة غير قادرة على حماية مواطنيها أو الحفاظ على سيادتها
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
قال الكاتب والإعلامي البحريني محمد العرب، إنه منذ الأزل، كانت الدول تعبيرًا عن الاستقرار والتنظيم في حياة المجتمعات، فهي تجمع الشعوب تحت مظلة قانونية وإدارية واحدة، وتوفر لهم الأمان والخدمات التي تجعل من الحياة أكثر انضباطًا وتوازنًا، لكن ليست كل الدول قادرة على الاستمرار في هذا الدور المحوري، فبعضها يبدأ في الانهيار من الداخل، حينما تتفكك مؤسساته ويضعف نظامه، مشيرا إلى أن هذه الدول تعرف بالدول الهشة، وهي ظاهرة تعود في جذورها إلى تراكم عوامل اقتصادية، اجتماعية، وسياسية تجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها أو الحفاظ على سيادتها.
وأضاف العرب، في مقال له بعنوان «متى تتحول الأمم إلى قنابل موقوتة؟»، منشور في صحيفة اليوم السعودية، أنه في التاريخ، يمكننا أن نرى أمثلة واضحة لدول قوية تحولت إلى كيانات هشة، موضحا أن الإمبراطورية الرومانية الغربية، على سبيل المثال، كانت إحدى أعظم القوى في العالم القديم، لكنها تعرضت لضغوط داخلية وخارجية جعلتها غير قادرة على الاستمرار في التحكم بأراضيها الشاسعة، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية، وانتشرت الفوضى السياسية، مما جعلها عرضة للهجمات الخارجية التي أسقطت الإمبراطورية في عام 476 م ليعلن لولادة حقبة جديدة من الفوضى والتفكك في أوروبا.
وتابع، أنه في العصر الحديث، نرى حالة مشابهة في الصومال، فبعد سقوط الحكومة المركزية في عام 1991، تحولت الصومال إلى أرض بلا حاكم فعلي، وأصبحت ساحة للصراعات القبلية والجماعات المسلحة، وغياب السلطة المركزية فتح المجال أمام انتشار الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب، التي استغلت الفراغ الأمني لتوسيع نفوذها داخل البلاد وخارجها، وهذا الوضع لم يؤثر فقط على الشعب الصومالي، بل أدى إلى تداعيات دولية تمثلت في أعمال القرصنة في خليج عدن، مما هدد التجارة العالمية.
وأكد الإعلامي البحريني، أن الدول الهشة تترك وراءها آثارًا عميقة تتجاوز حدودها الجغرافية، فهي تصدر مشكلاتها إلى الخارج، حيث تدفع سكانها للهجرة بحثًا عن الأمان في دول أخرى، وهذه الهجرات تضيف ضغوطًا كبيرة على الدول المستقبلة، وتخلق توترات سياسية واجتماعية جديدة، وبالإضافة إلى ذلك، تصبح الدول الهشة بيئة مثالية لنمو الجماعات الإجرامية والإرهابية، مما يشكل تهديدًا للأمن الدولي.
وما يجعل هذه الظاهرة أكثر إشكالية هو أنها ليست مجرد مشكلة داخلية، بل تصبح بسرعة جزءًا من معادلة أكبر تعيد تشكيل التوازنات الدولية، وهشاشة الدول لا تعني فقط انهيار مؤسساتها، بل انهيار النظام العالمي الذي يعتمد على هذه الدول كعناصر في نسيج معقد من العلاقات الاقتصادية والسياسية، ولهذا، فإن التعامل مع الدول الهشة يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية دولية شاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار وبناء مؤسسات قوية ومستدامة.
واختتم مقاله، بأن هشاشة الدول تثير تساؤلات فلسفية حول طبيعة الدولة نفسها، ما الذي يجعل الدولة متماسكة؟ هل القوة العسكرية أو الاقتصاد القوي كافيان لضمان استقرارها؟ أم أن هناك عوامل أعمق، تتعلق بالشرعية والشعور بالانتماء والعدالة الاجتماعية، تلعب دورًا حاسمًا في صمود الدول أمام التحديات؟ وهذه الأسئلة تظل مفتوحة، تدعو إلى تأمل أعمق في طبيعة الدولة وكيفية الحفاظ على استقرارها في عالم متغير.
اقرأ أيضاًالصومال: مقتل 9 عناصر من «المليشيات الإرهابية» في محافظة بكول جنوب غرب البلاد
الصومال: ارتفاع خسائر المليشيات الإرهابية لأكثر من 200 عنصر بمحافظة جوبا السفلى
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السعودية البحرين الصومال الدول الهشة قنبلة موقوتة محمد العرب الدول الهشة قادرة على
إقرأ أيضاً:
عبر مصر او الأردن.. سفارة الصين في تل أبيب تطالب مواطنيها بسرعة مغادرة إسرائيل
دعت السفارة الصينية في تل أبيب مواطنيها إلى مغادرة إسرائيل بأسرع ما يمكن عبر المعابر الحدودية البرية، وسط تصاعد التوترات الأمنية بين إيران وإسرائيل وتبادل الصواريخ والطائرات المسيّرة
ونشرت السفارة عبر حساباتها الرسمية على "ويتشات" ووسائل إعلام محلية توصية لجميع الصينيين المتواجدين في البلاد بالتوجّه فوراً إلى معابر الأردن أو مصر؛ لكونها الخيار الأكثر أماناً حالياً، محذّرة من أن “الوضع الأمني يتفاقم بسرعة”.
أمريكا تنقل حاملة طائرات من بحر الصين الجنوبي إلى الشرق الأوسط
الصين تدين الاعتداءات الإسرائيلية على إيران وتدعو إلى وقف التصعيد
وذكرت وكالة أنقرة أن ثلاثة معابر حدودية – معبر نهر الأردن، جسر ألنبي، ومعبر يتسحاق رابين – لا تزال مفتوحة أمام المغادرين، شريطة توفر الظروف الأمنية المناسبة، وهو ما يشكل نافذة أمام الصينيين الراغبين في مغادرة البلاد براً .
وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة تحذيرات للعديد من الدول؛ فقد بدأت السفارات الأوروبية في تنفيذ خطط إجلاء طارئة، مع توجيه مواطنيها إلى المعابر البرية إلى الأردن ومصر، بينما شرعت بعض الدول في فتح قنوات الطيران التجارية لاستيعابهم
وفي الوقت نفسه، شهدت إسرائيل خلال الأيام الماضية تصعيداً أمنياً غير مسبوق؛ تمثل في إطلاق عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة من الأراضي الإيرانية، ما دفع أنظمة الإنذار للمليارات من الإسرائيليين، وتفعيل أوامر البقاء في الملاجئ عبر المدن الرئيسية من تل أبيب حتى القدس.
وأشارت تصريحات رسمية، بما في ذلك من الجيش الإسرائيلي، إلى احتمال استمرار موجات الهجوم، بما يدعم وجهة نظر السفارة الصينية.
وبينما يواجه الإسرائيليون دعوات بالإخلاء الداخلي، تتجه بعض السفارات نحو توصيات بالخروج من البلاد بالكامل، وهو ما يعكس تصوراً متزايداً بين الدول الأجنبية حول الأضرار المحتملة للبقاء وسط موجات تصعيد تمثل خطراً مصرّحاً به على المدنيين والأجانب على حد سواء.
وحسب المصادر، تتعاون سفارة الصين مع السلطات الإسرائيلية لفتح ممرات آمنة وخطوط اتصال دبلوماسية لتسهيل عملية مغادرة الرعايا، بينما تجري اتصالات دائمة مع الحكومة الصينية لبحث إمكانية تنظيم رحلات تجارية أو طوارئ لإجلاء أولئك الذين لا يستطيعون السفر براً.
ويأتي هذا التحذير في سياق تحوّل الأبعاد الأمنية إلى أدوات سياسية، حيث تحوّل النزاع بين طهران وتل أبيب إلى مشكلة تتعدى مصالحهما الثنائية، لتدخل في صلب اهتمامات المجتمع الدولي، وخصوصاً تلك الدولة التي تسعى لحماية مواطنيها بالخارج.