ما الذي يمكن أن تغيّره الزيارة الأولى للسيسي إلى تركيا في الملفات الشائكة؟
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
قبل جائحة "كورونا" التي ضربت العالم، في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2019، وظلّت تداعياتها الاقتصادية قائمة حتى عام 2022، لم يكن أكثر المحللين السياسيين تفاؤلا يتوقّع أن تنقل وكالات الأنباء العالمية، خبرا، يقول إن رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، يزور العاصمة التركية، أنقرة، وينتقل بين ردهات القصر الرئاسي، بصحبة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وزار السيسي، أنقرة، أمس الأربعاء، وسط استقبال من أردوغان، الذي كسّر البروتوكول التركي، وفق عدد من المحليين، إذ استقبل ضيفه في مطار أنقرة، بدلا من القصر الرئاسي؛ ثم قام بوداعه مرة أخرى، بنفسه، من المطار، في مشهد يؤكّد دخول علاقات البلدين مرحلة جديدة من التّعاون السياسي، وفق قراءة متحدثين لـ"عربي21".
"بين الاستقبال والوداع"
بين حفاوة الاستقبال، والوداع، عقب زيارة خاطفة، وعودة السيسي للقاهرة، مساء الأربعاء، استقلّ أردوغان والسيسي سيارة من المطار إلى القصر الرئاسي، لعقد محادثات ثنائية لنحو ساعتين، أعقبها مؤتمرا صحفيا، مُشتركا، انتقدا خلاله حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة؛ كما وجّها دعوتهما لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لتوقيع اتفاق هدنة، ووقف إطلاق النار.
أردوغان، قال إن: "تركيا ومصر لديهما موقف مشترك بشأن القضية الفلسطينية"، فيما قال السيسي، إن: "مصر وتركيا تدعوان لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء العنف في الضفة الغربية".
وفي السياق نفسه، ركّز الرئيس التركي، على الجانب الاقتصادي قائلا: "لدينا الرغبة في تحسين تعاوننا مع مصر في مجال الطاقة، وخاصة في الغاز الطبيعي والطاقة النووية".
إلى ذلك، وقّع الجانبان اتفاقية تعاون استراتيجي رفيعة المستوى، و17 مذكرة تفاهم، وفقا لما أوردته وكالة "بلومبرغ" الأمريكية.
وكان السيسي، وقبيل الزيارة بساعات، قد أعرب عن سعادته بزيارته الأولى نحو تركيا، مشيرا لما أسماه بـ"الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا".
"نقطة الانطلاق والتلاقي"
حاز الّلقاء اهتماما عالميا، بجانب اهتمام 106 ملايين مصري و85 ملايين تركي، نظرا لما كان بين البلدين من خلاف سياسي؛ انطلق برفض الرئيس التركي، الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي، حينما كان قائدا للجيش في 3 تموز/ يوليو 2013، منهيا أول تجربة ديمقراطية عاشتها مصر، بالإطاحة بأول رئيس مصري مدني منتخب، الرّاحل محمد مرسي.
ولكن تداعيات "كورونا"، وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في 24 شباط/ فبراير 2022، ناهيك عن تفاقم أزمات القاهرة مع ديون خارجية تسبّبت بها مشروعات إنشائية عملاقة للسيسي، وهروب الأموال الساخنة، وشحّ العملات الأجنبية، إلى جانب أزمات أنقرة مع التضخم، وتراجع قيمة عملتها، دفعا بالبلدين التاريخيين، إلى تجاهل الأزمات السياسة، للخروج من أزمات الاقتصاد.
ومع وصول الجانبين إلى هذه المرحلة من العلاقات، والتي سبقها لقاء السيسي وأردوغان في الدوحة، خلال فعاليات كأس العالم، في قطر، تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، ورفع العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء في تموز/ يوليو 2023؛ تسعى القاهرة وأنقرة، لزيادة التعاون الاقتصادي من "6.6 مليار دولار عام 2023 إلى 15 مليار دولار بالسنوات الخمسة المقبلة"، وفق وكالة الأنباء "الأناضول" التركية.
وتحرص تركيا على استيراد الغاز الطبيعي المسال من مصر، كجزء من خطّتها لتصبح مركزا للإمدادات إلى أوروبا، كما تريد إعادة تشغيل شحن البضائع بين ميناء مرسين التركي والإسكندرية في مصر.
وفي مجال الدفاع، تبحث تركيا عن مشترين لطائراتها المسلّحة بدون طيار وسياراتها المدرعة، وفق صحف تركية ووكالات الأنباء.
كذلك، ينتعش التبادل التجاري المصري التركي، في قطاعات الملابس الجاهزة والأقمشة والأجهزة المنزلية والذرة الصفراء، والأعلاف، والأسمدة، والأسلاك، والضفائر الكهربائية، وحديد التسليح، والسيارات، وزيت الصويا؛ فيما يتجاوز حجم الاستثمارات التركية في مصر 3 مليارات دولار، من خلال 1700 شركة، وفق بيانات وزارة الصناعة والتجارة المصرية.
"ماذا عن الملفات الشائكة؟"
يظل السؤال قائما: ما الذّي يمكن أن تغيره زيارة السيسي والتي تأخرت لنحو 6 أشهر منذ زيارة أردوغان للقاهرة في شباط/ فبراير الماضي، في الملفات العالقة المشتركة (المنطقة الاقتصادية بالبحر المتوسط، وليبيا والإخوان المسلمين والمعارضة في تركيا) وتلك التي تخص الشرق الأوسط والقرن الإفريقي (غزة والصومال وإثيوبيا)؟.
الرئيس أردوغان، تحدث عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، عن العديد من تلك النّقاط، حيث كتب عقب انتهاء الزيارة: "نحن عازمون على تعزيز تواصلنا ومشاوراتنا مع مصر التي لدينا معها مواقف وأهداف متشابهة حول العديد من القضايا.
ولخّص الرئيس التركي، نتائج الزيارة، في عدة نقاط قائلا: اتفقنا على بناء مشاورات مستمرة من أجل حل القضايا الإقليمية، لاسيما قضية غزة.
وإضافة إلى مسألة غزة، أكّد أردوغان أنه ناقش مع السيسي، "عددا من القضايا الإقليمية، لاسيما شرق البحر الأبيض المتوسط، وسوريا، وليبيا، والسودان، والقرن الإفريقي".
وفي الملف الاقتصادي، أعلن أردوغان، عن عقدهما الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، مشيرا للتعاون في مجالات الصناعة والتجارة والدفاع والصحة والبيئة والطاقة.
أيضا، أشار أردوغان، إلى أن تركيا بين أكبر 5 شركاء تجاريين لمصر، مبرزا في الوقت نفسه أن "الهدف هو زيادة حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة".
سعدت باستضافة الرئيس المصري السيد عبد الفتاح السيسي في بلدنا. ????????????????
نحن عازمون على تعزيز تواصلنا ومشاوراتنا مع مصر التي لدينا معها مواقف وأهداف متشابهة حول العديد من القضايا.
لقد اتفقنا في اجتماعاتنا اليوم على بناء مشاورات مستمرة من أجل حل القضايا الإقليمية، لاسيما قضية غزة.
إن… pic.twitter.com/DQl8VgNHks — رجب طيب أردوغان (@rterdogan_ar) September 4, 2024
وعلى الرغم من أن الملف الليبي كان من بين أكثر الملفات خلافا بين القاهرة وأنقرة، إلا أنّ السيسي، أكد "على أهمية طي صفحة تلك الأزمة المستمرة من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من البلاد، وإنهاء ظاهرة الميليشيات المسلحة".
"إلى التوافق وحل الخلافات"
بخصوص ما يمكن أن تُغيره الزيارة الأولى للسيسي إلى تركيا، في بعض ملفات مازالت شائكة، قال الكاتب الصحفي التركي، حمزة تكين، لـ"عربي21": "اليوم تقف تركيا ومصر على أعتاب مرحلة جديدة بالعلاقات".
وأضاف: "الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأتراك والمصريين على مختلف المستويات، لا يعني أنه لا توجد مشكلات بين الطرفين، وأنه لا يوجد تفاوت في وجهات النظر في هذا الملف أو ذاك الملف".
واستدرك تكين، في حديثه لـ"عربي21": "ولكن هذه الزيارات تعبر عن إرادة مشتركة لحل الخلافات والتوافق على بعض الملفات هنا وهناك"، مشيرا إلى أنه "رغم وجود تباين وجهات النظر تجاه العديد من الملفات إلا أن الواقع يُلزم مصر وتركيا أن يتعاون مع بعضهما البعض، خاصة في النواحي الاقتصادية والتجارية".
"الاتفاقيات التي وُقعت بين تركيا ومصر في العاصمة التركية، أنقرة، خلال الساعات الماضية، كلّها اتفاقيات اقتصادية، وبالتالي هذا ما يهم الطرفين في المرحلة الحالية التي يشهد فيها العالم أزمات اقتصادية جراء الحروب" أوضح تكين.
ويعتقد تكين، أن "التعاون التركي المصري الجديد سينعكس إيجابا على الشعبين وعلى الدولتين، وبكل تأكيد العلاقات بين الدولتين ستتطور في المرحلة المقبلة، وهذا ما يريده الأتراك ويريده المصريون"، مردفا: "واضح أن الطرفين يتفاهمان حول الملفات المتباينة بينهما، وذلك لأجل مصالحهم العليا خاصة الاقتصادية".
وفي السياق ذاته، توقّع الكاتب الصحفي التركي أن "تشهد العلاقات في المرحلة المقبلة اتفاقا تركيا مصريا فيما يتعلق بمنطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط الاقتصادية"، ملمّحا إلى أن "هذا ما سيزعج الجانب اليوناني".
وأشار تكين، في نهاية حديثه لـ"عربي21" إلى أن "تركيا، أيضا، قادرة على لعب دور الوسيط بشكل ناجحا في ما يتعلق بأزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر؛ وأن هذا الدور التركي تحتاجه مصر في الوقت الراهن تخفيفا للتصعيد هناك"، مستطردا: "بدا واضحا أن هناك تنسيق تركي مصري في ما يتعلق بالصومال والملف الليبي".
"مردود جيد والمطلوب أكبر"
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، في حديثه لـ"عربي21"، إن "زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا ولقاء الرئيس أردوغان، زيارة فاصلة، وليست مجرد زيارة بروتوكولية ردّا على زيارة أردوغان القاهرة قبل 6 شهور".
وأضاف الأشعل: "ولكن الزيارة مهمة على كل الأصعدة والملفات مهما كانت درجة سخونتها أو الخلاف حولها"، مبيّنا أنها "تفتح الطريق إلى التنسيق المصري التركي الإقليمي السياسي والعسكري".
أما بخصوص أهمية نتائج الزيارة فيما يرتبط بملف حرب الإبادة الدموية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ 11 شهرا، والتي أودت بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني وشردت نحو 2.3 مليون فلسطيني في القطاع، قال الأشعل: "أتوقع أن يتم الاتفاق بين السيسي وأردوغان على أمور نظرية فقط".
وأكّد المتحدث نفسه، لـ"عربي21" أنه "معروف في السياسة الدولية أنه لا أحد يجرؤ على الاقتراب من إسرائيل، لأن أمريكا تمنع هذا الأمر تماما لأي حاكم، وبكل ما تملك من قوة".
وفي السياق ذاته، انتقد رئيس الوزراء التركي الأسبق وزعيم حزب "المستقبل" المعارض، أحمد داود أوغلو، تصريحات السيسي وأردوغان بشأن غزة، فيما طالبهما بتوجيه "رسائل قوية تحتوي على خطوات ملموسة، ضد هذه الإبادة الجماعية، وتحضر الصحافة العالمية الاجتماع لمتابعة هذه الرسائل، ويطرحون الأسئلة، والإجابات المقدمة سيكون لها صدى في الصحافة العالمية".
"تكتمل بإيران"
وأبدى الأشعل تفاؤله "باستكمال مسارات عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عقب هذه الزيارة، إلى وضع أفضل بكثير مما سبق".
إلى ذلك، أوضح المرشح الرئاسي المصري السابق لرئاسيات العام 2012: "أتمنى أن يقوم السيسي وأردوغان بعمل محور (إيران- تركيا- مصر)، وبالتالي يغلق الباب على السعودية ودول الخليج نحو التطبيع، ويلجأ لدول الحضارات والتاريخ في المنطقة للعمل سويا عبر الدول الإقليمية الكبيرة".
ويرى أنه "بالتالي يمكن للسيسي، بيع الوساطة لأمريكا بينها وبين إيران"، متوقعا أنه "لو أقدما على التفكير في هذا التوجه لعمل مثل هذا المحور أن يكون لدى إسرائيل الكثير من المخاوف، وسوف تعطي السيسي، ما يريد".
وأكد أن "هذه خطوة أراها مهمة جدا، وفي البرنامج الرئاسي لي خلال عام 2012، كان هذا المحور أحد نقاط برنامجي الرئاسي، ولو هناك أمل فإنّني سوف أقوم بتنفيذ هذا المحور".
وأشار الأكاديمي المصري وأستاذ العلاقات الدولية، إلى أن "الرئيس التركي لديه الكثير من الذكاء السياسي والخبرة الدولية، ويجب التعلم منه"، مشيدا بما أسماه "إدراك الرئيسان أن الجدل الشخصي لا فائدة منه، وتغليب مصالح البلدين ووضعهما فوق كل اعتبار".
وأضاف: "من الجيد أنهم أدركوا أن الخلاف حول ملف الانقلاب العسكري في مصر خلاف وقتي، وأنهما في السلطة وقتيين مهما بقيا في الحكم". وبخصوص ما يثار حول أن هدف زيارة السيسي اقتصادي في المقام الأول، تساءل الأشعل: "ولماذا لا يكون اقتصادي؟".
"خلال فترة القطيعة السابقة بين البلدين كانت هناك استثمارات تركية موجودة في مصر بلغت حوالي 3 مليارات دولار، وستزيد وفق جدول موضوع من الجانبين" أردف المتحدث نفسه لـ"عربي21".
كذلك، أعرب عن سعادته بالحضور الاقتصادي والاستثماري والصّناعي التركي في مصر، معربا عن أمنيته أن "يشمل الأمر استيراد السيارات التركية لتقليل سعر السيارات في مصر".
"ماذا عن المعتقلين؟"
وفي سياق الملفات الشائكة، في الداخل المصري، أعرب بعض أهالي المعتقلين السياسيين في مصر منذ عام 2013، ومن أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، عن آمالهم في أن يكون التقارب التركي المصري، يتبعه دور من الرئيس التركي، لحل أزمة أكثر من 60 ألف مصري معتقل.
سيدة ستينية مصرية، تقطن أحد أحياء جنوب العاصمة المصرية القديمة، كان زوجها مُعتقلا، وأفرج عنه لوضعه الصحي المتفاقم، ومازالت ابنتها الصغيرة وزوج ابنتها الكبرى مُعتقلين، قالت متسائلة في حديثها لـ"عربي21": "هل من الممكن أن يقوم الرئيس أردوغان، بالضغط على السيسي، لحل الأزمة".
وأضافت: "هل توقّع أحد السياسيين أو قال شيئا عن هذا الموضوع؟"، مؤكدة أن "المعتقلين دائما ما يطرحون مثل هذه الأسئلة، قائلين: أليس هناك بارقة أمل؟".
"أمنيات ومخاوف"
عبر مُختلف مواقع التواصل الاجتماعي، يقول عدد من المُعلّقين إن "ما تفعله تركيا ومصر يصب في صالح كافة الدول العربية"، معربين عن أمنياتهم بأن "تسعى الدول العربية كافة للتقارب والتعاون مع تركيا".
وتحدث البعض عن أمنيته بأن يُسفر لقاء السيسي أردوغان، في أنقرة، عن "الخير والصلاح والاستقرار للمنطقة والتعاون البناء"، لكن تلك الأمنية قابلتها مخاوف من أن ينتج عن اللقاء ما يضر بالمهاجرين المصريين على الأراضي التركية.
كم أتمني أن تجتمع الدولتان حول الخير والصلاح والاستقرار للمنطقه والتعاون البناء ..
ولكني اشك في ذلك
فهل ستبقي تركيا ارض احتواء لمن ضاقت عليه الأرض بما رحبت .
ام ستتغير استراتيجيتها في التعامل مع اللاجئين إليها من المعارضين للانقلاب العسكري السيساوي .
القادم سيحدد صفات التعاون . — gamal elwan (@elwan2311g5991) September 4, 2024 ما تفعله تركيا ومصر يصب في صالح كافة الدول العربية وأتمنى أن تسعى الدول العربية كافة للتقارب والتعاون مع تركيا. هذا فيه خير للجميع. أتمنى أن نرى وحدة كاملة بين تركيا والعرب. — Samih Shayya (@ShayyaSamih) September 4, 2024
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية كورونا المصري أردوغان تركيا مصر تركيا أردوغان كورونا السيسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیسی وأردوغان الرئیس الترکی الدول العربیة ترکیا ومصر العدید من فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
قلم الرئيس الذي يكتب لوحده | نخبرك ما نعرفه عن مزاعم ترامب بسرقة توقيع بايدن
هل تساءلت يوما عن الوقت الذي يمضيه الرؤساء في توقيع الأوراق الرسمية وغير الرسمية، أو دعوات العشاء، أو رسائل التهاني، أو عن الوقت الذي يحتاجه رئيس جامعة لتوقيع مئات شهادات التخرج؟
ورغم أن بعض التوقيعات تحمل رمزية في حالات الأوامر التنفيذية الهامة، أو الاتفاقات الدولية الكبيرة، إلا أنها في كثير من الأحيان تصبح عبئا على الشخصيات المهمة لا سيما الرؤساء، فكيف إذا كان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي آخر مظاهر الجدل حول معاركه مع سلفه بايدن، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء بفتح تحقيق للاشتباه بأنّ مستشارين لبايدن تستروا على الحالة العقلية المتدهورة لبايدن واستولوا على صلاحياته لتوقيع أوراق هامة.
ما اللافت في الأمر؟
يعتبر اتهام ترامب الأخطر من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، ويشكك في جميع القرارات التي اتخذها بايدن على مدار أربع سنوات.
وكان ترامب روج قبل أيام على منصته تروث سوشيال للنظرية القائلة بأن بايدن ليس إنسانا بل روبوتا مستنسخا.
أين المشكلة؟
اتهم ترامب المقربين من بايدن بالاستيلاء على توقيعه الخاص عبر نظام إلكتروني يسمى "أوتوبن" أو القلم الآلي، الذي يقوم بوضع توقيع الرئيس على الوثائق أتوماتيكيا.
ومن شأن ذلك إن ثبتت مزاعم ترامب أن يؤثر على قانونية وصحة العديد من القرارات التي صدرت بتوقيع سلفه الديمقراطي.
ما هو القلم الآلي؟
القلم الآلي جهاز يقوم بتقليد التوقيع بعد مسحه ضوئيا وتكراره بشكل دقيق ويستخدم لتوقيع الوثائق الكثيرة التي لا يستطيع الشخص العادي توقيعها مثل مئات شهادات التخرج في الجامعات التي تحمل توقيع رئيس الجامعة، على سبيل المثال.
هل يستخدمه الرؤساء الأمريكيون؟
نفى البيت الأبيض لسنوات طويلة استخدام القلم الآلي لوضع توقيع الرؤساء على الأوراق المهمة والقرارات التنفيذية، لكن هذا لا يعني بالضرورة عدم وجود جهاز مماثل في البيت الأبيض.
وتشير مؤسسة "شابيل للمخطوطات" إلى أن الرئيس الثالث وأحد مؤسسي البلاد، توماس جيفرسون اشترى أحد الأجهزة بعد فترة وجيزة من تسجيل براءة اختراعه عام 1803.
واستخدم الرئيس ليندون جونسون القلم الألي وسمح بتصويره لصالح صحيفة "ذي ناشونال إنكواير" إلى جانب مقال عام 1968 بعنوان "الروبوت الذي يحل محل الرئيس".
وزعم الكاتب تشارلز هاميلتون الذي ألف كتابا حول القلم الآلي أن اعتماد الرئيس جون إف. كينيدي على التوقيع الآلي جعل توقيعه الأصلي أندر التوقيعات الرئاسية، لكنه مزاعمه لم تثبت.
وخلال إدارة الرئيس جيرالد فورد، كان الرئيس والسيدة الأولى بيتي فورد يوقعان وثائق ومراسلات أخرى يدويًا، لكن موظفي البيت الأبيض كانوا يستخدمون القلم الآلي في كثير من الأحيان لإعادة إنتاج توقيعاتهم على الرسائل والصور.
وفي عام 2005، سأل الرئيس جورج دبليو بوش وزارة العدل عما إذا كان أمرا دستوريا استخدام القلم الآلي لتوقيع مشروع قانون، وخلصت الوزارة إلى أن "الرئيس ليس بحاجة إلى القيام شخصيا في وضع توقيعه على مشروع قانون يوافق عليه"، لكنه فضل رغم ذلك التوقيع على القرارات بنفسه.
في مايو/أيار 2011، وأثناء مشاركته في قمة مجموعة الثماني في فرنسا، أصبح باراك أوباما أول رئيس أمريكي يستخدم جهاز القلم الآلي عن بعد لتوقيع قانون "باتريوت آكت" الذي كان على وشك الانتهاء.
وفي نوفمبر من العام نفسه، وقع من إندونيسيا مشروع قانون للمخصصات باستخدام الجهاز ذاته. ثم عاد لاستخدامه مجددًا في عام 2013 من هاواي لتوقيع قانون "الهاوية المالية" قبل انقضاء المهلة المحددة.
هل استخدمه ترامب؟
نعم، استخدم ترامب القلم الآلي بنفسه، لكنه قال إنه يستخدمه لتوقيع الأوراق غير المهمة للغاية، مبررا ذلك بأنه يتلقى آلافا من الرسائل، مثل رسائل دعم الشباب، وأصحاب الأمراض، في إشارة إلى أنه يرد على آلاف الرسائل بتوقيع إلكتروني، لكن ليس الأوامر التنفيذية وأوامر العفو الرئاسية.
ماذا قالوا؟
◼ قالت الرئاسة الأمريكية إنّ ترامب كلّف محامي البيت الأبيض بالتحقيق بشأن ما إذا كان بعض الأفراد مارسوا صلاحيات الرئيس ومسؤولياته خلافا للدستور.
◼ قال ترامب إنه يتّضح بشكل متزايد أنّ مستشارين سابقين للرئيس بايدن استولوا على سلطة التوقيع الرئاسية من خلال استخدام نظام توقيع آلي، إنها مؤامرة وفضيحة خطيرة ومقلقة.
◼ قال بايدن: "أنا من اتّخذ القرارات خلال رئاستي. أنا من اتّخذ القرارات المتعلقة بالعفو والأوامر التنفيذية والتشريعات والإعلانات. أيُّ تلميح إلى أنّني لم أفعل ذلك هو أمر سخيف وكاذب".
◼ قالت شركة "أوتوبن" أشهر مصنعي آلات القلم الآلي إن أجهزتها مستخدمة بشكل واسع في الجامعات والوكالات الحكومية والمؤسسات الأخرى منذ أكثر من 60 عاما.
ماذا ننتظر؟
يبدو أن قضية ترامب ستنتهي قبل أن تبدأ وتهدف للإلهاء والهجوم على بايدن ليس أكثر وذلك لكون الدستور الأمريكي يقول إن العفو الرئاسي يصبح نافذا بمجرد أن يقبله الرئيس، ولا يوجد ما يشير إلى أنه يمكن التراجع عن أو إلغائه بعد صدوره.
ويقول أستاذ القانون الدستوري الأمريكي في جامعة بوسطن، جاي ويكسر، إن الدستور لا يشترط في الأصل أن يكون العفو مكتوبا، كما أنه لا يوجد أي اشتراط قانوني بأن يكون العفو موقعا من الأساس.
ويخول القانون الأمريكي الرئيس الأمريكي بالطلب من أي من موظفيه بوضع توقيعه على وثيقة معينة، أو في حالات أخرى "جهاز القلم الآلي".