ما أشقّ الكتابة عن تونس في وضعها الراهن، فكلما ظن المرء أن فكرة استوت في نصه ظهر له ما ينقضها فيعود إلى حيرته. في وضع عادي، تونس تستعد بعد أقل من شهر للذهاب إلى صناديق الاقتراع لتختار لها رئيسا، وهو أمر محمود لكنه لا يخرج من الورق، فالاختيار مضيّق إلى حد الاختناق، وتغيير الرئيس يصير أمنية مستحيلة.
من سيكون الرئيس بعد 6 تشرين الأول/ أكتوبر؟ قبل ذلك، هل سيتحمس الناس للذهاب إلى الصندوق، أم أن الأجواء السائدة سترفع مناسيب اليأس وينفض الناس عن الصندوق وعن السياسة ويستسلمون للسائد المدمر؟
التحليل الرغبوي يريحنا
لقد صار يقينا أن إسقاط الهيئة الانتخابية لثلاثة مرشحين حصلوا على حكم بات من المحكمة الإدارية كان خطوة جبارة لفسح الطريق لبقية المرشحين، وتسلل إلينا في هذا اليقين بعض الرغبة فكتبنا أن فسح الطريق سيكون أيضا لمرشح مجهول لم تستطع الهيئة إسقاطه، هو السيد الزمال.
هل يدخل هذا التنكيل من تدبيرها وهي ترتب من وراء ظهورنا للترويج لرئيس مظلوم، أم أنها تعلمنا أن تحليلاتنا العاطفية أو أمانينا لا أساس لها وأن ما نرغب فيه ليس هو ما سيجري على الأرض؟
هل يدخل هذا التنكيل من تدبيرها وهي ترتب من وراء ظهورنا للترويج لرئيس مظلوم، أم أنها تعلمنا أن تحليلاتنا العاطفية أو أمانينا لا أساس لها وأن ما نرغب فيه ليس هو ما سيجري على الأرض؟
إنها لصورة جميلة أن تكون القوة الصلبة وبالتحديد المؤسسة العسكرية من وراء التغيير، بهدوء وبلا دماء ولا فوضى مؤقتة أو دائمة. وهي صورة نحبها في الجيش لكن هل بنينا على وهْم، وأن المؤسسة ستكتفي بدور تقني بحث في الإشراف على الانتخابات كما اعتادت سابقا دون التأثير فيها من وراء ستار؟ فإذا سقطت هذه التحليلات/ الأماني ماذا يبقى لنا؟
أين القوى الدولية؟
في حالة الغرق التي تعسّر التنفس نتساءل عن خطاب القوى الدولية التي كانت تروج لنا، وأحيانا بواسطة أذرع محلية عن حرصها على رعاية ولادة ديمقراطية في تونس. كان ظهور هذه القوى في المشهد يثير حفيظة الناس فيستعيدون خطاب السيادة في مواجهة قوى الهيمنة، ويصل غضبنا إلى حد القول: دكتاتور محلي ولا حاكم تابع للغرب. ها قد جربنا التخريب الكامل ونرى المزيد منه يتهددنا، وتظلم السبورة أمامنا فنقول أين القوى الدولية لتساعد شعبا مضطهدا على التحرر؟ ألا تمارس ضغطا من أجلنا؟
ثم تعيدنا غزة إلى الحقيقة الفاجعة، إن القوى الدولية التي تدمر غزة برغبة عارمة في القتل لا تهتم لحال شعب بائس ساهم في صنع بؤسه بنفسه. وهذه القوى تعرف بالخصوص أن شعب هذا البلد مع غزة، لو كُتب له الانعتاق من قيوده (وفي التاريخ القريب شواهد) وما دام الوضع لم ينتج فوضى مزعجة تصل إلى حدود هذه القوى الجغرافية؛ فالأمر تحت السيطرة ويمكن كتابة أوراق عن أن الديمقراطية لم تخلق للعرب، وهذه عرفناها وتعودناها، بما يجعل سؤالنا أعلاه نوعا من حشرجة المذبوح.
لن يساعد شعب تونس أحد في أزمته السياسية الراهنة، بل نظن يقينا أن هناك من يراقب المشهد ويبتسم نكاية في شعب وصل إلى حريته وضيعها. هل نكتب تلك الجملة الوعظية السمجة: كل أزمة ستنتج حلولها من داخلها؟ يمكن أن نكتبها لكننا سنغفل الثمن المدفوع حتى الوصول إلى لحظة الوعي العام بأن الخلاص في الحرية والحفاظ عليها من كل ردة.
ثمن الحرية الغالي
حصلنا على خبر غير يقيني أن أوراق الانتخابات قد أُرسلت إلى المطبعة الرسمية وفيها ثلاثة أسماء، أي أن المرشح الزمال لا يزال رغم المطاردة في السباق. وهذا، رغم نقضنا للتحليل الرغبوي، يُبقي لنا ثقب إبرة لنخرج منه على رئيس جديد. لكن من يمكنه أن يحرّض المحبطين على الذهاب إلى الصندوق والمغامرة باسم شخص مجهول؟ هل يكفي التعاطف مع مظلوم ليصير رئيسا؟ لن نستمع للرجل في حملة انتخابية ولن نعرف فيما يفكر غير الجُمل التي قالها قبل سجنه وهي قليلة.
هناك في تونس من يفضل البقاء تحت ربقة الظلم على أن يكون هناك مناخ حرية يستفيد منه خصومه الوجوديون. لقد كانت هذه بوابة خراب تجربة تونس الديمقراطية، وهي لا تزال مفتوحة على المزيد من الخراب
فرصة كبيرة لتصويت عقابي تفتح على مجهول جديد وبتبرير معقول عند كثيرين؛ ليس أسوأ من القائم، ومهما ساء البديل فإنه لن ينزل بنا إلى أسفل من الدرك الحالي. وقد يقوم الناجح بالتعاطف بحركات تهدئة تنفس الأحقاد ليستقر له الأمر، لكن إذا لم يكن ما يتعرض له مسرحية (كما نرغب بلا شماتة) فإن احتمال التصويت له سيكون مخيفا، والقطاع الواسع من الناس الذي رفض المشاركة في تزكيات المترشحين سيخاف من التصويت، رغم أن خلوة الصندوق أكثر أمانا من التزكية المكشوفة بالهوية الشخصية.
هذا ثقب الإبرة الأخير الذي سيعلمنا -إن رغبنا في التعلم- أن كل هذا العناء هو ثمن حرية قدمتها لنا الثورة ففرطنا فيها، وأنه ثمن/ تسبقة أيضا لإعادة صعود ربوة الحرية بلا أظافر. غني عن التذكير أن هناك في تونس من يفضل البقاء تحت ربقة الظلم على أن يكون هناك مناخ حرية يستفيد منه خصومه الوجوديون. لقد كانت هذه بوابة خراب تجربة تونس الديمقراطية، وهي لا تزال مفتوحة على المزيد من الخراب.
ما زال على التونسيين دفع ثمن أعلى لتكون الحرية قيمة مشتركة بينهم توجه سلوكهم السياسي في المحطات المصيرية، ودرس انتخابات 2024 لن يكفي إلا بمعجزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس مرشحين الانتخابات ديمقراطية تونس انتخابات مرشحين ديمقراطية مقالات مقالات مقالات من هنا وهناك سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوى الدولیة من وراء
إقرأ أيضاً:
رابطة قدماء القوى المسلحة: المساعدات تبقى حلولًا موقتة
لفتت رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية في بيان، الى انه "في ظلّ المعاناة المستمرّة التي يعيشها المحاربون القدامى، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، تتابع الرابطة عن كثب تطوّرات ملفّ الرواتب والأجور المخصّصة للعسكريين المتقاعدين، وما رافق المنحة الأخيرة من أخذٍ وردّ وتوظيف إعلامي وسياسي، حوّل استحقاقات المتقاعدين إلى مادة في بازار المزايدات الشعبوية".
واشارت الى إنّ "المساعدات التي أُقرّت، رغم التقدير لأي جهد يُبذل في هذا الاتجاه، تبقى حلولًا مؤقتة لا ترقى بأيّ شكل إلى مستوى العدالة أو الكرامة. فهي لم تترافق مع إجراءات جدّية لضبط الأسعار أو كبح الغلاء والاحتكار، بل إنّ غياب الرقابة واستمرار الفوضى في السوق، لا سيما مع فرض الضرائب والرسوم، يجعل من هذه المساعدات غير كافية حتى لتسديد تلك الأعباء المالية".
وذكّرت "بأنّها قدّمت ورقة واضحة إلى دولة رئيس الحكومة، تتضمّن مطلبًا جوهريًا يتمثّل في تصحيح المعاشات تدريجيًا لتصل إلى ما لا يقل عن ٥٠٪ من قيمتها الفعلية ما قبل عام ٢٠١٩، وبالدولار الأميركي، وذلك قبل نهاية العام الحالي. إنّ المحاربين القدامى في كل دول العالم يُكرَّمون ويُمنحون امتيازات تليق بتضحياتهم. أمّا في لبنان، فيُهانون وتُهدر حقوقهم، ويُتعامَل معهم كعبء بدلًا من اعتبارهم ركناً أساسياً في صون الكيان الوطني والأمن العام".
واكدت "رفض الاكتفاء بالمساعدات الظرفية التي لا تعالج أصل المشكلة ولا توفّر حلاً مستدامًا. ضرورة الالتزام بتنفيذ ما ورد في الورقة المقدّمة إلى دولة رئيس الحكومة، باعتبارها الحدّ الأدنى المقبول لتحقيق العدالة الاجتماعية، على أن تتبعها خطوات لاحقة تعيد المعاشات إلى ما كانت عليه. التأكيد على أنّ المحاربين القدامى ليسوا مواطنين من درجة ثانية، بل هم من صنعوا الاستقرار بعرقهم ودمائهم، ومن حقّهم أن يعيشوا بكرامة. دعوة الحكومة والجهات المختصّة إلى التوقّف عن المعالجات الترقيعية، والانخراط في خطة شاملة تُنصف المتقاعدين، عسكريين ومدنيين، على حدّ سواء. المطالبة مجدّدًا بإقرار إعفاءات وتخفيضات في الرسوم والضرائب على اختلاف أنواعها ، بما يتماشى مع ما هو معمول به في الدول التي تحترم محاربيها القدامى.
وشددت على انّ "كرامة المتقاعد العسكري ليست محلّ مساومة، وحقوقه ليست قابلة للتفاوض أو الاستخدام في بازار السياسة. هذه الحقوق لا تُقاس بالمساعدات الظرفية، بل بالإنصاف المستدام. والرابطة، إذ تؤكّد التزامها الكامل بقضية المحاربين القدامى، لن تتراجع عن المطالبة بحقوق كلّ من خدم لبنان وذاد عنه". مواضيع ذات صلة رابطة قدماء القوى المسلحة هنأت قوى الامن بعيدها Lebanon 24 رابطة قدماء القوى المسلحة هنأت قوى الامن بعيدها 31/07/2025 10:14:34 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 اجتماع في مقر رابطة قدماء القوى المسلحة.. هذا هو المطلب Lebanon 24 اجتماع في مقر رابطة قدماء القوى المسلحة.. هذا هو المطلب
31/07/2025 10:14:34 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 خامنئي: قواتنا المسلحة ستتعامل بقوة وستجعل الكيان الصهيوني الخبيث في حال يرثى لها Lebanon 24 خامنئي: قواتنا المسلحة ستتعامل بقوة وستجعل الكيان الصهيوني الخبيث في حال يرثى لها
31/07/2025 10:14:34 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 "إنماء طرابلس والميناء" هنأت قوى الأمن بعيدها: كانت وستبقى أحد مداميك لبنان القوي Lebanon 24 "إنماء طرابلس والميناء" هنأت قوى الأمن بعيدها: كانت وستبقى أحد مداميك لبنان القوي
31/07/2025 10:14:34 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
تصعيد قبل جلسة الحكومة او بعدها؟
Lebanon 24 تصعيد قبل جلسة الحكومة او بعدها؟
10:00 | 2025-07-31 31/07/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان تحت رحمة "مافيا" الصهاريج.. أزمة المياه تستنزف جيوب المواطنين
Lebanon 24 لبنان تحت رحمة "مافيا" الصهاريج.. أزمة المياه تستنزف جيوب المواطنين
09:30 | 2025-07-31 31/07/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 كلمة إلى رئيس الجمهورية قبل كلمته في عيد الجيش
Lebanon 24 كلمة إلى رئيس الجمهورية قبل كلمته في عيد الجيش
09:00 | 2025-07-31 31/07/2025 09:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس عون: المرحلة مصيرية.. ويجب تنفيذ حصرية السلاح بكل مسؤولية
Lebanon 24 الرئيس عون: المرحلة مصيرية.. ويجب تنفيذ حصرية السلاح بكل مسؤولية
09:59 | 2025-07-31 31/07/2025 09:59:35 Lebanon 24 Lebanon 24 نادي قضاة لبنان: استقلالية القضاء لا تزال بعيدة المنال
Lebanon 24 نادي قضاة لبنان: استقلالية القضاء لا تزال بعيدة المنال
09:58 | 2025-07-31 31/07/2025 09:58:22 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
بعد انتهاء تقبل التعازي بوفاة زياد الرحباني.. موقف لافت من ريما الرحباني: "خلصِت التمثيلية"
Lebanon 24 بعد انتهاء تقبل التعازي بوفاة زياد الرحباني.. موقف لافت من ريما الرحباني: "خلصِت التمثيلية"
08:29 | 2025-07-31 31/07/2025 08:29:18 Lebanon 24 Lebanon 24 لهذا السبب ارتفعت فاتورة الكهرباء
Lebanon 24 لهذا السبب ارتفعت فاتورة الكهرباء
14:40 | 2025-07-30 30/07/2025 02:40:22 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصور.. هذا ما حصل داخل الضاحية
Lebanon 24 بالصور.. هذا ما حصل داخل الضاحية
18:23 | 2025-07-30 30/07/2025 06:23:58 Lebanon 24 Lebanon 24 معلومات.. "سوق سوداء" جديدة في لبنان!
Lebanon 24 معلومات.. "سوق سوداء" جديدة في لبنان!
21:39 | 2025-07-30 30/07/2025 09:39:29 Lebanon 24 Lebanon 24 في هذا التاريخ... مذكرة بإقفال الإدارات والمؤسسات العامة
Lebanon 24 في هذا التاريخ... مذكرة بإقفال الإدارات والمؤسسات العامة
14:27 | 2025-07-30 30/07/2025 02:27:53 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
10:00 | 2025-07-31 تصعيد قبل جلسة الحكومة او بعدها؟ 09:30 | 2025-07-31 لبنان تحت رحمة "مافيا" الصهاريج.. أزمة المياه تستنزف جيوب المواطنين 09:00 | 2025-07-31 كلمة إلى رئيس الجمهورية قبل كلمته في عيد الجيش 09:59 | 2025-07-31 الرئيس عون: المرحلة مصيرية.. ويجب تنفيذ حصرية السلاح بكل مسؤولية 09:58 | 2025-07-31 نادي قضاة لبنان: استقلالية القضاء لا تزال بعيدة المنال 09:57 | 2025-07-31 بري عشية عيد الجيش: هو الرهان ومحط آمال اللبنانيين في الأمن والدفاع عن الارض فيديو انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
09:31 | 2025-07-30 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
08:32 | 2025-07-30 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا!
Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا!
19:35 | 2025-07-29 31/07/2025 10:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24