طيف أول :
جاءت الحرب مع كل هزيع تجثم على حقول النبض تؤتي خفقها وجعاً ليستبيح أرواح وحرية الأبرياء!!
لكن سيُنزع الغِل والحقد على هذا الوطن لطالم أن قلوب شعبه تنشد السلام
ويعلن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إستعداده للتوسط في الصراع الدائر في السودان، في حال رغبة وإنفتاح الجيش والدعم السريع في الحوار، داعيا الطرفين الي وقف إطلاق النار وتسليم السلطة للشعب السوداني
ومعلوم أن الرئيس الأوغندي فشل من قبل في جمع قادة طرفي الحرب في السودان ، في الدعوة التي قدمها الإتحاد الأفريقي والتي تطالب بتشكيل لجنة رئاسية، يقودها الرئيس الأوغندي، وعضوية عدد من رؤساء وقادة الدول، لتسهيل اللقاءات المباشرة بينهما ، وباءت بالفشل في يونيو 2023 لعدم إستجابتهما
حتى عندما زارالبرهان أوغندا بعد الدعوة بثلاثة أشهر والتي كانت ضمن جولة افريقية، لم يكن لها أي تأثير لاعلى الساحة السياسية ولا العسكرية
لذلك فإن دعوة موسفيني لعقد لقاء، يضم البرهان بقائد الدعم السريع قد لا تجد إستجابة من كلا الطرفين ومن المرجح ان الاثنين سيعتذرا عنها ولو ان طرفا واحد استجاب فلن تكون ثمة قيمة للموافقة الآحادية
حتى موسيفيني من خلال إجتماعه مع مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان في قصر الرئاسة في عنتيبي لم يكن واثقا من نجاح دعوته وقال (أنا مستعد للتوسط في الصراع إذا وافقوا على ذلك)
وقد تكون هناك عدة أسباب تحول دون نجاح هذه القمة
أولها أن ملف الحلول السياسية للأزمة السودانية دوليا هذه المرة لاعلاقة له مباشرة بالبيت الافريقي فالاتحاد الافريقي ومنظمة الايغاد كلاهما غير ممسك بخيوط الحل الذي حصرته الوساطة بين اثنين امريكا والمملكة العربية السعودية حتى عندما ارادت ان تضيف دول أخرى الي طاولة الحل، حجزت لها مقعد المراقب فالإتحاد والايغاد منذ، بداية الحرب تم حصرهما في زاوية ثانوية لعب كل واحد منهما في خانة مساعد للوساطة، وهذا منذ بداية الأزمة التخطيط الذي يوضح أن الدور الافريقي هو دورثانوي داعم لخطة الوساطة وليس صانع خطة
فالقضية السودانية وضعت امريكا عليها يدها وتبنت الدور الرئيس دون منافس واستغلت علاقاتها بالدول المؤثرة على السودان لدعم الخطوة فقط، وهذا السر الذي جعل الدول الأفريقية لاتقوم بدورها كاملا او تبحث عن الحل في وقت مبكر، الأمر الذي ظنه البرهان تخاذل وتقاعس ولكنها قامت بدورها في ماطُلب منها وهو دعم وقف الحرب ومنبر التفاوض بجدة بكل السبل والآليات والكف عن اقامة منابر موازية
ثاني الأسباب التي قد تحول هذه القمة من نافذة للإختراق الي خطوة داعمة للحل فقط هو أن الاتحاد الافريقي قد يكون قصد بذلك الربت على كتف الفريق البرهان وحكومته بعد ان ألقى الجنرال باللوم على الدول الافريقية التي يراها أنها لم تقم بدورها جيدا تجاه بلاده وهي كذلك لأن الدور الحقيقي ليس من مهامها، لذلك قد تكون الدعوة لتحسين صورة القادة الأفارقة لتصحيح المفهوم الذي يسيطر على قادة الجيش السوداني
ثالث الأسباب ان هذه الدعوة قدمها موسيفني قبل عام ولم يستجب احد في وقت كانت كل الظروف متاحة للإستجابة سيما أن المناخ كان حواريا خالصا يتحرك فيه القادة وقتها ذهابا وإيابا بحثا عن السلام بشهية مفتوحة لوقف الحرب عكس الآن ففي هذا الوقت يظن رجال حول البرهان ان النصر قريب وان التمرد بعيونهم تلاشى وهُزم فهذه الحقيقة حتى ولم لم تكن ماثلة على الارض لكنهم يصدقونها
رابع الأسباب ان سيطرة الإسلاميين في هذه الايام على قرار الجيش أقوى من أي وقت مضى فخطتهم الآن فرض حكومة واقع وحكم البلاد على حالتها الراهنة فمركز القرار الذي يقع الآن تحت سيطرة ابراهيم محمود في بورتسودان لن يسمح للبرهان آنيا بهذه الخطوة
وآخر الأسباب أن المجتمع الدولي تجاوز منطقة ( الجودية) وحصر الحلول في طريقين إما الذهاب الي جدة او تدخل عسكري مباشر وهذا مايجعل القمة هدفها في المقام الأول تقديم النصح فقط والطلب من الطرفين للجلوس الي التفاوض، لذلك قال العمامرة : ( إنني أكدت للرئيس الأوغندي أهمية التنسيق والتكامل بين كل المبادرات الساعية للسلام في السودان).
لهذا وإن رفض الطرفان فإن الاتحاد الافريقي يكون قصد أن يبرئ ساحته من وزر التدخل العسكري في السودان بأنه قدم الدعوة للتفاوض في آخر لحظة فإن لن تتم الإستجابة، فهو لن يستطيع درء هذا القرار الذي يطرحه الغرب ان أصبح واقعا كحل بديل للتفاوض وهذا يعني إنه وإن استجاب الجنرالان للدعوة فأوغندا ليست هي المنصة التي يخرج منها قرار وقف الحرب في السودان بدليل إن حتى الدعوة جاءت بطلب وتشاور مع العمامرة ولم تأت من موسفيني من تلقاء نفسه!!
فهي محاولة ليست هدفها الوصول لحل مباشر ولكنها قد تدفع بهما الي دائرة الخيار المناسب الذي يجنبهم الشرور .
طيف اخير :
#لا_للحرب
فرض عقوبات أمريكية على القوني الذي يشتري السلاح غير كافٍ، لأنه أغفل محاسبة الطرف الذي يبيع له السلاح!!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
بين التعطيل والتفعيل.. ماذا تعرف عن اتفاق جوبا؟
في ذكرى تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، كشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار عن مساعٍ لإحياء تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، رغم التعقيدات الناجمة عن الحرب المستمرة، والتي تهدد – حسب وصفه – وجود الدولة السودانية نفسها.
وقال عقار في خطابه بالمناسبة إن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع خلقت واقعًا جديدًا "حال دون تنفيذ الاتفاق بصورة كاملة"، مشيرًا إلى أن بعض البنود شهدت تقدمًا محدودًا، بينما بقيت أخرى دون تنفيذ.
اتفاق جوبا.. آمال سلام اصطدمت بواقع الحرب
اتفاق جوبا للسلام، الذي وُصف بالتاريخي، وُقع في 31 أغسطس 2020 بعاصمة جنوب السودان، بين الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك والجبهة الثورية السودانية، والتي تضم خمس حركات مسلحة بارزة، أبرزها: حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، والحركة الشعبية – شمال.
وشكّل الاتفاق بارقة أمل بعد سنوات طويلة من الحروب الأهلية التي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص وشردت ما يزيد على 2.5 مليون مواطن، خاصة في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وشهدت جوبا، في 3 أكتوبر 2020، مراسم التوقيع النهائي بحضور قادة إقليميين وممثلين دوليين، من بينهم رؤساء تشاد والصومال وجيبوتي، ورئيسا وزراء مصر وإثيوبيا، بالإضافة إلى ممثلين عن الإمارات والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تفاصيل الاتفاق: بنود طموحة تصطدم بواقع هش
اتفاق جوبا تضمن ثمانية بروتوكولات رئيسية، من أبرزها:
إعادة هيكلة القوات الأمنية والجيش، ودمج الحركات المسلحة.
تحقيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر.
إعادة توزيع الثروة والسلطة، خاصة في مناطق النزاع.
معالجة قضايا النازحين واللاجئين.
حل أزمة الحواكير (ملكية الأراضي القبلية).
كما نصّ الاتفاق على منح ممثلي الحركات المسلحة مناصب في مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية، ضمن ترتيبات تقاسم السلطة.
الحرب تضع الاتفاق على المحك
اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 أدى إلى تجميد معظم بنود الاتفاق، وأعاد ترتيب أولويات الفاعلين السياسيين والعسكريين. ووفقًا لمراقبين، فإن تنفيذ الاتفاق بات رهينًا بانتهاء النزاع المسلح وتوافق الأطراف المتحاربة على خارطة طريق شاملة تشمل السلام.
وفي هذا السياق، أكد مالك عقار أن محاولات تجري الآن لإحياء الاتفاق "ضمن معادلة تراعي واقع الحرب وتهديد بقاء الدولة"، وهو ما يشير إلى اتجاه جديد لإعادة تأطير الاتفاق بما يتناسب مع المرحلة الحالية.
الدعم الدولي: "يونتامس" ودور محدود
في يونيو 2020، تبنى مجلس الأمن قرارًا بإنشاء بعثة أممية خاصة تحت اسم "يونتامس"، لتقديم الدعم للحكومة الانتقالية وتنفيذ اتفاقات السلام، وحماية المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. إلا أن محدودية صلاحيات البعثة، وضعف التمويل الدولي، وتدهور الأوضاع الأمنية، قلّص من أثر هذه الجهود على الأرض.
في النهاية بين بنود لم تُنفذ، ووضع ميداني متقلب، وتحالفات تتبدل، يبدو أن اتفاق جوبا للسلام قد دخل مرحلة حرجة تتطلب مراجعة شاملة، لا لإلغائه، بل لإعادة إحيائه بما يتناسب مع السودان الجديد ما بعد الحرب.
تصريحات مالك عقار تحمل مؤشرًا إلى ذلك، لكنها وحدها لا تكفي، ما لم تتوفر الإرادة السياسية الجامعة، وتُكثّف الجهود الإقليمية والدولية لإنقاذ ما تبقى من مسارات السلام.