لجريدة عمان:
2025-05-12@21:21:02 GMT

الجسد يتذكر .. والضمير حي

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

يظن الناس أن عليهم أن يُذكروا أنفسهم باستمرار: "لا تعتد المشهد". هيهات أن يعتادوه. هم وإن تركوا الأخبار ليوم، تحمل أجسادهم القلق، والهم، والألم، حتى وإن لم يدركوا. يقولون إنهم مكتئبون، ويقولون إنهم لا يدرون السبب؛ لأنه ولكثرة ما قيل لنا أن كل امرأ لنفسه، لا نكاد نصدق ما في قلوبنا من خير. ولكثرة ما قيل لنا أن كل شيء يعدي، لا نصدق أننا لن نعود أبداً كما كنّا.

بالرغم من أن الأخبار من العالم تنقل لنا بشكل يومي، قصص أولئك الذين يعترضون بأكثر الطرق إيثاراً وشجاعة. الذين يعتصمون موقنين أن مصيرهم الاعتقال، الذين يعترضون على شرَاكات الشرِكات التي يعملون بها فيُفصلون. الذين يصبون ليترات الغزولين على أجسادهم ويضرمون فيها النار.

لا يتغير شيء، ليس لأن البعض اعتاد، بل لأن من وقفوا في صف كل استعمار، مازلوا يصطفون مع آخر مستعمر، ومن ارتكبوا الإبادات، يمولون الإبادة الموثقة، ومن بنوا حضارتهم على أجساد أسلافنا، يُكملون دائرة الاستغلال دون كلل، ودون مساءلة.

ما أغرب الحديث عن اعتياد المشهد، ومصير الغزاويين لم يُحدد بعد، والضاحية تُحال رماداً، والمهاجرون السوريون يعبرون على أرجلهم إلى الجحيم الذي فروا منه، بعد أن قُصف الطريق الوحيد الذي يضمن نجاتهم. يعز على غرور الصهيوني أن يكون للعربي قول حتى في مسألة فراره.

نتحدث مع أصدقائنا عن شعور الخيانة ونحن نواصل الذهاب إلى أعمالنا. نُضرب حين يُعلن الإضراب، ونتساءل ماذا لو امتد أكثر، ماذا لو امتد حتى ننجح في أن نشل الحياة، لكن هذا لا يحدث أبداً. الطرق المتبقية للجهاد قليلة. أحياناً ننجح في إقناع أنفسنا بأن ما نفعله رغم ضآلته ضروري. ولابد أن يستمر. وأنه قد لا يُصبح بعمره أكثر من ضئيل، مع ذلك، لابد أن يستمر. مهما منحنا النظام الضخم الذي لا يتزعزع، شعوراً مفزعاً وقاطعاً بأنه غير قابل للتغيير. إنه يتغير.. ببطء يتغير. مع كل مساحة تُشغل بالحديث عن القضية بدل أن تُشغل بغيرها. مع كل محاولة في بيئة العمل باستبدال الخدمات الداعمة للكيان. مع كل بحث خارج المصادر الانجلو-أوروبية. أحياناً ننجح في بث الأمل في أنفسنا. أحياناً لا نعرف كيف نُقاوم العجز.

عصر العلم جاء بمحاولات لمنطقة وشرح كل ظاهرة إنسانية عنوة. ثمة تيارات من الأفكار مخصصة لتكريس أننا كائنات أنانية، أننا نُراعي مصالحنا، أننا ننتصر لقرابة الجين، لكن كل هذه النظريات التي تضمها المجلدات الصقيلة تتساقط أمام أمهات الشهداء، أمام المقاومين، أمام كلمات والد ماهر الجازي فخوراً بما ربى، وهو يُصرّ أن كل من يُشاهد المجازر سيفعل ما فعله ابنه "لو يصحلّه". ومغزى كلامه أن الفعل البطولي لابنه جاء لأن الظروف توفرت له ليفعل ذلك، وأما إذا ما تحدثنا عن الحافز، فتجد كل حر في العالم متوثب، راغب، ومستعد.

والآن لنتحدث عنّا. عمن لا يصح لهم. عمّن لا تشمل مواهبهم لا تصنيع السلاح ولا حمله، لا تقطيب الأعين ولا زراعة الأطراف. صحيح أننا لن ننجح في فعل الكثير. لكننا لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن نيأس. اليأس ليس خياراً. سنبقى نُشاكس بالقليل الذي نملك. باقون، ومقالاتنا التافه باقية. لن نرتاح، ولن نتوقف عن الكلام. وسنُخضع للمراجعة كل ما كُتب عن الإنسان، وكل ما قيل عن السياسة، وكل التعميمات عن الحقيقة، عن الإيمان، عن الشرور، مراعاة المصالح، وقوة البقاء. وسندفع بحدود الاعتراض، ونستمر في التجاوز بصبر لا حد له. ثمة شيء سحري في الإنسان، أقوى من المادة، يجعل الفكرة تخترق الأجواء، وتثقب الدروع، وتقهقر الجيوش.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ننجح فی

إقرأ أيضاً:

" ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)

*٢٣اكتوبر١٩٥٤م أنتجت مصر أول (طلْقة) وازدهرت الصناعة الحربية ما بين صناعة الدبابات والطائرات والصواريخ والمعدات الثقيلة.

* نشبت حربٌ أهلية عقب ثورة اليمن ١٩٦٢م وبناء على طلب الثوار و( بقرار لم ينفرد به عبد الناصر) أرسَلَت مصر بعض القوات ١٩٦٢م لمناصرتهم وعادت ١٩٦٧م)، وكان من نتائج الحرب خروج القاعدة البريطانية من " عدن" ١٩٧١م مِمَّا أتاح لمصر اتفاقها مع اليمن علي إغلاق مضيق "باب المندب" أمام إسرائيل أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣م. (يعتبر المَضيق شريان الحياة لقناة السويس).

* كانت نكْسَة ١٩٦٧م نقطةَ انطلاقٍ جديدة لإعداد الجيش بإقامة المنشآت العسكرية التعليمية المتطوِّرة لتأهيل الأفراد (ضباطا وجنودا)على أعلى مستوى من الدراسة واستخدام أحدث الأسلحة والمُعِدَّات الحربية.

* ومن حنكة "عبد الناصر" العسكرية والسياسية خِداع العدو لكسب الوقت بموافقته على مبادرة "روجرز" الأمريكية ١٩٧٠م لوقف القتال مع العدو٩٠ يوماً، استغلها عبد الناصر في استكمال حائط الصواريخ بامتداد الجبهة والذي منع طيران العدو من اختراق العُمْق المصري بعد غاراته التي ردَّ بها على الضربات المصرية المُوجِعة خلال حرب الاستنزاف، فكان حائط الصواريخ من أهم عوامل نجاح عبور الجيش ١٩٧٣م والذي لم يُستَغَل على وجه أفضل لاسترداد (كل) الأرض العربية بلا تنازلات.

* فبراير١٩٩٢م أصبحت أكاديمية "ناصر" تضم: ( كلية الحرب العليا- كلية الدفاع الوطني- مركز الدراسات الإستراتيجية) لتأهيل وتنمية قدرات كبار الضباط. وكذلك تأهيل وتنمية قدرات ومهارات كبار العاملين المدنيين بالدولة لتولي المناصب القيادية.

* "عبد الناصر" لم يكن زعيماً أو رئيساً مهيباً ثائراً فَحَسْب بل رمزاً وطنياً وتاريخاً خالداً في ذاكرة مَنْ يرفعون صورته (فخراً واستلهاماً) في المناسبات الوطنية، ويُدرِكون عُمْقَ فِكره السياسي والعسكري، وقيمة مشروعاته الإنسانية والاجتماعية كمِظلَّةٍ للبُسَطاء والمُهَمَّشين.

*"جمال عبد الناصر" أُطلِقَ اسمه على أحد أهم شوارع "موسكو"، وأقيمت له تماثيل وميادين في العواصم العربية والإفريقية التي ساعد في تَحَرُّرِها من الاستعمار.

* ١٩٥٩م أصدر "عبد الناصر" قراره (٨١٥) بإنشاء مدينة بالصحراء المتاخِمة للعباسية ضِمن مشروع التَّوسُّع العمراني، واقتَرَحَتْ الوزارة إطلاق اسم "ناصر" علي المدينة الجديدة لكنه رفض الاقتراح وطلب تسميتها مدينة (نصر) باعتبارها نصراً لمشروعات الثورة العمرانية.

* وعَقِبْ وفاته أراد الرئيس " السادات" أن يُظْهِر وفاءه لعبد الناصر، وأنه سيكمل مسيرته، فأطلق اسمه على كُلِّ ما عُرِفَ باسم "ناصر" (بحيرة ناصر، استاد ناصر، معهد ناصر، أكاديمية ناصر.. الخ ) وقال جُمْلَته الشهيرة "كُلُّنا جمال عبد الناصر".

مقالات مشابهة

  • تعرّف على عازفي الكمان الذين تصدّروا المسرح في أول طبعة من مسابقة أوليمبوس للكمان الكلاسيكي في دبي
  • تعرف على إجمالي الأسرى الذين تمكنت إسرائيل من استعادتهم من غزة
  • بوتين يشيد بجنود كوريا الشمالية الذين قاتلوا مع روسيا
  • البترول: سنتواصل مع الذين تقدموا بشكاوى بسبب البنزين لتعويضهم
  • الاحتلال مصدوم.. صواريخ اليمن تؤكد أننا لم ننتصر  
  • " ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)
  • «رئيس اتحاد المستثمرين»: التسهيلات الضريبية فكر جديد يثق في القطاع الخاص وقدرته على تنشيط الاقتصاد
  • 20 ألف ريال غرامة لحاملي تأشيرات الزيارة الذين يحاولون دخول مكة والمشاعر المقدسة
  • تدريبات استشفائية للاعبي الزمالك الذين بمواجهة سيراميكا كليوباترا
  • “الذين تركوا الدّراسة لأسباب مختلفة”.. تدشين حملة العودة للمدارس بمحليّة المتمّة