صعّدت اسرائيل ليلا عدوانها على لبنان في رد واضح على الموقف الذي تبلغه الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين من المسؤولين اللبنانيين بأن الاولوية لوقف اطلاق النار قبل البحث بأي امر آخر، وبأن لبنان لن يكرر التجربة التي حصلت اثناء وجود الوفد اللبناني في اجتماعات مجلس الامن في نيويورك حين ابدى ترحيبه بالبيان الاميركي الفرنسي المدعوم دوليا وعربيا فيما انقلبت اسرائيل عليه، بحسب ما قالت اوساط حكومية.

وتفيد اوساط معنية ان محادثات هوكشتاين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي  جرت في أجواء هادئة حيث عرض الجانب اللبناني  صورة الوضع في ظل الاعتداءات الاسرائيلية والمنحى التدميري الذي تنتهجه اسرائيل للقرى والمدن اللبنانية واستهدافها الإجرامي للمدنيين، وخلص إلى التأكيد على موقف لبنان لناحية أولوية وقف اطلاق النار فوراً، والالتزام الكلي بالقرار 1701 وتطبيقه بكلّ مندرجاته".
وتشدد الاوساط على "أن لا صحة لكلّ ما يشاع من طروحات واشتراطات او تجاوز القرار 1701 "مشددة" على ان هوكشتاين لم يقارب القرار 1559 من قريب او بعيد، ولم يطرح تعديل القرار 1701 بل كان مهتماً بالتوصل الى آلية تنفيذية لتطبيقه، باعتباره مرتكزاً للحلّ الذي ينبغي بلوغه في القريب العاجل.
من هنا جاء قوله انّه لا يكفي الالتزام بالقرار بل المطلوب تطبيقه، مع إيلاء الثقة بالجيش اللبناني، وضرورة دعمه للقيام بمهمّة الانتشار الواسع في المنطقة الجنوبية، ولاسيما في منطقة عمل قوات "اليونيفيل".
واكّدت المصادر "انّ هوكشتاين لم يأتِ على ذكر تعديل مهام القوات الدولية لناحية إخضاع مهمتها للفصل السابع. كما لم يأتِ على ذكر اي إجراء من الجانب الاسرائيلي".
ورجحت المعلومات ان يكون هوكشتاين قد غادر لبنان الى اسرائيل لينضم الى وزير الخارجية انتوني بلينكن الذي يصل الى تل ابيب اليوم للقاء رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لمناقشة سبل وقف اطلاق النار في لبنان وغزة والمرحلة المقبلة.
ووفقا للمعلومات، فان الرئيس نبيه بري اودع المبعوث الاميركي مجموعة افكار تنفيذية منسقة مسبقا مع رئيس الحكومة، وقد سمع المبعوث الاميركي من بري وميقاتي موقفا موحدا بعدم تقديم اي اجوبة نهائية وحاسمة، قبل الحصول على موقف واضح من اسرائيل حيال المقترحات الراهنة بما فيها وقف النار.
‎وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكد في لقائه مع هوكشتاين "انّ الاولوية لوقف اطلاق النار والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701 ، لكونه الركيزة الأساسية للاستقرار في المنطقة" مشيراً الى انّ "الجهود الديبلوماسية ناشطة للتوصل الى وقف لاطلاق النار"، فيما شدّد هوكشتاين على "انّ المساعي الديبلوماسية لا تزال قائمة وجدّية، ونحن نعمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الفترة المقبلة. وندعم التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701 ، وعلى كل الاطراف العمل على التوصّل الى صيغة تفاهم حيال كيفية تطبيق القرار ".
وكشف هوكشتاين أن "أميركا تريد إنهاء هذه المواجهة وهذا النزاع بأسرع وقت ممكن وأننا نعمل مع الحكومة اللبنانية ومع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى صيغة تضع حداً لهذا النزاع ولينتهي النزاع نهائيا". وقال: "التزامنا هو أن نحل هذا النزاع استناداّ وبناءً للقرار 1701، أستطيع أن أجري المحادثات ليس حول تغيير 1701، فالقرار هو ما هو، وهذا ما نتطلع إليه كأساس لوضع حد لهذا النزاع، ولكن ما يجب القيام به بالإضافة الى ذلك، التأكد من تطبيقه وتنفيذه بطريقة عادلة ودقيقة وشفافة، وأعتقد أن ذلك يأتي من الثقة التي يجب أن تعطيها الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية للشعوب على جانبي الحدود، وأيضاً المجتمع الدولي".



المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف اطلاق النار رئیس الحکومة القرار 1701

إقرأ أيضاً:

لا تلعبوا بالنار

 

مدرين المكتومية

خلال الأيام الماضية، عاشت منطقتنا لحظات عصيبة، لحظات امتزج فيها الخوف المشوب بالرعب مع الدهشة المُفزِعة تجاه كل ما يجري من حولنا، لحظات كان من الوارد للغاية أن تخرج الأوضاع عن السيطرة وينفجر الصراع فيقضي على الأخضر واليابس، ويضعنا أمام مصير محتوم، لم يكن لينجو منه أحد!

أكتب هذه السطور، وقد التقط العالم أنفاسه، وتنفس الصعداء، وشعر نسبيًا بالاطمئنان، على أنَّ المنطقة ابتعدت قليلًا عن حافة الهاوية التي لا قرار لها، وانقشعت سُحب الغبار النووي التي لربما كانت قاب قوسين أو أدنى من منطقة الشرق الأوسط برمتها، وتلاشت سيناريوهات الدمار الشامل. فبعد أن اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا غير مسبوق بضرب المفاعلات النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات، ومن قبلها الهجمات المُتبادلة بين إيران وإسرائيل، أسدل الستار على هذا الرعب الإقليمي، بهجوم إيراني لا مثيل له على قاعدة العديد الأمريكية الجوية في دولة قطر الشقيقة، وعاش الشعب القطري الشقيق ساعات عصيبة من القلق والخوف والتوتر، وتلبدت سماء الخليج بنيران الصواريخ الباليستية والصواريخ الاعتراضية، واقتربت المنطقة أكثر وأكثر من فوهة البركان، الذي لو كان انفجر، لتسبب في محو معالم الحياة بالمنطقة، لا قدَّر الله.

ولا ريب أنَّ ما تعرضت له المنطقة خلال 12 يومًا من الحرب بين إيران وإسرائيل، قد علمنا الكثير من الدروس والحكم، وأثبت لنا مدى الحكمة التي أرسى دعائمها السلطان الراحل قابوس بن سعيد، من حيث تبني الحوار والدبلوماسية لحل أي خلافات، وعدم التَّدخل في شؤون الدول، والأهم من ذلك ترسيخ مبدأ "الحياد الإيجابي"، وهي جوهرة تاج الدبلوماسية العُمانية، والتي واصل السير على نهجها بكل اقتدار وحنكة مُنقطعة النظير حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه؛ حيث سعت عُمان منذ اللحظة الأولى لهذا الصراع العبثي في المنطقة، لنزع فتيل الأزمات، ورأب الصدع، والعمل على إرساء السلام والاستقرار، بما يضمن حفظ المكتسبات الوطنية في كل دولة من دول إقليمنا الذي فيما يبدو كُتِبَ عليه أن يظل في حالة صراع واشتعال دائمًا.

ويكفي أن نرى أنَّ الدول التي انزلقت في مسارات بعيدة عن السلام، وتورطت في صراعات إقليمية، فإنها اليوم تعض أصابع الندم على ما اقترفته من سياسات خاطئة تسببت في دفع المنطقة نحو حافة الدمار غير المسبوق.

لقد تابعتُ خلال الفترة الماضية تطورات الأحداث، وتبيّن لي مدى الفوضى التي تعم منطقتنا والعالم، بسبب اختلال موازين القوى العالمية، وتفرُّد دولة واحدة بالقرار العالمي، وفرض هذا القرار بالقوة والبلطجة، بعيدًا عن الدبلوماسية والحوار الهادف. تسببت الأحادية القطبية التي باتت تحكم هذا العالم، تحت إمرة الولايات المتحدة الأمريكية، في أن يُمارس القوي البطش والجبروت على الضعفاء والمستضعفين، وحرب الإبادة الشاملة في قطاع غزة نموذج صارخ لهذه القوة الغاشمة والبربرية، وبرهان ساطع على أنَّ الإجرام الصهيوني لا يراعي أية قوانين دولية ولا مواثيق أممية، وأن شريعة الغاب أصبحت تسود هذا العالم.

ومن هنا، فإنَّ البيان الصادر عن وزارة الخارجية على لسان ناطق رسمي، يعكس عُمق الرؤية العُمانية الحكيمة، التي تنظر إلى أصل وجذور الأزمة، لا إلى تداعياتها ونتائجها وحسب، لذلك جاء الاستنكار العُماني للتصعيد الإقليمي المُتواصل الذي تشهده المنطقة، وأكد أنَّ هذا التصعيد تسببت فيه دولة الاحتلال إسرائيل، قبل 12 يومًا، عندما شنت بدون وجهة حق وبلا مبرر قانوني ومن منطلقات غير مشروعة، هجومها الصاروخي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي تسبب في تبادل الهجمات الصاروخية المتواصلة، وانتهى هذا التصعيد بالقصف الصاروخي الإيراني لمواقع سيادية في دولة قطر الشقيقة.

لقد دعت سلطنة عُمان إلى "ضرورة الوقف الفوري للأعمال العسكرية والصاروخية جميعها وتغليب الحكمة في اللجوء إلى المفاوضات السلميّة والاحتكام للقانون الدولي في معالجة أسباب الصراع وتحقيق التسوية العادلة بالوسائل المشروعة"، وهي المعالجة التي يجب أن تتم بعيدًا عن إهدار المزيد من الوقت في مهاترات لا طائل منها. وحديثنا هنا يجب أن ينصب على مسألة إحلال السلام الشامل والدائم، وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس، بل علينا أن نطرح فكرة أكثر عمقًا ووعيًا، تتمثل في الدعوة إلى عودة اليهود إلى أوطانهم التي وفدوا منها إلى أرض فلسطين الأبية، وأن يتركوها لأهلها الذين ضحوا على مدى أكثر من 77 عامًا بأرواحهم، وهُجِّروا من أرضهم بالقوة وبالدماء.

أقول ذلك وقد أدرك اليهود أنَّ هذه الأرض ليست لهم ولا يجب أن تكون، فقد كشفت الحرب الإيرانية الإسرائيلية عن مدى هشاشة المُجتمع الإسرائيلي، الذي فرَّت أعداد كبيرة منه إلى خارج إسرائيل، فيما بات يُعرف بـ"الهجرة العكسية"، لأنهم يعلمون تمامًا أنَّ هذه الأرض ليست لهم، وأنهم مجرد مُستعمرين وليسوا أبناء هذا التراب ولا ينتمون له من الأساس.

الحرب التي دارت رحاها على مدى 12 يومًا، كشفت لنا كذلك أهمية الحفاظ على بُنياننا الوطني وحمايته من أي اختراق، سواء كان ذلك اختراقًا ثقافيًا أو معرفيًا أو معلوماتيًا، الأمر الذي يستدعي ضرورة تعزيز قيم المواطنة وغرسها في نفوس أبناء هذا الوطن وكل أوطان الخليج. لقد تضررت إيران أشد الضرر بسبب حوادث الاختراق التي عانت منها، وفقد قادة كبار أرواحهم نتيجةً لهذا الاختراق الذي نفذه العدو الصهيوني، ما يُؤكد ضرورة تعزيز التحصينات المجتمعية ضد أي فعلٍ مشابه.

وأخيرًا.. لا بُد من التأكيد على أن السلام والاستقرار في منطقتنا العربية لن يتحقق إلّا بحصول العشب الفلسطيني على كامل حقوقه، وعودة المُهجَّرين إلى وطنهم، وإنهاء حرب الإبادة في غزة، ومُحاسبة المُجرمين على كل الجرائم البشعة التي ارتُكِبَت بحق الشعب الفلسطيني، وأولها محاكمة ومعاقبة المجرم الإرهابي بنيامين نتنياهو وعصابته الإجرامية الدموية.. وما لم يتحقق ذلك، لن تنعم منطقتنا لا بالأمن ولا بالاستقرار.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هل يُنجز لبنان آلية لتطبيق وقف النار بمساعدة أميركية؟
  • مناقشة آلية تنفيذ قرار حماية المنتج المحلي
  • من استهدفت اسرائيل في غارتي برعشيت وبيت ليف؟
  • اسرائيل مصرة على البقاء في التلال الخمس وعودة السجال النيابي بشأن اقتراع المغتربين
  • كرامي بشأن القرار القضائي المتعلق بالقرنة السوداء: يعتريه الكثير من الثغرات القانونية والفنية والهندسية
  • الحكومة لم ترسل طلب التجديد لليونيفيل إلى مجلس الأمن ولجنة الإشراف تستأنف اجتماعاتها
  • لا تلعبوا بالنار
  • الهيئة العامة للاستثمار تبحث جاهزية القطاع الخاص المصري لتطبيق آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية
  • العراق يرحب بالمبادرة التي أفضت لوقف إطلاق النار بين إيران و”اسرائيل”
  • هيئة الاستثمار تبحث جاهزية القطاع الخاص لتطبيق آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية