أسرار الملح الأخضر.. كنز صحي ومذاق فريد
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
يقوم ملح الطعام بأدوار أساسية في الطهي، غير أن تناول أكثر من 2300 مليغرام يوميا أو ما يعادل ملعقة صغيرة منه، قد يشكل خطرا على صحة القلب وضغط الدم، وفق إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
ولتحقيق التوازن بين النكهة وصحة الجسم، اتجه البعض في السنوات الأخيرة إلى استبدال ملح الطعام التقليدي واستعمال ملح آخر منخفض الصوديوم يعرف بـ"الملح الأخضر".
هو ملح نباتي لونه أخضر، يتم تصنيعه عن طريق تجفيف نبات الساليكورنيا وطحنه وتحويله إلى مسحوق، وينمو هذا النبات -الذي يعرف أيضا بالعديد من الأسماء الأخرى مثل فاصوليا البحر أو الهليون البحري أو السامفير- بشكل طبيعي في مصبات الأنهار والمستنقعات المالحة حول العالم، ويمكن أن ينمو في الأراضي ذات الملوحة العالية وغير الصالحة لزراعة معظم النباتات.
يُعرف نبات الساليكورنيا منذ قرون في آسيا وأوروبا، حيث تم تناوله مطهوا على البخار في أوروبا، وتزداد شعبيته في الطب التقليدي الكوري لتحسين الهضم وعلاج مرض السكري ويؤكل طازجا أو مطبوخا أو مجففا، وفي القرن السابع عشر كان البحارة يتناولونه لاعتقادهم أنه قد يعزز مناعتهم.
يتفق هذا الاعتقاد بالفعل مع البحث العلمي حول الفوائد الصحية لنبات الساليكورنيا وملحه الأخضر، فهو يحتوي على نصف كمية الصوديوم الموجودة في الملح العادي فقط، ومليء بكميات من الألياف (20%) والبروتين (11%)، اللذين لا يمكن العثور عليهما في الملح العادي.
كما أنه غني بفيتامين "ب 3″ و"فيتامين ج" والمغنسيوم والكلوروفيل والبوتاسيوم (مستويات البوتاسيوم في الملح الأخضر لا تتجاوز 10 مليغرامات لكل 1.5 غرام، وهو ما يعد آمنا لمن يعانون من أمراض الكلى)، كذلك يحتوي على اليود الطبيعي بنسبة 0.27 ميكروغرام لكل 1.5 غرام، مما يجعله مكملا جيدا لنظام غذائي متوازن.
طعم الملح الأخضريعد الملح الأخضر بديلا للملح دون التأثيرات السلبية المحتملة لبدائل الملح الأخرى وله نكهة مميزة يمكن أن تعزز أطباقك، وينقل موقع "وومنز وورلد" عن اختصاصية التغذية كيسي كوستا أن الملح الأخضر يتمتع بطعم مالح بدرجة كافية لاستخدامه بديلا لملح الطعام العادي، وهو ملح قليل الصوديوم، إذ يحتوي على نصف كمية الصوديوم الموجودة بالملح العادي.
وتوضح كوستا أن كل نصف ملعقة من الملح الأخضر يحتوي على حوالي 280 ملغم من الصوديوم مقارنة بـ1150 ملغم موجودة في الكمية نفسها من ملح الطعام التقليدي، وأضافت: يتمتع الملح الأخضر أيضا بنكهة "أومامي" تشبه نكهة المأكولات البحرية بفضل أصوله النباتية البحرية، كما يتميز بلون أخضر مميز بفضل وجود الكلورفيل، مما أدى إلى زيادة شعبيته مؤخرا في عالم الطهي.
يمكن استخدام الملح الأخضر بديلا للملح العادي في الوصفات المختلفة، ويوصي ريك ميندرمان مدير متجر "كورتي براذرز" للأغذية في كاليفورنيا باستخدامه يوصفه ملحا نهائيا قبل تقديم الأطباق مباشرة، مبررا أنه قد يضفي صبغة خضراء خفيفة على طعامك. ويضيف ميندرمان لموقع "إيتنج ويل": يمكن رشه فوق الأرز أو المأكولات البحرية أو الخضروات المشوية أو العدس والحمص وغيرها للحصول على نكهة مالحة ولذيذة.
ووفق موقع "هيلث دايجست"، فإن الملح الأخضر لا يذوب تماما، وبالتالي فهو ليس خيارا مناسبا لتطرية الدجاج أو اللحم البقري، ورغم أنه مثالي لإضفاء اللمسات الأخيرة وإضافة نكهة وجاذبية بصرية، فإنه يمكن استخدامه أيضا في الطهي، بدءا من السلطات والمأكولات البحرية إلى اللحوم والخضروات المشوية والحساء واليخنات، كذلك يمكن أن يضفي الملح الأخضر شكلا جماليا على المخبوزات والمعجنات بفضل لونه الأخضر الطبيعي، مما يجعلها مناسبة للاحتفالات والأعياد.
ويضيف موقع "ديلي ميل" أن الملح الأخضر قد يكون بديلا مثاليا لصلصة الصويا في الوصفات المستوحاة من المطبخ الآسيوي، ويمكن أن يقلل بشكل كبير من محتوى الصوديوم في هذه الأطباق مع الحفاظ على النكهة القوية التي تمنحها صلصة الصويا.
يقدم ملح الساليكورنيا الأخضر العديد من الفوائد الصحية، وفي بحث نشرته دورية "الغذاء وتأثيره على وظائف الجسم" عام 2015، اختبر الباحثون آثار هذا الملح على ضغط الدم لدى الفئران، وقاموا بتغذية المجموعة الأولى من الفئران اعتمادا على ملح الطعام العادي، في حين اعتمدت المجموعة الثانية على نظام غذائي قائم على ملح الساليكورنيا بكميات تعادل مستويات الصوديوم نفسها.
كشفت النتائج عن التأثير السلبي لملح الطعام على قياسات ضغط الدم، في حين حافظت الفئران التي اعتمدت على نظام غذائي قائم على الساليكورنيا على ضغط دم صحي.
ويعتقد الباحثون في الدراسة أن المعادن الأخرى في الساليكورنيا (المغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم) قد يكون لها تأثير وقائي ضد ارتفاع ضغط الدم والآثار الضارة للصوديوم.
وقد ربطت دراسات إضافية تناول الساليكورنيا بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات ومضادة للسكري، ومنها دراسة نشرت عام 2009 في مجلة "الأغذية الطبية" وجدت أن مستخلص الساليكورنيا له خصائص مضادة للأكسدة في التجارب المعملية، كما أظهرت دراسة أجريت عام 2022 ونشرت في مجلة "مضادات الأكسدة" (Antioxidants) أن مضادات الأكسدة الموجودة في الساليكورنيا تتسم بفعاليتها في تقليل الالتهاب في بعض خلايا الدم البيضاء.
معايير ينبغي الانتباه إليهاقبل شراء الملح الأخضر ينبغي مراعاة ما يلي:
ابحث عن الملح الأخضر الذي يتكون من أوراق الساليكورنيا المجففة بنسبة 100% من دون إضافة أي مواد كيميائية. تحقق من الملصق الخاص بالمنتج، إذ يوجد في الأسواق أنواع متعددة من الملح المصبوغ بألوان طبيعية أو غير طبيعية تعطيه اللون الأخضر، ولكنها ليست خيارا منخفض الصوديوم، مثل ملح هاواي المنقوع بالخيزران الأخضر، وملح البحر المنقوع في الشاي الأخضر، وهناك بعض أنواع من ملح البحر التي يتم خلطها بالزعتر والشبت والريحان أو الأعشاب البحرية. تأكد من المعلومات الغذائية للمنتج، مثل انخفاض نسبة الصوديوم، وتوفر العناصر الغذائية الأساسية مثل فيتامينات "أ" و"ب 3″ و"د"، بالإضافة إلى المعادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم والزنك. اختر الملح الأخضر المعبأ بشكل صحيح للحفاظ على نضارته وجودته، إذ يساعد التغليف المحكم على الحفاظ على النكهة الفريدة والعناصر الغذائية للملح.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملح الطعام یحتوی على فی الملح
إقرأ أيضاً:
أم من غزة: أطفالنا مجرد جلد على عظم
نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قصة أم في قطاع غزة تعاني أهوال الجوع والمرض وخطر الموت الذي يواجهها هي وأطفالها.
تقول شيماء إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة جعلها عاجزة عن إرضاع طفلتها لأنها أصبحت لا تنتج الحليب، ولم تعد تقدم لها سوى "حساء الماء والملح".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أستاذ بهارفارد: الأمر مع ترامب أشبه بمشاهدة دولة تنتحرlist 2 of 2مجلة إسرائيلية: تدمير مباني غزة يهدف إلى جعل القطاع غير صالح للعيشend of listشيماء فتوح أم فلسطينية وضعت مولودتها في يناير/كانون الثاني الماضي، تحدثت إلى أمل حيليس وغابرييلا فينيغر مراسلتي "صنداي تايمز" من تل أبيب عن الأهوال التي تعيشها الأمهات وكل النساء في غزة.
وقالت إن زوجها يخرج كل صباح بحثا عن الطعام وسط أنقاض القطاع، و"في معظم الأيام، يعود خالي الوفاض ودموعه في عينيه".
أحيانا، تغلي شيماء الماء وتضيف إليه قليلا من الملح فقط لتُعدّ ما تسميه "حساء دافئا"، حتى يشعر أطفالها كأنهم أكلوا شيئا، رغم أنه لا يُشبه الطعام الحقيقي في شيء.
عملية قيصرية من دون تخدير
تذكرت شيماء "في يوم من الأيام، سألتني ابنتي: ماما، لماذا لا طعم لهذا الطعام؟ ولم أجد ما أجيبها به، كيف يمكن لأم أن تطبخ وهي لا تملك شيئا من المكونات، ولا حتى وسيلة للطهو؟".
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أشارت صحيفة "ذا صنداي تايمز" إلى الأيام الأولى من حياة "شام"، الابنة الثالثة لشيماء، التي وُلدت بعملية قيصرية من دون تخدير، لعدم توفر مخدر في المستشفى.
إعلانوُلدت "شام" في شتاء غزة القارس، قبيل وقف لإطلاق النار لم يدم أكثر من 6 أسابيع. تعاني "شام" من ثقب في القلب، لكنها لم تتلقّ الجراحة المنقذة للحياة التي تحتاجها.
والآن، بعد مرور 4 أشهر، أصبحت أمنية شيماء الوحيدة هي "أن أُبقي عائلتي على قيد الحياة"، بعد أن فرضت إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة، أوشكت بسببه الإمدادات المحدودة المتبقية والتي دخلت أثناء الهدنة على النفاد".
الأطفال أكثر من يعانون
"منذ أكثر من 3 أشهر على بداية الحصار الغذائي، تغيّر كل شيء"، كما تقول شيماء؛ "اختفى الطعام، انقطع الماء، وأصبح من الصعب الوصول لأي شيء. وطفلتي الصغيرة شام هي أكثر من يعاني".
تعيش العائلة في غرفة صغيرة مع زوجها العامل اليومي، وأطفالها الثلاثة (5 و6 سنوات)، ويدفعون إيجارا لا يستطيعون تحمّله لشخص غريب في مبنى يضم نحو 20 عائلة.
تصف شيماء حال "شام" قائلة إنها "تبكي طوال اليوم، ليس فقط من الجوع، بل من الألم". ومن نافذتها، يمكنها رؤية أنقاض مسجد علي بن أبي طالب الذي قُصف في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وتستمر شيماء في سرد معاناتهم: "لا أستطيع تغيير حفاظتها إلا مرة واحدة في اليوم، جلدها متهيج، أحمر، ويحترق من الالتهابات والطفح. تصرخ عندما أحاول تنظيفها".
نسيان الخصوصيةووفقا للأمم المتحدة، فإن الحصار زاد من خطر حدوث مجاعة "حادة"، وحرم معظم سكان غزة من الماء النظيف، والطعام، والدواء، والمأوى الآمن.
"تخيّل أن تعيش في منزل مع أناس لا تعرفهم، تشاركهم كل شيء؛ مكان النوم، والحمّام"، تقول شيماء "لقد نسينا كيف يبدو شكل الحياة الطبيعية، نسينا معنى الخصوصية، أن تغلق الباب خلفك".
تجلس شيماء على إحدى الفرشات المصفوفة بجانب الحائط الوردي، وتقول "لا توجد أي خصوصية. أحاول أن أجد ركنا صغيرا لأرضع طفلتي"، حيث أصبح الإرضاع الطبيعي ترفا للأمهات الجدد، في ظل أزمة غذاء تتفاقم يوما بعد يوم.
إعلان
المطابخ الشعبية
بحسب دراسة أجرتها منظمة "نيوتريشن كلَستر"، فإن ما بين 10 إلى 20% من الحوامل والمرضعات في غزة (عددهن 4500 امرأة شملتهن الدراسة) يعانين من سوء التغذية.
وحاولت شيماء استخدام الحليب الصناعي، لكنها لم تستطع تحمّل تكلفته، وتوضح "أحاول إرضاعها، لكن ليس لدي طاقة أو غذاء كافٍ لإنتاج الحليب. كأم مرضعة، أحتاج إلى أطعمة مثل الحليب، والبيض، والسكر. لكن كيلو السكر أصبح يُباع بـ100 شيكل (نحو 28 جنيها إسترلينيا)، وغالبا لا نجد هذه المواد أصلا في السوق"، كما تقول شيماء.
ومثل معظم العائلات في غزة، تعتمد شيماء على المطابخ الخيرية المعروفة محليا باسم "التكية".
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن هذه التكايا تخدم أكثر من مليوني شخص، ولكنها لا تستطيع إعداد أكثر من مليون وجبة يوميا، معظمها من الأرز والمعكرونة، من دون خضراوات طازجة أو لحم.
تحديد من ينام جائعا
وذكرت شيماء "في ظل هذه الظروف، الأم لا تطعم فقط، بل تقرر من يأكل ومن ينام جائعا؛ تقسم الطعام، وتضع نفسها في آخر القائمة، وأنا أفعل ذلك كل يوم والدموع في عيني، والخوف في قلبي".
ومنذ بدء الحصار في 2 مارس/آذار، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن 57 طفلا توفوا بسبب سوء التغذية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن لديها من الإمدادات ما يكفي لمعالجة 500 طفل فقط من سوء التغذية.
ووفقا للأمم المتحدة، إن لم تصل مساعدات جديدة فإن نحو 71 ألف طفل دون سن الخامسة مهددون بسوء التغذية الحاد خلال الأشهر 11 المقبلة.
ورأت شيماء المأساة بعينيها الأسبوع الماضي عندما أخذت "شام" إلى المستشفى بسبب الحمى، تقول "ما رأيته هناك حطّم قلبي".
ارتجفت من الخوف"أطفال وبنات صغار مجرد عظام مغطاة بالجلد، هياكل عظمية تعاني من الجوع. وقفت هناك أراقبهم، وارتجفت من الخوف أن تلقى شام المصير نفسه".
إعلانوحتى اللحظة، يمنع الحصار دخول المعدات الطبية واللقاحات الخاصة بالأطفال، وذلك يعني حرمان المواليد من الرعاية الصحية الأساسية، ومن بينهم "شام" التي لن يتحسن حال قلبها دون الجراحة اللازمة.
"كأم، من المفترض أن أحمي أطفالي، وأطعمهم، وأبقيهم آمنين"، هكذا تقول شيماء "لكنني لا أستطيع حتى أن أوفر لهم وجبة كاملة. أشعر بالعجز، كل يوم أخاف أن أفقد طفلتي. كل ما أريده.. أن تبقى على قيد الحياة".