غيّب الموت الفنان أحمد عدوية، عن عمر ناهز 79 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً في عالم الغناء الشعبي في مصر، إذ يعد من أهم المغنين الشعبيين في فترة السبعينيات والثمانينيات، وكان له أثر كبير على مسار الغناء الشعبي حتى الآن.

البداية والنشأة

وُلد عدوية في 26 يونيو (حزيران) من العام 1945، في محافظة المنيا جنوب مصر، وكان "أحمد" هو الابن الثالث عشر في الأسرة، وكان والده يصطحبه إلى جلسات المقاهي ليسمع شعراء الربابة والسير الأسطورية مثل قصص أبو زيد الهلالي وغيرها، فأحب الغناء منذ الصغر، وبدأ يغني في أفراح قريته مجاملةً للجيران والأقارب.

وحين كبر انتقل إلى القاهرة، ليحترف الغناء في بداية السبعينيات، وكان عمره حينها 25 عاماً، حيث تعرّف على المطرب محمد رشدي، الذي علمه أصول الغناء الشعبي وأدخله إلى عالم الفن.
وبحلول عام 1973، أصبح أحمد عدوية معروفاً للجميع بعد أن قدم أغنية "السح الدح إمبو" الشهيرة، وتعاون خلال مسيرته مع نخبة من كبار الملحنين، مثل حسن أبو السعود، الذي كان من أبرز شركائه الفنيين، ورافقه ضمن فرقته الموسيقية الشهيرة.


كما لحّن له بليغ حمدي أغاني مثل "بنج يا بنج" و"يا أختي سملتين" و"القمر مسافر".

وقدم له هاني شنودة ألحان أغنيات شهيرة مثل "زحمة يا دنيا زحمة" و"سلام مربع".

أما كمال الطويل فلحن له أغنية "على فين"، ولحن له سيد مكاوي أغنية "سيب وأنا أسيب"، بينما قدم له محمد عصفور أغنيات مثل "يا ليل يا باشا يا ليل" و"كركشنجي" و"بلاش اللون ده معانا".

ورغم تعاونه مع هذه النخبة من كبار المبدعين، حافظ أحمد عدوية على طابعه الغنائي الخاص، حيث نجح في جعلهم ينسجمون مع صوته وأسلوبه المميز بدلاً من أن يتأثر بأساليبهم.


أما الشاعر حسن أبو عثمان، الذي بدأ كحلاق وعامل قبل أن يتحول إلى كتابة الأغاني، فكان شريكاً رئيسياً لعدوية. إذ كتب أبو عثمان نصوصاً جريئة مزجت بين البساطة الشعبية والتعبيرات اللغوية اليومية، ما أثار غضب بعض النخبة الثقافية التي رأت في ذلك تحدياً لقيم الفن التقليدي.


نجاحات غير مسبوقة

برز أحمد عدوية كواحد من أعلام الأغنية الشعبية في مصر، محققاً أرقاماً قياسية في مبيعات ألبوماته. وفي مقابلة تلفزيونية، كشف أن أسطوانتي "السح الدح إمبو" و"بنت السلطان" باعتا مليون نسخة، وهو إنجاز أثار غيرة بعض الفنانين آنذاك، وزاد من شعبيته لدى الجمهور.

ورغم عدم وجود توثيق دقيق لتواريخ إصدار العديد من أغانيه، فإن الفترة الذهبية لعدوية كانت بين منتصف السبعينيات وأوائل الثمانينيات، مع ألبومات مثل مجاريح (1974)، الذي ضم مواويل شهيرة مثل "موال الزمن" و"موال العيش والملح"، وألبوم بص شوف عدوية بيعمل إيه؟ (1975)، وألبوم كركشنجي (1977)، الذي احتوى على أغاني وأعمال خالدة مثل "أنا صابر" و"بحب خمسة".

كما استغل صناع السينما الشعبية النجاح الكبير الذي حققه أحمد عدوية في مجال الغناء، وقدموه في مجموعة من الأفلام الشهيرة، حيث شارك بأداء أغانٍ مميزة في أفلام مثل "حسن بيه الغلبان"، "رجل في سجن النساء"، "البنات عايزة إيه"، "السلخانة"، "حارة العيش الحاف"، و"خمسة في الجحيم".


دعم الكبار

وعلى الرغم من الهجوم الشديد الذي واجهه في بداياته من بعض النخبة، التي لم تستطع احتواء شعبيته أو فهم تأثيره، بسبب غرابة كلمات وألحان أغانيه، ونجاحه وانتشاره الواسع في الشارع، إلا أن عمالقة الغناء المصري كانوا أول من أشادوا بموهبة أحمد عدوية. فقد كان الموسيقار محمد عبدالوهاب من محبي الاستماع إليه، كما عبّر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ عن إعجابه بصوته، بل وصل الأمر إلى أن غنى إحدى أغانيه.

وفي حوار أجراه الأديب نجيب محفوظ مع الإعلامي مفيد فوزي، أوضح الكاتب الكبير أسباب إعجابه بالمطرب الشعبي أحمد عدوية، قائلاً: "في وقت كان المسموع الأول... بينافقوه؟ الشعب بينافقه؟ لا ده راجل من الشعب بيستعمل أساليب شعبية وألفاظ شعبية، وصوت خشن شعبي لا يخلو من حلاوة".
هذه الكلمات أثارت الاندهاش آنذاك، بسبب إدراج محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، عدوية ضمن قائمة مفضليه إلى جانب قامات مثل أم كلثوم، التي كان يعد من عشاقها المتحمسين.


نقلة نوعية للأغنية الشعبية

قبل أحمد عدوية، كانت الأغنية الشعبية في مصر تتفرع إلى نوعين: الفولكلور، الذي أعاد صياغته عبدالرحمن الأبنودي وبليغ حمدي، والأغنيات التي تناولت الحارة والطبقات الشعبية، لكن معظم من قدموا هذه الأغنيات لم ينتموا إلى عالم الحارة نفسها، مثل "منديل الحلو" لعبد العزيز محمود و"أبو سمرة السكرة" لمحمد قنديل.
وفي عام 1969، حدث لقاء مصيري بين أحمد عدوية والشاعر الشعبي "الريس بيرة" (خليل محمد). ومن هنا، بدأ عدوية يعبر عن الحارة الشعبية القاهرية باستخدام ألفاظ حقيقية مستمدة من الحياة اليومية، بعيداً عن التجميل والمبالغة. وكانت الكلمات التي جاءت لاحقاً مثل "كركشندي دبح كبشه" صادمة للنقاد، رغم أنها من تأليف الشاعر الكبير مأمون الشناوي.
كذلك، أغنيات مثل "بنج بنج" من ألحان بليغ حمدي و"مجنون" من كلمات صلاح جاهين، أثبتت قدرة عدوية على المزج بين الشعبية والحداثة. ومع ذلك، كانت "زحمة يا دنيا زحمة"، من كلمات زكي أبو عتمان وألحان حسن أبو السعود، واحدة من أنجح أغانيه التي أصبحت علامة فارقة في مشواره الفني.

حادث وغياب

تعرض عدوية لحادث صادم في بداية التسعينيات كاد ينهي حياته، وتسبب في إصابته بالشلل لفترة طويلة، فابتعد عن الأضواء تماماً لنحو 20 عاماً، إلى أن استعاد عافيته وبدأ يظهر تدريجياً ببعض المحاولات البسيطة سواء بإعادة توزيع أغانيه القديمة أو مشاركة بعض النجوم الشباب في أغنيات ذات طابع شعبي، مثل أغنيته "الناس الرايقة" مع المطرب اللبناني رامي عياش في 2009، تلاها دويتو مع ابنه محمد عدوية مطلع عام 2011.
وكانت آخر مشاركاته أغنية "صحي النوم" في عام 2017، خلال أحداث مسلسل "رمضان كريم"، بالإضافة إلى أغنية "على وضعنا".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات نجوم أحمد عدویة فی مصر

إقرأ أيضاً:

سامسونغ تُفجر المفاجأة.. وداعاً للقلم الذكي في هواتف «Galaxy S» الجديدة!

تقترب سامسونغ من قرار قد يصدم عشاق هواتفها الرائدة، حيث تشير تقارير حديثة إلى أن العملاق الكوري قد يتخلى عن إحدى أكثر ميزات هواتفه شهرة وتفردًا، وهي الأقلام الذكية المعروفة بـ S Pen، في الجيل القادم من سلسلة هواتف Galaxy S.

ووفقًا لمجلة SamMobile المتخصصة في التقنية، فإن هواتف “Galaxy S27 Ultra” المقرر طرحها عام 2027 قد تشهد هذا التغيير الكبير، إذ ستتخلى سامسونغ عن فتحة القلم الذكي في هيكل الهاتف، ما يعني أن القلم لن يكون مرفقًا داخل الهاتف كما كان معتادًا.

ويرى الخبراء أن هذه الخطوة ليست مجرد قرار عادي، بل تحمل أبعادًا استراتيجية مهمة؛ فهي تفتح المجال أمام إنتاج هواتف أنحف وأكثر انسيابية، حيث لن تكون هناك حاجة لفتحة داخلية لاستيعاب القلم، كما ستوفر سامسونغ في تكلفة التصنيع، مما قد يؤثر إيجابيًا على التسعير ومستوى المنافسة في السوق.

ولكن هل يعني هذا التخلي الكامل عن S Pen؟ ليس بالضرورة، فبحسب بعض المحللين، سامسونغ قد تتبع نموذج هواتف Galaxy Z Fold التي تدعم القلم الذكي، لكن لا توفره مدمجًا داخل الهاتف، بل كإكسسوار يتم شراؤه بشكل منفصل.

تجدر الإشارة إلى أن القلم الذكي في هواتف Galaxy S Ultra لطالما كان ميزة متفردة؛ إذ يتيح للمستخدمين كتابة الملاحظات، والرسم، والتحكم عن بعد في التطبيقات مثل الكاميرا، بل وحتى ترجمة النصوص، وهو ما أكسب هذه الهواتف شعبية كبيرة بين المحترفين والمستخدمين الباحثين عن تجربة تفاعلية متقدمة.

ومع هذا التطور، يبقى السؤال: هل سيتقبل المستخدمون فكرة شراء القلم بشكل منفصل؟ وهل ستتمكن سامسونغ من تعويض هذه الخطوة بميزات جديدة أخرى تحافظ على زخم سلسلة Galaxy S في سوق الهواتف الذكية؟ وتشير التوقعات إلى أن سامسونغ تخطط لتحويل تركيزها نحو تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والكاميرات، والشاشات القابلة للطي، لتظل في الصدارة رغم التغيرات القادمة.

مقالات مشابهة

  • أحمد بن سعود وغباش والشيوخ يعزّون في وفاة محمد عبيدالله
  • أحمد الجمال: السيسي يحظى بثقل علم وخبرة ولديه بعد إنساني متوارث من المنطقة الشعبية
  • الأغنية الدعائية لفيلم "أحمد وأحمد" تحتل المركز الثاني في تريند يوتيوب
  • وداعا للحواف العريضة.. آبل تحدث ثورة في تصميم iPad Pro القادم
  • حفظ التحقيق مع بهاء سلطان بتهمة نشر أغنية رسينى بدون تصريح
  • سلطان بن أحمد يفتتح «سنا» للطاقة الشمسية تكفي لتغذية 13780 منزلاً
  • في ذكرى ميلاده.. محطات فنية هامة في حياة محرم فؤاد
  • سامسونغ تُفجر المفاجأة.. وداعاً للقلم الذكي في هواتف «Galaxy S» الجديدة!
  • سلطان بن أحمد يكرِّم الفائزين بجائزة الشارقة لـ«أفضل أطروحة دكتوراه»
  • في عيد ميلاده.. أحمد عبد العزيز فارس الدراما الذي سكن قلوب المشاهدين بأعمال خالدة