يمانيون:
2025-12-10@04:57:19 GMT

أبواق المرجفين..!!

تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT

أبواق المرجفين..!!

أحمد الفقيه

التاريخ الإسلامي حافل بالدروس والتجارب والعبر، خاصة في مجال الحرب النفسية، لأنها سلاح خطير فتاك قد يدمر شعوباً ودولاً، ويلعب دوراً مهماً ومفصلياً في مسار المعارك، وفي أمن واستقرار السيادة العليا..

فالتاريخ الإسلامي منذ الفتوحات الأولى مارس الحرب النفسية في شتى مناحي الحياة، وخاصة أثناء نشر الدعوة الإسلامية منذ بزوغها وربط الحرب النفسية بالجاهزية المعنوية والمادية والإعداد العالي دعوياً وعسكرياً مصداقاً لقوله عز وجل: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم).

.
فالترهيب والتخويف والتهديد والوعيد أسلحة فتاكة وقاصمة، ومدمرة لأنها تُهبط المعنويات، وتربك خطط العدو، وتجعله في حالة فزع وخوف وإرباك بصورة دائمة، ومن هنا تطفو الحرب الناعمة، وتحاول إمساك العصا من الوسط، وذلك بنشر الشائعات والأراجيف والدعايات المغرضة لخلخلة الجبهة الداخلية وهنا يأتي دور الطابور الخامس من العملاء والمرتزقة واللافتات المسمومة، مرة باسم الدين، ومرة باسم حقوق الإنسان تحت مسميات المنظمات الأممية الراعية لها، وتناسى هؤلاء الذين من أبناء جلدتنا والذين يرفعون شعار الإسلام تقية لتنفيذ مآربهم وأجندتهم الماورائية، وخدمة للعدو الخارجي، فقد توعدهم المولى القدير في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).. لقد حثنا رسولنا الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام مخاطباً معاذ بن جبل آخذاً بلسانه قائلاً له” (كف عليك هذا) قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.. فالإنسان مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم انكشف غطاء سره، وافتضح أمره، وقال عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- “والله الذي لا إله إلا هو ما على وجه الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان” فجوارح الإنسان مرتبطة باللسان في الاستقامة والإعوجاج.
لذا علينا أن نتقي آفات اللسان وزلاته والوقوع في المحظور.. فالحرب النفسية ليست قاصرة على زمن الحرب أو الأزمات بل في كل من حالتي الحرب والسلم، فهي جزء لا يتجزأ من مكونات حياة البشر في كل زمان ومكان، ولهذا وذاك ينبغي بل يجب على جهات الاختصاص ومسؤولي الأمن القومي والعام، وعلى وسائل الإعلام المختلفة مراقبة ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد أو بث الشائعات المغرضة أو إقلاق السكينة العامة أياً كان منصبه الاجتماعي أو القبلي أو السياسي.. فلا بد من تحصين الجبهة الداخلية من هواة المرجفين، وأدعياء الفرقة، والمأزومين نفسياً حفاظاً على صون أمن البلاد، وحقناً للدماء.. فالبلاد تمر بمنعطف خطير والعدو متربص بنا، ولا بد من الصحوة الإيمانية وربطها بالهوية القرآنية حتى لا تنحرف بوصلة الوطنية نحو أغراض سياسية أو حزبية أو مذهبية تهلك الحرث والنسل.
صفوة القول:
لا داعي لإيقاظ الفتن النائمة، ملعون من أيقظها، وصدق المولى القدير القائل في محكم تنزيله (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).. فديننا الحنيف حذرنا من القيل والقال وكثرة السؤال، وخطورة وآثار الشائعات المغرضة والأقاويل المضللة، وكفى بالمرء كذباً أن تُعد معايبه بكل ما سُمع، وبما نُشر عبر المواقع المختلفة، ومدى خطورة تلك الشائعات المضللة التي تحمل في ظاهرها الرحمة، وفي باطنها العذاب الأليم الذي تنعكس آثاره على الوطن أرضاً وإنساناً، ففساد النفوس يورث ويخرب الديار العامرة، ويسلب النعم الباطنة والظاهرة، ويجلب على أصحابها العواقب الوخيمة.. فاتقوا آفات اللسان فمن كثر سقطه كثرت عيوبه، ومن كثرت ذنوبه فبئس المصير..
كلمات مضيئة:
“ونموت في “حتى”
وفي أنساب خيل الفاتحين
نتبادل الأدوار
نشتم بعضنا بعضا
ونستجدي على بوابة الليل الطويل
نبكي ولا نبكي
ونغرق في دموع الآخرين
متيمين وعاشقين
وهائمين وضائعين
نبني من الأوهام أهراماً
وسوراً لا يصد الطامعين
ونموت قبل الموت
في سوح المنون

عبد الوهاب البياتي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحرب النفسیة

إقرأ أيضاً:

الأمراض النفسية ... أزمة صامتة تهدد العالم

 

 

 

د. عبدالعزيز بن محمد الصوافي **

في عالمٍ مُضطربٍ يتسارع فيه كل شيء، تظل الصحة النفسية واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا، لكنها غالبًا ما تُهمَل خلف ستار الأولويات الأخرى، ووفقًا لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، يُعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من اضطرابات نفسية مختلفة؛ أبرزها: القلق والاكتئاب والوسواس القهري؛ مما يجعلها في المرتبة الثانية كمسببات للإعاقة طويلة الأمد عالميًا.

هذه الاضطرابات لا يقتصر تأثيرها على المعاناة الفردية؛ بل تمتد لتشكل عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا هائلًا؛ إذ تُشير التقديرات إلى أن الاكتئاب والقلق وغيرها من الأمراض النفسية الأخرى تُكلف الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار أمريكي (أي 385 مليار ريال عُماني) تقريبًا سنويًا نتيجة انخفاض الإنتاجية وتزايد حالات التغيب عن العمل.

وتكشف الأرقام المعلنة حجم الأزمة وحدتها؛ حيث يُعاني حوالي 5.7% من البالغين حول العالم من مشاكل تتعلق بالاكتئاب والقلق والوسواس القهري وغيرها من الأمراض النفسية، مع ارتفاع هذه النسبة بين النساء مقارنة بالرجال؛ إذ تصل إلى 6.9% لدى النساء مقابل 4.6% لدى الرجال. أما القلق؛ مرض العصر، فيُعد من أكثر الاضطرابات شيوعًا في عالم اليوم، ويؤثر على جميع الفئات العمرية بلا استثناء. ورغم وجود علاجات وعقاقير فعّالة ومجربة، فإنَّ أكثر من 75% من المصابين في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لا يحصلون على أي دعم ورعاية نفسية، بسبب نقص الاستثمار في مجال تقديم خدمات الصحة النفسية وبسبب النظرة الاجتماعية السلبية للمريض النفسي (الوصمة الاجتماعية) وهو ما يدفعهم للتردد في الكشف عن معاناتهم أو اللجوء إلى المتخصصين طلبًا للعلاج والمساعدة. الأمر الذي يُودي إلى تعمق وتطور حالاتهم ومشاكلهم النفسية.

تأثير هذه الاضطرابات يتجاوز الصحة الفردية ليصل إلى بيئات العمل والإنتاج؛ حيث أكدت الكثير من الدراسات العلمية المنشورة أن الموظفين الذين يعانون من مشاكل نفسية يتغيبون عن العمل بمعدل يزيد بـ 3.5 مرات عن زملائهم الأصحاء، مما ينعكس سلبًا على الأداء والإنتاج المؤسسي. في هذا السياق، أظهرت تقارير دولية متخصصة أن كثير من الموظفين يعانون من أعراض نفسية تتراوح بين البسيطة والحرجة، في حين أنه أقل من 50% منهم يشعرون بأن مؤسساتهم تتعامل معهم بجدية أو تقدم لهم الدعم النفسي والعلاجي الكافي.

والدراسات العلمية في المجال الطبي أكدت أن الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والوسواس القهري تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر؛ مما يرفع احتمالية الإصابة بأمراض جسدية مثل الضغط والسكري والصداع النصفي وأمراض القلب والقولون العصبي. وتشير الأدلة الطبية إلى أن إهمال وتجاهل العلاج النفسي يُضعف المناعة ويزيد من الألم المزمن ويؤثر مباشرة في جودة الصحة البدنية.

وفي الواقع المشاهد، كم من مريض نفسي أنهى حياته بالانتحار، أو أثر سلبًا على حياة الآخرين من حوله بسبب حالته النفسية المعقدة، في وقت كان العلاج النفسي كفيلًا بمعالجة المشكلة من جذورها أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير. فكثير من حالات الطلاق والعنف والتفكك الأسري تعود أسبابها إلى أمراض نفسية ووساوس قهرية ليست بالمستعصية في حقيقتها، لو تم الالتفات إليها في بداياتها والتعامل معها على يد خبراء وأطباء ومستشارين نفسيين وسلوكيين. وفي هذا السياق، تُشير الإحصائيات إلى أن حوالي 727 ألف شخص حول العالم يفقدون حياتهم سنويًا بسبب اللجوء للانتحار. وتؤكد المنظمات الصحية الدولية أن العديد من هذه الحالات كان يمكن إنقاذها واحتوائها لو تم تشخيص أعراضها في وقت مبكر وتلقت الرعاية والعناية اللازمة من الشخص المناسب وفي الوقت المناسب وفي المكان المناسب.

هذه الحقائق تفرض سؤالًا جوهريًا ومباشرًا: هل يمكننا الاستمرار في تجاهل الصحة النفسية؟ الإجابة واضحة؛ الاستثمار في الصحة النفسية وكسر وصمة المرض الاجتماعية ليس رفاهية، بل ضرورة وأولوية استراتيجية. إنه استثمار في الإنسان، في المجتمعات، وفي الاقتصادات، وفي المستقبل. ومع استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بالقلق والاكتئاب والوسواس القهري والأمراض النفسية الأخرى، يُصبح التحرك العاجل والمدروس لتوسيع نطاق خدمات الصحة النفسية، وتعزيز جهودها، وتبني سياسات وقائية وتوعوية أمرًا لا يحتمل التأجيل ولا المساومة. لذا، فليكن شعارنا جميعًا "نحو صحة نفسية مُستدامة للجميع".

باحث أكاديمي

مقالات مشابهة

  • للأنظمة العميلة.. انتظروا إنا منتظرون! 
  • إسرائيل تتوقّع إعلانًا لبنانيًا عن نزع السلاح جنوبي الليطاني
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)
  • أمطار وغبار وصقيع.. كيف ينعكس الطقس على المزاج والصحة النفسية؟
  • ( إتحقق قبل ماتصدق) للتوعية بمخاطر الشائعات بمجمع إعلام البحيرة
  • الأمراض النفسية ... أزمة صامتة تهدد العالم
  • كيف يؤثر العمل من المنزل على الصحة النفسية؟
  • هل تُسهم الدبلوماسية الأمريكية في نزع فتيل الحرب في لبنان؟
  • خطابات تصعيدية غير مسبوقة.. الخونة يقرعون طبول الحرب!
  • معركة حمص.. بين الحرب النفسية والميدان حتى لحظة التحرير