موقع النيلين:
2025-05-13@10:05:34 GMT

ملهاة أم مأساة

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

ظاهرة وجود حكومة في الداخل ومعارضة ( مسلحة أو مدنية ) في الخارج واحدة من ثقافة الستينات المتخلفة ، والتي بدأت مع دولة ما بعد الإستعمار وعلي إثر ظهور المعسكرين الغربي والشرقي ، حيث حتم ذلك سيطرة معسكر علي الحكم في بلد معين ، وخروج المعسكر الآخر ليحمل السلاح لتغيير المعسكر المغاير ، لأن ثقافة الستينيات البائدة التي غذتها القوي الكبرى ( فهمتنا ) أن اللغة الوحيدة مع الآخر المختلف تحت سقف الوطن هي السلاح والإفناء والتدمير الشامل .

.
رويدا رويدا تخلصت الدول الإفريقية من تلك الظاهرة المتخلفة التي تفتح الأبواب للعمالة ، والتخابر ضد الوطن وتعمل علي تعميق خطاب الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد وتستنزف طاقات الوطن وشبابه في طاحونة من الموت المجاني والمعارك الفارعة ، في التسعينيات تخلصت دولا مثل إثيوبيا ، أرتريا ، تشاد من إرث الحروب الأهلية وتصفية وجود المعارضة بالخارج ، للأسف الشديد وبينما كانت الدول الأفريقية تتخلص من ذلك الإرث البغيض تفنن السودانيون في توليد المشروعيات الزائفة ، لتقنين هذه الثقافة المتخلفة ، حتي صارت هي الأساس ( حكومة في الداخل ومعارضة في الخارج ) ومفاوضات عدمية تعيد مناقشة قضايا تمت مناقشتها ( ديشيليون مرة ) والتوقيع عليها ( بعدد حبات الحصي والرمال ) ..
هل يعتقد الجيل الجديد أن ما تم في نيروبي مؤخرا هو إكتشاف للذرة قام به ( عبدالرحيم وشركاه ) ، أم هو نظرية سياسية جديدة إستولدها الحلو من بطون كتب ( السلفية اليسارية القديمة ) بديالكتيكها الجديد الذي يوالي الغرب ويخدم أجندته ؟
إذا كان هناك من يعتقد ذلك ، أو من نسي تاريخنا القريب فليقرأ :
في الفترة من 15 إلي 23 يونيو من العام 1995 إجتمعت قوي سياسية في العاصمة الأرترية أسمرا تحت شعار ( مؤتمر القضايا المصيرية ) نعم قضايا مصيرية الذي يذكرك بميثاق التأسيس الكذوب، ألم أقل لكم ان ما يجري في بلادنا يمكن أن يكون كل شيء، مسرح ، كوميديا ، خيانة ، كل شئ إلا أنه ليس سياسة بمعناها الذي يبتغي النفع العام..
ناقش ذلك المؤتمر قضايا الوطن الأساسية :
– إيقاف الحرب وإحلال السلام
ـ حق تقرير المصير
– علاقة الدين بالدولة
– شكل الحكم خلال المرحلة الإنتقالية
– برامج وآليات تصعيد النضال من أجل إسقاط نظام الجبهة الإسلامية
– ترتيبات ومهام الفترة الإنتقالية
– مقومات سودان المستقبل
– هيكلة التجمع الوطني الديموقراطي
– القضايا الإنسانية
الشئ الوحيد الذي لم يناقشه المؤتمرون وقتها هو تكوين حكومة موازية ، والسبب في رأيي أن قادة المعارضة يومها أكثر وطنية وحكمة ، وأقل تهورا وغبنا شخصيا ، وحتي القوي التي وقعت كانت في حدود عشر جهات فقط ، لأن السودان يومها لم يبلغ مرحلة تناسل الكيانات الهلامية من أجل ( خداع الذات وطمأنة الأنفس الأمارة بالسوء ) ..
ماهي القوي التي وقعت علي ذلك الميثاق :
١/ الحزب الإتحادي الديمقراطي
٢/ حزب الأمة
٣/ الحركة الشعبية لتحرير السودان
٤/ تجمع الأحزاب الإفريقية
٥/ الحزب الشيوعي
٦/ القيادة الشرعية
٧/ النقابات
٨/ مؤتمر البجة
٩/ فوات التحالف السودانية
١٠/ الشخصيات الوطنية ..
كانت نتيجة تلك الوثيقة شرعنة التمرد على القوات المسلحة ، ونقل الصراع من مجاله المدني إلي العسكري ، وتمرير فكرة إنفصال جنوب السودان علي طبق من ذهب ، وبعد تضييع عشر سنوات ومقتل الآلاف إنفصل الجنوب وعادت الأحزا لتنحالف مع ( الجبهة الإسلامية) ذاتها وتتبوأ فيها أعلي المناصب وكأن شيئا لم يكن ( وانا هنا لست ضد عودتهم ومشاركتهم في الحكم ، ولكني أتساءل لماذا إحتاجوا كل هذا الوقت وهذه الأرواح ليتوصلوا لنتيجة يعرفها راعي الضأن في خلاء الكبابيش ) ..
للأسف الشديد نخبتنا لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم ، ولذلك نحن ندور في دائرة فارغة منذ الإستقلال وإلي اليوم ، وبينما تتقدم الشعوب نتراجع نحن إلي الوراء ، أتساءل اعزائي القراء ماهي الأسباب الرئيسية حسب رأيكم ؟؟

ياسرر يوسف

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

صرخات من غزة تلخص مأساة الجوع في القطاع المحاصر

في مخيم مترب قرب الجندي المجهول وسط مدينة غزة، وقف أبو علاء الستيني، يضع بقايا الخبز اليابس بعناية فوق سطح خيمته المهترئة، تحت أشعة الشمس الحارقة. لم تكن تلك طقوسًا بدوية ولا عادة ريفية، بل محاولة يائسة لتحويل ما تبقى من طعام إلى لقمة قابلة للمضغ، تواسي بطونًا لم تذق شيئًا منذ أيام.

الخبز اليابس على سطح الخيمة «أضع بقايا الخبز الناشف على سطح الخيمة في الشمس لكي يصبح طريا ولينا، نعرف نأكله»، قالها الرجل بصوت متقطع ونظرة لا تخلو من خجل الكرامة الجائعة. ثم أردف خلال حديثه لـ«عُمان»: «لا يوجد خبز يا عمي، المخابز كلها أغلقت، وانقطع الطحين أيضًا، والموجود فاسد، وسعر الكيس منه 300 دولار. من أين نأتي بهذا المبلغ؟».

كانت الخيمة المحيطة به تأوي أسرته المكونة من سبعة أفراد، بينهم ثلاثة أطفال. الخبز اليابس هو وجبة الإفطار والعشاء، أما الغداء، فقد غاب منذ زمن، أو أتى في صورة «دقة» وزيت قلي، إن وُجد الزيت أصلًا.

«والله حينما نأكل هذا الخبز اليابس تتوجع بطوننا، ويجيب للعيال إسهال، لكن شو نعمل؟ يا هو يا نموت من الجوع»، أكمل بنبرة فيها استسلام وقهر، كما لو أن الحصار قد قضى على آخر محاولاته للصمود.

تأملنا وجه أبي علاء المكسو بالتجاعيد، ليس بفعل الزمن وحده، بل بفعل القهر المزمن، والسهر على بطون أطفاله الفارغة. لا دواء هنا، ولا غذاء، ولا أفق، فقط خبز يابس وشمس حارقة، وأمل باهت في أن تفتح المعابر يومًا ما.

حصار المعابر والمخازن الخاوية منذ إغلاق المعابر في الثاني من مارس 2025، لم تدخل إلى غزة أي مساعدات غذائية كافية، سوى شحنات محدودة ومتناثرة لا تفي بحاجات مليونين ونصف من البشر، نصفهم من الأطفال. ومع دخول الأسبوع العاشر من الإغلاق، بدت المجاعة أكثر قسوة ووضوحًا، لا في التحليلات الأممية، بل في وجوه الأمهات وأجساد الأطفال الهزيلة.

قال مكتب «المطبخ العالمي المركزي»، الذي يدير مئات التكايا ونقاط التغذية في القطاع: إن مخزونه من المواد الغذائية نفد بالكامل منذ منتصف أبريل، وإن أكثر من 85% من مطاعمه الخيرية أغلقت أبوابها، لعدم توفر الطحين والزيت والبقوليات.

«كنا نوزع أكثر من 100 ألف وجبة يوميًا، الآن بالكاد نُعدّ 5 آلاف، ولا تكفي سوى لجزء صغير من العائلات»، قال أحد مسؤولي المنظمة الدولية لـ«عُمان»، مؤكدًا أن استئناف توزيع الطعام مرهون بفتح المعابر البرية، لا سيما معبر كرم أبو سالم.

أما التكايا المحلية، التي طالما شكلت طوق نجاة لأفقر العائلات، فقد توقفت هي الأخرى عن العمل في غالبية المخيمات. «نحاول أن نُبقي الأمل حيًا، نطبخ ما تبقى من العدس أو الأرز، لكن حتى هذه المواد لم تعد موجودة»، قال عبدالهادي سرور مسؤول إحدى التكايا في منطقة النصيرات.

قمامة الطحين المدود في مشهد يلخص حجم الانهيار الإنساني، روت أم شروق شاهين، نازحة من خزاعة إلى خان يونس، كيف وجدت كيس طحين في مكب النفايات القريب، فأخذته إلى خيمتها، ونخلته علّها تُخرج منه ما يصلح للعجن.

«نخلت لأبنائي البنات، كيس طحين والله العظيم مدود، عثرت عليه في القمامة، مسكت الطحين والدود والسوس والصراصير والفئران يسرح فيه»، قالت وهي تغالب دموعها، مشيرة إلى صحن من البرغل بجوار الخيمة.

وتضيف بانكسار خلال حديثها لـ«عُمان»: «مش لاقية رغيف الخبز أطعمه لبناتي. استيقظوا جائعين، مش لاقيين اللقمة، حطيت لهم صحن برغل».

الحكاية ليست نادرة. فكثير من العائلات باتت تفتش في القمامة عن كيس من العدس أو علبة طماطم منتهية الصلاحية. في أحد المخيمات قرب الزوايدة، شاهدنا أطفالًا يقلبون الحاويات، ويبتسمون عند العثور على قطعة معلبة أو كسرات خبز يابسة.

بقايا الطعام على الأرض في أحد أزقة مخيم البريج، وقف طفل في العاشرة من عمره، يحمل كيسًا بلاستيكيًا، يجمع فيه ما يتساقط من أرز وعدس على الأرض أمام أحد مراكز التوزيع. كان الأطفال يتدافعون بين الأرجل، يلقطون ما يمكن التقاطه، ولا يبالون بالتراب أو الذباب.

«وجدنا شوية رز سقط على الأرض، ولقينا مغرفة فيها عدس قديم، ووضعناهم في الكيس»، قال حسن أحمد، الذي فقد والده في القصف على المغراقة، ويعيش مع أمه وثلاثة إخوة. مضيفًا لـ«عُمان»: «أمي بتسلقهم بالليل، لكي نأكل الصبح».

قرب تكية خيرية في خانيونس، شاهدنا أطفالًا يتجهون إلى أواني الطبخ الفارغة، يمسحون بقايا الطعام بأيديهم، ويلعقونها، وبعضهم يضعها في قطعة ورق أو كيس نايلون. «بقعد انتظر لما يخلصوا الأكل، وأشوف شو يبقى على القدر، مرات بلاقي عدس، مرات بلاقي رز، مرات أجد...»، قالت طفلة تُدعى هديل (8 أعوام)، ترتدي عباءة بالية وممزقة عند الأطراف.

شهادات البطون الخاوية أم محمد بدوان، نازحة خمسينية من الشجاعية، تقول إن الناس كانت تعيش على أطعمة التكايا، لكن حتى هذا الخيار لم يعد متاحًا. «الناس هنا وضعهم صعب كثير. لولا التكيات الخيرية لماتوا جوعًا. حتى التكية أيضًا بتساعدش معاهم؛ لأنه في عندك أطفال في عندك مرضى كبار في السن بدهم أكل صحي».

وتضيف لـ«عُمان»: «أنا ابني مريض سكري، شو أطعمه؟ ما في حليب، ما في فواكه، ما في خبز، حتى الخضار ما شفناها من أسابيع. بنطبخ كل أسبوع مرة عدس، والباقي خبز ناشف وملح».

أما أم تامر لبد، نازحة أربعينية في النصيرات، فكانت أكثر صراحة: «بين المغرب والعصر نأكل طعمية، أو ما نستطيع عليه، فاكهة مقطوعة، خضار مقطوعة، حليب غير موجود، لا يوجد أي حاجة تسد».

تشير لـ«عُمان»: «نأكل على الغداء دقة وخبز ناشف، إذا تواجد الخبز أيضًا، ولما بنلاقيش خبز نأكل دقة وزعتر، ويبقى يوم عيد لما نلاقي شوية أرز وعدس عند الجيران».

وفي الشمال، حيث القصف لا يهدأ، تقول أم رامي بارود، نازحة من بيت لاهيا، إنها كانت تطبخ لأطفالها من الطحين الفاسد الذي حصلت عليه من إحدى الجمعيات. «فيه ريحة عفن، بس شو نعمل؟ نغربله، ونشيله من الدود، ونخبز على الطابون».

الأطفال في قلب المجاعة ليست وجوه الأطفال وحدها من نحلت، بل ضحكاتهم، وألعابهم، وأحلامهم الصغيرة. في مخيمات الوسطى، أصبح جمع بقايا الطعام لعبة جديدة، تشبه البحث عن الكنز. يحملون أكياسهم الصغيرة، ويتجولون بين الخيام، يسألون: «عندكم أكل زايد؟».

إبراهيم نصار، طفل في التاسعة من دير البلح، قال لـ«عُمان»: «أنا بجمع بواقي الخبز من الناس، أمي بتطحنهم وبتسويهم شوربة». فيما كانت أخته سارة (6 سنوات) تحضّر علبة معدنية فيها بقايا أرز: «هذا من دار خالتي، ما أكلوه كله».

وحين سألنا أحد الأطفال: «شو نفسك تأكل؟»، أجاب بصوت خافت: «تفاحة... بدي تفاحة حمراء، متل اللي كنت أشوفها بالروضة».

جوعٌ يتوحش وأبوابٌ مغلقة في تقريرها الأخير، قالت منظمة الصحة العالمية: إن هناك مؤشرات واضحة على تفشي سوء التغذية الحاد بين أطفال غزة، وإن الآلاف منهم مهددون بالموت إن لم تُفتح المعابر فورًا، وتُستأنف المساعدات الغذائية والطبية بشكل آمن ومنتظم.

المعابر مغلقة، والمجتمع الدولي يكتفي بالإدانات والقلق. أما الواقع، فهو عائلات تحرق أثاثها لطهي العدس، وأطفال يقتاتون الأرز والعدس من مكبات القمامة، وشيوخ يتحايلون على يُبس الخبز في عين الشمس.

في هذه الأرض المحاصرة، صار الجوع سلاحًا جديدًا، يُستخدم بلا ضجيج، ويقتل بصمت. لا نيران، لا دخان، فقط بكاء خافت في الخيام، وأنين بطون تأكل بعضها بعضًا.

مقالات مشابهة

  • الشهداء النيابية: رفع صور سليماني وأبو مهدي المهندس من الشوارع عار على حكومة الإطار
  • مأساة زفاف كركوك.. حصيلة الضحايا ترتفع والمرور تروي ما حدث
  • موكب زفاف يتحول إلى مأساة بكركوك.. مصرع سائق حرقاً وإصابة أربعة من عائلته
  • فرحة الصعود تتحول إلى مأساة: إصابات خطيرة في احتفالات هامبورج
  • مأساة غير مسبوقة.. هكذا يعيش النازحون في قطاع غزة (شاهد)
  • صرخات من غزة تلخص مأساة الجوع في القطاع المحاصر
  • «الناصر»: أداؤنا القوي في الربع الأول يعكس مرونة أعمال أرامكو وكفاءة تقنياتها
  • إغلاق التكايا.. مأساة جديدة تفاقم المجاعة في غزة
  • حكومة صنعاء تعلن بدء صرف مرتبات موظفيها.. وهذه هي الجهات التي ستصرفها
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم